اكتشاف متحورات جديدة من كورونا: هل يجب علينا القلق
ما أن كاد العالم يرتاح من حمى فيروس كورونا التي استشرت بين الناس لمدة عامين وأكثر؛ ويتنفس الصعداء من دون الحاجة لتعداد الإصابات الجديدة والوفيات التي اقتربت من 7 مليون وفاة. حتى عادت عدوى كوفيد-19 تجتاحنا من جديد، مع ظهور متحورات مختلفة من هذا المرض الذي ظهر أول مرة في مدينة ووهان الصينية أواخر العام 2019 وانتشر في معظم دول العالم.
ما يدلَ على أن فيروس كورونا، أخذ استراحةً لبعض الوقت؛ ليستأنف غزوه للعالم من خلال ظهوره بمتحورات جديدة كل يوم. فبعد متحور "إي جي 5" أو متحور "إيريس" كما أُطلق عليه؛ ها هو متحور "بي.إي.86.2" يظهر حاملًا معه مشاعر الخوف والحذر.
فما الذي نعرفه عن هذين المتحورين، ما سرعة انتشارهما، هل يجب الحذر منهما؛ والسؤال الأهم: هل تنفع اللقاحات المتوفرة حاليًا وتلك التي ما زال العمل جاريًا على تطويرها، في مكافحة هذه المتحورات، كي لا نعود من جديد لدوامة العدوى السريعة وتعداد الوفيات؟
متحور جديد من كورونا
أعلنت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC في الولايات المتحدة، وعبر منصة إكس للتواصل الإجتماعي (تويتر سابقًا)؛ رصد متحور جديد يحمل تعريف "بي.إيه.2.86) في 3 بلدان، هي الولايات المتحدة والدنمارك واسرائيل. ويأتي هذا المتحور الجديد، بعد متحور "إيريس" أو "إي جي 5" الذي رُصد أول مرة في 17 فبراير 2023، وتم تصنيفه كمتحور تحت المراقبة في 19 يوليو 2023 من قبل منظمة الصحة العالمية.
وبحسب إعلان CDC، فإن المتحور الجديد يخضع للمتابعة والمراقبة؛ في محاولة لمعرفة سرعة انتشاره والعدوى التي يتسبب بها فيما إذا كانت طفيفةً أم شديدة.
كذلك، أعلنت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة يوم الجمعة الماضي؛ اكتشاف أول إصابة بالنسخة المتحورة "بي.إيه.2.86" من فيروس كوفيد-19 في البلاد، لدى شخص لم يسافر في الآونة الأخيرة.
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت في وقت سابق الخميس الماضي، وعلى المنصة ذاتها؛ تصنيف"بي.إيه.2.86" على أنه "متحور تحت المراقبة"، نظرًا لعدد الطفرات الكبير الذي يحمله.
ولحين تبيان مزايا المتحورين الجديدين وجمع المزيد من المعلومات حولهما، تنصح المنظمة الأممية والمراكز الأمريكية للأمراض والوقاية منها وغيرها من المنظمات الصحية؛ اتخاذ كافة وسائل الوقاية لتجنب الإصابة بهما.
لكن ما هي المعلومات المتوفرة حتى الآن عن متحور "إيريس" ومتحور "إي.جي.5"؟
"مثيرٌ للإهتمام"، هو التعبير الذي وصفت به منظمة الصحة العالمية "متحور إيريس" أو "إي جي 5" الذي رُصد أوائل العام الحالي. وقد تم اكتشافه في كل من الصين وكوريا الجنوبية واليابان وكندا وغيرها.
ودعت منظمة الصحة العالمية إلى مراقبة "متحور إيريس" عن كثب؛ نظرًا لكثرة الطفرات التي يحملها والتي تجعله أكثر قدرةً على الإنتشار ونقل العدوى. كما أنه قد يكون أكثر حدةً من بعض المتحورات السابقة لفيروس كورونا، من حيث الأعراض المرضية المصاحبة للإصابة.
أما المتحور "إي.جي.5"، الذي يطلق عليه البعض إيريس، مشابه للمتحور الفرعي إكس.بي.بي 1.5. وعلاوة على ذلك فهو سلالة فرعية من المتحور أوميكرون الذي لا يزال مهيمنا.
ويُنسب للمتحور إي.جي.5 أكثر من 17% من حالات الإصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة، بحسب أحدث البيانات الحكومية.
تجدر الإشارة إلى أن متحور "أوميكرون" كان أكثر متحورات الفيروس سرعةً من حيث الإنتشار، وكذلك الأكثر شدةً من حيث الأعراض، كونها تتشابه كثيرًا مع أعراض نزلات البرد العادية. وبالتالي قد يصعب تشخيصها جيدًا أو في مرحلة مبكرة. في حين أن متحور "دلتا" وقبله متحور "ألفا"، شهدا النسبة الأعلى من الحاجة لدخول المستشفى وتلقي العلاج، وكذلك تسجيل نسبة كبيرة من الوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19.
نجاعة اللقاحات تجاه المتحورات الجديدة
منذ اليوم الأول لظهور فيروس كورونا دون تحديد أي متحور خاص به؛ كانت الوقاية هي أكثر نصيحة قدمها خبراء الصحة، لتجنب الإصابة بالمرض. وجاءت اللقاحات في طليعة أسس الحماية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية على موقعها ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد قامت شركات كبيرة حول العالم، منذ بدايات ظهور الفيروس؛ بالعمل على ابتكار لقاحات بجرعة واحدة أو اثنتين، أو حتى ثلاث فيما بات يُعرف لاحقًا ب"الجرعة الداعمة" Booster Vaccine. وتلقى عدد هائل من الناس هذه اللقاحات، التي ما زال اللغط يدور بشدة حول فاعليتها أو تسببها ببعض الوفيات مثل وفيات الشباب بأمراض القلب، التي يبحث الخبراء في أسبابها في الوقت الراهن.
وبالعودة إلى اللقاحات وعلاقتها بمتحورات كورونا الجديدة ؛ كشفت شركة فايزر الأمريكية الخميس الماضي، أن لقاحها الذي قامت بتطوير وإدخال تعديلات عليه ضد كوفيد-19، والذي تُجرى تجارب لاختبار فعاليته في مواجهة النسخ المتحورة الناشئة، أظهر قدرةً على تحييد متحور "إيريس" وذلكخلال دراسة أجريت على الفئران.
بالإضافة إلى قيام فايزر مع شريكتها الألمانية بيونتيك،وشركتي مودرنا ونوفافاكس اللتين تعملان أيضًا في صناعة لقاحات كوفيد-19؛ بتطوير نسخ من لقاحاتهم، بهدف استهداف المتحور الفرعي إكس.بي.بي 1.5.
طرق الحماية من متحورات كورونا الجديدة
عودٌ على بدء؛ نعود لتذكير أنفسنا والناس، بأن الوقاية من الإصابة بعدوى فيروس كورونا ومتحوراته المختلفة، لا تتم إلا من خلال التحصين الذي يتمثل في النظافة الشخصية، أخذ اللقاحات المضمونة، ارتداء الأقنعة عند الحاجة، ومراجعة الطبيب فور الشعور بأي أعراض للمرض.
والأمر ذاته، ينطبق اليوم على الحماية من متحورات كورونا الجديدة؛ حسبما أفادت منظمة الصحة العالمية، التي دعت لاتباع الوقاية كالنصيحة الوحيدة ريثما يتجمع لديها المزيد من المعلومات حول "بي.إيه.2.86".
لذا نعود ونُذكَر الجميع بوجوب اتباع النصائح التالية، التي كانت وزارة الصحة الإماراتية أوردتها عبر صفحتها الرسمية على منصة "أكس" وهي الآتية:
- ضرورة غسل اليدين بشكل متكرر ولمدة 20 ثانية بالماء والصابون، مع مراعاة فرك جميع أجزاء الكف؛ وذلك قبل تناول الطعام أو تحضيره، وبعد الخروج من الحمام أو مصافحة أحد الأشخاص المصابين بالمرض.
- تطهير اليدين بمعقم كحولي في حال عدم تواجد الماء والصابون.
- تعزيز مناعة الجسم من خلالاتباع نمط حياة صحية، يتمثل في تناول الطعام الصحي وممارسة النشاط البدني والنوم ساعات كافية كل ليلة.
- تجنب الاتصال المباشر مع أي شخص تظهر لديه علامات الأمراض التنفسية.
- تغطية الأنف والفم بمنديل ورقي، وتخلص منه بالشكل الصحيح في حال العطس أو السعال
- ارتداء الأقنعة المناسبة في حال التواجد في أماكن مزدحمة أو داخل المستشفيات، حيث تكثر العدوى.
خلاصة القول، أن كابوس كورونا قد يعاود السيطرة على حياتنا بشكل أو بآخر من جديد؛ لكننا هذه المرة، نعلم علم اليقين كيفية التعاطي معه ومنعه من الفتك بنا وبأحبتنا قدر الإمكان. لذا من الضروري الحرص عزيزتي على صحتكِ وصحة من تحبين، كي تبقى أجسادنا وصحتنا بعيدةً عن براثن هذا المرض.