زها حديد: من بغداد إلى العالم.. رحلة معمارية استثنائية
زها حديد؛ اسم بالتأكيد تردد على مسامعكِ حتى وإن لم يكن لديكِ صلة بعالم الهندسة، فهي أشهر مهندسة معمارية من السيدات، وهي تحمل الجنسية البريطانية ولكنها عراقية المولد، معروفة بتصميماتها التفكيكية المتطرفة والمتطورة، وفي عام 2004 أصبحت أول امرأة تحصل على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية.
وقد تبدو زها حديد، المعروفة باسم "ملكة المنحنيات"، في نظر البعض مجرد معمارية أخرى أنتجت أشكالاً لافتة للنظر، ومع ذلك، هناك العديد من الجوانب غير المتوقعة والغريبة حول هذه المهندسة المعمارية الرائدة في حياتها المهنية، وحياتها الأكاديمية، حتى حياتها الشخصية التي تتجاوز حدود الخرسانة والفولاذ، وهي الأيام المهمة التي عاشتها في الواقع شكلت حياتها ومسيرتها المهنية!
نشأة المهندسة المعمارية زها حديد
وزها حديد من مواليد 31 أكتوبر 1950، ولدت في بغداد، العراق - وتوفيت في 31 مارس 2016، ميامي، فلوريدا، الولايات المتحدة الأمريكية.
بدأت زها حديد دراستها في الجامعة الأمريكية في بيروت، لبنان، وحصلت على درجة البكالوريوس في الرياضيات، وفي عام 1972 سافرت إلى لندن للدراسة في الجمعية المعمارية، وهي مركز رئيسي للفكر المعماري التقدمي خلال السبعينيات، وهناك التقت بالمهندسين المعماريين إيليا زينغليس وريم كولهاس، اللذان تعاونت معهم كشريك في مكتب متروبوليتان للهندسة المعمارية، أسست حديد شركتها الخاصة في لندن، زها حديد للمهندسين المعماريين (ZHA)، في عام 1979.
وفي عام 1983، اكتسبت حديد شهرة دولية من خلال مشاركتها الحائزة على المنافسة في The Peak، وهو مركز ترفيهي وترفيهي في هونغ كونغ، وهذا التصميم، "ناطحة سحاب أفقية" تتحرك بشكل قطري ديناميكي.
تأثرها بالهندسة التجريدية، وانسيابية الخط العربي، والتفاعل بين المنطق الرياضي والهندسة المعمارية، انعكس على تصاميمها، وتتميز تصميماتها الهندسية العدوانية بإحساس التفتت وعدم الاستقرار والحركة، وقد أدى هذا الأسلوب المجزأ إلى تجميعها مع المهندسين المعماريين المعروفين باسم "التفكيكيين"، وهو تصنيف أصبح شائعًا في معرض عام 1988 التاريخي "التفكيكي" الذي أقيم في متحف الفن الحديث في مدينة نيويورك.
بماذا تشتهر زها حديد؟
لم يقتصر افتتان حديد بالتصميم، الذي أُطلق عليها لقب "ليدي غاغا للهندسة المعمارية"، على الهندسة المعمارية فحسب، بل في الواقع، كان خط أحذيتها هو المكان الذي يمكنها فيه إطلاق كل أفكارها الإبداعية دون أن تكون مقيدة بقيود الهندسة المعمارية، وكان أحد تصميماتها الشهيرة للأحذية يُعرف باسم "اللهب"، ويعكس زوج الأحذية ذات الكعب العالي جاذبية مستقبلية تشبه الأشكال البارامترية.
ماذا درست زها حديد؟
قد تعتقد أن مهندسة معمارية مثل حديد كانت تعتبر دائمًا مهنة الهندسة المعمارية هي هدفها الحقيقي، ومع ذلك، لم يكن هذا هو الحال بالنسبة لحديد، كونها متمردة منذ أن كانت صغيرة، غيرت تخصصها من الرياضيات إلى الهندسة المعمارية، وهو ما كانت عليه بوضوح لم تندم أبدًا بعد ذلك، انتقلت إلى لندن في عام 1972 للالتحاق بمدرسة الجمعية المعمارية (AA) Architectural Association School of Architectureحيث حصلت على جائزة الدبلوم في عام 1977، وقد أثر اهتمامها بالهندسة بشكل كبير على أشكالها المعمارية الرقمية وتصميماتها المستقبلية الجديدة.
معلومات مهمة عن زها حديد
إليكم أبز الحقائق المخفية عن المهندسة المعمارية زها حديد:
صممت ما يقرب من 1000 مشروع
صممت المهندسة المعمارية الراحلة عبر مؤسسة شركة زها حديد للمهندسين المعماريين الرائدة، صممت 950 مشروعًا في 44 دولة، وتأسست الشركة في البداية عام 1980 بخمسة موظفين فقط، وأصبح لديها قبل وفاتها أكثر من 427 موظفًا يعملون في مشاريعها العديدة.
كان لديها خط ناجح جدًا من تصاميم الأحذية
قد يتفاجأ البعض أن زها حديد لم يكن شغفها مقتصر فقط على الهندسة، بل امتد للتصميم بوجه عام، وكان لديها خط ناجح جدًا من تصاميم الأحذية.
أزمة عام 1995
زها حديد لم تواجه الانتقادات والرفض فحسب، بل كانت في الواقع على وشك خسارة حياتها المهنية في عام 1995، حيث تم إلغاء مشروعها في خليج كارديف المعروف باسم "مشروع الألفية"، بعد اختيارها كفائزة في مسابقة دولية، والمثير للدهشة أن اقتراحها قد تم رفضه قبل ثلاثة أيام من عيد الميلاد في عام 1995 .
فازت بجائزة كل عام منذ عام 2000
كان ثبات حديد وتصميمها من الجوانب الرئيسية لنجاحها، حيث فازت بجائزة غير مسبوقة لأي مهندسة معمارية كل عام منذ عام 2000، وقد حصلت الفائزة بجائزة بريتزكر على ما يصل إلى 12 جائزة في عام واحد وهو رقم قياسي، وعلى الرغم من مأساتها المعمارية السابقة في ويلز، حصلت حديد أيضًا على أرقى جائزة معمارية في المملكة المتحدة البريطانية، وهي جائزة ستيرلنغ لمدة عامين متتاليين في عامي 2010 و2011 من قبل المعهد الملكي البريطاني"RIBA"
تكريم خاص من الملكة إليزابيث الثانية
في عام 2004 حصلت زها حديد على Pritzker Architecture Prizeوكانت أول امرأة تحصل على هذه الجائزة، التي وتعد بمثابة جائزة نوبل للهندسة المعمارية، كما منحتها ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية لقب ليدي في 2012.
كما حصلت على ارفع جائزة نمساوية في العمارة، وتقليدها جائزة الدولة النمساوية للسياحة،وفاز مبناها أكاديمية Evelyn Grace بالجائزة المعمارية الأرقى في بريطانيا، وهي جائزة "ستيرلنج " Stirling.
وانتظمت زها حديد كأستاذة زائرة أو أستاذة كرسي في العديد منالجامعات، وتسنى لها أن تحصل على شهادات تقديرية من أساطير العمارة مثل الياباني كانزو تانك، أيضا تم اخيارها من قبل مجلة CEO في الترتيب الرابع ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية عام 2013.
عاشت في منزل تقليدي غير متعرج
وخلافًا للاعتقاد الشائع، لا يعيش جميع المهندسين المعماريين النجوم في منازل تتعلق بأسلوبهم التصميمي المميز، على سبيل المثال، عاشت حديد في الطابق العلوي من مبنى تقليدي إلى حد ما، وكان منزلها يبدو وكأنه منزل عادي متعامد الشكل من الخارج وعندما سُئلت عن ذلك قالت ببساطة: "هذا ليس مشروعي".
ومع ذلك، عند النظر إلى التصميم الداخلي لمنزلها، لا يمكن وصفه إلا بأنه استثنائي، حيث تنعكس أشكال زها حديد العضوية المميزة في قطع الأثاث واللوحات والمنحوتات الناعمة الشبيهة بالشبك.
التحقت بمدرسة كاثوليكية وعانت من صراعات صدام حسين
ولدت حديد في العراق لعائلة مسلمة، ودرست في مدرسة كاثوليكية، وقالت إنها كانت متنوعة دينيًا، وكان والدهامحمد حديدسياسيًا - وزير المالية العراقي الأسبق-يصطحب حديد باستمرار في رحلات لزيارة المباني والمناظر الطبيعية في المدن السومرية، واضطرت إلى مغادرة العراق بعد حرب إيران وصراعات صدام حسين، التي كانت دائمًا قضية مؤلمة بالنسبة لحديد.
وفاة زها حديد في ميامي
يرحل الناس ويبقى أثرهم بالإنجازات التي حققوها في حياتهم، وزها حديد تركت بصمة لا تنسى في عالم الهندسة المعمارية، وفي مارس من عام 2016، رحلت زها عن عالمنا بعد أن جعلت للتصميم ابعاد أخرى، ولم تكتفي بذلك بل دخلت الى عالم الموضة وقامت بتصممالاكسسوارات الشخصية الى جانب الأواني المنزلية واليخوت والسيارات والديكور الداخلي.
أشهر أعمال زها حديد الخالدة
أشهر المباني التي صممتها زها حديد The MAXXI المتحف الايطالي الوطني للقرن الـ21 في روما، ومركز الألعاب المائية في لندن، والذي تم انشاءه بمناسبة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012، ومركز حيدر علييف في باكو، ودونغ ديمونديزاين بلازا في سيول، ونادي مونسون بار في سابورو في اليابان،ومحطة اطفاء فيترا، في فييل آم راين في المانيا، دار الأوبرا "كارديف" في بريطانيا، مركز الفنون الحديثة "روزنتال" في ولاية "سنسناتي" الأمريكية، مرسى السفن في باليرمو في صقلية، المسجد الكبير في ستراسبورغ، منصة "بير غيسيل" للقفز على الثلوج في اينيزبروك، المبني المركزيلشركة بي ام دبليو في لايبزيغ، محطة القطار السريع في افراغولا في إيطاليا.
كما احتضنت دول الخليج العربي بعض من تصاميمها، مثل جسر الشيخ زايد في ابوظبي، ومحطة مركز الملك عبدالله المالي في الرياض، ومكاتب أوبوس في دبي واستاد الوكرة في قطر، أيضا قامت بتصميم مركز للدراسات والبحوث ومتحف الفنون الإسلامية في الدوحة، ومعهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي العراق ساهمت زها في إعداد تصاميم ابداعية لجامعتي سومر وميسان.