سرعة الاستجابة قد تنقذ حياة المريض.. كل ما تحتاجين معرفته عن السكتة الدماغية في يومها العالمي
كل عام، يتم الاحتفال باليوم العالمي للسكتة الدماغية في 29 أكتوبر؛ للتأكيد على خطورة هذا المرض وارتفاع معدلاته، كما يتم الاحتفال بهذا اليوم لزيادة الوعي. وتُعتبر السكتة الدماغية خطرًا صحيًا حقيقيًا، وسببًا رئيسيًا للوفاة والإعاقة حول العالم. فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية؛ فإن ربع سكان العالم مُعرضون لمخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، في حين تشهد معدلات الإصابة بها ارتفاعًا حول العالم.
تُعد الأمراض غير المعدية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع الكولسترول والسمنة، عوامل خطر رئيسية للإصابة بالسكتة الدماغية. كما تُحفز بعض العادات من مخاطرها، على غرار التدخين واستهلاك الكحول والإفراط في مشروبات الطاقة. وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو جليًا بأن إجراء التعديلات اللازمة في أنماط الحياة؛ يحد من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، حتى عند وجود عوامل الخطر غير القابلة للتعديل مثل العمر والاستعداد الوراثي.
كما أن سرعة الاستجابة في حال تشخيص الإصابة بالسكتة الدماغية، تُقلَل بنسبة عالية من وفاة المصاب بهذه المشكلة.
في تقريرنا اليوم، نُسلط الضوء معًا على أسباب وأعراض السكتة الدماغية، وطرق الوقاية منها؛ من خلال معلومات أفادنا بها كلٌ من الدكتور محمد معتز، اختصاصي المخ والأعصاب والسكتة الدماغية من المستشفى السعودي الألماني بالشارقة؛ الدكتورة فيكتوريا آن ميفسود، طبيبة أخصائية في معهد الأعصاب في مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي؛ والدكتور أندرو روسمان، المدير الطبي لمركز كليفلاند كلينك الشامل للسكتات الدماغية في أبوظبي.
البداية مع الدكتور معتز الذي يشرح لنا أسباب وأعراض السكتة الدماغية..
يقول الدكتور معتز أن السكتة الدماغية هي أحدأكثر الامراض المُسبَبةللاعاقة، وثانيأكثر الأمراض المسببة للوفاة. إذ أن حوالي 100 مليون شخص حول العالم، يعانون من تبعات السكتة الدماغية؛ فيما يبلغ معدل الإصابة بهذه المشكلة عالميًا نحو 15 مليون كل عام، كما أن شخصًا واحدًا من كل 4 أشخاص مُعرَضٌ للإصابة بالسكتة الدماغية طوال حياته.
أسباب وأعراض السكتة الدماغية
ويحذر اختصاصي المخ والأعصاب من المستشفى السعودي الألماني، من أن السكتة الدماغية لم تعد حكرًا على كبار السن فقط؛ حيث أن أكثر من 60% من الإصابات تحدث تحت سن 65 عامًا.
بالنسبة للأسباب، فهناك الكثير من المُسببات للسكتة الدماغية وفقًا للدكتور معتز؛ أهمها:
- ارتفاع ضغط الدم والسكر والكوليسترول.
- الإسراف في التدخين وشرب الكحول.
- قلة ممارسة الرياضة والسمنة واضطرابات النوم.
- بعض أمراض القلب كالرفرفة الأذينية وأمراض تصلَب الشرايين.
أما أعراض السكتة الدماغية فعديدة، أبرزها فقدان قدرة المصاب على النطق أو فهم الكلام؛ ضعف الأطراف ونقص الإحساس بها؛ واختلال الرؤية والتوازن.
وعند حدوث أو تبيانأي من هذه الأعراض، يجب التوجه بالمصاب فورًاإلىأقرب مستشفى مجهزة للتعامل مع حالات السكتة الدماغية. الساعات الأربع والنصف الأولى، هي الفترة الذهبية لعلاج السكتة الدماغية، يؤكد الدكتور معتز؛ وذلك عن طريق إعطاء العقار المذيب للجلطة. مشيرًا إلى أن الكثير من التطور ظهر في علاجات السكتة الدماغية، عن طريق استخدام القسطرة المخية.
سرعة الاستجابة قد تنقذ حياة المريض
تنضم الدكتورة ميفسود إلى الدكتور معتز، في التأكيد على أن الإسراع في تلَقي المصاب بالسكتة الدماغية للعلاج المناسب؛ يُسهم بنسبة عالية في إنقاذ حياته.
وتقول أنه وعلى الرغم من تصنيف السكتة الدماغية كثاني الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، والسبب الثالث للإعاقة؛ فإن ما يدعو للتفاؤل هو أن 80% من إصابات السكتة الدماغية يمكن تجنَبها. فالاستجابة المباشرة تُنقذ الأرواح، لذلك من المهم فهم أعراض السكتة الدماغية وعلاماتها المبكرة.
وشدَدتالدكتورة ميفسود على أهمية الاستجابة المباشرة بالقول: "يخسر ضحايا السكتة الدماغية ما يصل إلى مليوني خلية في الدقيقة الواحدة. وبالرغم من ذلك، ومع توفر الخيارات العلاجية بما في ذلك الأدوية والإجراءات الأخرى؛ يمكننا الحد من الآثار السلبية للسكتة الدماغية. لذلك نشجع جميع أفراد المجتمع للتعرّف على أعراض هذه الحالة، وطلب المساعدة الطبية الطارئة عند حدوثها."
علامات تحذيرية للسكتة الدماغية ينبغي تعلَمها
يُعد اختصار " B.E.F.A.S.T تمثيلًا واضحًا سهل التذكر لعلامات التحذير الرئيسية المتعلقة بالسكتة الدماغية؛ فهو يشير إلى أهم أعراضها التي تتضمن ما يلي:
- التوازن (Balance): فقدان التوازن أو التنسيق الحركي المفاجئ.
- الرؤية (Eyes): صعوبة في التركيز أو رؤية مزدوجة أو عدم وضوح الرؤية.
- الوجه (Face): عدم القدرة على الابتسام بصورة طبيعية أو ظهور ميلان في الوجه.
- الذراعين (Arms): تقييم ما إذا كان من الممكن رفع كلا الذراعين أو سقوط ذراع واحدة.
- النطق (Speech): تمييز ما إذا كان الكلام مبهمًا أو غير تقليدي.
- الوقت (Time): يُعدّ الوقت العامل الحاسم في السكتة الدماغية، لذلك ينبغي الاتّصال فوراً بالطوارئ عند ملاحظة أي من هذه الأعراض.
من المهم الإشارة إلى أن الأعراض قد تكون مختلفةً لدى النساء، إذ تميل لتكون أكثر وضوحًا. ويمكن أن يشير فقدان الوظيفة المفاجئ وغير المبرر والذي يتجلى في التعب والارتباك والضعف العام والغثيان والصداع الشديد والقيء، إلى السكتة الدماغية. كما أن التغيرات الهرمونية والحالات الصحية المرتبطة بالحمل على غرار سكر الحمل وتسمم الحمل، واستخدام بعض أدوية منع الحمل؛ قد تزيد من مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى السيدات. لذلك فإن الوعي بهذه المخاطر يساعد في التعرّف على المؤشرات التحذيرية الأولى للإصابة بالسكتة الدماغية. وفي جميع الحالات، من المهم الإسراع في إسعاف المريض لأقرب منشأة طبية لتلقي العلاج المناسب.
وأوضحتالدكتورة فيكتوريا بالقول: "إن 80% من حالات السكتة الدماغية هي من النوع الإقفاري، والذي يحدث نتيجة إعاقة تدفق الدم إلى الدماغ بسبب تشكَل خثرة دموية. وإذا ما تمَ إسعاف المريض في غضون 4 ساعات من حدوث السكتة، يمكننا إعطاؤه دواءً لإزالةالخثرة لاستعادة تدفق الدم؛ وبالتالي تجنب خسارة المزيد من الخلايا. وبالنسبة لبعض الأشخاص، قد يحتاجون لإجراء القسطرة لتفتيت الخثرة الدموية، والذي يتعين تنفيذه في غضون 24 ساعة من ظهور الأعراض."
بالنسبة للسكتة الدماغية النزفية، والتي تحدث نتيجة تمزَق أحد الأوعية الدموية؛ تُعتبر إدارة ضغط الدم أمرًا في غاية الأهمية، وقد يقوم الأطباء بإعطاء المريض أدويةً مخصصة لهذا الغرض، أو اللجوء للجراحة لتقليل الضغط الناجم عن تجمَع الدم في الدماغ.
في الحالات الشديدة، يستخدم مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي نظام ARTIS Icono؛ وهو أحدث أنظمة التدخل الجراحي لعلاج السكتة الدماغية في المنطقة، ويضم تقنيات التصوير ثنائية وثلاثية الأبعاد المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ويقدم فوائد كبيرة مثل جودة التصوير العالية، إدارة ترميم الشرايين المباشر، توفير الوقت، وتقليل تعرَض المرضى للإشعاع.
6 خطوات رئيسية للوقاية من غالبية السكتات الدماغية
قدّم الدكتور أندرو روسمان، عددًا من النصائح حول كيفية تقليل مخاطر السكتة الدماغية من خلال الإدارة الجيدة للحالات الصحية التي يعاني منها الأفراد وإجراء تغييرات في أسلوب الحياة. وقال: "إن جميع هذه النصائح مترابطةً ببعضها البعض، إذ أن معظم التغييرات المذكورة في أسلوب الحياة تؤدي دورًا ملموسًا في تحسين إدارة حالات طبية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول وداء السكري، والتي تسهم جميعها في زيادة مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية."
والنصائح التي يشرحها الدكتور روسمان، تتمثل في الآتي:
- خفض ضغط الدم: أشار الدكتور روسمان إلى أن ارتفاع ضغط الدم غير المُعالج، والذي يُعرّف بأنه ضغط الدم الذي يزيد دائماً عن 80/130؛ يُعد أهم عوامل الخطر القابلة للعلاج حول العالم وذلك عندما يتعلق الأمر بالسكتات الدماغية.
موضحًا أنه إلى جانب تناول الأدوية المناسبة، هناك عددٌ من الخطوات التي يمكن اتخاذها لخفض ضغط الدم مثل التقليل من تناول الملح، الأمر الذي يعتبره الدكتور روسمان جيدًا حتى بالنسبة للأشخاص الذين لا يعانون من ارتفاع ضغط الدم. وأضاف: "إننا ننصح بتناول أقل من 2 جرام من الملح يوميًا، وإنني أشير على مرضاي دائمًا بضرورة قراءة صحيفة الحقائق الغذائية وتصفَح المواقع الإلكترونية الموثوقة والمعنية بالغذاء وذلك لمعرفة كمية الصوديوم التي يتناولونها والتي عادةً ما تكون أعلى بكثير مما يعتقدون."
- توخي الحذر من داء السكري: أكد الدكتور روسمان أهمية إجراء اختبارات السكري؛ وفي حال تشخيص الإصابة به، يجب إدارة المرض بصورة جيدة، مبيّنًا أن داء السكري يتسبب في تضيَق الأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في الجسم ومنها الأوعية الدموية في العين والكلى والقلب والدماغ. ونتيجةً لذلك يمكن أن يتسبب داء السكري في عدد من المشاكل الوعائية، والقلبية الوعائية، والدماغية الوعائية؛ ومنها السكتات الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، وبالنسبة للمرضى الذين نجوا من سكتة دماغية سابقة، فإن احتمال الإصابة بسكتة دماغية ثانية يكون أكبر بثلاث مرات لدى الأشخاص المصابين بداء السكري غير المُعالج.
كما أشار الدكتور روسمان إلى أن خطة العلاج الأفراد المصابين بداء السكري تشمل إجراء فحوصات الهيموغلوبين السكري (HbA1C) الذي يقدم لمحةً عن مستويات سكر الدم خلال الأشهر الثلاثة السابقة لإجراء التحليل. وقال: "إننا ننصح هؤلاء المرضى بالحرص على إبقاء مستويات الهيموغلوبين السكري عند عتبة 7.0 أو أقل. كما أن تناول الأدوية ومراقبة النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام واتباع نصائح مزود الرعاية الصحية، تساعد في تحقيق هذا الهدف".
- معالجة الرجفان الأذيني: أشارت المنظمة العالمية للسكتة الدماغية إلى أن الرجفان الأذيني يرتبط بحالة من أصل أربع حالات سكتة دماغية. من جانبه أوضح الدكتور روسمان إلى أن هذه السكتات تميل لأن تكون أكثر خطورة وتسببًا في الإعاقة مقارنةً بالسكتات المرتبطة بعوامل الخطر الأخرى.
وقال: "يعد الرجفان الأذيني حالةً مرتبطة بإيقاع ضربات القلب، تشهد نبضات سريعة جدًا لا تسمح للحجرة العُلوية اليسرى للقلب -الأذين الأيسر- من التقلص بشكل صحيح. وعوضًا عن ذلك، يبدأ الأذين الأيسر بالرجفان والرفرفة، ما يؤدي لعدم إفراغ الدم منه بصورة طبيعية؛ وقد يؤدي ركود لدم لفترة طويلة إلى تشكَل جلطات يمكن أن تنتقل إلى جميع أنحاء الجسم لتتسبب بانسداد وعاء دموي في الدماغ، ما يؤدي إلى حرمانه من الأكسجين والعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها".
وتابع الدكتور روسمان أن الرجفان الأذيني يُعدَ من أكثر اضطرابات إيقاع ضربات القلب شيوعًا عند المتقدمين بالسن، وإن عامل الخطر المرتبط به وثيق الصلة بالعمر. وقال: "كلما تقدم الإنسان بالعمر، زادت مخاطر الإصابة بالرجفان الأذيني؛ الأمر الذي يزيد كذلك من عوامل الخطر المرتبطة بالإصابة بسكتة دماغية. إن أكثر من نصف الأشخاص المصابين باضطرابات إيقاع ضربات القلب لا يعلمون بإصابتهم. إلا أنه يمكن معالجة الرجفان الأذيني عند تشخيصه وذلك باستخدام مُميعات الدم التي على الرغم من بعض المخاطر المرتبطة بها، إلا أن منافعها تفوق تلك المخاطر بكثير في معظم المرضى".
- ضبط مستويات الكوليسترول: بالإضافة إلى خفض مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) أو الكوليسترول الضار كما هو معروف، وذلك عبر نظام غذائي جيد لا يشمل الدهون المشبعة على سبيل المثال؛ فقد يقوم الأطباء بوصف أدوية الستاتين التي تُقلَل من المخاطر المستقبلية للإصابة بالجلطات القلبية والسكتات الدماغية. وقال الدكتور روسمان أن هذا النوع من الأدوية وخصوصًا روزوفاستاتين وأتورفاستاتين، قد تحقق فوائد للمرضى تتجاوز مجرد خفض مستويات الكوليسترول؛ إذ أنها تسهم في تقليل الاحتقان واستقرار تراكم الرواسب الدهنية (اللوائح) على جدران الأوعية الدموية.
- الإقلاع عن التدخين: شددَ الدكتور روسمان على أهمية الإقلاع عن التدخين بالقول: "ترتبط كل أنواع التدخين بارتفاع مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والسكتات الدماغية؛ كما ترتبط بدرجة كبيرة بتسريع تصلب الشرايين وتضيَق الأوعية الدموية في الدماغ والقلب وباقي أنحاء الجسم. وإننا ننصح بشدة الجميع، بالإقلاع نهائيًا عن كل أنواع استهلاك النيكوتين وذلك لتقليل المخاطر طويلة الأمد للإصابة بأمراض متعددة".
- تبنَي أسلوب حياة صحي: ينصح الدكتور روسمان باتباع برنامج غذائي صحي يتميز بانخفاض الدهون المشبعة والصوديوم، وتجنب الكحول واستهلاك الكافيين بكميات كبيرة؛ كما يؤكد على أهمية ممارسة النشاط البدني بانتظام لما له من قدرة على خفض عوامل خطر السكتات الدماغية بطريقة مباشرة، وإسهامه بطريقة غير مباشرة في خفض ضغط الدم والسكر. كما يمكن للتمارين الرياضية التقليل من التوتر والضغط النفسي تمامًا، كما هو الحال مع تمارين التأمل والتنفس العميق؛ الأمر الذي يُعد على درجة كبيرة من الأهمية، إذ أن التوتر والضغط النفسي يتسببان في إفراز الجسم لمواد كيميائية تزيد من ضغط الدم، وتؤثر على الهرمونات، وتزيد مستويات سكر الدم.
في الختام، فإن صحة الفرد هي مسؤوليته الأولى والأهم؛ لكن هذا لا ينفي أهمية العناية بصحة أحبتنا خاصةً المرضى منهم وكبار السن ممن يُعدون أكثر عرضةً للأمراض والمشاكل الصحية مثل السكتة الدماغية. لذا ندعوكِ عزيزتي لتعلَم الإشارات التحذيرية للسكتة الدماغية، كي تساهم في إنقاذ حياة مصاب بها بشكل أو بآخر.