خبراء يؤكدون: السكري مرضٌ يمكن تجنبه بنسبة 50%
منذ العام 2007 والعالم يحتفل باليوم العالمي لمرضى السكري وفقاً لقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. والهدف من هذا اليوم هو توعية كافة أفراد المجتمع على أسباب ومخاطر مرض السكري وكيفية الوقاية منه.
وحددت الأمم المتحدة موضوع اليوم العالمي لمرض السكري للمدة 2021-2023 بالوصول إلى رعاية مرضى السكري، لاسيما وأن ملايين المصابين بالمرض حول العالم لايزالون عاجزين عن الوصول للرعاية الصحية الضرورية.
وفي دولة الإمارات وحسب آخر إحصائيات رسمية صادرة في الدولة عن مرض السكري، تبلغ نسبة مرضى السكري من إجمالي سكان الدولة 11.809%، كما في العام 2021. في حين تسجل المملكة العربية السعودية تزايداً في أعداد المصابين بالمرض حسبما أشارت دراسات وأبحاث عدة. لذا تسعى الحكومات في كلا البلدين، بالتضافر مع المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة، لإيجاد الحلول الناجعة لتقليص حدة مرض السكري وتخفيف أعداد المصابين به خلال السنوات القادمة.
نتعرف في مقالة اليوم وبشكل مفصل على السكري بنوعيه الأول والثاني وأعراضهما، علاقة السكري بسرطان البنكرياس وكيفية إدارة هذا المرض من قبل عدد من المختصين.
ماهية مرض السكري
إذا كنت مصاباً بالسكري، فجسمك على الأرجح عاجز عن إفراز ما يكفي من الأنسولين، أو أن خلايا جسمك لا تستجيب لهرمون الأنسولين. وعلى الرغم من وجود عوامل وراثية تزيد من مخاطر الإصابة بمرض السكري، لاسيما النوع الأول منه، إلا أن أنماط الحياة السيئة التي بات معظم الناس يتبعونها دون الانتباه لأخطارها، تُعتبر من أبرز مُحفزات الإصابة بمرض السكري، وتحديداً النوع الثاني والذي يُعزى لمقاومة خلايا الجسم للأنسولين في معظم حالاته.
ومع انخفاض النشاط البدني والبدء بتناول المأكولات غير الصحية مثل الوجبات السريعة، والإكثار من السكريات والإصابة بزيادة الوزن، تبدأ خلايا الجسم بتكوين مقاومة تدريجية لهرمون الأنسولين، الأمر الذي يدفع البنكرياس لزيادة وتيرة إفراز الهرمون عن المستويات السابقة، فتعتاد الخلايا تدريجياً على مستويات مرتفعة من الهرمون لتحقيق الإستجابة المطلوبة. وتتفاقم هذه الحالة يوماً تلو الآخر مع الاستمراربأنماط الحياة السيئة، الأمر الذي يضع الشخص في مرحلة تُعرف باسم "ما قبل السكري"، والتي تقود في حال إهمالها للإصابة بالسكري من النوع الثاني، مع وصول خلايا الجسم لمرحلة تعجز فيها عن الإستجابة لهرمون الأنسولين، وهو ما يُعرف بمقاومة الأنسولين.
السكري بنوعيه الأول والثاني
يختلف النوع الأول من السكري عن النوع الثاني في الأسباب وطرق العلاج، إذ يتسم النوع الأول بأنه يُجبر المريض على أخذ الأنسولين يومياً بسبب نقص إنتاجه في جسمه. وفي الحقيقة، لا يوجد سبب محدد معروف للإصابة بهذا النوع من السكري ولا يمكن الوقاية منه باستخدام المعارف الحالية.
أما النوع الثاني من السكري، والمعروف بداء السكري غير المعتمد على الأنسولين أو الذي يظهر في مرحلة الكهولة، فيحدث نتيجة عدم كفاءة الجسم في استخدام الأنسولين. وتُشكَل حالات داء السكري من النمط الثاني نسبة 90% من إجمالي حالات مرض السكري المُسجَلة حول العالم، وتحدث معظمها بسبب أنماط الحياة السيئة وزيادة الوزن وعدم ممارسة الرياضة.
السكري وسرطان البنكرياس
يُعتبر مرضى السكري من النوع الثاني عُرضة لمخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس، وهو من أكثر أنواع السرطانات فتكاً. ويتسبب سرطان البنكرياس بدوره بالإصابة بالسكري من النوع الثاني، حيث تميل مستويات سكر الدم للإرتفاع بسرعة أكبر لدى الأشخاص المصابين بالسكري بسبب الورم. ويُعتبر الفحص والإختبار والمناقشة مع الطبيب، عناصر أساسية لوضع خطة علاجية تناسب كل مريض.
الأعراض والمضاعفات
وفقاً للدكتور محمد الخطيب، استشاري السكري والغدد الصماء والأمراض الباطنية في مركز "هيلث بلاس" للسكري والغدد الصماء، تشتمل أعراض مرض السكري على:
- الشعور بالعطش.
- التعب والإرهاق.
- عدم وضوح الرؤية.
- الشعور بخدر في اليدين أو القدمين.
- بطء شفاء الجروح والتقرحات.
- خسارة مفاجئة في الوزن.
- الإصابة بالتهابات متكررة.
- جفاف الفم الدائم.
وأضاف: "تختلف قليلاً أعراض النوعين الأول والثاني من السكري، حيث تظهر أعراض النوع الأول في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً مقارنة بالنوع الثاني، وتبدأ بعمر الطفولة أو المراهقة أو الشباب، وتشمل الأعراض الإضافية للنوع الأول الغثيان والقيء وآلام المعدة والعدوى الفطرية أو التهابات المسالك البولية، في حين تكون أعراض النوع الثاني ومرحلة ما قبل السكري خفية، إذ تتقدم بمرور الزمن على مدار سنوات عديدة، وتظهر عادة في مرحلة متقدمة من العمر، إلا أنه تجدر الإشارة لمعدلات الإصابة المرتفعة بالسكري من النوع الثاني بين مختلف الفئات العمرية."
إدارة مرض السكري
أكد الدكتور عماد سلمان، استشاري طب الأسرة في مستشفى "هيلث بوينت" أنه بالرغم من خطورة مرض السكري، إلا أن إدارته ممكنة من خلال اتباع أنماط حياة صحية والمتابعة مع الطبيب المختص والإلتزام بنصائحه وتوصياته. ويجب أيضاً الحفاظ على مستويات سكر الدم الطبيعية قدر الإمكان عبر اتباع نظام غذائي مناسب، والالتزام بتناول الأدوية وممارسة النشاط الرياضي. ومن المهم أيضاً الحفاظ على مستويات صحية لكوليسترول الدم ومراقبة ضغط الدم.
وتُعتبر مراقبة مستويات سكر الدم بانتظام من أهم وسائل الوقاية من مضاعفات مرض السكري، حيث تساعد النتائج الأطباء في إعداد الخطط الغذائية والعلاجية المناسبة لكل مريض، وإجراء التعديلات الضرورية على جرعات الأنسولين حال وجودها.
أمراض العين واعتلالات الشبكية السكرية
يتعرض الأشخاص المصابون بداء السكري من النوعين الأول والثاني لخطر متزايد لمضاعفات العين والاعتلال العصبي المحيطي. ومرضى السكري مُعرَضون لفقدان البصرجراء الفشل في إدارة مرضهم وضبط مستويات السكر لديهم.
وحدَثنا الدكتور رمزي غانم، استشاري طبّ العيون واختصاصي في جراحة الشبكية والجسم الزجاجي والكتاراكت في "مستشفى مورفيلدز للعيون" حول أمراض العين السكرية بالقول: "يضع مرض السكري بنوعيه الأول والثاني المرضى أمام مخاطر حقيقية للإصابة بعدد من أمراض العيون، من أبرزها اعتلال الشبكية السكري، ووذمة البقعة الصفراء (التي تتطور عادة مع اعتلال الشبكية السكري)، وإعتام عدسة العين، والجلوكوما. لذلك يتعين على مرضى السكري إدارة مرضهم بشكل جيد لتجنب الإصابة بهذه الأمراض."
السكري وسن الأمل
قالت الدكتورة سارة سليمان، استشاري الغدد الصماء والسكري في "مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري": "تكون النساء قبل انقطاع الطمث مُحصَنات نسبياً من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، في حين تتضاعف مخاطر إصابتهن بالمرض وتصبحمماثلة للرجال بعد انقطاع الطمث. لذلك يُعتبر الرجال أكثر عرضة من النساء للإصابة بالسكري من النوع الثاني في مراحل مبكرة من عمرهم، ويُعزى ذلك لأسباب هرمونية متعلقة بالنساء".
السكري والغذاء
يتعين على مريضة السكري اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن لتجنب إصابتها بمضاعفات السكري، ولتتمكن من إدارة مرضها بنجاح والتمتع بحياة صحية. وتُوصى مريضة السكري بتناول الخضروات والحبوب الكاملة والفواكه باعتدال وتجنب الأطعمة المُصنعة وغير الصحية، والوجبات السريعة. ويجب على المصابة بالسكري أيضاً التقليل من الأطعمة المقلية والمأكولات التي تحتوي نسبة عالية من الدهون المُشبعة والملح. كما أن الحلويات مثل المخبوزات والمثلجات ليس بخيارات صحية أبداً، إضافة للمشروبات الغنية بالسكريات، مثل العصائر المصنعة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، والتي تضر بصحة جميع الأفراد حتى الأصحاء منهم.
الوقاية من مرض السكري
يمكن تجنب مرض السكري من النوع الثاني بنسبة 50% من خلال الإلتزام بأنماط الحياة الصحية. وهناك العديد من النصائح لتعزيز فرص الوقاية والحد من عوامل الخطورة المرتبطة بمرض السكريتلخَصها الدكتورة فرحانه بن لوتاه استشارية الطب الباطني، ذات خبرة خاصة في السكري وأمراض الغدد الصماء في "مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري"بالآتي:
- تجنب أنماط الحياة الخاملة، خصوصاً أولئك الذين تتطلب طبيعة عملهم الجلوس لساعات طويلة، وعليهم بالتالي النهوض عن كرسيهم كل 15 دقيقة، والقيام بحيل تجبرهم على المشي مثل ركن السيارة في أماكن بعيدة وغير ذلك.
- عندما يتعلق الأمر بالوقاية من مرض السكري، هنالك العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها. ولا يتعين النظر لحالة ما قبل السكري على أنها مؤشر لقرب إصابتنا بالمرض، بل كحافز لإجراء التغييرات الضرورية التي تُبعدنا عن المرض. فأنماط الحياة الصحية والنظام الغذائي المتوازن هي مفاتيح التمتع بحياة صحية وتمنح أفضل فرصة للوقاية من مرض السكري.
- ممارسة النشاط البدني المنتظم لمدة 150 دقيقة على الأقل موزعة على مدار الأسبوع من أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على الصحة وعيش حياة صحية خالية من الأمراض.
- ممارسة التمارين بانتظام تقلل من خطر الإصابة بالأمراض المُزمنة بنسبة تصل إلى 50%. كما أنها تُعزَز الجهاز المناعي وتساعد على الحماية من أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني والسرطان.
- الرياضة المنتظمة مثل المشي السريع (بما لا يقل عن30 دقيقة) لخمس مرات في الأسبوع تُخفَض الشحوم الداخلية وبذلك تنخفض نسبة الدهون الضارة والكوليسترول وتُحسَن من حساسية الجسم للأنسولين، الأمر الذي يقود لانخفاض مستويات سكر الدم المرتفع وتحسن ضغط الدم وانخفاض فرص الجلطات وغيرها.
- يجب على الأطفال والمراهقين ممارسة النشاط البدني المعتدل لمدة 60 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع؛ أو بشكل يومي إن كان ممكناً. ويتعين تشجيع الأطفال على تبني النشاط البدني كجزء من حياتهم اليومية ومساعدتهم على فهم فوائد النشاط البدني.
- داء السكري هو مرضٌ صامت ليس له أعراض وخاصة في المراحل المبكرة، وهو أيضاً مرضٌ مزمن. لذا فإن الفحص الروتيني لمستوى الجلوكوز في الدم هو أمر في غاية الأهمية.
- في الماضي كان النوع الثاني من السكري معروفاً بأنه يُصيب الكبار، إلا أن أعداد الأطفال والمراهقين المصابين به في وقتنا الحالي تتزايد بسبب السُمنة. ويعاني جسم المصاب بالنوع الثاني من السكري من مشاكل في إنتاج أو استعمال الأنسولين،فإذا كنت قلقة بشأن طفلك، تحدثي مع طبيبه أو أخصائي الرعاية الصحية.