أدوية ضغط الدم.. هل تعالج الصداع النصفي
ارتفاع ضغط الدم، الذي يصاحبه أحيانًا الشعور بالصداع؛ يحتاج لأدوية معينة لخفض هذا الإرتفاع وإرخاء الأوعية الدموية التي يؤدي تضيقها بسبب ارتفاع الضغط، لحدوث مضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب.
التقنية ذاتها قد يتم اعتمادها، وإن بأدوية مختلفة لمرضى الصداع النصفي؛ الذي يتسبب لهم هذا النوع من الصداع بآلام شديدة خاصةً على أحد الجانبين من الرأس، إضافة إلى الغثيان والتقيؤ والتحسس للضوء والصوت.
وما بين هذين النوعين من الأمراض والعلاجات، يجد الإنسان نفسه عاجزًا عن القيام بأية أعمال يومية مهما كانت بسيطة؛ خصوصًا في حالة الإصابة بنوبات الصداع النصفي، التي يمكن أن تتكرر أكثر من مرة خلال الشهر الواحد. ما يطرح الكثير من الأسئلة، ومنها سؤال موضوعنا اليوم، عما إذا كانت بعض أدوية الضغط أو جميعها، ناجعةً في تخليصنا من تداعيات الصداع النصفي. وأقولُ هذا من تجربة شخصية لي مع الشقيقة أو الصداع النصفي، منذ أكثر من 15 عامًا..
لذا طرحتُ هذا السؤال على الدكتورة عزة غزالان، أخصائية أمراض القلب من مجموعة برايم الطبية؛ التي أفادت بأن أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم تساعد في الوقاية والإقلال من شدة نوبات الصداع النصفي وتكرارها، وليس في علاجها.
وتتفق الدكتورة عزة مع الدراسة التي تطرق إليها موقع "العربية.نت"، والتي تحدثت عن مساعدة أدوية الضغط في التقليل من عدد مرات معاناة المصابين بنوبات الصداع النصفي شهريًا.
تقليل نوبات الصداع النصفي كل شهر
إذن، توصلت دراسة قام بها باحثون في أستراليا؛ إلى أن استخدام أدوية ارتفاع ضغط الدم كلها تقريبًا، فعالةٌ في تقليل عدد مرات معاناة المصابين بنوبات الصداع النصفي كل شهر. ويقول الباحثون أن هذه الأدوية يمكن أن تكون خيارًا علاجيًا أقل تكلفة، ويمكن الوصول إليه أكثر من أدوية الصداع النصفي المتاحة، وفقًا لما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دوريةCephalalgia.
ولمن لا يعرف بعد صراع الصداع النصفي الذي يؤثر على نحو 15% من سكان العالم، إليكم بعض الحقائق حول هذا المرض:
الصداع النصفي أو الشقيقة، هو مرضٌ مزمن يتجلى في ألم يصيب عادةً نصف الرأس، من أحد الجانبين اليمين أو اليسار للرأس. يتجلى في حالات متكررة من الصداع مصحوبةً ببعض الأعراض الجسدية والنفسية، مثل الألم الشديد على أحد الجانبين، الغثيان والقيء، وتحسس قوي للأصوات والأضواء.
النساء أكثر عرضةً للإصابة بالصداع النصفي الذي يأتي بأنواع متعددة، مع أو بدون هالة أو "الأورة"؛ وهي قد تظهر قبل نوبة الصداع النصفي أو خلاله، وتتميز بتشوش الرؤية واضطراب الإحساس وانخفاض قوة الجسم لجهة اليمين أو اليسار، فضلًا عن صعوبات في الكلام والإتزان.
عادةً ما يتم وصف العلاج السلوكي لمنع نوبات الصداع النصفي، والمتمثلة في ضبط أوقات النوم والأكل، تجنب الجفاف والشعور بالجوع والعطش، القيام بنشاط بدني متوازن، وتجنب الأطعمة والمشروبات التي يمكن أن تُحفَز الشقيقة مثل الكافيين والأجبان المطبوخة وغيرها. إضافة إلى الأدوية الوقائية التي توصف عادةً للأشخاص الذين يعانون من يُعانون من أكثر من 4 نوبات صداع نصفي في الشهر الواحد والذي تزيد مدته عن 12 ساعة وأكثر. منها الأدوية المُحصرة لمستقبلات البيتا، مضادات الإختلاج ومضادات الإكتئاب ثلاثية الحلقات.
ويبدو أن أدوية الضغط يمكنها المساعدة في تقليل هذه النوبات، بحسب الدراسة التي نعود لسرد تفاصيلها في التالي..
أدوية ضغط الدم والصداع النصفي
الصداع النابض هو أحد الأعراض الشائعة للصداع النصفي، الذي يمكن أن يتسبب بأعراض مُنهكة مثل الألم المستمر النابض على جهة واحدة، حساسية للضوء والصوت والروائح، وعدم الراحة. وهو ما قد يؤثر على حياة المرء، وجعله غير قادر على القيام بأي عمل مهما كان صغيرًا.
لهذا يصف الأطباء الأدوية المانعة للصداع النصفي، التي تُعد مُكلفة بعض الشيء؛ وفي هذه الحالة، قد تكون أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، البديل المناسب للحيلولة دون الإصابة بنوبات الصداع النصفي لمرات عدة. ليس هذا فحسب، بل تشير الدراسة أعلاه إلى أن أدوية الضغط قد تساعد في تقليل طول مدة النوبة وشدتها.
والأدوية التي يُوصى بإعطائها لمرضى الصداع النصفي تضم فئتين من أدوية ضغط الدم هما، حاصرات بيتا BB وحاصرات مستقبلات الأنغيوتنسين 2ARB ، لعلاج الصداع النصفي. فيما أفضت الدراسة الجديدة التي قام بها باحثون من معهد جورج للصحة العالمية في سيدني بأستراليا، إلى أن جميع فئات الأدوية الخافضة للضغط تقريبًا؛ لديها بعض القدرة على تقليل وتيرة النوبات لدى مرضى الصداع النصفي.
علاقة إكلينيكية
هو التوصيف الذي أطلقه الباحثون في هذه الدراسة، ومنهم شيريل كارسيل باحثة رئيسية في الدراسة؛ على النتائج التي توصلوا إليها فيما يخص نجاعة أدوية ضغط الدم الشائعة في الوقاية من نوبات الصداع النصفي الشديدة.
وقالت كارسيل أن نتائج الدراسة مفيدةٌ لسكان الدول، التي تكون فيها أدوية الصداع النصفي الجديدة باهظة الثمن، ومحدودة بمعايير وصف أو غير متوفرة على الإطلاق. ويقول الباحثون أن هذه الأدوية أيضًا، تحمل القليل من الآثار الجانبية التي تشمل زيادة الوزن والنعاس.
بالعودة إلى ما أفادتنا به الدكتورة عزة، فقد جاء كالتالي:
تُستخدم بعض أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم في الوقاية والاقلال من شدة نوبات الصداع النصفي وتكرارها، وليس في علاجها. ويتم ذلك عن طريق منع تمدد الاوعية الدموية التي تروي المخ، إقلال نشاط التيار العصب للمخ والمحافظة على نسبة السيروتونين (serotonin) في الدم الذين لهم علاقةٌ وثقى بنوبات الصداع.
مثال الأدوية التي تعمل بهذه الطريقة، مُثبطات البيتا؛مثل البروبرانولول (Propranolol) أو إندرال (Inderal). تبدأ جرعة الإندرال من (40-160) مجم/ اليوم وتزداد الجرعة حتى 320 مجم/ اليوم،ويتوقف الأمر على منع أو تقليل نوبات الصداع. فيما يبدأ عمل الإندرال بعد ساعة من تناوله ويصبح فعالًا بعد 4 ساعات من تناوله. ويحتاج بين 6-12أسبوعًا ليصل إلى الفائدة العلاجية، ثم يتم الاستمرار على نفس الجرعة الفعالة.
إذا كان المريض لا يستطيع تناول الإندرال ( في حال معاناته من حالات الربو، تباطؤ نبض القلب أو أمراض الشرايين الطرفية)، يمكن تناول أحد الأدوية التالية كبديل:
- كانديسارتان (Cadesartan):2 مجم في الصباح، وتزداد الجرعة بمعدل (2) مجم كل أسبوع لحين الوصول إلىأقصى جرعة، ألا وهي (8) مجم مرتين يوميًا،أو اختفاء نوبات الصداع؛ ثم يستمر على نفس الجرعة.
- ليزينوبريل ( Lisinopril): هذا الدواء مع الكانديسارتان، يُستخدمان على المدى الطويل لتقليل نوبات الصداع ( بنسبة 1.5% في الشهر للمرضى الذين تنتابهم نوبات الصداع من 2-6 مرات في الأسبوع).
- مُثبَطات الكالسيوم: مثل النيموديبين ( Nimodipine)؛ حيث يمنع دخول الكالسيوم لخلايا الاوعية الدموية وبالتالي يمنع انقباض العضلات الموجودة في جدار الشرايين. ويعمل هذا الدواء فقط على شرايين المخ، يُحسَن نقص التروية والاكسجين لخلايا المخ ويُحسَن من وضع الصداع.
في الختام، نتمنى الصحة والعافية لجميع المصابين بالصداع النصفي. وننصحك عزيزتي، إن كنت ممن يعانون من نوبات الصداع النصفي المتكررة والتي تؤثر سلبًا على حياتك وصحتك، باستشارة الطبيب وسؤاله عن إمكانية وصف أدوية ضغط الدم لك حسب حالتك واحتياجاتك الخاصة؛ كي تنعمي بأيام وليال طويلة من الراحة التي لا ينغصها ذلك الصداع النابض الذي أعرفُ تمامًا معناه الحقيقي البشع والمزعج.