كرسي تتويج الملك تشارلز الثالث.. 7 قرون من التاريخ
في الـ6 من مايو المقبل، ستتجه أنظار العالم أجمع إلى العاصمة البريطانية لندن، وتحديدًا كنيسة وستمنستر أبي، حيث ستقام مراسم حفل تتويج تشارلز الثالث وزوجته كاميلا باركر كملك وملكة قرينة للمملكة المتحدة، في احتفال عالمي سيحضره أكثر من 2000 ضيف.
وخلال تتويج الملك تشارلز رسميًا، سيجلس جلالته على قرون من التاريخ البريطاني، وهو كرسي العرش، بطل المراسم والذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال ببداية عهد الملك البريطاني الجديد.
ولعب كرسي التتويج والذي يعرف أيضاً باسم كرسي سانت إدوارد أو كرسي الملك إدوارد، دورًا رئيسيًا في تتويج ملوك بريطانيا لأكثر من 700 عام، إذ مثّل محور تنصيب أفراد العائلة المالكة على العرش مثل هنري الثامن وإليزابيث الأولى ووالدة الملك نفسه، الملكة إليزابيث الثانية.
تفاصيل كرسي التتويج
صنع كرسي التتويج بأمر من الملك إدوارد الأول، بتكليف عام 1296 وتم نحته بين صيف 1297 ومارس 1300 من قبل صانع الخزائن والتر دي دورهام، وهو عبارة عن مقعد مصنوع من خشب البلوط يبلغ عمره 700 عام، ومغطى بورق الذهب ليبدو وكأنه مصنوع من الذهب الخالص.
كما تم تزيينه بشكل معقد بالزجاج الملون ومطلي بأنماط من الطيور وأوراق الشجر.
كما تم رسم شخصية لإدوارد الأول مع أسد عند قدميه على ظهره، رغم أنها تلاشت منذ فترة طويلة.
وفي أوائل القرن السادس عشر، تم وضع أسود مذهبة على كل زاوية عند قاعدة الكرسي، على الرغم من استبدال القاعدة لاحقًا خلال القرن الثامن عشر.
كرسي العرش كأول مرة تتويج
وعلى الرغم من أنه لم يكن المقعد مصممًا في الأصل ليكون كرسيًا للتتويج، فقد تم استخدام القطعة لأول مرة في تتويج الملك هنري الرابع في عام 1399 وأصبحت جزءًا من حفلات التتويج منذ ذاك الحين، ليصبح موطنًا لما لا يقل عن 38 حفل تتويج.
تم استخدام كرسي التنصيب ملكًا أو ملكة على العرش، أثناء طقوس التتويج منذ القرن الرابع عشر لجميع الملوك الإنجليز والبريطانيين المتعاقبين، باستثناء الملكة ماري الثانية، التي توجت جالسة على نسخة من العرش، نظرًا لأن كرسي التتويج الأصلي كان خاضعًا لعملية ترميم حديثة.
وحاليًا، يخضع كرسي التتويج لأعمال ترميم كبيرة قبل تتويج الملك تشارلز الثالث، إذ سيتم لم شمله بحجر السكون Stone of Scone للاحتفال، ونظرًا لأن الحجر لا يزال الآن في اسكتلندا، فسيتم نقله إلى كنيسة وستمنستر أبي للتتويج.
مكان حفظ كرسي التتويج
بالنسبة لكرسي التتويج، فالقطعة محفوظة خلف الزجاج في كنيسة القديس جورج St George's Chapel، الواقعة في صحن الكنيسة بقلعة ويندسور في إنجلترا.
ومنذ إنشائه، تمت إزالة الكرسي من كنيسة Westminster Abbey مرتين فقط، مرة لحضور حفل في عام 1653 ومرة واحدة بسبب المخاوف الأمنية خلال الحرب العالمية الثانية.
قصة حجر السكون Stone of Scone
عندما كلف الملك إدوارد الأول، ملك إنجلترا، بصناعة الكرسي في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي، كان الغرض الأساسي منه هو إيواء حجر السكون أو حجر القدر Stone of Scone وغالبًا ما يشار إليه في إنجلترا باسم حجر التتويج، الذي اكتسبه الملك حديثًا آنذاك.
وحجر السكون هو كتلة مستطيلة من الحجر الرملي الأحمر والتي تزن قرابة ١٥٢ كجم ويبلغ قياسه 26 بوصة × 16 بوصة × 10 بوصات، ويتم استخدامه منذ قرون في تتويج ملوك اسكتلندا، ويوجد الحجر الآن في غرفة التاج بقلعة إدنبرة.
كان حجر السكون لعدة قرون رمزا للملكية في إسكتلندا، استولت عليها القوات الإنجليزية بقيادة الملك إدوارد الأول في عام 1296 وأخذته إلى كنيسة وستمنستر أبي.
في عام 1328، وعدت معاهدة سلام وقعتها إنجلترا واسكتلندا بإعادة الحجر، لكنه ظل في لندن لمدة 6 قرون أخرى، جلس خلالها الملوك الإنجليز على الحجر أثناء مراسم التتويج، حيث كان حجر السكون أو القدر، هو قاعدة كرسي التتويج.
في الأصل، تم وضع حجر Scone مكشوفًا عند قاعدة الكرسي، وجلس الملوك على الحجر نفسه حتى تمت إضافة منصة خلال القرن السابع عشر.
ووفقًا للصحف البريطانية، بقي الحجر هناك لمئات السنين حتى استعاده القوميون الاسكتلنديون في عام 1950، وأعادوا الحجر إلى اسكتلندا، ولكن حاول البريطانيون البحث عنه وبالفعل عثروا عليه في مقاطعة أنجوس باسكتلندا، وتم نقله مرة أخرى إلى كنيسة وستمنستر أبي بإنجلترا.
وعندما تم تتويج الملكة إليزابيث الثانية في عام 1953 في وستمنستر أبي، تم وضع عرشها فوق الحجر.
وتم الاحتفاظ بكرسي التتويج وحجر السكون Scone معًا لمئات السنين، وتحملا العديد من الصدمات، بما في ذلك القصف والسرقة، حتى أعيد الحجر إلى اسكتلندا في عام 1996.
في عام 2019، فتحت الحكومة الاسكتلندية مناقشة مع الجمهور حول ما إذا كان الحجر يجب أن يظل في قلعة إدنبرة أو يتم عرضه في متحف جديد في بيرث باسكتلندا.
وفي ديسمبر 2020، أعلن الوزير الأول الاسكتلندي نيكولا ستورجون أنه سيتم نقل الحجر إلى متحف بيرث، المقرر افتتاحه في ربيع عام 2024.
ولكن الآن، ومن أجل تتويج الملك تشارلز، سيعود الحجر مؤقتًا إلى إنجلترا، حيث سيتم وضعه على كرسي التتويج، في مراسم الاحتفال الذي ستعقد في الـ3 من مايو المقبل ولمدة 3 أيام.