كيف تحمين نفسك من مرض الشريان التاجي
ينبض القلب نبضات متنظمة وبوتيرة متفاوتة بين الطبيعية والمتسارعة، حسب الوضع البدني والنفسي الذي يمرَ فيه الإنسان. وفي كل الحالات والأوضاع، فإن انتظام ضربات القلب وسلامته من الأمراض، أمرٌ في غاية الأهمية لحياتنا؛ فمن دونه، تتوقف الحياة في أعضاء الجسم، ونصبح أثرًا بعد عين.
والحقيقة أن الكلام أعلاه الذي يصف أهمية القلب لحياة الإنسان، قد يبدو دراميًا بعض الشيء؛ لكنه تذكرةٌ لنا بضرورة الاعتناء بصحة أجسادنا وكافة أعضائها، وعلى رأسها صحة القلب، كي يبقى ينبض بصحة وسلامة.
وبعيدًا عن الفلسفات الدرامية، نتحدث بموضوعية عن تعرَض القلب للعديد من المشاكل الصحية والأمراض التي قد تؤثر على انتظام نبضاته وقدرته على ضخ الدم لكافة أعضاء الجسم؛ وهي المهمة المحورية التي يقوم بها القلب الواقع في القفص الصدري بين الرئتين.
إذن، وظيفة القلب الأساسية هي تزويد خلايا الجسم بما تحتاجه من أكسجين وغذاء، وفي المقابل تخليصها من ثاني أكسيد الكربون والفضلات النّاتجة عن عمليات الأيض؛ ويتمّ ذلك من خلال الدورة الدموية الصغرى Pulmonary Circuit، والدورة الدموية الكبرى أو الدورة الجهازيةSystemic Circuit.
وأي خللٌ في عمل القلب، إما لأسباب وراثية أو بسبب النمط الحياتي والغذائي غير الصحي والضغوطات والتوتر التي يتعرض لها الإنسان؛ يمكن أن ينجم عنه مشكلة صحية تصيب القلب مثل مرض الشريان التاجي الذي يُعد من أمراض القلب الشائعة.
لكن لا داعي للقلق عزيزتي؛ فهناك العديد من الوسائل الفعالة التي تحميك من مخاطر هذا المرض، وتقوَي قلبك في مواجهة كافة أمراض القلب؛ منها نصائح قدمها لنا خبير من "مايو كلينك" وذلك بعد وصف مؤشرات مرض الشريان التاجي.
مؤشرات مرض الشريان التاجي
"مرض الشريان التاجي هو شكلٌ شائع من أمراض القلب حول العالم"، هذا ما تحدث عنه الدكتور ريجسي فيرنانديز، طبيب القلب في مايو كلينك. مضيفًا أن تراكم الكوليسترول في الشرايين التي تُغذَي القلب بالدم، يتسبب في تصلب وضيق المسار؛ وهو ما يُعرف بمرض الشريان التاجي. ومن الأعراض الأكثر شيوعًا لهذا المرض، الشعور بالانزعاج في منطقة الصدر والذي "يدوم لبضع دقائق، ويصف المرضى الانزعاج بأنه يكون في صورة ضغط" بحسب الدكتور فيرنانديز.
كما قد يشعر مصابو مرض الشريان التاجي بالإرهاق وقصر النفس .
إن الانزعاج المُزمن الناتج عن قلة تدفق الدم، يسمى ذبحةً صدرية؛ وعادة ما يشعر بها الشخص عند بذل المجهود. فإذا كان الألم جديدًا أو يزداد سوءًا، عليك بطلب المساعدة الطبية على الفور. إذ أنه وبمرور الوقت، يمكن أن يُضعف مرض الشريان التاجي عضلة القلب، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بفشل القلب.
كيف نُقلَل من خطورة الإصابة بمرض الشريان التاجي؟
"تناول الطعام الصحي، وممارسة التمارين الرياضية، واكتساب عادات صحية جيدة" هي الركائز الثلاث التي ينصح بها الدكتور فيرنانديز كل من يرغب بتجنب مرض الشريان التاجي.
المسألتان الأولى والثانية واضحتان، لكن ماذا عن العادات الصحية الجيدة؟..
بحسب طبيب القلب في "مايو كلينك"، تتركز هذه العادات في الأمور التالية:
-
تجنُّب التدخين واستهلاك الكحول.
-
تجنُّب الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والدهون المتحولة والملح والسكر.
-
الوصول إلى وزن صحي والحفاظ عليه.
-
السعي لتحقيق مدة نوم صحية، أي مدةَ نومٍ غير قليلة ولا مُفرطة.
ماذا بخصوص العامل الوراثي وراء مرض الشريان التاجي؟
"قد تكون الجينات أيضًا من عوامل الخطورة المرتبطة بمرض الشريان التاجي"، يؤكد الدكتور فيرنانديز. مضيفًا: "من المهم أن نعرف مستويات الكوليسترول لدينا، خاصةً لمن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب. فربما يكونون بصحة جيدة، ويمارسون عادات صحية، لكن المرض قد يأتي كذلك في صورة وراثية."
ما هو مرض الشريان التاجي بشكل مُفصَل
أورد موقع "مايو كلينك" الكثير من المعلومات القيَمة حول مرض الشريان التاجي، كيفية حدوثه، أسبابه، عوامل الخطر، أعراضه وكيفية الوقاية منه. وسنحاول تلخيص جميع هذه المعلومات في تقريرنا اليوم..
مرض الشريان التاجي هو مرضٌ قلبي شائع من أمراض القلب ؛ وفيه تواجه الأوعية الدموية الرئيسية المُغذَية للقلب (الشرايين التاجية)، صعوبةً في إمداد عضلة القلب بالدم والأكسجين والعناصر المُغذَية الكافية. ويرجع سبب مرض الشريان التاجي عادةً، إلى الترسبات المحتوية على الكوليسترول (اللويحات) في شرايين القلب والالتهاب.
عند الإصابة بمرض الشريان التاجي، الذي قد يستغرق عقودًا قبل أن يشعر به المرء، يتسبب انخفاض الدم المتدفق إلى القلب بالذبحة الصدرية التي تأتي على شكل ألم في الصدر وضيق في التنفس. والانسداد الكامل لتدفق الدم يعني احتمال الإصابة بنوبة قلبية.
يستغرق مرض الشريان التاجي غالبًا عدة عقود حتى يشعر به المريض. ويمكن أن تمر الأعراض دون ملاحظة حتى يتسبب انسداد كبير في حدوث مشاكل أو نوبة قلبية. يمكن لاتبَاع نمط حياة مفيد لصحة القلب أن يساعد في الوقاية من مرض الشريان التاجي.
أسباب وأعراض مرض الشريان التاجي
أو مرض القلب التاجي، كما يُطلق عليه، قد تكون له أسبابٌ وراثية أو حياتية، ناجمة في المقام الأول عن تجمع الدهون والكوليسترول ومواد أخرى على جدران القلب الداخلين.
وإضافة لارتفاع مستوى الكوليسترول بالدم، يمكن أن ينتج تلف الشرايين التاجية عن أحد الأسباب التالية:
-
داء السكري أو مقاومة الأنسولين.
-
ارتفاع ضغط الدم.
-
نمط الحياة الكسول وعدم ممارسة الرياضة بالقدر الكافي.
-
التدخين.
-
التقدم بالسن.
-
ارتفاع وتيرة الإصابة بالشريان التاجي عند النساء بعد انقطاع الطمث، وإن كان هذا المرض أكثر شيوعًا عند الرجال.
-
الوزن الزائد أو السُمنة.
-
مرض الكلى المزمن.
-
التعرض للكثير من التوتر.
-
النظام الغذائي غير الصحي، والذي يتضمن الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون المشبعة والدهون المتحولة والملح والسكر.
-
تعاطي الكحوليات.
-
قلة النوم أو كثرتها عن الطبيعي.
في بعض الأحيان، تحدث الإصابة بمرض الشريان التاجي دون وجود أي من عوامل الخطر التقليدية، فيما تشمل عوامل الخطر الأخرى المحتملة المُسببة لمرض الشريان التاجي ما يلي:
-
توقف التنفس المتقطع أثناء النوم (المعروف بانقطاع النفس الانسدادي النومي).
-
ارتفاع مستويات البروتين المتفاعل C عالي الحساسية والمرتبط بالالتهاب في الجسم.
-
ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية.
-
ارتفاع مستويات الهوموسيستين، وهو حمضٌ أميني يستخدمه الجسم لتكوين البروتين وبناء الأنسجة والحفاظ عليها.
-
مقدمات تسمم الحمل ومضاعفات الحمل الأخرى، مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.
-
أمراض مناعة ذاتية معينة، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة (وغيرهما من الأمراض الالتهابية).
أما أبرز أعراض مرض الشريان التاجي، فيقول ستيفن كوبيكي، دكتور الطب من "مايو كلينك" أن المرء منا قد لا يلاحظ أية أعراض في البداية؛ وقد لا تظهر إلا عند تسارُع ضربات القلب بقوة مثلما يحدث أثناء ممارسة التمارين الرياضية. ومع استمرار تضيُّق الشرايين التاجية، تقل كمية الدم الواصلة إلى القلب تدريجيًا وتزداد شدة الأعراض ويكثر تكرار حدوثها.
يمكن أن تشمل أعراض مرض الشرايين التاجية ما يلي:
-
ألم الصدر (الذبحة الصدرية)، التي يشعر بها المريض في منتصف الصدر أو الجانب الأيسر منه.
-
ضيق النفس.
-
الإرهاق.
-
النوبة القلبية وأبرز أعراضها، الشعور بألم أو ضغط شديد على الصدر، وألم في الكتفين أو الذراعين، وضيق النفس، والتعرُّق. وقد تظهر على النساء أعراض أقل مثل الألم في الرقبة أو الفك والغثيان والإرهاق.
مضاعفات مرض الشريان التاجي غير المُعالَجة
ينصح كوبيكي وغيره من أطباء القلب المختصين، بوجوب التوجه فورًا للطوارئ، وطلب المساعدة الطبية في حال الشعور بأعراض النوبة القلبية. كما ينبغي علاج الأسباب الأخرى التي تزيد من خطر إصابتك بهذا المرض، مثل السكري وارتفاع الضغط وغيرها.
إذ أن عدم علاج هذه الأمراض وترك أعراض مرض الشريان التاجي غير مُعالجة، يمكن أن يؤدي لمضاعفات عدة خطيرة؛ منها الذبحة الصدرية، النوبة القلبية، فشل القلب واضطراب النُظم القلبي.
كيف تحمين نفسك من مرض الشريان التاجي
هي ذاتها النصائح التي قدمها لنا الدكتور فيرنانديز في بداية التقرير، والتي تساعد في الحفاظ على قوة الشرايين وخلوها من اللويحات المُسبَبة لمرض الشريان التاجي.
وأفضل الطرق الوقائية من مرض الشريان التاجي هي:
-
المبادرة بالإقلاع عن التدخين.
-
السيطرة على ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول وداء السكري.
-
ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
-
الحفاظ على وزن صحي.
-
اتباع نظام غذائي قليل الملح وقليل الدهون، وغني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة.
-
التقليل من التوتر والسيطرة عليه.
في الختام، صحتك هي مفتاحك للاستمتاع بالحياة وضمان جودتها على الدوام؛ أما المرض، فيحرمك من هذه اللذة ويجعل حياتك سلسلةً لا تنتهي من المتاعب والمشاكل الصحية. لذا بادري لاتخاذ الخطوات الوقائية المذكورة في موضوعنا اليوم لتجنب مرض الشريان التاجي، ودرء شبح أية أمراض أخرى يمكن أن تصيبك لا سمح الله.