كل ما تحتاجين معرفته عن التمثيل الغذائي وكيفية تحسينه
مُسميات عدة نُطلقها على عملية الأيض أو الاستقلاب أو التمثيل الغذائي في الجسم؛ metabolism هو التعريف المتعلق بعملية تحدث في الجسم، في محاولة لحرق الدهون والسعرات الحرارية بعد تناول أصناف الطعام والشراب المختلفة.
بمعنى أدق، هو التفاعلات التي تحصل داخل خلايا الجسم لتزويده بالطاقة وكافة المغذيات التي يحتاجها للنمو والاستمرارية. والمصدر الأساسي للحصول على هذه العناصر، هو من الغذاء؛ الذي يضمن النمو والتطور والتكاثر وغيرها من العمليات الحيوية التي تحافظ على حياتنا، منذ الولادة وحتى سن الشيخوخة.
يُبدي الكثيرون اهتمامًا بموضوع التمثيل الغذائي، خاصةً النساء؛ اللاتي قد يشهدن تباطؤًا شديدًا وملحوظًا في فاعلية وعمل التمثيل الغذائي إما بسبب اختلال الهرمونات أو نتيجة التقدم بالسن، وتحديدًا الوصول لمرحلة انقطاع الطمث. لكن الرجال وحتى الأطفال الصغار، قد يكونون مُعرَضين لبطء عملية الاستقلاب في الجسم، لأسباب وراثية وطبية متعددة.
في موضوعنا اليوم، سنتطرق لكافة المعلومات التي تحتاجين معرفتها حول التمثيل الغذائي؛ أنواعه، كيفية عمله، الظروف الصحية والحياتية التي تؤثر على فاعليته، والأهم: كيفية تسريعه. وفق معلومات حصلنا عليها من تقرير منشور حول عمل الأيض على موقع Health المعني بالشؤون الصحية.
البداية مع كيفية عمل التمثيل الغذائي..
لا بد من التطرق إلى أصل كلمة Metabolism كي نفهم معناها؛ والكلمة مشتقة من اليونانية
metabolē، وهي تعني "التغيير". وكما أشرنا أعلاه، فالتمثيل الغذائي هو مجموع العمليات التي تحدث داخل الخلايا للعمل على تزويد الجسم بالطاقة. كما يُستخدم التمثيل الغذائي لوصف العمليات الفيزيائية والكيميائية التي تستخدم الطاقة، مثل التنفس والهضم.
عادةً ما يتم تنظيم التفاعلات الأيضية في مسارات التمثيل الغذائي؛ وهي تفاعلاتٌ مرتبطة تعمل على تحفيزها الإنزيمات أو البروتينات، التي تعمل كمُحفزات للتفاعلات في الجسم. مثال على ذلك، تحلَل السكر هو المسار الأيضي الذي يعمل على تكسير الجلوكوز (السكر) إلى طاقة باستخدام الإنزيمات.
ويمكن لهذه التفاعلات الحدوث في أي وقت من النهار، حتى أثناء النوم؛ ولهدف واحد، ألا وهو تزويد جسمك بمصدر مستمر من الطاقة للحفاظ على بعض الوظائف الحيوية والمهمة، مثل وظائف القلب مثلًا.
كما يتم التحكم بالتفاعلات الأيضية عن طريق طريق الإنزيمات والهرمونات، مثل الأنسولين والأدرينالين وهرمونات الغدة الدرقية. وقد تزيد هرمونات الغدة الدرقية من معدل الأيض الأساسي (BMR)، الذي يُشار إليه على أنه مقدار الطاقة التي يستخدمها الجسم أثناء الراحة لأداء وظائفه الأساسية. كذلك تُحفَز هرمونات الغدة الدرقية عملية التمثيل الغذائي للكربوهيدرات وبناء البروتينات.
لكن وكما هي الحال مع كافة تفاعلات الجسم؛ فإن التمثيل الغذائي المرن والسلس، قد يتأثر بعوامل مختلفة بعضها خارج عن السيطرة، مثل الوراثة. وبعضها الآخر قد يرتبط بالعمر والنظام الغذائي والجنس ومستويات النشاط البدني وبعض المشاكل الصحية، مثل قصور الغدة الدرقية والسرطان.
أنواع مختلفة لعملية التمثيل الغذائي
هناك نوعان أساسيان من التفاعلات الأيضية الواجب معرفتها، كي تتمكني عزيزتي من تحديد مشاكل بطء الاستقلاب لديكِ وطرق علاجه.
وهذان النوعان هما التالي:
- التفاعلات التقويضية: وتتضمن تحلَل الجزيئات الكبيرة إلى جزيئات أصغر؛وغالبًا ما تُطلق هذه الأنواع من التفاعلات الطاقة. على سبيل المثال، فإن الفعل التقويضي هو هضم الطعام، الذي يعمل على إمداد الجسم بالطاقة.
- التفاعلات البنائية: وهي عملية عكسية عن النوع الأول؛إذ تخلق التفاعلات البنائية جزيئات أكبر من جزيئات أصغر، من خلال استخدام الطاقة. ويُعدَ بناء الأنسجة، مثل بناء العضلات أو كتلة العظام، مثالًا على عملية البناء.
يحتاج الجسم لإمدادات ثابتة ومنتظمة من الطاقة، لضمان البقاء على قيد الحياة وعمل وظائف الجسم بصورة فعالة. لذا فإن انتظام ضربات القلب وإصلاح الخلايا مثلًا، لا بد له من الحصول على الطاقة من خلال السعرات الحرارية التي نتناولها في الأطعمة والمشروبات.
ماذا يحدث للسعرات الحرارية أو الطاقة فور حصول الجسم عليها؟
بحسب تقرير موقع Health المشار إليه في بداية الموضوع؛ فإن معظم الطاقة أو السعرات الحرارية التي ينفقهاالجسم يوميًا، تأتي من معدل الأيض الأساس(BMR)، وهو المؤشر الذي يدل على الطاقة التي يحتاجها جسمكِ لأداء الوظائف الحيوية، مثل التنفس والدورة الدموية والحفاظ على نبض القلب أثناء الراحة. ويُمثَل معدل الأيض الأساسي 50-80% من استخدامك اليومي للطاقة.
هناك أيضًا عاملان مؤثران في إجمالي إنفاق الجسم للطاقة، هما التأثير الحراري للطعام (TEF)والطاقة التي نستخدمها أثناء النشاط البدني.TEF، المعروف أيضًا بإسم التوليد الحراري؛ هو الطاقة التي يستخدمها الجسملهضم ومعالجة الأطعمة والمشروبات،ويُمثلحوالي 10% من إجمالي نفقات الطاقة اليومية. بعض الأطعمة قد تتطلب طاقةً أكبر للهضم من غيرها، مثل البروتينات؛ لذا فإن اختياراتك للغذاء لها تأثير مباشر وقوي على معدل التمثيل الغذائي في جسمكِ. وتحتوي البروتينات على أعلى TEF من بين المُغذيات الكبيرة الثلاثة (البروتين والدهون والكربوهيدرات)؛ لهذا، يشجع خبراء التغذية والأطباء مثلًا، على زيادة مقدار تناولكِ للبروتين يوميًا، لزيادة التوليد الحراري ومعدل الحرق بالجسم.
فيما يخص العامل الثاني؛ فإن الطاقة اللازمة لأداء معظم الحركات البدنية، مثل التمارين الرياضية، قد تختلف حسب مستوى نشاطكِ البدني. وبالتالي، فإن كنتِ من الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام يوميًا أو كنتِ تعملين في وظيفة تتطلب جهدًا بدنيًا أكبر؛ إذن أنتِ بحاجة للمزيد من السعرات الحرارية بغية الحفاظ على الوزن، مقارنةً بأشخاص آخرين لديهم مستويات نشاط منخفضة.
وعليه، فإن الشخص الذي يحاول اكتساب كتلة عضلية، وهي حالةٌبنائية؛يحتاجلطاقة أكثر من الشخص الذي يحاول الحفاظ على وزنه أو فقدان الوزن.
عوامل تؤثر على عملية التمثيل الغذائي
جئنا للمسألة الأهم والتي تُركَز عليها النساء بصورة خاصة، في محاولة للتخفيف من إخفاقات الوصول إلى وزن صحي ومثالي حتى مع اتباع حمية معينة.
فالتمثيل الغذائي لدينا قد يتأثر بالعديد من العوامل التي يكون بعضها ناتجًا عن خياراتنا الخاطئة أو أفعالنا غير الصحيحة؛ لكن البعض الآخر قد يكون خارجًا عن السيطرة، مثل العامل الوراثي مثلًا. فالعديد من الأشخاص، لديهم معدل تمثيل غذائي مرتفع أو منخفض محدد وراثيًا؛ وبالتالي فهم بحاجة لضمان الحصول على السعرات الحرارية الأمثل، إما لجهة خسارة الوزن في حالات البدانة، أو لجهة زيادة الوزن في حال النحافة. كذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون الحفاظ على وزن مثالي، فإنهم بحاجة للتأكد من معدل السعرات الحرارية التي تحتاجها أجسامهم، والحفاظ على مستويات هذا المعدل على الدوام.
أما العوامل الأخرى التي قد تؤثر على عملية التمثيل الغذائي، فهي التالية:
- حجم الجسم: إذ يحتاج الأفراد "الأكبر حجمًا" إلى مقدار طاقة أكبر لعملية الأيض، مقارنةً بالأشخاص الأصغر حجمًا. مثلًا، يحتاج الشخص الذي يبلغ طوله ستة أقدام بشكل عام إلى المزيد من السعرات الحرارية للحفاظ على وزن جسمه؛ مقارنةً بشخص يبلغ طوله خمسة أقدام. ومع ذلك، ليس هذه القاعدة ثابتةٌ دومًا؛ إذ قد تؤثر عوامل أخرى، مثل مستويات النشاط البدني، على احتياجات الجسمللطاقة.
- الجنس: الرجال هم بحاجة إلى سعرات حرارية أكثر من النساء، لأنهم غالبًا ما يكونون أكبر حجمًا؛ كما أنلديهم كتلة عضلية أكبر.
- تكوين الجسم: حقيقةٌ لا ينبغي تفويتها: فالأشخاص الذين يتمتعونبكتلة عضلية أكبر، لديهم معدل أيض أسرع من الأشخاص الذين لديهم كتلة عضلية منخفضة وارتفاع مستويات الدهون في الجسم. لأن الخلايا العضلية تحرق الطاقة بكفاءة أكبر من الخلايا الدهنية.
- العمر: مع التقدم بالسن، يميل معدل الأيض الأساسي لدينا للانخفاض. ويرتبط الأمر بشكل خاص بفقدان الأنسجة العضلية، وانخفاض مستويات النشاط، والتغيرات الأيضية الأخرى المرتبطة بالعمر. وبحسب الأبحاث، فإن معدل الأيض الأساسي يظل مستقرًا في الغالب من سن 20 إلى 60 عامًا؛ ثم يبدأ بالانخفاض بعد هذا السن.
- النشاط البدني: لا شك في أن الأشخاص الأكثر نشاطًا، يحتاجون إلى طاقة أكبر من الأشخاص ذوي مستويات النشاط المنخفضة. إذ يزيد النشاط البدني المنتظم من كتلة العضلات ويزيد من السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم أثناء الراحةBMR.
- النظام الغذائي: عاملٌ آخر ومهم في التأثير على عملية التمثيل الغذائي الخاص بكِ. وكما علمنا أعلاه، فإن هضم البروتين يتطلب 10-30% من محتوى الطاقة للبروتين المتناول، فيما تتطلب الكربوهيدرات والدهون 5-10% و0-3% على التوالي. ما يعني أن جسمكِ يحرق سعرات حرارية عند هضم البروتين، أكثر مما يحرقه عند هضم الكربوهيدرات أو الدهون.
- الظروف الصحية: بعض الأمراض والالتهابات وتناول بعض أصناف الأدوية، قد يؤثر على معدل التمثيل الغذائي لديكِ أيضًا لجهة زيادة الوزن أو خسارته؛ إضافةً لمضاعفات أخرى. مثلًا، أمراض الغدة الدرقية قد تتسبب في تسريع (فرط نشاط الغدة الدرقية) عملية التمثيل الغذائي، أو إبطائه (خمول أو قصور نشاط الغدة الدرقية).
السرطان ومتلازمة كوشينغ أيضًا، من الحالات التي قد تؤثر على عملية التمثيل الغذائي. ويؤثر السرطان على احتياجات الطاقة، من خلال التغيرات المرتبطة بالمرض في عملية التمثيل الغذائي وزيادة الالتهاب؛ ما يرفع من معدلإنفاق الطاقة، والتسبب بفقدان الوزن للعديد من مرضى السرطان في كثير من الأحيان.
أما مرضى متلازمة كوشينغ، فهم يعانون من ارتفاع مستويات الكورتيزول؛ ما يجعلهم في حال صراع مستمر مع الحفاظ على وزن صحي بسبب بسبب الاضطرابات في عمليات التمثيل الغذائي الطبيعية. على سبيل المثال؛ يمكن أن يؤدي ضعف استقلاب الجلوكوز، والذي يؤثر على كيفية هضم الجسم للجلوكوز (السكر)، إلى زيادة الوزن لدى هؤلاء المرضى.
هل بالإمكان تعزيز عملية التمثيل الغذائي
بالتأكيد.. يمكن ذلك للعوامل التي يمكن السيطرة عليها؛ مثل نمط الحياة الغذائي والصحي وعلاج بعض المشاكل الصحية. لكن الأمر ذاته لا ينطبق على العامل الوراثي، الذي تحتاجين لتقبله برحابة صدر.
ومن الطرق الفعالة التي سوف تساعدكِ في تعزيز وتفعيل عملية التمثيل الغذائي لديكِ، ما أورده موقع Health بالآتي:
- اتباع نظام غذائي مغذي وحسب توصيات الطبيب المختص أو خبيرة التغذية. وفي دراسة أجريت على 304 امرأة تعاني من السمنة أو الوزن الزائد وتتراوح أعمارهن بين 18 و50 عامًا؛ تبينَ أن النساء اللاتي اتبعننمطًا غذائيًا مؤلفًا من الخضار والفواكه والمكسرات والبيض واللحوم الحمراء والبيضاء والبقوليات، كان لديهنَ معدل BMR أعلى بكثير من النساء اللاتي اتبعنَ أنظمة غذائية غنية بالأطعمة المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات والدهون.
كما أن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة الكاملة، وخاصة الأطعمة الغنية بالبروتين؛ هو الطريقة الأمثللتحسين معدل الأيض والحفاظ عليه.
- الحفاظ على تكوين الجسم الأمثل وعلاج أية مشاكل صحية يمكن أن تعيق عمل الأيض السليم.
- زيادة النشاط البدني والحفاظ عليه، والتركيز على دعم كتلة العضلات من خلال تدريبات المقاومة التي سوف تؤديإلى زيادة معدل التمثيل الغذائي الأساسي ومنع انخفاض معدل التمثيل الغذائي الأساسي المرتبط بالشيخوخة.
وقد وجدت مراجعة بحثية، أن تمارين المقاومة زادت من معدل الأيض الأساسي بنحو 96 سعرة حرارية في اليوم. في حين خلصت دراسةٌ صغيرة أخرى شملت 67 شخصًا؛ إلى أن التدريب على المقاومة لمدة 9 أشهر أدى إلى زيادة معدل ضربات القلب بنسبة 5% في المتوسط.
- الحصول على قسط كاف من النوم للحفاظ على معدل BMR صحي.
مع الإشارة إلى أن اتباع نظام غذائي مغذ، والحفاظ على اللياقة البدنية، والحصول على قسط كاف من النوم لا يشجع فقط على تفعيلعملية التمثيل الغذائي الصحي؛ وإنما أيضًا يسهم في تعزيز الصحة العامة وتقليل خطر الإصابة بالحالات الشائعة، مثل أمراض القلب.
خلاصة القول، أن التمثيل الغذائي مميزٌ وفريد لكل شخص؛ وقد تتحكم فيه عوامل متعددة، مثل الوراثة والأمراض والعمر والتي قد تؤثر سلبًا أو إيجابًا على عمل الأيض وفاعليته. لذا ننصحكِ عزيزتي باستشارة طبيب مختص، لمعرفة خفايا التمثيل الغذائي لديكِ وكيف تحافظين على قوته وتفعيله بكافة الأشكال التي تحبين.