صعوبة تشخيص أمراض القلب وعلاجها.. السمنة أحد أسبابها
عديدةٌ هي المشاكل الصحية التي يواجهها الإنسان يوميًا منذ مئات السنين وحتى اليوم؛ بعضها ارتبط بالعامل الوراثي الذي لا سبيل للتحكم فيه، وبعضها الآخر يتعلق بشكل رئيسي بنمط الحياة الخامل وغير الصحي الذي اتجه إليه العالم الحديث مع التطور التكنولوجي وسرعة الحياة العصرية.
وتأتي السُمنة في طليعة "أمراض العصر الحالي" بالموازاة مع التوتر والسكري ، ولا ننسى بالطبع أمراض القلب التي ما زالت للأسف تصيب الملايين حول العالم وتتسبب بوفيات كبيرة.
تُعرف السُمنة Obesity بأنها مرضٌ مزمن متعدد العوامل وانتكاسي، يحدث خلاله زيادةٌ في كمية دهون الجسم نتيجة تناول الوجبات الغنية بالسعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم، والتي يتم تخزينها في الأنسجة الدهنية؛ وتظهر على شكل زيادة غير طبيعية في كتلة الجسم والوزن وزيادة محيط الخصر، مما يؤدي إلى اضطرابات أيضية وحيوية ونفسية لدى المريض.
ويتم تشخيص السُمنة من خلال قياس مؤشر كتلة الجسم BMI، حيث يُعد الشخص مصابًا بالسمنة إذا كان مؤشر كتلة الجسم أكثر من أو يساوي 30 كغم/م2. ويمكن الاعتماد على بعض المؤشرات الأقل انتشاراً، مثل مؤشر محيط الخصر ومؤشر نسبة الخصر إلى الورك ومؤشر نسبة الوزن إلى الطول.
تزيد السُمنة من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل مرض السكري، وأمراض القلب، والضغط، واعتلالات العضلات، والسرطان، وانقطاع النفس الانسدادي، وأمراض الكلى، وزيادة الكوليسترول، وعدة أمراض أخرى.
علاقة السُمنة بأمراض القلب
وبالتركيز على أمراض القلب، فإن الوزن الزائد يؤثر على صحة قلبك من نواح قد لا تخطر على بالك . وهو ما توضحه ورقة المراجعة المنشورة في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب من مايو كلينك، حول كيفية تأثير السُمنة في الاختبارات الشائعة المُستخدمة في تشخيص مرض القلب وتأثيرها على العلاجات. مع الإشارة إلى أن المرض القلبي الوعائي، هو السبب الرئيسي للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى مستوى العالم؛ إلا إنه يمكن الوقاية منه إلى حد كبير.
ويقول المؤلف الرئيسي فرانسيسكو لوبيز-جيمينيز، دكتور الطب، ومدير قسم طب القلب الوقائي في مايو كلينك: "تتصرف الدهون الزائدة كأنها فلتر، وقد تُحرِّف قراءات الاختبارات فيتحول التشخيص إلى مفرط أو ناقص". ويضيف: "توثر السُمنة في جميع الاختبارات التشخيصية المستخدمة في طب القلب تقريبًا، مثل مخطط كهربية القلب، الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب، التصوير بالرنين المغناطيسي، ومخطط صدى القلب."
ويمكن أن تكون التدخلات الإجرائية، مثل وضع الدعامة عبر الساق أو جراحة القلب، أكثر صعوبةً في حالة المرضى المُصابين بالسُمنة؛ بل وقد يتضمن الأمر المزيد من المضاعفات، مثل زيادة خطر العدوى في موقع الجرح.
كما قد تحتاج العلاجات الدوائية الشائعة للمرض القلبي الوعائي إلى التعديل - إما بالنقص أو الزيادة - بالنسبة لمرضى السُمنة. وقد تؤثر بعض الأدوية، مثل حاصرات بيتا، على قدرة المريض على فقدان وزنه. ولقد شدد الدكتور لوبيز-جيمينيز على أهمية اتباع أساليب بديلة لمنع أولئك المرضى من اكتساب المزيد من الوزن أو حتى إنقاصه.
أهمية إنقاص الوزن لمرضى القلب
قد يكون من الصعب اتباع توصيات إنقاص الوزن لأن مرضى القلب يواجهون صعوبةً في الحركة وسيشعرون ببعض الأعراض، مثل ضيق النفس عند ممارسة الرياضة. وغالبًا ما تُثني هذه الأعراض المرضى عن ممارسة الأنشطة البدنية، لكن الدكتور لوبيز-جيمينيز يشير إلى أن ممارسة التمارين أمرٌ مهم لإنقاص الوزن ولصحة القلب.
ويضيف: "السُمنة عامل خطر هام يجب معالجته لدى المصابين بأمراض القلب، وتتطلب منا القيام بشيء ما. ويجب أن يعلم المريض أن طبيبه يمكنه مساعدته في إنقاص الوزن. بشكل عام، فإن حلول إنقاص الوزن منوطة بالمريض وما يناسبه من علاج."
ماذا يتضمن برنامج إنقاص الوزن لمرض القلب
يشمل برنامج إنقاص الوزن القياسي، معالجًا نفسيًا واختصاصيًا في النظم الغذائية وأحيانًا اختصاصيًا نفسيًا. إذا لم يكن ذلك كافيًا، فإنه توجد وسائل أخرى، كما يقول الدكتور لوبيز-جيمينيز، مثل جراحة علاج السمنة والأدوية، التي يمكنها مساعدة المرضى بشكل فعال على إنقاص الوزن.
مشيرًا في الوقت ذاته إلى ضرورة تحديد مستوى السُمنة لدى الشخص بدقة. ويُستخدم مؤشر كتلة الجسم - وهو مقياس للدهون في الجسم على أساس الطول والوزن - منذ فترة طويلة لتحديد درجة السُمنة؛ لكن من لديهم كميات كبيرة من العضلات سيكون مؤشر كتلة الجسم لديهم مرتفعًا. وقد يسجل من لديهم كتلة عضلية قليلة وزيادة في دهون محيط الخصر - مؤشر كتلة جسم منخفضًا ولكنهم يعانون من السُمنة في الوزن الطبيعي. لذا تُوفر قياسات مثل نسبة الخصر إلى الورك ومحيط الخصر، تقييمًا أكثر دقة لمخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وكما ختم الدكتور لوبيز-جيمينيز بالقول: "بشكل عام، سيستفيد مرضى القلب، وخاصةً المُصابون بدرجة متقدمة من السُمنة من تعديل نمط الحياة. وإذا لم ينجح الأمر أو كانوا قد حاولوا ذلك في الماضي ، فمن المنطقي التفكير في جراحة علاج السمنة أو الأدوية."
خلاصة القول، أن السُمنة هي آفةٌ كبيرة ينبغي التصدي لها ومحاربتها بشتى الطرق، كي لا تزيد من تدهور الحالة الصحية للأفراد أو تُعرَضهم لخطر الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة مثل أمراض القلب. لذا احرصي عزيزتي على أن تتمتعي بوزن صحي ومثالي، ولا تتواني عن استشارة طبيبك الخاص في حال كنت أو أحدًا من عائلتك، تعانون من زيادة الوزن.