
الإعلامية والفنانة المبدعة هند خليفات لـ"هي": الثقة بالنفس درع الجمال الحقيقي الذي يُكسب المرأة جمالًا يتخطى حدود العمر
في عالم يعشق الصور العابرة، تظل بعض النساء رمزًا للجمال الحقيقي الذي يتخطى حدود العمر. يثبتن للجميع أن الجمال ليس وجهًا جميلًا فقط، بل روحًا تُضيء، وكلمة تُنصت لها القلوب.
في كل عصر، تولد نساء لا تحكمهن الأعوام، بل يسبقهن النور أينما حللن. نساء يحملن في نبرات صوتهن صدقًا، وفي أعينهن عمقًا، وفي مسيرتهن دلالة على أن الجمال ليس صورة تُلتقط، بل حالة تُعاش وتستمر على مر الزمان.
ضيفة "هي" اليوم، امرأة استثنائية جمعت بين البلاغة والفن، تتحدث العربية كمن يعزف على أوتارها، فنانة مبدعة، ترسم بحواسها قبل يديها، هي مذيعة يتوقف عندها الزمن، وفنانة تُعيد صياغة الجمال خارج قوالب العُمر، لتؤكد أن الجمال الحقيقي لا يذبل أبدًا، بل يتسامى ويرتقي مع التقدم في العمر لأنه ينبع من الداخل.

لقاؤنا اليوم مع الإعلامية المبدعة هند خليفات، ابنة الأردن، وصاحبة الجذور الحجازية الأصيلة من والدتها السيدة نهى الحربي رحمها الله تعالى. امرأة حنونة، جميلة، رقيقة، تدخل القلوب بلا استئذان.
بمجرد أن استمعتُ إلى حلقة من حلقات برنامجها المميز "قهوة مع هند"، شعرتُ بأنها قريبة جدًّا مني. والحقيقة أن هذا ليس حالي وحدي، بل حال جمهورها على مواقع التواصل الاجتماعي. أليس ذلك دليلًا على أن الجمال ينبع من الداخل، ويأسر القلوب، ويبهر العقول؟
في حضور هند، تشعر أن اللغة تتجدد، وأن الفن يتنفس، وأن الجمال لا يعرف سناً ولا إطارًا، بل يسكن في الأصالة، وفي الحكايات التي لا تُنسى. أراها تجسيدًا حيًا لجمال يتخطى حدود العمر، جمالًا ينساب من بين الحروف، ويتجلى في نبض الإبداع.
الآن مع اللقاء المنتظر، مع المذيعة والفنانة المبدعة، والمرأة الملهمة لكثير من النساء، ومن بينهن أنا، الإعلامية المميزة "هند خليفات".
لقبك معجبوكِ بـ "الأيقونة الجديدة للمشهد الإعلامي العربي"، ومنهم من وصفكِ بأنكِ امرأة استثنائية، جميلة، مثقفة، أنيقة، ومرهفة الحس، وأنتِ حقًا كذلك، الآن وقد أتيحت لي الفرصة لإجراء هذه المقابلة معكِ، هل يمكن أن تحدثينا عن هند خليفات صاحبة المواهب المتعددة عن قرب؟
شكرا لكم "هي" في البداية، كفتاة من أصول بدوية أشعر بالخجل والارتباك أحيانا حين اقرأ تلك التعليقات والرسائل التي تصلني، كيف لمشاهد بيني وبينه مسافات جغرافية وأحيانا فروق ثقافية وحتى عمرية أن يشعر بهذه الصفات ويبادلني تلك المشاعر العميقة والنبيلة لمجرد أن شاهدني مرة او أثنين .. امتنان كبير لله الذي يمنحنا من كرم عطاياه من قبول.
في الواقع أني احترف صناعة المحتوى منذ سنوات واحمل درجة الماجستير بالإعلام واعمل مديرًا عامًا لدراية للمتحدثين والتي تختص بتدريب للمتحدثين في عالم الاتصال الحكومي، وعلى الجانب الآخر أكتب وارسم يوميًا، وتعلمت الباريستا كهواية منذ بضعة سنوات، ولي رواية "نيرڤانا " أصدرتها منذ عامين لكن ربما ظهوري في البرنامج الحواري "قهوة مع هند " هو من قدمني في شهر رمضان المبارك وعلى شاشة أبوظبي بشكل مكثف. كل ما في الأمر أني أصنع هذا المحتوى والتقي الناس وأحاورهم دون كاميرات ولدي صداقات عميقة من مختلف الأوساط منذ سنوات لكن تم تسليط الضوء عليه قليلا من خلال البرنامج !
أنتِ حقًا امرأة مميزة لا تهابين تقدم العمر، وتبوحين به بكل شفافية في كل البرامج واللقاءات التي تحلين بها ضيفة مثقفة وراقية، برأيكِ ما الذي يدفع النساء إلى إنكار أعمارهن؟ وهل للمجتمع دور في ذلك؟
سيدتي، أعتقد ان الثقافة العالمية وليست العربية فقط ربطت التقدم بالعمر بالكساد الروحي والجسدي وهذا قطعا ليس أمرًا دقيقا. في التقدم بالعمر هناك قرارات ذاتية وانضباط لكل فرد حتى لو كان رجلًا، جميعنا نكبر يوميًا، لكن القرارات النفسية والجسدية وقدرتنا على التناغم يساهم في أن نصل لهذا العمر بجماليات واقتدار واتزان. نعم، أنا دومًا أتحدث عن عمري ولا أخشى سوى أن أخجل من هذا، بالعكس حين نتحدث عن عمرنا ونحن في حالة نفسية جيدة واتزان روحي، نحن نساهم في أن نجعل العمر قيمة جمالية إضافية .
ما هو تعريفكِ للجمال الذي يتجاوز العمر؟ هل هو مجرد مظهر خارجي أم أن له أبعادًا أخرى؟
هو حالة اتزان .. كتبت هذا التفصيل في مقالة حققت اكثر من 4 ملايين قراءة وآلاف التعليقات على منصة x قبل عام تقريبا، ووثقت فيها تعريفي وقناعاتي وتوصياتي حول العمر والجمال باسم "إلى أبنتي التي لم أنجبها"، ووصفت لها كيف أن الجمال عملية مستمرة وليست فقط روحية ثقافية بل اتساق جسدي أيضا، عمري 46 اليوم ووزني يتراوح بين 46_48. اقرأ يوميا وأتعلم وأتأمل وأراعي نفسي كذلك، وأجعلها في عملية نشاط بدني جيد ومستمر. أتناول الطعام النظيف معظم الوقت، لا أقسو على ذاتي، وأعاملها مثل طفلة تحتاج تفهم وتوجيه وعناية !
لا يرتبط الجمال بمرحلة عمرية معينة، بل بالنظرة الداخلية العميقة للمرأة، كيف يمكن للمرأة أن تحافظ على هذا النوع من الجمال مع تقدمها بالعمر؟
بأن تحب نفسها من الداخل، وتتفهم حتى تحدياتها وصدماتها، أن تتعلم نعمة الانضباط الذاتي، أن تكون محاطة بكل جميل حتى لو لم تكن الظروف مثالية، أن تكون مشغولة معظم الوقت، وفي سعي نحو الحياة والتعلم والتطور في كل مجال لديها شغف فيه، أن تكون محاطة بأناس متقدمين ذهنيًا وفكريًا وجسديًا وأن يكون لها وقت مستمر مع ذاتها كي تراجع تقدمها وتُقّوّم ذاتها أحيانا ! وان تستثمر في ذاتها وفي أسرتها وكل من تحبهم لكن بعد أن ترتب أولوياتها وتكون هي في مقدمتها !
كونكِ امرأة مثقفة ولديكِ علم وفير ووعي فكري عميق، هل تعتقدين أن القراءة والاطلاع لهما دورًا في تعزيز جمال المرأة، ومساعدتها على البقاء جميلة وأنيقة في كل مراحل عمرها؟
جدا وحتما وقطعا ! اقرأ في السياسة والدبلوماسية وحتى الأدب، حتى الأغاني والموسيقى ومعارض الفن هي قراءة من نوع خاص ومحتوى ابداعي اتعامل معه بمسؤولية ووعي، اكتشف المدن وأسافر بشكل مستمر، واندمج مع الثقافات وأحاول من كل مدينة أن اعود بخبرة وقصة ووصفة!
هل هناك نماذج نسائية أثرت فيكِ شخصيًا واعتبرتيها مصدر إلهام حول الجمال الذي يتجاوز العمر؟
حتما والدتي رحمها الله السيدة نهى الحربي كانت امراة حقا استثنائية مصدر حنان وطيبة وأنوثة وتعلمت منها مفهوم الجمال غير المتكلف الجمال الذي يقوم على الطيبة والعطاء وعدم الاحساس بالتعالي يومًا.
برأيكِ، كيف يمكن للمجتمع أن يعيد تشكيل المفاهيم التقليدية حول الجمال لتشجيع المرأة على الاحتفاء بجمالها في جميع مراحل عمرها؟
المجتمع لا يستطيع عمل شيء للمرأة في الواقع لو كانت محصنة نفسيا وروحيا وثقافيا، لكن ضعف حضورها وترددها يمنح الآخرين فرصة مثالية لتمرير مفاهيمهم، كفتاة من مجتمع بدوي ومن بيئة محافظة لا بد أن مررت بالكثير من المفاهيم الجاهزة والمسيطرة لكني تعاملت معها بثبات وقوة وبنيت طريقي دون استفزاز للمجتمع، وحاولت أن أكون جزءًا صالحًا من هذا المجتمع الذي أعتز بالكثير من مفاهيمه.
كونكِ مذيعة جذابة وجميلة، وتتمتعين بحضور قوي، وكونك مصدر إلهام للعديد من النساء بما فيهن أنا، كيف يمكن تحفيز المرأة على الارتقاء بنفسها وترك بصمتها في المجال الذي تحبه؟
لا أعرف لو كنت مجرد مذيعة لكني أعتقد اني امراة جيدة الاستماع، وأخوض كل لقاء بإحساس عال وأتعامل مع ضيفي كأنه في بيتي، ولا أرى أن الاعلام الترند هو مكاني أبدًا، لأني أومن بالإعلام وسيلة تنويرية تنموية مهمة، ولا أجد نفسي ولا ممكن في إعلام المقابلات التي تقوم على الفضائح، لهذا اخترت شاشة أبوظبي لأول ظهور لي. حيث أنها شاشة رصينة، وتقدم محتوى منوع وثقافي وإبداعي بعيدا عن الاعلام الهابط.
الثقة بالنفس تعكس جمالًا من نوع خاص على من يمتلكها، كيف يمكن أن تعزز المرأة من ثقتها بنفسها لتظل جميلة في جميع مراحل عمرها؟
الثقة بالنفس هي درع الجمال الحقيقي، اعترف أني كنت أطلب من فريق المظهر الذي أبدع في ظهوري أن أظهر بأقل ما يمكن من الميك اب، لدي نمش ولدي هالات تحت عيوني أحيانًا، ولدي عيوب أحبها وأتعايش معها بل أحاول أحيانا أن أظهرها كي لا يكون هناك شيء أخشى منه ! إنها الثقة حتى بالعيوب الصغيرة التي هي نقوش تميزنا في وسط تشابه الوجوه الذي غزى العالم !
لكل مرحلة عمرية جمالها الخاص، ما هي المرحلة العمرية التي وجدتِ فيها نفسك أكثر جمالًا وتألقًا ولماذا؟
الأربعينات الأربعينات الأربعينات ! وغدا الخمسينات حين أصلها بسلام بعون الله وكرمهَ..
انتهى لقائي بالإعلامية الجميلة الرقيقة برزانتها، ونضجها، وبلاغتها، وحكمتها، وحنانها الذي يلفت القلوب، على أمل أن يجمعنى بها اللقاء مجددًا في مقابلة أخرى، وحديث آخر.