
أفكار مبتكرة لتحويل أجهزة التكنولوجيا من عدو إلى أداة مساعدة.. تُستخدم بذكاء لصحتك وعافيتك
في عالمٍ صارت فيه التكنولوجيا امتدادًا لأجسادنا وعقولنا، ننسى أحيانًا أننا لسنا روبوتاتٍ مُبرمَجةً على الاستهلاك الدائم، بل كائنات تحتاج إلى الهواء، الشمس، واللمسة الإنسانية. تصوّري معي للحظة: "عيناكِ مُثبّتتان على شاشة تلمع في الظلام، أصابعكِ تتحرك بسرعةٍ آليّة على لوحة المفاتيح، وعقلكِ يُشبه متصفحًا مفتوحًا على عشرات النوافذ". هنا ستُعلّق "الإشعارات" لحظاتكِ، وتسرق "اللايكات" تركيزكِ، بينما تتراجع صحتكِ ببطء إلى خلفية المشهد.
من ناحية أخرى، هل تعلّمين أن متوسط استخدام الشخص للهاتف يصل إلى3-6ساعات يوميًا؟! ساعات تتراكم فيها الآثار الخفية "أعين منهكة، أعصاب مشدودة، وعلاقات تتحوّل إلى "رسائل نصِّية". لكن ماذا لو أخبرتكِ أنالتحرر الجزئي من هذا السّحر الرقمي ليس مستحيلًا؟ بل قد يكون بوابةً لاستعادة حياتك والحفاظ على صحتكِ الجسدية والعقلية. فهل أنتِ مستعدة لتترك مساحةً في جرة حياتكِ المليئة بالتكنولوجيا لتتنفس؟.
إذا كانت إجابتكِ بـ "نعم"، فما عليكِ سوى قراءة هذا المقال عبر موقع "هي" للتعرف على التأثيرات الإيجابية والسلبية للحد من التكنولوجيا بصفة عامة على صحتكِ وعقلكِ؛ وأبرز الأفكار المببتكرة لاستخدامها بذكاء؛ بناءً على توصيات استشاري الطب النفسي الدكتور جلال سيف من القاهرة.
التكنولوجيا سلاح ذو حدين

وبحسب دكتور جلال، تأثيرات الحد من التكنولوجيا على الصحة الجسدية والعقلية يُمكّن أن تكون إيجابية وسلبية، اعتمادًا على طبيعة الاستخدام ومدى الاعتماد عليها. إليك أبرز الجوانب:
التأثيرات الإيجابية على الصحة الجسدية
-
يُحسن النوم
يُحسن التقليل من التعرّض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات "كالهواتف والحواسيب" قبل النوم، جودة النوم، حيث يُعطل هذا الضوء إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم.
-
يُقلل آلام الرقبة والظهر
يُقلل الحد من الجلوس الطويل أمام الشاشات من مشاكل الوضعية الخاطئة مثل "انحناء الرقبة والظهر"، مما يُخفف آلام العضلات والمفاصل.
-
يزّيد من النشاط البدني
يُشجع تقليل الوقت المخصص للأجهزة التكنولوجيةعلى ممارسة الأنشطة الحركية "كالرياضة أو المشي"، مما يُعزز اللياقة البدنية ويقلل مخاطر السمنة وأمراض القلب.
-
يحمي صحة العينين
التقليل من إجهاد العين الناتج عن التحديق في الشاشات "جفاف العين، عدم وضوح الرؤية".
التأثيرات الإيجابية على الصحة العقلية
-
يُقلل التوتر والقلق
يُحسن الابتعاد عن الضغط الناجم عن الأخبار السلبية أو المقارنات على وسائل التواصل الاجتماعي المزاج ويُقلل الشعور بالقلق.
-
يُحسن التركيز والإنتاجية

يزّيد التقليل من التشتت الناتج عن الإشعارات المستمرة القدرة على التركيز في المهام اليومية أو الهوايات الإبداعية، سواءً على المستوة الشخصي أو المهني من دون استثناء.
-
يُعزز العلاقات الاجتماعية
يُشجع قضاء وقت أقل على الأجهزة على التفاعل وجهًا لوجه مع الآخرين، مما يقوي الروابط العاطفية ويقلل الشعور بالوحدة.
-
يزّيد من الوعي الذاتي
يُتيح الابتعاد عن الضجيج الرقمي فرصة للتأمل والتفكير العميق، مما يُعزز الصحة النفسية.
التأثيرات السلبية المحتملة "إذا كان الحد مفرطًا"
-
العزلة الاجتماعية
الاعتماد الكبير على التكنولوجيا للتواصل "خاصةً لذوي الظروف الخاصة"، قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة إذا تم تقليصها من دون بدائل.
-
صعوبة الوصول إلى الموارد الصحية
قد يفقد البعض فوائد التطبيقات الصحية "كتمارين التأمل، تتبع النظام الغذائي" أو الاستشارات الطبية عبر الإنترنت.
-
التأثير على العمل أو التعليم
قد يُعيق الإفراط في الحد من التكنولوجيا الإنتاجية أو التعلم، خاصة في المجالات التي تعتمد على الأدوات الرقمية.
أفكارًا مبتكرة للحد من التكنولوجيا من أجل الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية
ووفقًا للدكتور جلال، إليكِ مجموعة أفكار مبتكرة وممتعة لتقليل استخدام التكنولوجيا وتعزيز الصحة الجسدية والعقلية؛ وذلك على النحو التالي:

أفكار للصحة الجسدية
-
المشي من دون هاتف
اتركّي هاتفكِ في المنزل أثناء المشي اليومي، واستمتعي بملاحظة التفاصيل حولكِ"أصوات الطبيعة، روائح الزهور"، مما يُحسن لياقتكِ، ويُريح عينيكِ من الشاشات.
-
اليوغا الرقمية المحدودة
استخدمي تطبيقًا لليوغا أو التمارين لمدة 20 دقيقة فقط، ثم أكمِلّي التمرين من دون إرشادات رقمية، مع التركيز على تنفسكِ وإحساس جسدكِ.
-
مطبخ بلا شاشات
حوّلي وقت الطهي إلى فرصة للتخلص من التكنولوجيا "أغلّقي الهاتف والتلفاز، وركزي على تحضير وجبة صحية باستخدام حواسكِ (الشم، اللمس، التذوق)".
أفكار للصحة العقلية
-
ساعة التأمل الورقي

استبدّلي تطبيقات التأمل بدفتر مخصص لكتابة اليوميات أو الرسم العشوائي، مما يُخفف التوتر ويُعيد ترتيب أفكاركِ بعيدًا عن الإشعارات.
-
التحدي الرقمي الأسري
اطلّبي من أفراد العائلة وضع هواتفهم في صندوق مغلق لمدة ساعتين يوميًا، واستبدلوا ذلك بألعاب لوحية أو حوارات عميقة لتعزيز الترابط.
-
حديقة الأفكار
خصّصي مساحة في منزلكِ خالية من الأجهزة، وضعّي فيها نباتات وكراسي مريحة، واجعليها مكانًا للقراءة أو التفكير الإبداعي.
أفكار لتقليل الإدمان الرقمي
-
الـ Reels العكسي
حوّلي وقت التمرير على السوشيال ميديا إلى نشاط منتج؛ على سبيل المثال: " شاهدّي مقطعًا واحدًا ثم اكتبي ملخصًا له على ورقة، أو ارسمّي فكرته الرئيسية.
-
الإنذار الإبداعي
ضعّي منبهًا كل ساعتين لتذكيركِ بوقف التكنولوجيا، واستغلّي هذه الدقائق في تمارين التنفس أو التمدّد أو إجراء مكالمة مع صديقة.
-
الشارع الممتع
عند الخروج، التقطي 3 صور فقط بهاتفكِ"لحظات مختارة بعناية"، ثم أغلّقي الكاميرا واستمتعّي باللحظة من دون تسجيلها.
أفكار لدمج التكنولوجيا بشكل واعي
-
التطبيقات التي تُغلق نفسها
استخدّمي تطبيقات مثل Forest أو Freedom التي تمنعكِ من استخدام الهاتف لفترة محددة، وتحول الامتناع عن التكنولوجيا إلى "لعبة" إنجاز.
-
البودكاست أثناء الحركة
استمعّي إلى محتوى مفيد "بودكاست، كتب صوتية" فقط أثناء ممارسة الرياضة أو المشي، لربط التكنولوجيا بالنشاط البدني.
-
الوقت الرقمي الخيري
خصّصي 10% من وقتكِ على السوشيال ميديا لنشر محتوى إيجابي أو تشجيع الآخرين، لتحويل الاستهلاك السلبي إلى فائدة معنوية.
أفكار إبداعية للأطفال
-
الروبوت البشري
اطلّبي من الأطفال تصميم "روبوت" من الكرتون أو الخشب، وبرمجته بأوامر ورقية مثل: "التحرك 5 خطوات"، لتعزيز الإبداع بعيدًا عن الشاشات.
-
رحلة البحث عن الكنز
اخبيئ أشياء في المنزل أو الحديقة، واصنعّي خريطة ورقية لأطفالك للعثور عليها، مع تحديات حركية مثل "القفز 10 مرات".
نصائح لتحقيق التوازن والاستفادة من التطور التكنولوجي

وتابع دكتور جلال، بعد التعرف على التاثيرات الإيجابية والسلبية للحد من التكنولوجيا؛ يجب الأخذ بعين الاعتبار النصائح التالية، لتحقيق التوازن والاستفادة منها بشكل فعال من دون أضرار لاحقة على الصحة الجسدية والعقلية؛ وذلك على النحو التالي:
- ابدئي بتحديات صغيرة مثل"30 دقيقة يوميًا"من دون تكنولوجيا، ثم زيدّي المدة تدريجيًا.
- حددّي أوقاتًا خالية من الشاشاتمثل "أوقات الوجبات أو قبل النوم بساعتين".
- استخدّمي التكنولوجيا بوعي، لذا اختاري التطبيقات المفيدة، وتجنبي التصفح العشوائي.
- استبدّلي الوقت الرقمي بأنشطة بدنية أو اجتماعية "القراءة، الرياضة، اللقاءات العائلية".
- كافئي نفسكِ، فكلما قلّ استخدامكِ للتكنولوجيا، امنحي نفسكِ هدية "كتاب، جلسة مساج".
- استخدّمي التكنولوجيا "الذكية مثل "الساعات" التي تذكّركِ بشرب الماء أو النهوض من الجلوس.
- تأكدي أن الاعتدال هو المفتاح؛ لأن التكنولوجيا ليست ضارة بذاتها، لكن طريقة استخدامنا لها هي ما يثحدد تأثيرها على صحتنا الجسدية والعقلية.
وأخيرًا، هذه ليست دعوةً للعودة إلى عصر الحجَر، بل نداءً لإنقاذ إنسانيتنا من طغيان الآلة. فكما يقول المثل الصيني:"لا تملأ الجرة إلى حافتها، اترك مساحةً لاحتضان الهواء." وبالتالي،لا تتخلى عن التكنولوجيا تمامًا، بل حوّليها من "عدو" إلى أداة مساعدة تُستخدم بذكاء.