مجالاتٌ علمية جديدة تخوضها المرأة العربية.. منها الذكاء الإصطناعي
لم تعد "المرأة العاملة" وصمة عار على جبين النساء حول العالم، بل باتت مصدر شرف وفخر لكل أنثى خاضت غمار العمل وأثبتت جدارةً وكفاءة عالية في تحقيق النجاحات والسير نحو المستقبل بخطى ثابتة.
والمرأة العربية واحدةٌ من هؤلاء النسوة، اللاتي يثبتنَ يومًا بعد يوم أن مسمى "أنثى" لا يقف عائقًا أمام قدراتهنَ الفائقة على العمل وإثبات ذواتهنَ في مجالات العمل المختلفة، وتخطي كافة التحديات والمعوقات التي كانت تحيط بهنَ لقرون وأعوام.
يُعد المجال العلمي والطبي، من أكثر المجالات التي خطت فيها المرأة العربية بخطوات ثابتة وناجحة؛ وبات لدينا اليوم أسماءً لطبيبات وممرضات وعالمات وباحثات عربية سجلنَ العديد من الإنجازات الطبية التي غيَرت وجه الطب الحديث.
وقد ساهم دعم الحكومات والعائلة والأصدقاء، في تعزيز قدرات النساء ونجاحاتهنَ في مجال العلوم، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط حيث نجد العديد من وزيرات الصحة والسيدات الأوائل في مجالات البحوث والدراسات.
مع ظهور أنماط وتقنيات جديدة في عالم الطب والعلوم، مثل الذكاء الإصطناعي، نجد أن المرأة العربية سبَاقةٌ في خوض غمار هذا المجال؛ متسلحةً بعلمها ومعرفتها وبحثها الدؤوب عن اكتشاف كل ما هو جديد ومفيد للبشرية.
نماذج مُشرفة لدور المرأة القيادي في مجالي الطب والعلوم
للمرأة العربية دورٌ مركزي وحيوي في تطوير البحث العلمي والإبتكار في منطقة الشرق الأوسط والخليج. وبحسب أرقام اليونسكو، فإن 57% من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الدول العربية هم من النساء، في حين تصل النسبة إلى 61% في دولة الإمارات العربية المتحدة. ما يدل على أن المرأة العربية نجحت في كسر الصورة النمطية للمرأة العاملة في مجال العلوم والطب، بل وأثبتت بما لا يقبل الشك أنها تمتلك الكفاءة والقدرة على الإكتشاف والتطوير في هذا القطاع.
قائمة الأسماء طويلةٌ ولا يمكن حصرها في مقالة واحدة، لكن دعينا نتعرف سويًا وبإيجاز، على بعض النماذج الريادية والمُشرَفة للنساء العربيات في مجال الطب والعلوم.
-
حياة سندي
عالمة وباحثة سعودية، أول امرأة عربية تنال شهادة الدكتوراه في مجال التقنيات الحيوية من جامعة كامبريدج البريطانية. من أهم اكتشافاتها العلمية، مجس الموجات الصوتية والمغناطيسية القادر على تحديد الدواء الذي يحتاجه جسم الإنسان، ويستخدمه رواد الفضاء لقياس معدلات السكر وضغط الدم في أجسامهم.
-
حليمة النقبي
تم اختيار العالمة الإماراتية الشابة حليمة النقبي العام الماضي، كواحدة من الفائزات بجائزة فخرية في حفل توزيع جوائز المواهب الشابة الأول من نوعه للمرأة في مجال العلوم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويهدف مشروع حليمة البحثي إلى "حل التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحالية لمطابقة الأنسجة بين المتبرعين ومرضى الزرع من أجل تقليل الآثار الجانبية لزرع الأعضاء، وتحسين الجودة من خلال دراسة الجينات التي تتحكم في استجابة الجهاز المناعي لدى سكان دولة الإمارات العربية المتحدة".
-
نجوى عبد المجيد
عالمة وراثة وأستاذة الوراثة البشرية وتقييم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ورئيس فريق البحث العلمي بالمركز القومي للبحوث. اكتشفت بعض الطفرات الوراثية وهي من أوائل الباحثين في مصر الذين أثبتوا وجود الخلل الجيني وزيادة احتمال حدوثه في حالات زواج الأقارب. وكانت أول عالمة عربية تفوز بجائزة لوريال واليونسكو لعام 2002، في مُكافأة على أبحاثها للأطفال ذوي الاضطرابات الجينية.
المرأة الإماراتية تترك بصمتها في المجالين العلمي والطبي
في دولة الإمارات التي تشهد تشجيعًا منقطع النظير للشابات والشباب على طلب العلم وولوج مجالات مهنية مختلفة، تواصل المرأة الإماراتية ترك بصمة قوية ودامغعة في الوسط الطبي، وهي تُشكَل ما لا يقل عن 35% من موظفي القطاع الصحي في الدولة.
ويتم تشجيع النساء الإماراتيات من قبل الحكومة ومجتمعات الأعمال، على المضي قدمًا في أحلامهن وطموحاتهن في مجالات البحوث والعلوم وتبوأ أعلى المراكز القيادية في هذا المجال. منها مجمع دبي للعلوم، وهو أول مجمّع أعمال مكرّس لقطاع العلوم في المنطقة، ويُعد المنطقة الحرة الأولى في الشرق الأوسط المخصصة لتلبية احتياجات قطاع العلوم؛ تعمل فيه مئات الشركات، وأكثر من ثلاثة آلاف كادر مهني علمي متخصص.
إذن، يتم تشجيع الإماراتيات على متابعة دراستهنَ في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتي كانت لسنوات طويلة حكرًا على الرجل. ومع جائحة كوفيد التي جلبت معه تحديات جديدة بما في ذلك الطلب المتزايد على الكفاءات العلمية، بات دور المرأة في الإمارات أكثر أهمية من ذي قبل.
المرأة الإماراتية نحو الفضاء
لم تتوقف إنجازات المرأة الإماراتية عند العلوم والطب فقط، بل بات لها موطئ قدم في علوم الفضاء. وقد أسهمت مساهمةً كبيرة في مهمة استكشاف المريخ التي انطلقت من دبي مؤخرًأ، وكانت نسبة النساء في هذه المهمة 34%، ونسبتهنَ في الفريق العلمي ككل 80%.
وجاءت ترجمة هذا الدعم والتوجيه للنساء حول الفضاء، من خلال تعيين سارة الأميري – وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة - في منصب رئيس مجلس علماء الإمارات ورئيس مجلس الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، وكذلك نائب مدير مشروع بعثة الإمارات للمريخ، على الرغم من صغر سنها.
المرأة العربية نحو الذكاء الإصطناعي
تُشكل النساء أقل من ثلث القوة العاملة في ميادين العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في العديد من الدول العربية، بل أن نسبتهنَ أقل من ذلك في مجالات الإبتكار شديدة التطور. إذ أنه من بين كل خمسن مهنيين يعملون في ميدان الذكاء الإصطناعي، هناك امرأة واحدة.
هذا ما صرحت به دانييلا روس، مدير مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الإصطناعي (CSAIL) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعضو مجلس أمناء جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
لكنها أضافت أن "النسبة المرتفعة للطالبات بين أول دفعة من خريجي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ما هي إلا دلالةٌ على أن التنوّع وحضور النساء في مجالات تخصص الذكاء الإصطناعي مسألةٌ طبيعية"، وأن هذا الأمر من شأنه المساهمة في جعل القطاع أقلّ تحيزًا وأكثر توازنًا ونضجًا.
وأشارت روس إلى أن النساء في دولة الإمارات وخارجها، ومن بينهنّ خريجات الدفعة الأولى في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أثبتنَ أن بمقدروهنَ لعب دور حيوي ومسؤول على امتداد هذا القطاع، بدءًا من الأبحاث وانتهاء بالتطبيقات والاستخدامات العملية للذكاء الاصطناعي.
المرأة السعودية في مجال الطب والعلوم.. إصرارٌ على النجاح
بدعم من الحكومة والجهات المختصة المختلفة، تمكنت المرأة السعودية من إثبات دورها في معظم المجالات وخاصة المجال الصحي، حيث أثبتت قدرتها في هذا القطاع الحيوي المهم؛ وأسهمت في الارتقاء بالمنظومة الصحية بالمملكة، محققةً مراكز متقدمة عالمياً في القطاع الطبي. كما كان لمشاركتها خلال جائحة كورونا الدور الفاعل في احتواء هذا المرض والتعامل مع الجائحة بكل اقتدار وتميز.
وجاءت الأعوام 2017 و2018، كأعوام تمكين قوية ومتينة لقدرات المرأة السعودية في الكثير من المجالات؛ وضمن خلال رؤية المملكة 2030، سيكون من أهم أهدافها رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بنسبة 30%، إضافة إلى مشاركتها الناجحة في قطاعات التعليم والطب والأبحاث والعلوم، ما يجعلها شريكًا حقيقيًا وفعالًا في بناء المملكة وازدهارها.
تجدر الإشارة إلى أن العديد من النساء السعوديات، أثبتنَ تفوقهنَ وريادتهنَ في مجالات العلوم والطب والأبحاث. فإضافة للدكتورة حياة سندي التي تحدثنا عنها آنفًا في هذا التقرير، هناك أسماء لامعة أخرى مثل الدكتورة سامية العمودي، المرأة التي تم وصفها كواحدة من أكثر النساء شجاعة ليس فقط في المملكة العربية السعودية، وإنما في العالم أيضًا.
والعمودي هي طبيبة توليد وطبيبة نسائية وأستاذة مساعدة في جامعة الملك عبد العزيز، ومؤسسة مبادرة التمكين الصحي والحقوق الصحية وناجية من سرطان الثدي؛ المدير التنفيذي لمركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في رعاية سرطان الثدي. وعضو اللجنة التنفيذية للمبادرة العالمية في صحة الثدي في الولايات المتحدة الأمريكية. والمشرفة على الكرسي العلمي لأبحاث سرطان الثدي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. وناشطة عالميا في مجال سرطان الثدي.
وحصلت العمودي على جائزة أشجع امرأة دولية في العام 2007 من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية.
والمخترعة غادة المطيري الحاصلة على جائزة "المبتكر الجديد" لمدير المعاهد الوطنية للصحة في عام 2009، وذلك بعد الانتهاء من دراساتها العليا في الكيمياء والهندسة الكيميائية في جامعة كاليفورنيا-بيركلي بعد أن تم الاعتراف بها أيضًا من قبل الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” لعملها المتميز. والمطيري معروفةٌ أيضًا باكتشاف أول جسيمات نانوية تستجيب للالتهاب في الجسم، مما أهلَها لتبوأ منصب مديرة التميز في الطب النانوي في جامعة كاليفورنيا.
مختبر المطيري متعدد التخصصات، ويُستخدم لتوسيع المعرفة الحالية في تكنولوجيا النانو وعلم البوليمر والكيمياء؛ وعلى وجه التحديد فإنها تقوم بتطوير البوليمرات الذكية الجديدة التي تتحلل إلى جزيئات صغيرة استجابةً للحمض المعتدل أو الظروف التأكسدية أو الضوء (حتى بالقرب من ضوء الأشعة تحت الحمراء، والتي يمكن أن تخترق بأمان الأنسجة الحية)، وصياغة هذه البوليمرات في الجسيمات النانوية والهيدروجلز يسمح بتسليم مجموعة متنوعة من المنتجات من الأدوية إلى عوامل التصوير إلى الجزيئات البيولوجية.
يمكن استخدام هذه المواد لإنشاء أدوات البحوث الطبية الحيوية وعوامل التشخيص وتركيبات الأدوية التي تُعزز بسرعة، فهم وعلاج المرض؛ حيث يقوم المختبر بتكييف موادهم لأغراض بيولوجية وأغراض سريرية محددة، مثل التطوير المختبري للهياكل العصبية المنظمة وتقديم العلاجات داخل العين.
مما تقدم، يتضح لك عزيزتي القارئة أننا النساء نمتلك قدرات فائقة وحقيقية في مجالات العلم والعمل، وأننا على كامل الإستعداد والجهوزية لخوض غمار هذه المجالات والتألق فيها كما فعلت نساء آخريات على مر العقود الماضية. فلا تتواني عزيزتي عن طلب العلم والسعي لإثبات ذاتك وجدارتك في مجال العمل، كونك قادرة على تحقيق فرق كبير وإنجازات يُخلدَها التاريخ.