نصائح طبية لحماية شاملة من أشعة الشمس الضارة.. والبدء من الرُضع
قليلًا ما أذهبُ للسباحة أو التمدد تحت أشعة الشمس لاكتساب لون برونزي جميل؛ والأسباب عديدة، منها خوفي من الغرق وعجزي عن السباحة، كما أن الصداع النصفي لا يترك لي أي فرصة للتمتع بيوم مشمس على الشاطئ.
لكنني في المرة الأخيرة التي ذهبنا فيها لقضاء ليلة في أحد المنتجعات الجميلة في دبي، تمكنتُ من البقاء تحت أشعة الشحس لوقت طويل دون أن أصاب بنوبة الشقيقة المعتادة؛ حتى أنني مكثتُ فترة مستلقيةً تحت أشعة الشمس، أو التردد لبركة السباحة مع ابنتي عدة مرات. فاكتسب جسمي لونًا أحمر تحول للبرونزي بعد عدة أيام.
على الرغم من فرحتي بهذا الإنجاز، إلا أنني أخشى دومًا من أضرار التعرض المباشر والكثيف لأشعة الشمس، خصوصًا في أوقات الذروة ولوقت طويل. مخافة الإصابة بضربة شمس، والأخطر، الإصابة بسرطان الجلد الذي يهدَد حياة الملايين حول العالم.
لكنني أحمي نفسي وبشرتي جيدًا طوال الوقت، باستخدام واقي الشمس عالي عامل الحماية حتى أثناء البقاء في المنزل. فهل هذا يكفي، أم أننا بحاجة لتكثيف استخدام واقيات الشمس وإعادة تطبيقها عدة مرات، حتى تعطينا النتيجة المرجوة؟
وماذا عن الأطفال الرُضع، هل ينبغي لنا تطبيق واقي الشمس على أجسامهم منذ عمر صغير؟ وفي حال لم نفعل، ما هي المخاطر التي يمكن أن تُحدق بهم؟
إجابات هذه الأسئلة جاءتني من الدكتورة إيمي كسّوف، اختصاصية الأمراض الجلدية في مستشفى "كليفلاند كلينك"؛ وميغا توليفسون، دكتوراه في الطب واختصاصية الأمراض الجلدية لدى الأطفال في "مايو كلينك". وسأشاركك بها اليوم، لمزيد من المنفعة والحماية لك ولأطفالك..
الكريمات المزودة بعامل حماية والمظلات..
أوضحت الدكتورة كسوف من مستشفى "كليفلاند كلينك"، أن كريمات المكياج التي تحوي في تركيبتها عناصر واقية من أشعة الشمس، إضافة إلى المظلات الشمسية التي يلجأ إليها البعض؛ قد لا توفر المستوى اللازم والمطلوب من الحماية ضد أشعة الشمس الضّارة، موصيةً الأفراد باتباع نهج أكثر شمولًا لحماية بشرتهم خلال فصل الصيف .
وقالت كسَوف: "يميل الأفراد إلى المبالغة في تقدير مستوى الحماية الذي يحصلون عليه من منتجات المكياج التي تحوي في تركيبتها واقٍ للشمس أو المظلات الشمسية. وفي الحقيقة أن الظل الذي توفره المظلة، أقل فاعليةً بكثير من منتجات الوقاية من الشمس بعامل حماية عالٍ ضد أشعة الشمس (SPF)؛ في حين أن عامل الحماية من أشعة الشمس الموجود في منتجات المكياج ربما لا يكفي للحد من الآثار السلبية لأشعة الشمس فوق البنفسجية، والتي قد تُسبَب أضراراً وحروقاً للبشرة".
مضيفةً: "رغم حقيقة أن وجود أي نسبة من الظل أفضل بكثير من عدمه، إلا أن بحثًا أُجري لمعرفة مستوى الحماية الذي توفره مظلّات الشاطئ؛ وجد أن 78٪ من المستخدمين تعرضوا للإصابة بحروق شمس بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة من بقائهم على الشاطئ. ولأغراض المقارنة، أصيب 25٪ ممن يستخدمون مستحضرًا واقيًا من أشعة الشمس بعامل حماية ضد أشعة الشمس 100 بحروق شمس في الإطار الزمني نفسه."
وبالنسبة لمنتجات المكياج التي تحوي في تركيبتها عناصر واقية من أشعة الشمس، أشارت الدكتورة إلى أن الشركات المتخصصة بإنتاج مستحضرات العناية بالبشرة، تضع طبقةً سميكة إضافية للمنتج عند اختبار عامل الحماية من الشمس. ولكن في الحياة اليومية، لا يضع الأفراد مثل هذه الطبقات السميكة من المكياج، لذلك من المرجح ألا يحصلوا على مستوى الحماية الكاملة المُدرج على الملصق.
ونوّهت الدكتورة كسّوف إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضًا على كريمات الوقاية من الشمس؛ مشيرةً إلى أن الاستراتيجية الفعّالة تكمن في اتباع نهج شامل لتعزيز مستوى الحماية، وذلك من خلال إضافة كريم واقٍ من أشعة الشمس مع عامل حماية 30 على الأقل، ومستحضر المكياج بعامل حماية 30، واللذين سيوفران معًا المستوى المطلوب من الحماية.
وأضافت: "إذا كان الشخص يفضّل فقط استخدام مستحضر بعامل حماية من الشمس بغرض استخدام عدد أقل من المنتجات، من المستحسن الاعتماد على واقي شمسي مُشبّع بالعناصر المعدنية وأسمر اللون، والذي يُعد واحدًا من أفضل المنتجات الجديدة للحماية من أشعة الشمس."
وبيّنت اختصاصية الأمراض الجلدية، أنه في مثل هذا النوع من المنتجات؛ يُضاف بعض أكسيد الحديد إلى أساس واقي الشمس من الزنك والتيتانيوم لإعطائها لونًا أسمرًا. وبهذه الطريقة، يمكن الحصول على أوسع نطاق للحماية من أشعة الشمس في منتج واحد فقط يمكن أن يتناسب مع لون البشرة أيضًا.
نصائح اختصاصية الجلد لاستخدام واقي الشمس
لفتت الدكتورة كسّوف إلى مخاطر سرطان الجلد قائلةً: "من المعروف أن التعرض لأشعة الشمس هو السبب الرئيسي لسرطان الجلد، بما في ذلك الورم الميلانيني الذي قد يؤدي إلى الوفاة. كما أن التعرض لأشعة الشمس باستمرار، يؤدي أيضًا إلى شيخوخة البشرة بسبب إتلاف خلايا الجلد، ما يتسبب في ظهور الخطوط الدقيقة والتجاعيد وتغيًر اللون. وتتمثل الوسيلة الأولى والأساسية للوقاية من هذه الاضرار في الاستخدام المنتظم لكريمات الوقاية من الشمس بعامل حماية عالٍ."
أما بالنسبة لطرق زيادة فعالية واقي الشمس ، فتحددها الدكتورة كسَوف بنقاط خمس:
- اختيار منتجات واقية من الشمس واسعة الطيف، والتي تحمي من الأشعة فوق البنفسجية أ (UVA) أو الأشعة فوق البنفسجية ب (UVB)؛ وهما نوعان من أشعة الشمس يؤديان إلى إلحاق أضرار بالبشرة.
- اختيار منتجات واقية من الشمس بعامل حماية لا يقل عن 30، ولكن يفضّل أن يكون أعلى قليلًا لمزيد من الحماية الإضافية؛ خاصةً عند البقاء في الخارج لفترة طويلة.
- استخدام واقي الشمس على نحو مكثف ومنتظم، إذ أن الكثير من الأشخاص يرتكبون خطأَ شائعًا عند استخدام كريمات الوقاية من الشمس؛ ألا وهو عدم وضع كمية كافية من المستحضر. وينبغي الحرص على إعادة استخدام كريم الوقاية من الشمس كل ساعتين تقريبًا أو أقل من ذلك، إذا كان الشخص يسبح أو يتعرق أو يقوم بنشاط يُضعف طبقة الحماية السابقة.
- عدم نسيان وضع كريم الوقاية من الشمس على الرقبة والذراعين وأي منطقة أخرى من الجلد مُعرضة لأشعة الشمس، وليس فقط على الوجه.
- الانتباه إلى تاريخ انتهاء صلاحية كريمات الوقاية من الشمس، إذ أن هذه المنتجات لا تدوم إلى الأبد؛ وبمرور الوقت يضعف مستوى الحماية الذي توفره.
واختتمت قائلةً: "ثمة العديد من الخيارات التي يمكن اتباعها لحماية البشرة من أضرار أشعة الشمس، بما في ذلك مستحضرات المكياج التي تحوي في تركيبها عامل حماية من أشعة الشمس أو المظلات أو النظارات الشمسية أو الملابس الخاصة الواقية من الشمس. ولا يتعين على الأفراد اللجوء إلى خيار واحد فقط – وإنما ينبغي عليهم محاولة الالتزام بها جميعًا؛ الأمر الذي يوفر مستوى أعلى من الحماية لأنفسهم ضد الأضرار التي يمكن أن تنجم عن التعرض لأشعة الشمس".
الرُضع والأشعة فوق البنفسجية الضارة
نأتي الآن إلى الجزء الثاني من محور اهتمامنا، والمتعلق بصحة أطفالنا الرُضع خاصةً عند التعرض لأشعة الشمس؛ وما هي السبل لحمايتهم من أضرارها.
وتقول الدكتورة توليفسون من "مايو كلينك"، أن سرطان الجلد هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، وخامس أكثر الأنواع شيوعًا في العالم. فلا يحتاج الأمر لأكثر من الإصابة بحرق شمسي ينتج عنه ظهور فقاعات على الجلد في فترة الطفولة أو المراهقة، لمضاعفة فرصة الشخص للإصابة بورم ميلانيني في مرحلة لاحقة من الحياة؛ وذلك وفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب الجلد.
ونظرًا لأن الرُضع عرضةً لحروق الشمس أكثر من الأطفال الأكبر سنًا، تزيد أهمية حمايتهم من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة. وتقول توليفسون: "يمكن لحروق الشمس أن تكون مؤلمة للغاية"، ويمكن أن تكون تمهيدًا للإصابة بعدوى إذا كانت شديدة.
ورغم الاعتقاد السائد بأن حروق الشمس هي مشكلات قصيرة الأمد، إلا أن هناك أيضًا مخاطر طويلة الأمد للتعرض لأشعة الشمس.
وفي هذا الصدد تؤكد توليفسون: "كلما زاد تعرَض الطفل للأشعة فوق البنفسجية — خاصةً إذا بدأ هذا التعرض في سن صغيرة — ومن ثم زاد تعرضه لحروق الشمس< ارتفع خطر الإصابة بسرطان الجلد في مرحلة لاحقة من الحياة."
إذن الوقاية هي عاملٌ أساسي ومهم منذ الطفولة..
نعم، تجيب توليفسون: "إن الحماية من أشعة الشمس في العشرين عامًا الأولى من العمر، هي الأهم للوقاية من مخاطر الإصابة بسرطان الجلد على المدى الطويل."
بالنسبة للرضع، من الأفضل تجنب ساعات الذروة الشمسية من الساعة 10 صباحًا حتى 4 عصرًا. وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، احجبي الطفل بمظلة أو ملابس بأكمام طويلة وقبعة. كذلك توصيك اختصاصية الأمراض الجلدية لدى الأطفال بضرورة وضع مستحضر واقٍ من الشمس على المناطق المكشوفة من الجلد.
وتضيف: "نوصي بأن يستخدم الآباء في هذا العمر، مستحضرات واقية من الشمس والتي تحتوي على حاصرات فيزيائية بدلًا من الحاصرات الكيميائية لأنها أفضل للبشرة الحساسة؛
ابحثي عن ثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك عند اختيار المستحضر الواقي من الشمس للأطفال الصغار. وتذكَري إعادة وضع المستحضر الواقي من الشمس كل ساعتين أو بعض التعرق أو السباحة مباشرةً."
في الختام، الاستمتاع بالوقت خارج المنزل أمرٌ مهم للحفاظ على صحة جيدة. لكن الحماية من أشعة الشمس لك ولأطفالك، ستتيح لك القيام بذلك بأمان. فلا تتواني عن استخدام واقيات للشمس ذات عامل حماية عالي، واحرصي على إعادة تطبيقه على جسمك وأجسام أطفالك خاصةً عند السباحة أو اللعب في الخارج في الصيف. كي تنعموا جميعًا بصحة وعافية، وتُقلَلون من تعرضكم لمخاطر أشعة الشمس الضارة.