طرقٌ فعالة لعكس داء السكري من النوع الثاني.. ينصح بها الخبراء
بات السكري ضمن قائمة "الأمراض المزمنة" والخطيرة التي يعاني منها طائفةٌ كبيرة من الناس حول العالم، خاصةً صغار السن والشباب.
وبحسب تعريف موقع "مايو كلينك" الطبي، يشير داء السكري إلى مجموعة من الأمراض التي تؤثر على كيفية استهلاك الجسم لسكر الدم (الغلوكوز)؛ وهو مصدرٌ مهم لإمداد الطاقة إلى الخلايا التي تتكون منها العضلات والأنسجة. كما أنه المصدر الرئيسي لتزويد الدماغ بالطاقة.
يختلف السبب الرئيسي للإصابة بداء السكري باختلاف نوعه. لكن بغض النظر عن نوع داء السكري لديك، فإنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى السكر بالدم. وهذه الزيادة المفرطة في مستوى السكر، قد تتسبب في حدوث مشاكل صحية خطيرة مثل بتر الأطراف، العمى، الفشل الكلوي، وأمراض القلب.
خبراء يؤكدون: السكري مرضٌ يمكن تجنبه بنسبة 50%
تشمل حالات داء السكري المزمن النوعين الأول والثاني من داء السكري ،فيما تتضمن حالات السكري القابلة للعلاج، مُقدمات السكري وسكري الحمل. وتحدث مقدمات السكري عند زيادة مستويات السكر في الدم عن المعدل الطبيعي؛ لكن هذه الزيادة لا تكون كبيرةً بدرجة تجعلها تُشخَّص على أنها داء السكري. ويمكن أن تؤدي مقدمات السكري إلى الإصابة بداء السكري في حال عدم اتباع الخطوات اللازمة للوقاية منه. أما سكري الحمل فيحدث عادةً أثناء الحمل، ويمكن أن يختفي بعد الولادة.
السكري من النوع الثاني هو الأكثر شيوعًا بين الناس حول العالم، ويحدث جراء عجز الجسم عن إنتاج ما يكفي من هرمون الأنسولين. وهو هرمونٌ مهم ينتشر ليسمح بدخول السكر إلى الخلايا، كما يعمل على خفض نسبة السكر بالدم. لذا فإن "مقاومة الأنسولين" كما هو متعارف عليه، يمكن أن تتسبب في الإصابة بداء السكري من النوع الثاني.
أين ينتشر السكري من النوع الثاني
يُعد داء السكري من النوع الثاني من الأمراض المنتشرة بشكل كبير بين العائلات ، بحسب ما نقل موقع Tayyar.org عن الدكتور بول مكاردل، اختصاصي التغذية في BSD؛ مضيفًا أن "داء السكري من النوع الثاني ينتشر في العائلات، لذا يمكن أن يكون خطر الإصابة به موروثًا. ولكن إذا كنت مصابةً بالنوع الثاني من داء السكري، فإن هذا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمط حياتك".
كيفية إدارة مرض السكري من النوع الثاني في زمن كورونا
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن نمط الحياة غير الصحي والمتمثل في زيادة الوزن أو السمنة المفرطة، تناول الأكل الدسم والغني بالدهون والسكريات والأملاح، قلة النشاط البدني أو الرياضة؛ يمكن أن تُشكَل أسبابًا وراء زيادة إصابة الأفراد بالسكري من النوع الثاني.
وبالتالي، فإن الوقاية من هذا النوع من الأمراض ممكنةُ بنسبة تتراوح بين 60-90% في كثير من الحالات؛ في حال اتبع الأفراد نمط حياة صحي ومتوازن. كما بالإمكان عكس مرض السكري للأشخاص الذين تمَ تشخيصهم بالإصابة بالمرض، وذلك في غضون أسابيع قليلة أو حتى عدة أشهر من خلال بعض التغييرات الصحيحة في نظام الحياة الغذائي والبدني. وهي تغييراتٌ ينبغي الإلتزام بها على مدار الحياة، لتجنب عودة داء السكري من جديد.
إجراءاتٌ وقائية من داء السكري النوع الثاني
يُشجع خبراء الصحة ومنهم الدكتور مكاردل، جميع الأفراد (سواء الأصحاء أو الذين تم تشخيصهم بمرض السكري من النوع الثاني، أو الذين تمَ تحذيرهم من مقدمات السكري الخطرة) بوجوب اتباع بعض الإجراءات الوقائية وإحداث تعديلات مهمة في نمط الحياة نتعرف عليها في موضوعنا اليوم.
نصائح للسيطرة على السكري من النوع الثاني
وينبغي عليك عزيزتي القارئة استشارة طبيبك المختص فيما يتعلق بهذه الطرق قبل اعتمادها، للتأكد من ملاءمتها لحالتك الصحية.
والطرق الست التي يوصي بها خبراء الصحة لعكس السكري من النوع الثاني هي الآتية:
- تناول الكربوهيدرات المُعقدة: وهي الكربوهيدرات الصحية التي ينصح بها الأطباء وخبراء التغذية لكافة الأفراد، خاصةً الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن ويحتاجون لإنقاص أوزانهم، أو يعانون من بعض الأمراض مثل داء السكري النوع الثاني.
وتوصي الدكتورة كيتلين هول، رئيسة اختصاصيي التغذية ورئيسة الأبحاث السريرية في ميوتا، بالتحول إلى الكربوهيدرات المُعقدة مثل خبز الحبوب الكاملة، المعكرونة الكاملة والأرز البني في حال إصابة أحدهم بداء السكري من النوع الثاني أو زيادة تعرضه لخطر الإصابة به.
محذرةً من أن تناول الكربوهيدرات البسيطة، مثل الحلويات والشوكولاتة والمشروبات الغازية والخبز الأبيض والأرز الأبيض، يمكن أن تزيد من نسبة السكر بالدم وتؤدي إلى إفراز المزيد من الإنسولين.
وأضافت: "الاندفاع السريع للطاقة يتبعه انهيار. إذا كنت تميلين إلى تناول الكثير من الأطعمة السكرية والكربوهيدرات المكررة على مدار اليوم، فمن المحتمل أنك تعانين من أقصى درجات الجلوكوز المرتفع والمنخفض في الدم. ويمكن أن يؤثر ذلك على بعض الأشياء، مثل الطاقة ونوعية النوم والجوع والشهية والتمارين على المدى القصير".
لكن الجسم وعلى المدى الطويل، يمكن أن يصبح مقاومًا للأنسولين، أو يفقد البنكرياس القدرة على إنتاج الإنسولين؛ وهنا يحدث مرض السكري من النوع الثاني، الذي يعاني المصابون به من ارتفاع غير مُسيطر عليه لمستويات السكر بالدم، بعد تناول وجبات عالية بالكربوهيدرات.
وتقول هول في هذا الصدد: "ارتفاع نسبة السكر في الدم يمكن أن يتلف الأعضاء والأنسجة مع الوقت، ما يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات مثل أمراض القلب وأمراض الكلى وتلف الأعصاب ومشاكل العين".
- تجنب الدهون المتحولة: وهي الدهون التي نجدها عادةً في الأطعمة المقلية، والمخبوزات الجاهزة كالكعك والمعجنات ولحوم الجلد ومنتجات الألبان عالية الدسم كالزبدة والكريمة.
وتنصح هول بوجوب تجنب هذه الدهون، مشيرةً إلى أن "النظام الغذائي الغني بالدهون المُشبعة والمُتحولة يمكن أن يؤدي إلى الالتهابات، والتي يمكن أن تسهم في مقاومة الإنسولين وتطور مرض السكري من النوع الثاني. كما يمكن أن تساهم في تراكم الدهون في الأعضاء وحولها مثل الكبد والبنكرياس، والتي يمكن أن تتداخل مع قدرة الأعضاء على إنتاج الإنسولين والاستجابة له".
- زيادة استهلاك الألياف: ومعلومٌ أن الأطعمة الغنية بألياف البرويبايوتيك، يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا في الحد من مخاطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وعكس مساره، بحسب ما أفادت الدكتورة هول. مشيرةً إلى أن الألياف "تمتص الماء في الأمعاء وتؤخر إفراغها، ما يؤدي إلى إبطاء امتصاص السكر في مجرى الدم ويمنع حدوث ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم".
وتضيف الدكتورة هول أن ألياف البريبايوتك، تُعدَ وقودًا ممتازًا للبكتيريا الجيدة في الأمعاء، والمعروفة أيضا باسم ميكروبيوم الأمعاء. موضحة: "إن تزويد الميكروبيوم بشكل صحيح يزيد من إنتاجه من جزيئات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs) التي تساعد في تقليل مخاطر الإصابة بمرض السكري".
ومن الأطعمة الغنية بالألياف الحيوية التي تنصح بها هول، الشوفان والشعير والهندباء والبصل والهليون والخرشوف والفاصوليا والجزر الأبيض.
- الحركة الدائمة: يقول المثل الشعبي "في الحركة بركة"، والبركة في حالة مرضى السكري أو المعرضين لخطر الإصابة بهذا المرض، تكمن في تقليل مخاطر هذا الداء عليهم.
والحركة لا تعني ممارسة التمارين الرياضية المكثفة بشكل منتظم؛ بل يكفي أن يواظب الإنسان على المشي واستخدام السلالم بدل المصعد، وإضافة بعض تمارين المقاومة على روتينه الرياضي، للحيلولة دون الإصابة بداء السكري من النوع أو عكسه.
حمية البحر المتوسط.. النظام الغذائي الأكثر صحة على الإطلاق
- اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط: والتي تُعد أفضل حمية غذائية حتى الآن بشهادة الخبراء والمختصين، ومنها الدكتور مكاردل الذي يقول أن "اتباع نظام غذائي على طراز البحر الأبيض المتوسط، له دليلٌ جيد على تقليل مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري. وهو نظامٌ غذائي يتضمن الكثير من الخضار والسلطة والفاكهة وعدد قليل جدًا من الأطعمة المُصنعة، وكمية أقل من اللحوم الحمراء والمعالجة، مقابل المزيد من الأسماك. واعتماد زيت الزيتون كمصدر رئيسي للدهون الغذائية والتقليل من الأطعمة الغنية بالسكر".
- إنقاص الوزن: تبقى السُمنة أحد الأسباب الرئيسية وراء الإصابة بالعديد من الأمراض، ومنها داء السكري من النوع الثاني ويقول الدكتور مكاردل أن "أفضل طريقة لتخفيف داء السكري من النوع الثاني، هو إنقاص الوزن إذا كنت تعانين من زيادة الوزن أو السُمنة. ويُظهر البحث أن خسارة أقل من 5 كيلوجرام من الوزن يمكن أن تساعد؛ إلا أن فقدان حوالي 15 كيلوجرام من الوزن من المرجح أن يضع داء السكري من النوع الثاني في حالة هدأة لكثير من المرضى الذين يعانون من السُمنة، خاصة إذا فُقد الوزن في أقرب وقت ممكن بعد التشخيص".
مشيرًا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية بنحو 850 سعر حراري لمدة 12 أسبوع تقريبًا، وبتوجيه من أخصائي الرعاية الصحية، يمكن أن يسهم في علاج داء السكري من النوع الثاني.
وهناك نوعان آخران من الأنظمة الغذائية التي قد تساعد في "الهدأة" (وهي حالة غياب فعالية المرض عند مريض يُعرف بإصابته بمرض مُزمن لا يمكن الشفاء منه)؛ وهما حمية البحر الأبيض المتوسط، والنظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات.
ويضيف مكاردل: "إن استخدام المُحليات المنخفضة السعرات الحرارية أو التي لا تحتوي على سعرات حرارية، قد يكون مفيدًا في الحفاظ على نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، والذي قد يكون من الصعب اتباعه بطريقة أخرى."