لا تصدقي كل ما تقرأين على الإنترنت حول المسائل الصحية

لا تصدقي كل ما تقرأين على الإنترنت حول المسائل الصحية

جمانة الصباغ

كيف بين ليلة وضحاها، أصبح الجميع مختصين بمختلف الشؤون الطبية والصحية، وباتوا يقدمون النصائح الصحية للناس من خلال منصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟

الحقيقة أن ما يحدث في الآونة الأخيرة، هو شيءٌ غريب ومدعاة للسخرية؛ لكنه أمرٌ مخيفٌ أيضاً، كون البعض قد يصدقون أية معلومات تصلهم من أي شخص، حتى وإن كان لا يحمل شهادة في الطب وعلومه. وتسهم وسائل التواصل الاجتماعي الحالية، في نشر الكثير من المعلومات المُضلَلة والتي يمكن أن تُخلَف العديد من الآثار الجانبية والمضاعفات السلبية.

لا ننكر أن بعض هذه المعلومات قد يكون صحيحاً، لكنه لا ينطبق على جميع الناس، كون كل شخص هو حالة فريدة من نوعها وينبغي التعامل معها من قبل طبيب مختص. فيما يبدو أن معلومات الصحة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة هذه الأيام، قد يظنها البعض شاملة وبالتالي تنقلب عليه بشكل سلبي.

تحري المعلومات والتدقيق فيها على المواقع المختصة
تحري المعلومات والتدقيق فيها على المواقع المختصة

في موضوعنا اليوم، نتعرف وإياك عزيزتي القارئة على أفضل السبل والنصائح التي تساعدك في كشف المعلومات الطبية المُضللة على الإنترنت من خلال تجارب عدد من الصحفيين المختصين.

نصائح للكشف عن المعلومات الطبية المُضللة على الإنترنت

لا تصدقوا كل ما يصلكم عبر الانترنت حول الأمور الطبية والصحية، حتى الدراسات التي تصلكم عبر البريد الالكتروني أو من بعض وسائل الإعلام "المشبوهة" أو الصفحات الالكترونية وتحمل تعابير مثل "سري للغاية"، ينبغي تحري مصادرها بشدة كونها قد تكون معلومات مغلوطة أو مُضلَلة كما يشير موقع "بي بي سي عربي" الذي استعان بعدد من الصحفيين ذو خبرة في مجالات الطب والصحة للكشف عن هذا التضليل الممنهج والذي يضر بصحتنا.

وأشار الموقع البريطاني الذي يستخدم اللغة العربية، أنه وعندما أجرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية دراسةً تحليلية لما يزيد عن عشرين موضوعا جرى تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال العام الماضي، منها مواضيع جاءت كلمة السرطان ضمن عناوينها، تبين أن أكثر من نصف هذه الموضوعات تضمن ادعاءات رفضتها السلطات الصحية والأطباء باعتبارها غير صحيحة. على الرغم من أن الملايين أبدوا اهتماماً بهذه المواضيع وعمدوا لنشرها وإعادة نشرها على حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

تنتشر المعلومات الطبية المضللة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي
تنتشر المعلومات الطبية المضللة بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي

إذن، فالمشكلة لا تتوقف فقط عند مصدر المعلومات الخاطئة، وإنما أيضاً على المصادر التي تتلقى هذه المعلومات وتعمد لنشرها بشكل أكبر بين الناس بحيث يصدقها الكثيرون ممن لا يتمتعون بثقافة كافية، أو حتى الأشخاص الذين يسهل خداعهم ويطمحون للحصول على إجابات وحلول سريعة.

لذا، وفي سياق الإعداد لسلسلة "هيلث تشيك" التي تُبث من خلال الخدمة العالمية لإذاعة "بي بي سي"، سعى الموقع المعروفلوضع قواعد تسهم في التحقق بشكل أدق من صحة الحقائق والمعلومات المتعلقة بالموضوعات الطبية والعلمية. باتباع مشورة ونصائح 3 صحفيين مخضرمين في هذا المجال، هم سارا بوزلي المسؤولة عن قسم الصحة في صحيفة "الغارديان"، جيمس غالاغر مراسل الشؤون العلمية والصحية في "بي بي سي"، إضافة إلى إيفان أورانسكي وهو كاتب عمود في موقع "ستات نيوز" المعني بموضوعات تتعلق بالطب والعلوم والتكنولوجيا الحيوية.

وبالجمع بين خبرات الكاتب في موقع "بي بي سي عربي" وبين خبرات هؤلاء الصحفيين، تم التوصل للنصائح العشر التالية لتقصي الحقيقة في معلومات الانترنت الطبية:

  1. عليك البحث عزيزتي عن مصدر الموضوع أو الوسيلة الاعلامية التي تُروَج لأي خبر طبي، للتحقق ما إذا كانت هذه الوسيلة معروفة وتحظى بسمعة جيدة.
  2. اسألي نفسك التالي: هل النتائج التي توصلت إليها الدراسة الفلانية، جديرةٌ بالتصديق؟ عند طرح هذا السؤال، سيكون لديك الوعي الكافي لمعرفة صحية هذه المعلومات من عدمها.
  3. لا تندفعي وراء الدراسات التي تحمل بعض العناوين المريبة مثل "سرٌ لا يريد أحدٌ - حتى الأطباء - أن يخبروك به". إذ أن الأطباء لن يستفيدوا من إبقاء علاجٍ فعال طي الكتمان، كون رسالتهم الأساسية تتمثل في معالجة المرضى.
  4. في حال كان الكشف العلمي الذي تتطرق إليه أي دراسة، مهماً وكبيراً كما تدَعي، فإن الحاجة للحصول على المزيد من الأدلة للتأكد من صحة هذا الاكتشاف تزيد. فإذا كان الأمر يتعلق بابتكار دواء أو طريقة علاجية جديدة تُمثل طفرةً هائلة أو تقدماً علمياً شديد الأهمية، لابد أن يكون جرى اختبار هذا العقار أو الطريقة على آلاف المرضى، ونُشرت دراسات عنه في دوريات طبية، كما حظي بتغطية كبريات وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم.

أما إذا كان الأمر يتعلق بأسلوب علاجي أو عقار جديد لم يُوصي به سوى طبيب واحد، فعليك الإنتظار عزيزتي لحين ظهور مزيد من الأدلة والبراهين بشأن فعاليته، قبل اتباعك أي مشورة طبية بشأنه.

لا تصدقي كل ما تقرأين على الإنترنت حول المسائل الصحية
لا تصدقي كل ما تقرأين على الإنترنت حول المسائل الصحية
  1. قد يذكر الخبر المتعلق بدراسة ما، أن دوريةً طبية بعينها نشرت نتائجها. وهنا ينبغي عليك إجراء بحث سريع على الانترنت للتأكد من خضوع الموضوعات المنشورة في هذه الدورية لعملية تدقيق مسبقة من قبل خبراء أو جهات مختصة، يحققونفي صحة ما يرد فيها من معلومات. أي أن المقال أو الموضوع يُرسل قبل النشر، إلى عالم يعمل في المجال ذاته الذي يتناوله الموضوع، لفحصه والتدقيق في المعلومات الواردة فيه.
  2. بعض العلاجات قد لا تكون أُجريت على البشر وإنما على الحيوانات فقط، ما يطرح السؤال التالي: كيف نتأكد أن هذا العلاج مذهلٌ وفعال فيما لم تتم تجربته على الإنسان؟ وبالتالي فإن النتائج المستقاة من تجارب الحيوانات فقط، ليست مؤكدة تماماً ويبقى فيها بعض المجال للشك. كما أن العلاج الذي لم يتم اختباره على البشر، يحتاج المزيد من الوقت للتيقن عما إذا كان سيصلح للاستخدام من قبل الإنسان أم لا، وذلك من خلال المزيد من التجارب.
  3. على الرغم من السلبية التي نجنيها من تصفح بعض المواقع على الانترنت، إلا أن الكثير منها يحقق لنا جزءً من الفائدة لجهة تقصي الحقائق حول خبر ما عن دراسة أو موضوع متعلق بالطب والصحة. ونعني بذلك المواقع الالكترونية التي تُراعي التدقيق في تغطيتها الإعلامية للموضوعات الطبية، مثل موقع "هيلث ريفيوز دوت أورج" الذي يُوصي به الصحفي على موقع "بي بي سي عربي". إذ قد تكتشفين أن مثل هذه المواقع قامت بجهد كبير وخاص للتحقق والتدقيق في هذه المعلومات بالنيابة عنك.
  4. في حال لم تجدي مبتغاك في هذه المواقع، ما عليك سوى إجراء بحث حول كاتب الموضوع ذاته، لمعرفة طبيعة الموضوعات التي يتناولها عادةً. فإذا ما تبث أنه يكتب حول الموضوعات العلمية والطبية بانتظام، فهذا يعني أنه ملَمٌ أكثر بالأسئلة الصحيحة الواجب طرحها في أي مقابلة يجريها حول دواء أو علاج جديد؛ كما يؤكد علمه بكافة المحاور الأساسية التي يجب مناقشتها والإضاءة عليها في هذا الصدد.
  5. أيضاً وباستخدام الانترنت، يمكنك إجراء عملية بحث مُعمَقة من خلال كتابة تفاصيل الموضوع مع إضافة بعض المفردات مثل "خرافة" أو "أسطورة" أو "خدعة" في مربع البحث. فقد تجدين أن هذا الموضوع أو الدراسة تمت مناقشتها أو حتى انتقادها في مكان آخر.
  6. في النهاية وبعد التحقق من صحة ودقة أي موضوع علمي أو طبي تطالعينه، وبعد التأكد من نشره في دورية علمية مرموقة ذات سمعة طيبة، قد تبقى لديك رغبةٌ أضافية بالتحقق من المنهج العلمي المستخدم في ذلك الموضوع أو تلك الدراسة. وهنا على سبيل المثال، يمكنك الاستعانة بموقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة المعروفة اختصاراً باسم "إن إتش إس". ويوجد على هذا الموقع، قسمٌ يحمل عنوان "بيهايند ذا هيدلاينز" (أو ما وراء العناوين)، يُعنى ببحث الدراسات وتمحيصها بالتفصيل، وكذلك مناقشة الكيفية التي أُجريت بها، وما إذا كانت وسائل الإعلام قد تناولتها بشكل صحيح في تغطياتها أم لا.

على الرغم من أنني أعملُ على تغطية المواضيع الطبية والعلمية منذ أكثر من ثماني سنوات على موقع "هي"، والخبرة المتواضعة التي باتت لديَ في هذا المجال والمعلومات الكثيرة التي جمعتها من خلال قراءاتي ومقابلاتي مع مختصين طبيين، إلا أنني غالباً ما أبحثُ وأدققُ في كافة المسائل الطبية قبل الحديث عنها، لتحري دقتها. وهذا ما يجب على الجميع فعله، قبل الشروع باتباع أي مشورة طبية غير موثوقة ونشر معلومات طبية غير دقيقة.