سببٌ رئيسي للخوف والإثارة.. الأدرينالين بين قوسي الإفادة والضرر
عندما يتعرض أيٌ منا لموقف مفاجئ وغير متوقع، مثل حادث سيارة أو السقوط على السلالم، فإن نسبة الخوف والتوتر لديه ترتفاع بجانب مشاعر الألم الناجمة عن هذا الحدث الفجائي.
كذلك الأمر بالنسبة لمشاهدة فيلم رعب، أو لاعبو سيرك يقومون بأعمال بهلوانية خطيرة في الهواء؛ حتى أن ركوب بعضنا للأفعوانية يُشكَل حافزًا كبيرًا لارتفاع ما يُعرف بالإدرينالين في الجسم، المعروف أكثر بهرمون الخوف والتوتر.
وعند حدوث موقف مفاجئ أو خطير، يتعرض مركز معين في المخ لضغط كبير؛ ما يجعله يرسل إشارة كيميائية للغدة الكظرية المسؤولة عن إفراز الأدرينالين، لتحفيز الدماغ على زيادة طاقة الجسم وجمع المعلومات حول هذا الحدث. ويُعد الأدرينالين أحد الوسائل القوية التي يستخدمها الجسم كرد فعل تجاه المواقف الفجائية، وذلك من خلال زيادة ضربات القلب وتسريع ضخ الدم في الشرايين، التي تتوسع بدورها لاستيعاب ما يصلها من دم وإمداد العضلات والخلايا بالمزيد من الأكسجين الذي يساعدها على استيعاب الموقع والتصرف سريعًا وبشكل مناسب. وقد يستمر تأثير هذا الإرتفاع المفاجئ للأدرينالين لحوالي الساعة حتى بعد زوال حالة الخوف والتوتر.
الحماسة الزائدة لدى البعض سببها.. الأدرينالين
ليس ذلك فحسب، بل أن الأدرينالين قد يرتبط بمشاعر إيجابية لدى البعض، ممن يمكن وصفهم ب"المغامرين" الذي يهوون القيام بأفعال خطيرة وغير متوقعة، مثل تسلق الجبال أو القفر بالبراشوت أو اللعب مع الحيوانات المفترسة. وفي هذه الحالة أيضًأ، يحدث ارتفاع في مستوى الأدرينالين بالجسم يترافق مع سرعة معدل ضربات القلب وزيادة ضخ الدم بالشرايين.
خلال العمليتين، يرتفع ضغط الدم لدى الإنسان وتزداد قوته الجسدية وسرعته ويقل شعوره بالألم، ويصبح الجسم في هذه الحالة مؤهلًا للقتال بشدة أو الهروب بسرعة استجابة للتهديد الذي يواجهه.
الأدرينالين والحزن الشديد
من ناحية أخرى، يرتبط هرمون الأدرينالين بالمشاعر السلبية والحزن الشديد والعصبية والإنفعال؛ وعند تعرضك لأي من هذه المشاعر، تبدأ الغدة الكظرية بإفراز هذا الهرمونات الذي يزيد من ضربات القلب ورفع مستوى ضغط الدم لمنح الجسم الطاقة اللازمة للتعامل مع الموقف.
حالاتٌ مرضية تقف وراء ارتفاع الأدرينالين
ليست مشاعر الخوف والتوتر والحماسة هي الوحيدة التي تُحفَز إفراز الإدرينالين وما يتبعه من أعراض؛ بل يمكن لأورام الغدة الكظرية السرطانية مثلًا أن تزيد من إنتاجه، ما يزيد من مشاعر القلق وخسارة الوزن وزيادة سرعة ضربات القلب والدوخة وارتفاع ضغط الدم وضبابية الرؤية وزيادة إفراز الغلوكوز، ضمن الأعراض المصاحبة لهذا الإرتفاع. كما أن أي اضطراب في عمل الغدة الكظرية قد ينجم عنه ارتفاعٌ غير متوازن للأدرينالين، يترافق مع أعراض القلق والتوتر.
ولا ننسى بالطبع الضغط النفسي الذي يعيشه الإنسان يوميًا في العمل والدراسة وغيرها من نواحي الحياة، والذي يتسبب كذلك بتذبذب كميات الأدرينالين التي تُفرز في الجسم والتي يمكن أن يكون لها تداعيات على الصحة نتعرف عليها في الفقرة القادمة.
أعراض ومضاعفات ارتفاع هرمون الأدرينالين
التعرض لمواقف غير اعتيادية من الخوف أو القلق أو الضغط، يمكن أن ينجم عنها زيادة في إفراز الأدرينالين بالجسم، والشعور ببعض هذه الأعراض أو كلها في ذات الوقت:
- القلق والتوتر العام.
- ارتفاع معدل ضربات القلب.
- آلام مزمنة في الرأس.
- الشعور بآلام مختلفة في جميع الجسم.
- الرجفان.
تأثيرات ارتفاع الأدرينالين على الجسم
كما أسلفنا، فإن ارتفاع الأدرينالين في الجسم قد تنجم عنه تغيرات في القلب إن لجهة ارتفاع ضغط الدم أو تسارع ضربات القلب. لكن هذا الهرمون لا يخلو من تأثيرات أخرى في الجسم، بعضها سلبي وبعضها إيجابي، يجب التعرف عليه لضمان عدم خروجه عن الطبيعي.
ومن تأثيرات الأدرينالين الإيجابية على القلب، أنه يزيد من قوة التحمل للرياضيين أو الأشخاص العاديين للقيام بنشاطاتهم الرياضية والبدنية المعتادة بفعالية أكثر من خلال تسريع ضربات القلب وزيادة ضخ الدم لجميع أنسجة الجسم. كما يتم اللجوء لأدوية ترتكز على الأدرينالين لعلاج بعض الحالات الطبية المرتبطة بالقلب مثل ضغط الدم المنخفض جدًا.
أما عن التأثير السلبي، فإن زيادة هرمون الأدرينالين بالجسم قد يكون مضرًا للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب والأوعية الدموية، كونه يُسرَع من نبضات القلب وإمكانية التعرض لنوبة قلبية لدى البعض.
يمتد تأثير ارتفات الأدرينالين ليطال أعضاء أخرى في الجسم، مثل الجلد الذي يشهد تقييدًا في إمداد الدم للشرايين، ما يؤدي لرفع الشعر عن سطح الجلد والإصابة بالقشعريرة.
كذلك يسهم ارتفاع الأدرينالين في استرخاء العضلات الملساء الموجودة في الرئتين، حيث يتم ربطه بمستقبلات بيتا 2 الأدرينالية في خلايا العضلات القصبية؛ ما يسحم لهذه القصيبات بالإسترخاء والتنفس السريع.
وللأدرينالين تأثير سلبي على الكبد، حيث يتحد جبنًا إلى جنب مع هرمون الجلوكاجون المسؤول عن انهيار الجليكوجين في خلايا الكبد لتحويله إلى غلوكوز.
كيف تتحكمين بمستويات الأدرينالين
لا شك في أنه من الصعب، بل المستحيل أحيانًا، التحكم بالمواقف التي تُسبب زيادة إفراز الغدة الكظرية للأدرينالين وما يليه من مضاعفات. لكن بالإمكان التحكم بهذه الأعراض أو تقليل عوامل ارتفاعه قدر الإمكان من خلال اتباع بعض النصائح والإرشادات الوقائية.
وينصحك الخبراء من مواقع طبية عدة، بضرورة القيام بالخطوات التالية لتقليل مستويات الإجهاد والتوتر المسببين لارتفاع الأدرينالين في الجسم:
- أخذ قسط كاف من الراحة والنوم يوميًا لتجنب ارتفاع مستوى التوتر.
- الحد من الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون المشبعة وغيرها من الأطعمة غير الصحية والتي تؤدي إلى تذبذب مستويات التوتر بالجسم.
- القيام بتمارين التنفس العميق الذي يساعد على استرخاء الجسم والعقل أثناء أوقات التوتر، وذلك من خلال الشهيق ببطء من الأنف لخمس ثوان، ثم الزفير من الأنف لمدة خمس ثوان أخرى؛ والإستمرار في هذا التمرين لحين زوال التوتر واسترخاء العضلات.
- التنفس ببطء وبشكل أعمق عند التعرض لمواقف الخوف والتوتر.
- تجنب التفكير الكبير بمتطلبات الحياة وضغوط العمل، والتعامل معها بروية وهدوء قدر الإمكان.
- تجنب أية مصادر للإنفعال والتوتر قدر المستطاع.
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
- تجنب تناول مشروبات الكافيين والمنبهات قبل عدة ساعات من النوم، وتقليلها قدر الإمكان خلال النهار إن كنت ممن يعانون من حالات التوتر المستمر.
- تناول الطعام الصحي الغني بمنتجات تعزز الشعور بالسعادة والراحة، مثل الأفوكادو والسلمون والمكسرات النيئة والشوكولاته الداكنة.
- الحصول على جلسة تدليك بين الحين والآخر، سواء في المنزل باستخدام الزيوت المعطرة المهدئة، أو عند اختصاصي تدليك.
- شرب المشروبات الساخنة التي تساعد على الإسترخاء مثل اليانسون أو البابونج.
في الختام، يلعب الأدرينالين أدوارً مهمة في الجسمح لكن ارتفاعه عن معدلاته الطبيعية قد يتسبب بمضاعفات تتراوح بين الخفيفة والشديدة. لذا احرصي على ضمان توازن هذا الهرمون وغيره من الهرمونات المهمة من خلال استشارة الطبيب وأخذ العلاجات الموصوفة فضلًا عن نمط الحياة المساعد.