"إليزابيث بوهلر" Elisabeth Bohler، مدربة تأمل معتمدة

"إليزابيث بوهلر" في حوار خاص لـ"هي": التأمل مفتاحكِ للصفاء الداخلي في عالم سريع الإيقاع

جويل تامر

في خضم الإيقاع المتسارع للحياة العصرية، يبحث الكثيرون عن طرق لاستعادة توازنهم الداخلي والتواصل مع ذواتهم الحقيقية. "إليزابيث بوهلر" Elisabeth Bohler، مدربة التأمل المعتمدة، وجدت نفسها في هذه الرحلة بعد أن فرضت عليها الحياة وقفة تأملية غير متوقعة. من عالم الأزياء الفاخرة إلى أروقة العلاج الروحي في تايلاند وبالي، خاضت تجربة عميقة من التحول الذاتي، اكتشفت خلالها قوة التأمل والتنفس الواعي في تحقيق الشفاء، ليس فقط على المستوى الجسدي، بل على المستوى العاطفي والذهني أيضًا.

بدأت رحلة "إليزابيث بوهلر" r Elisabeth Bohle منذ 10 سنوات في تايلاند، حيث عاشت مع راهب وتعلمت تقنيات العلاج والتأمل، ثم واصلت رحلتها إلى نيبال وسريلانكا لتعميق معرفتها. في عام 2017، اتخذت قرارًا بترك مسيرتها المهنية في عالم الشركات (قطاع تجارة التجزئة الفاخرة) للتركيز على تطوّرها الشخصي والمهني من خلال أساليب شمولية. انتقلت إلى بالي حيث استقرّت، وأدارت مدرسة ذات النهج شمولية، وحصلت على شهادة كمدربة تنفس معتمدة تجمع بين الأساليب الغربية والشرقية، بالإضافة إلى كونها معلمة يوغا وتأمل.

اليوم، تشارك الفرنسية "إليزابيث بوهلر" معرفتها المكتسبة مع الأفراد الذين يعيشون حياة مليئة بالمسؤوليات، وتُقدم خدماتها أيضًا للشركات التي تستثمر في رفاهية موظفيها. منهج "إليزابيث" مصمم خصيصًا للأشخاص الذين يعيشون حياة عملية متعبة ويملكون مسؤوليات ووقتًا محدودًا للاعتناء بأنفسهم. تُقدّم أدوات وتقنيات بسيطة يمكن ممارستها يوميًا في المنزل أو المكتب بهدف تعزيز الوعي بالجسد والعقل، وإدارة العواطف بهدوء، وتقوية المناعة، وتحسين الصحة بشكل عام. من خلال تدريباتها وورش العمل والرحلات التأملية التي توفّرها، يتمكن الجميع من فهم الأسس الفسيولوجية لكل ممارسة وتجربة نطاق شامل من العافية بمنهج شمولي.

1
بضع دقائق يوميًا يمكنها أن تحدث فرقًا جذريًا في حياة الأفراد، كل هذا يبدأ بصفاء الذهن والتنفس الصحيح

في هذا اللقاء الخاص مع "هي" على هامش مشاركتها في مهرجان Kayan Wellness في دبي، تشاركنا "إليزابيث" رحلتها الملهمة، وكيف يمكن للتأمل أن يكون أداة قوية لإعادة الاتصال بالذات في عالم مليء بالمشتتات. تتحدث عن أهمية التنفس الواعي، وكيف يمكن لبضع دقائق يوميًا أن تحدث فرقًا جذريًا في حياة الأفراد، مما يساعدهم على التخلص من التوتر، وتحقيق حالة من السلام الداخلي، والانطلاق في مسار أكثر وعياً وتوازناً.

هل يمكنك مشاركة رحلتك مع التأمل وما الذي ألهمك لتصبحي مدربة تأمّل معتمدة؟

كنت أعمل في مجال تجارة الأزياء الفاخرة عندما طرح عليَّ معلمي الروحي الأول هذا السؤال: "هل يمنحك مسارك المهني الإحساس بالرضا؟" إلا أنني كنت أشعر أن هناك شيئاً مفقوداً، فطالما سعيت وراء النجاح وأهملت إحساس الاكتفاء الذاتي. ولم يطل الوقت حتّى أصبت بأكبر صدمة في حياتي وهي مرض السرطان.

كان ذلك بمثابة جرس إنذار، تركت الحياة السريعة وتخليت عن جميع العادات غير الصحية لأبدأ رحلة استكشاف داخلية جديدة. خضت تجربة الممارسات العلاجية القديمة، من جلسات التأمل والريكي مع الرهبان في تايلاند إلى العيش مع اليوغيين في بالي. تعلمت كيف أشفي نفسي جسدياً ونفسياً دون الاعتماد على الطب التقليدي. واستغرقت رحلتي قرابة عشر سنوات من التغيير الجذري في أسلوب حياتي وعاداتي اليومية، وصولاً إلى اكتشاف هدفي الحقيقي من خلال التجارب والتدريبات التي التحقت بها. ويتمثل شغفي اليوم في مشاركة هذه الأدوات مع الجميع، حيث أسعى لتوفير مساحة تمنح الناس فرصة التواصل مع قوتهم الداخلية، وعيش حياة أكثر توازناً، واكتشاف هدفهم الحقيقيوكل هذا يبدأ بصفاء الذهن والتنفس الصحيح.

كيف تصفين التأمل لشخص لم يجربه من قبل؟


التأمل هو نتيجة لممارسة منضبطة ندرب فيها أذهاننا على التركيز لفترة زمنية محددة دون إبداء آراء أو أحكام. على سبيل المثال، نعرف جميعاً كيفية التركيز أثناء العمل، ولكن من الصعب إيقاف تدفق الأفكار المتسارع والتأثر بالمحيط الخارجي والمراقبة بدون إطلاق أحكام. من خلال ممارسة هذا التركيز بشكل مستمر، نصل إلى حالة من الوعي الخالص، خالية من الأفكار والأشكال ومفهوم الزمن. في البداية، قد تكون هذه الحالة قصيرة، ولكن مع التفاني والممارسة، يمكن أن تستمر لفترات أطول.

كيف يساعد التأمل الأفراد على إعادة الاتصال بذواتهم الداخلية في ظل عالمٍ سريع الوتيرة؟


نعيش اليوم في حقبة سريعة محاصرين باستمرار بالمحفزات والتفاصيل الخارجية والأهداف التي علينا تحقيقها، أن نصبح شيئًا ما. هذا يمكن أن يؤدي إلى شعور بالانفصال عن ذواتنا والكثير من المعاناة! التأمل يوفر مساحة للمراقبة دون أحكام، وإعادة الاتصال باللحظة الحالية بدلاً من الغرق في ندم الأمس أو مخاوف الغد. بضع دقائق من الصمت والتنفس الواعي يوميًا تمكننا من إعادة ضبط الجهاز العصبي، والاتجاه إلى الداخل بتهدئة العقل، والتأمل والتفكر، مما يساعدنا على فهم أفضل لأقوالنا وأفعالنا اليومية.

التأمل يعلمنا كيف نبقى ضمن اللحظة بعيدًا عن سباق الإنجازات المستمر. نبدأ في تقدير حالات الهدوء والصمت والفراغ البسيطة والمليئة بالمعنى، والتي قد نراها غير منتجة أو غير مجدية في حياة سريعة الوتيرة.- هل يمكنك شرح دور التنفس الواعي في عملية الشفاء والتحول؟
أي رحلة نحو العافية والوعي تبدأ عادةً من الجسد، لأننا اعتدنا طوال حياتنا أن نعيش في عقولنا، وهذا لم يكن كافيًا، بوضوح. تبدأ أي ممارسة تأملية أو جسدية بشيء بسيط ولكنه جوهري وهو التنفس.

التنفس يمكن ممارسته من قبل أي شخص، بغض النظر عن العمر أو الحالة الصحية أو مستوى اللياقة البدنية. إنه متاح في أي وقت وأي مكان، سواء كنت في السرير، في العمل، أو تقود سيارتك. لكل لحظة، لكل فعل، لكل حالة ذهنية، هناك نمط معين من التنفس. ورغم أن مدارسنا وأنظمتنا التعليمية لم تعلمنا الدور الحيوي للتنفس في حياتنا، فإنه مهارة حياتية لها تأثير قوي على جهازنا العصبي ورفاهيتنا العامة.

في أي رياضة تمارسها، يعد التنفس مفتاحًا للقدرة على التحمل والأداء الرياضي. في اليوغا، يساعد التنفس الجسم على الانفتاح واكتساب المرونة، كما أنه أساس التأمل. عندما نتحدث عن إدارة التوتر، فإن التنفس هو الوسيلة الوحيدة التي يمكنها ضبط الجهاز العصبي حسب الطلب. بالنسبة للعديد من الاضطرابات المزمنة، بدءًا من مشاكل النوم إلى الحساسية، والمشاكل التنفسية المزمنة، وصحة القلب والأوعية الدموية، والجهاز الهضمي، فإن التنفس لديه القدرة على تخفيف معظم الأعراض.

ما هي الفوائد الفورية التي يمكن أن يلاحظها الأشخاص عند بدء دمج التأمل في حياتهم اليومية؟

ببساطة، بضع دقائق من التأمل يوميًا ستبعد التوتر والأمراض.

عندما نذهب لجلسة تدليك، نعزز استرخاء الجسد، ويساعد التأمل على صفاء العقل. التأمل يعزز الاسترخاء عن طريق تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي، وإبطاء معدل ضربات القلب، مما يساعد على تحويل التركيز بعيدًا عن مصادر التوتر، ويقلل القلق، والتفكير المفرط، وبالتالي المعاناة.

ومن خلال الممارسة المنتظمة لتصفية الذهن كما تم شرحها سابقًا، ستتعلم أيضًا تحسين التركيز والانتباه ليس فقط أثناء التأمل، ولكن في حياتك اليومية، سواء في العمل أو الدراسة.

وبما أن التأمل يعمل على تنظيم الجهاز العصبي، فإنه يحسن نوعية النوم، ويعزز مستويات الطاقة العامة من خلال تهدئة العقل وتقليل التوتر.

وأخيرًا، عندما تعتاد على لحظات الصمت والهدوء، ستتعلم تقدير البساطة، والتغلب على المشاعر السلبية بسهولة أكبر، مما يؤدي إلى حياة أكثر وعيًا، ومعنى، وامتنانًا.

ما هي أفضل طريقة للمبتدئين للبدء في التأمل وبناء ممارسة منتظمة؟

التنفس، طبعًا! بينما قد يكون من الصعب إيقاف العقل عن التفكير، فإن أسهل طريقة للبدء هي أن تصبح واعيًا للإحساسات الجسدية للتنفس. ولمساعدتك في الحفاظ على التركيز، يمكنك حتى عدّ أنفاسك. هذا الفعل البسيط سيبقيك حاضرًا في اللحظة الحالية ويوفر لك نقطة ارتكاز طبيعية لتركيزك.

بمرور الوقت، ستساعدك هذه الممارسة على تطوير وعي أعمق بأفكارك وعواطفك، مما يمكنك من تنمية شعور بالهدوء والسلام الداخلي.

هل هناك تقنيات أو ممارسات محددة توصي بها للأشخاص الذين يعانون من التوتر أو الإرهاق العاطفي؟

من الصعب تقديم نهج "مناسب للجميع" لأننا نمر بحالات ذهنية وعصبية مختلفة في مراحل مختلفة من الحياة. ومع ذلك، فإن نقطة البداية الأكثر سهولة للجميع هي التنفس عن طريق الأنف بوتيرة بطيئة، ناعمة، ولطيفة. لا ينبغي أن يكون تنفسك قويًا أبدًا.

إطالة الزفير أكثر من الشهيق يساعد في تنشيط الجهاز العصبي السمبتاوي، مما يسهل الدخول في حالة "الراحة والهضم".

لذلك، إذا كنت بحاجة إلى تهدئة نفسك أو النوم بسهولة أكبر، جرّب التنفس عبر الأنف لمدة 3 ثوانٍ، ثم الزفير لمدة 6 ثوانٍ، على سبيل المثال.

كيف يمكن أن يساعد التأمل في تعزيز الإحساس العميق بالوعي الذاتي وحب الذات؟

نحن جميعًا نعرف كيف نفكر، لكن نادرًا ما نأخذ الوقت للتأمل في أفكارنا، وكلماتنا، وأفعالنا. كما نعلم جميعًا أن حب الذات مهم، لكننا نظن أن التدليك أو العطلات السريعة هي الحل لأسلوب حياة صحية.

ممارسة التأمل تخلق مساحة داخلية للتوقف، والمراقبة دون حكم، مما يساعدك على أن تصبح أكثر وعيًا بسلوكياتك، واتخاذ قرارات أكثر وعيًا بدلًا من التصرف تلقائيًا بناءً على برمجات سابقة.

كما أن هذه الممارسة تعزز الشعور بالضعف والرحمة، وهما مشاعر لا نسمح لأنفسنا غالبًا بالشعور بهما لأننا نراها كعلامات ضعف في حياتنا السريعة. لكنها في الحقيقة تعيدنا إلى البساطة والصدق.

عندما نعامل أنفسنا بلطف، يقل الضجيج الداخلي المليء بالمقارنات مع الآخرين، والنقد الذاتي، والعقوبات النفسية. كما نتعلم تقدير أنفسنا كما نحن، وقبول أجسادنا بحدودها الخاصة، مما يقودنا إلى حالة من القبول الجذري للحقيقة الوحيدة التي نملكها: اللحظة الحالية.

كيف رأيت التأمل يمكّن الأفراد من التغلب على التحديات أو تحقيق نمو شخصي؟

أي شخص يمارس التأمل بانتظام سيكتسب واحدة من أهم المهارات الحياتية: إتقان مشاعره والتحكم بجهازه العصبي. عندما نتعلم التوقف بدلًا من التفاعل، وعندما نراقب قبل أن نحكم، نصبح قادرين على التحكم بأفكارنا، وكلماتنا، وأفعالنا وبالتالي بحياتنا بأكملها. وحينها، يصبح أي شيء ممكنًا!

إذا كان بإمكانك تقديم نصيحة واحدة لشخص يسعى لإعادة الاتصال بذاته الداخلية، فماذا ستكون؟

توقف عن الاعتقاد بأن الأحداث الماضية يجب أن تكون مختلفة أو أن المستقبل قد يكون أفضل لو حدث كذا وكذا… تقبَّل كل ما يحدث لك وكأنك اخترته بنفسك، حتى في أصعب الأوقات.

شاركتي في مهرجان "كيان للعافية"، ما الذي قدمته في هذه الفعالية؟ وكيف تساهم مثل هذه الفعاليات في نشر الوعي حول العافية الشاملة؟

إنه لشرف لي أن أكون جزءًا من مهرجان كيان للعافية إلى جانب نخبة من قادة وخبراء هذا المجال عالميًا. جميعنا نتشارك هدفًا واحدًا: تمكين الناس من عيش حياة أكثر سعادة وصحة. هذا المهرجان يعكس الوعي المتزايد حول العافية في بلادنا، حتى وسط أسلوب الحياة السريع الذي نعيشه. ومن الرائع أن نشهد هذا التغيير، خاصة بعد أكثر من عقد من الجهود المتواصلة التي بذلها الممارسون في المنطقة لتعزيز مفهوم العافية.

نجحت في إعداد ورشة عمل تفاعلية تساعد المشاركين على اكتشاف التنفس الأمثل لهم في أي وقت وتحت أي ظرف، ومشاركة قوة التنفس ليكونوا أكثر سعادة وهدوءًا وصحة.

شاركتي في مهرجان "كيان للعافية"، ما الذي قدمته في هذه الفعالية؟ وكيف تساهم مثل هذه الفعاليات في نشر الوعي حول العافية الشاملة؟

إنه لشرف لي أن أكون جزءًا من مهرجان كيان للعافية إلى جانب نخبة من قادة وخبراء هذا المجال عالميًا. جميعنا نتشارك هدفًا واحدًا: تمكين الناس من عيش حياة أكثر سعادة وصحة. هذا المهرجان يعكس الوعي المتزايد حول العافية في بلادنا، حتى وسط أسلوب الحياة السريع الذي نعيشه. ومن الرائع أن نشهد هذا التغيير، خاصة بعد أكثر من عقد من الجهود المتواصلة التي بذلها الممارسون في المنطقة لتعزيز مفهوم العافية.

نجحت في إعداد ورشة عمل تفاعلية تساعد المشاركين على اكتشاف التنفس الأمثل لهم في أي وقت وتحت أي ظرف، ومشاركة قوة التنفس ليكونوا أكثر سعادة وهدوءًا وصحة.