من الإكتئاب لارتفاع ضغط الدم.. أكثر الأمراض انتشارًا في العالم العربي
بين مصائب الحياة العديدة، يبقى المرض أكثر أنواع الإبتلاءات التي يعاني منها الإنسان في مراحل حياته المختلفة. لكن المفرح أن السعي الدائم لخبراء الصحة نحو إيجاد العلاجات المتطورة والأدوية الفعالة، قد أسهم منذ العديد من السنوات حتى اليوم في إنقاذ حيوات الملايين من الناس ممن تعرضوا للأمراض على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
وحتى في ظل الأوضاع الحياتية الصعبة والجوائح التي تعصف بنا بين الحين والآخر - وليس آخرها جائحة كوفيد-19 التي حصدت أرواح الملايين حتى اليوم – يبقى الأمل راسخاً في إمكانية حماية الأفراد من المرض وتبعاته من خلال الفحص المبكر والمواظبة على اتباع نمط حياة صحي يحمينا وأحبتنا من سلبيات الأمراض.
في وطننا العربي، تتركز بعض الأمراض العادية والخطيرة بنسب متفاوتة بين بلد وآخر؛ فيما نشهد للأسف، ارتفاعًا غير مسبوق في نسب الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والشديدة حتى ضمن فئات الشباب والأطفال. ما يستدعي تحركًا وتكاتفًا بين كافة عناصر الدولة، مؤسسات وأفراد، للحيلولة دون هذا الإرتفاع وعلاج الحالات الصحية الناجمة عنه.
في موضوعنا اليوم، نتعرف وإياك عزيزتي القارئة على أكثر الأمراض انتشارًا في بعض الدول العربية، مع التمني للجميع بدوام الصحة والسلامة والنصيحة المتجددة بوجوب إيلاء الصحة عناية مضاعفة.
أكثر الأمراض انتشارًا في العالم العربي
على الرغم من أن المرض يحصد أرواح الملايين حول العالم كل عام، فيما ينجح آخرون في البقاء على قيد الحياة إنما بعاهات وأعراض مستمرة معهم طوال حياتهم؛ إلا أن التطور التكنولوجي يسهم بشكل فعال في الحد من الوفيات الناجمة عن الأمراض الخطيرة والمزمنة. وهو ما يُعوَل عليه بالرغم من ارتفاع نسب الإصابة بالأمراض على اختلافها حول العالم، خاصةً في المنطقة العربية.
وتتراوح الأمراض الأكثر انتشارًا في الوطن العربي بين الإكتئاب وارتفاع ضغط الدم والسكري والحساسية، وهي على الشكل التالي:
- الاكتئاب: من أكثر الأمراض انتشارًا في الدول العربية، بحسب ما أفاد أحد استطلاعات الرأي التي قامت بها "شبكة الباروميتر العربي البحثية" لصالح هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" لمدة عامين بين 2018-2019. وخلص الإستطلاع إلى أن 30% من المواطنين العرب عانوا من أعراض الاكتئاب جراء صعوبات المعيشة وضغوط الحياة اليومية.
في المرتبة الأولى، جاء العراق بنسبة 43% من المواطنين المصابين بالاكتئاب، تليها تونس بنسبة 40%، وفلسطين بنسبة 37%، والأردن بنسبة 34%، ولبنان بنسبة 30%، ومصر بنسبة 25%. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام قديمة بعض الشيء، إلا أن ذلك لا ينفي وجود حالات شديدة ومستمرة من الاكتئاب بين مواطني الدول العربية؛ وذلك بعدما أشار الاستطلاع لزيادة نسبة المصابين بالاكتئاب في الوطن العربي بما يعادل الضعف مقارنةً بدراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية عام 2017 حول انتشار الاكتئاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- السكري: داءٌ خطير يحمل العديد من المضاعفات المهددة للحياة في حال عدم التعامل معها بحكمة، وقد بات للأسف منتشرًا حتى بين الأطفال والشباب بعدما كان من أمراض كبار السن.
وفي العام الماضي، أصدرت منظمة الاتحاد الدولي للسكري (IDF) تقريرًا حمل عنوان "أطلس مرض السكري" في نسخته العاشرة، أشار إلى زيادة عالمية مستمرة في انتشار مرض السكري.
ووفقًا للإحصاءات المذكورة في التقرير، جاءت مصر في المرتبة الأولى بين الدول العربية الأعلى بعدد المصابين بمرص السكري ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20 و79 عامًا، لتصل نسبتهم إلى %20.9 وإجمالي عددهم إلى 10.9 مليون شخص خلال عام 2021؛تلتها في المرتبة الثانية السعودية على الصعيد العربي بنسبة بلغت %18.7 وإجمالي 4.3 مليون شخص، ثم السودان بنسبة %18.9 ومجموع 3.5 مليون شخص.
- تسوس الأسنان: من أكثر المشاكل التي يعاني منها الأفراد في المنطقة العربية على اختلاف أعمارهم؛ ويعود السبب في ذلك لنمط الحياة الغذائي المتبع من قبل الكثيرين في هذه المنطقة والذي يتضمن الحلويات والأطعمة الغنية بالسكر، يليها التدخين وتناول المشروبات الغازية وعدم تنظيف الأسنان بشكل جيد.
وأشارت دراسات عدة صادرة عن منظمة الصحة العالمية أنه وعلى الرغم من التطور الكبير الحاصل في مجال طب الأسنان على مستوى العالم، إلا أن تسوس الأسنان ما زال مشكلةً كبيرة بين الناس خاصةً الأطفال بين عمر 6-13 في المنطقة العربية.
وبحسب التقارير، فإن تكلفة علاج الأسنان الباهظة في العديد من الدول العربية يجعل الكثيرين يحجمون عن زيارة الطبيب دوريًا وعلاج المشكلات البسيطة مثل تسوس الأسنان، والتي يمكن أن تتفاقم فيما بعد لأوضاع تهدد صحة الأسنان والجسم ككل.
- الحساسية: منها حساسية الجيوب الأنفية في الطليعة، والتي يعاني منها سكان دول الخليج العربي بصورة خاصة بسبب الطبيعة الرملية الصحراوية التي يعيشون فيها.
وهناك أيضًا حساسية الطعام التي تنتشر بشكل واسع بين الأطفال في جميع أنحاء العالم العربي.
- ارتفاع الكولسترول: أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بأمراض القلب، ينتشر ارتفاع الكوليسترول الضار بشكل كبير بين مواطني الدول العربية جميعًأ، وبصورة خاصة بين مواطني دول الخليج وفي مقدمها المملكة السعودية. وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن نمط المعيشة الخامل وأسلوب تناول الطعام غير الصحي، يؤثران كثيرًا على ارتفاع أعداد المصابين بهذه المشكلة الصحية الخطيرة، والتي تؤثر سلبًا على صحة القلب وقد تؤدي للوفاة.
- حب الشباب: أحد الأمراض الجلدية الشهيرة ليس فقط في الدول العربية وإنما حول العالم أيضًأ. وأكثر من يعاني من حب الشباب هم المراهقين، وقد تستمر هذه المشكلة مع بعضهم حتى بلوغ سن 30.
ووفقًأ للدراسات، فإن العلاجات الخاطئة والمواد التجميلية تؤثر على طول فترة الإصابة بحب الشباب بين المراهقين.
- ارتفاع ضغط الدم: تصل نسبة المصابين بهذا المرض في الوطن العربي لحوالي 30%. وتشير أبحاث منظمة الصحة العالمية إلى أن نصف المصابين بارتفاع ضغط الدم لا يتلقون العلاج، ويصل عدد المرضى الذين تم وضعهم تحت نظام صحي متوازن للتعايش مع مرض ارتفاع الضغط 8% فقط من هذه النسبة.
ووفقًا لوزارة الصحة السودانية، فإن أرقام الإصابات بارتفاع ضغط الدم بين السودانيين خاصة الشباب قد وصلت لمستويات مخيفة في السنوات الأخيرة. وقُدَرت معدلات الإصابة ب"القاتل الصامت" كما يُطلق عليه، نسبة 31.5% بين المواطنين السودانيين، ومعظم المصابين تتراوح أعمارهم بين 18- 69 عاماً، حسب ما كشفت نتائج المسح التدرجي لعوامل الخطورة للأمراض غير السارية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والقلب والسرطان.
أما أسباب وعوامل زيادة نسبة "فوران الدم"بين السودانيين فعديدة، منها التاريخ العائلي للإصابة بالمرض، تغير أنماط الحياة وسبل كسب العيش ما يؤدي إلى زيادة الخمول البدني والسُّمنة، تناول الأطعمة غير الصحية، قلة ممارسة التمارين الرياضية، والتدخين بالإضافة إلى الضغوط النفسية.
- أمراض القلب: تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أمراض القلب هي المُسبَب الرئيسي للوفيات حول العالم وكذلك الأمر في منطقة الشرق الأوسط. وقد ارتفعت نسبة الإصابة بهذه الأمراض في المنطقة العربية بشكل ملحوظ في العقد الأخير نتيجة سوء نمط الحياة والضغوطات النفسية الناجمة عن الحروب والأمراض وغيرها.
تحتل السعودية المرتبة الأولى في أعداد وفيات أمراض القلب بنسبة بلغت 44% من مواطنيها المصابين بهذه الأمراض، والنسبة ذاتها حققتها جمهورية مصر العربية، فيما وصلت النسبة إلى 40% في الإمارات، 38% في المغرب، و37% في الأردن بحسب أرقام منظمة الصحة العالمية.
- الإنفلونزا: يتعرض حوالي 90% من المواطنين العرب لفيروسات الإنفلونزا كل عام، فيما تختلف حدة الإصابة بهذا المرض حسب العمر والوزن الزائد والحالات المرضية المرمنة التي يعاني منها الأفراد. وكثيرًا ما يعاني كبار السن والأطفال والمصابين بالسمنة والأمراض المزمنة، من تفاقم حدة الإصابة بالإنفلونزا وأعراضها بشكل قد يصل ببعضهم لدخول المستشفى وحتى الوفاة، كما حصل مع مرضى كورونا المصابين بأمراض مزمنة خلال جائحة كوفيد.
وتنصح منظمة الصحة العالمية بضرورة أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية لتجنب الإصابة بأربع أنواع مختلفة من الفيروسات المسببة للإنفلونزا، كذلك تنصح وزارة الصحة السعودية بالتوقف عن تناول المضادات الحيوية خلال الإصابة بالإنفلونزا، كونها لا تساعد ولا تعالج، وهي فعالةٌ فقط في حالات العدوى البكتيرية وليست الفيروسية.
- البواسير: بالرغم من أن موقع "هي" مهتم بصورة خاصة بصحة النساء، إلا أنه لا يمكننا إغفال واحد من أكثر الأمراض انتشارًا في العالم العربي والذي يصيب الرجال أكثر من النساء، ألا وهو البواسير. وينتشر هذا المرض بين الفئة العمرية 20-50 عامًا.
ووفقًا للدكتور ثيودورس، أخصائي الجراحة العامة، فإن النسبة الأكبر بين مصابي البواسير في الوطن العربي تتركز في منطقة الخليج، بسبب الطقس الحار ونمط الأطعمة التي تعتمد على البهارات الحارة بشكل كبير.