توصيات مختصين: لا تتجاهلي أعراض ومشكلات الجهاز الهضمي

توصيات مختصين: لا تتجاهلي أعراض ومشكلات الجهاز الهضمي

جمانة الصباغ

إذا كنت مصابةً بمتلازمة القولون العصبي  (IBS)، فأنت لست وحدك عزيزتي؛ إذ يُقدر انتشار هذا المرض المتعلق بالجهاز الهضمي، بنحو 10٪ إلى 15٪ بحسب ما جاء على موقع وزارة الصحة السعودية. ومع ذلك، يظل العديد من الأشخاص غير مُشخَّصين وغير مدركين أن أعراضهم تشير إلى اضطراب معترف به طبيًّا.

وهو ما يؤكد عليه مختصون كثر، منها الدكتور موشلي، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتغذية في مستشفى كليفلاند كلينك؛ مشيرًا إلى أن أغلب مرضى متلازمة القولون العصبي أو المتهيج، يعانون بصمت من العديد من الأعراض والمشكلات في جهازهم الهضمي ويتجنبون مناقشتها مع أطبائهم.

يتردد العديد من الأفراد في مناقشة مشكلات الجهاز الهضمي وأعراض الأمعاء وإثارتها مع الأطباء المختصين، ما يجعلهم في حال معاناة صامتة ولسنوات. لذا تمَ تخصيص شهر أبريل من قبل المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي، للتوعية من متلازمة القولون العصبي والتشجيع على الفحص الدوري وعدم إهمال أية أعراض لتجنب المضاعفات وضمان الشفاء.

الدكتور موشلي اخصائي امراض الجهاز الهضمي من كليفلاند كلينك
الدكتور موشلي اخصائي امراض الجهاز الهضمي من كليفلاند كلينك

زيادة الوعي حول متلازمة القولون العصبي

ويقول الدكتور موشلي في هذا الصدد: "نحتاج لزيادة وعي المرضى حول أهمية الحديث عن الأعراض السلبية ومشكلات الجهاز الهضمي والأمعاء مع الأطباء ومُقدَمي الرعاية الصحية؛ إذ تُظهر الأبحاث أن العديد من الأفراد إما يترددون في إثارة هذه الأعراض مع أطبائهم، أو أنهم يناقشونها فقط عندما يُسألون عنها مباشرة أو عندما يتفاقم الوضع، وتتعدد الأسباب وراء ذلك سواءً بسبب الخوف أو الإحراج أو الوصمة والأعراف المجتمعية. وفي كثير من الأحيان يُفضّل المرضى البحث عن المعلومات عبر الإنترنت، ما قد يؤدي إلى نتائج عكسية."

وأضاف: "غالباً ما تشير الأعراض السلبية المتعلقة بالجهاز الهضمي إلى متلازمة القولون العصبي، وهو أمرٌ غير مريح؛ ولكن لا داعي للخوف، لأنه لا يضر بالجهاز الهضمي أو يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان القولون. وفي حالات نادرة جدًا، قد نجد أن الأعراض التي يعاني منها المريض ناتجةٌ عن حالة أكثر خطورة، مثل سرطان القولون؛ وفي هذه الحالة يؤدي التشخيص المبكر والعلاج المناسب إلى تحسين النتائج النهائية للمريض. لذلك، في كلتا الحالتين، من الأفضل طلب المساعدة من اختصاصيي الرعاية الصحية إذا كانت لدى المريض مشكلات مستمرة في الجهاز الهضمي."

ما هي متلازمة القولون العصبي

بحسب أخصائي أمراض الجهاز الهضمي من كليفلاند كلينك، فإن متلازمة القولون العصبي هي عبارة عن اضطراب معدي معوي وظيفي - يُعرف أيضاً باسم اضطراب التفاعل بين القناة الهضمية والدماغ - وهو مرتبطٌ بمشكلات في كيفية تفاعل وعمل الأمعاء والدماغ معًا. وتتسبب هذه المشكلات في زيادة حساسية الجهاز الهضمي بشكل كبير، إضافة إلى تغيَر طريقة عمل عضلات الأمعاء؛ ما يؤدي إلى إصابة المريض بآلام في البطن وغازات وإسهال وإمساك.

وتُقدّر المؤسسة الدولية لاضطرابات الجهاز الهضمي (IDGD) أن 5-10٪ من سكان العالم مصابون بمرض القولون العصبي. ووفقاً للمؤسسة، فإن النساء أكثر عرضةً للإصابة بهذه الحالة من الرجال ؛ كما أن معظم مرضى القولون العصبي هم تحت سن الخمسين، ويتم تشخيص العديد منهم بعد سنوات من بدء ظهور الأعراض. وقد وجد الاستبيان الذي أجرته المؤسسة وشمل نحو 2000 مريض بمتلازمة القولون العصبي، أن تشخيص المرض تمَ بعد 6 سنوات ونصف تقريبًا من بداية ظهور الأعراض.

 

أعراض التهاب القولون العصبي عند النساء

ولفت الدكتور موشلي إلى أن العلاج يتم تحديده اعتمادًا على الأعراض التي يعاني منها المريض، ويمكن إجراء فحص للدم وتحليل لعينات البراز إضافة إلى تنظير القولون لاستبعاد أي احتمالات أخرى.

تقليل استهلاك الكربوهيدرات يسهم في تخفيف اعراض القولون العصبي
تقليل استهلاك الكربوهيدرات يسهم في تخفيف اعراض القولون العصبي

أسباب متلازمة القولون العصبي

فيما يخص الأسباب والمُحفَزات، بيّن الدكتور موشلي أن السبب الدقيق لمرض القولون العصبي لا يزالُ غير واضح. لكن يعتقد الباحثون أن مجموعةً من العوامل يمكن أن تؤدي إلى متلازمة القولون العصبي، بما فيها:

  • اضطراب حركة الأمعاء (dysmotility)، والتي تشير إلى مشكلات في كيفية تقلص عضلات الجهاز الهضمي وتحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي.
  • فرط الحساسية الحشوية، والذي يعني أن الأعصاب في الجهاز الهضمي شديدة الحساسية.
  • من العوامل الأخرى للإصابة بمتلازمة الجهاز الهضمي، سوء الفهم بين الأعصاب في الدماغ والأمعاء والذي يُشار إليه كخلل في وظيفة الدماغ والأمعاء.

وتشير الدراسات أيضًا إلى أن الأشخاص قد يكونون مُعرَضين لخطر الإصابة بمرض القولون العصبي إذا كان لديهم تاريخٌ عائلي لمرض القولون العصبي، أو الإجهاد العاطفي، أو التوتر أو القلق، أو تاريخ من سوء المعاملة أو صدمة في الطفولة، أو عدم تحمَل الطعام، أو كان لديهم عدوى في الجهاز الهضمي.

إدارة وعلاج القولون العصبي

في هذا الشأن، نوّه الدكتور موشلي إلى أن هناك طرقًا فعّالة لإدارة متلازمة القولون العصبي والحد من تفاقمها، ليتمكن المرضى من الاستمتاع بجودة حياة أفضل. وتختلف مُحفَزات نوبات القولون العصبي من شخص إلى آخر، ويمكن أن تكون غير متناسقة في الشدة والأعراض؛ لذلك يعمل اختصاصي الجهاز الهضمي مع المرضى لتحديد المُحفزات والعوامل الشخصية، والتي يمكن بعد ذلك التقليل منها أو تجنبها. وتشمل المُسببات الشائعة أنواعاً مختلفة من الأطعمة والأدوية بالإضافة إلى التوتر.

وفيما يتعلق بالأطعمة، يمكن أن تساعد حمية الإقصاء، التي يتم إجراؤها بالتشاور مع الطبيب، في تخفيف الشعور غير المريح وتحديد الأطعمة التي تُسبب النوبات وتشمل الأطعمة التي يتم التخلص منها عادةً، المأكولات التي تحتوي على الجلوتين ومنتجات الألبان والسكر والأطعمة المُعبأة والمُعالجة.

وأشار الدكتور موشلي إلى أن الحد من استهلاك الكربوهيدرات التي يُشار إليها عادةً (FODMAPS) - وهي اختصار للسكريات قليلة التخمير والسكريات الثنائية والسكريات الأحادية والبوليولات - له تأثيرٌ كبير على جودة حياة المصابين بمتلازمة القولون العصبي، ويجد العديد من الأفراد الراحة بعد اتباع نظام غذائي طويل الأمد منخفض الكربوهيدرات.

واختتم الدكتور موشلي: "لا يوجد علاج لمرض القولون العصبي، ولكن التنسيق والعمل مع الاختصاصيين الطبيين لإجراء تغييرات في نمط الحياة مثل النظام الغذائي وإدارة الإجهاد – وتحديد الأدوية التي يمكن تناولها عند الحاجة لمعالجة الأعراض - يمكن أن يساهم في إحداث تأثير إيجابي في جودة حياة المرضى."