الالتزام بنمط صحي يُخفَف منها: تغيراتٌ ومخاوف في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث
إن سألتِ أي امرأةً ما هي السن الأجمل في حياتها، ستكون معظم الإجابات: سن الثلاثين..
في الواقع، هذا ما شعرتُ به بنفسي أيضًا؛ حيث كان سنوات الثلاثين هي الأجمل والأكثر إشراقًا وحيوية وإقبالًا على الحياة والعمل. بدأتُ في الثلاثين بتأسيس مهنةٍ ناجحة، وبيت زوجية، وحمل وولادة؛ وكانت أجمل أيامي ورحلاتي ومغامراتي في هذا السن.
خلال سنوات الأربعين، لم أفقد الكثير من زخم الثلاثينيات؛ لكنني بدأتُ أشعر بالتعب والملل وعدم الرغبة في القيام بأشياء كثيرة كما كنتُ أفعلُ في السابق. كما بدأتُ أعاني من بعض المشاكل الصحية التي تمرَ بها معظم السيدات في هذه الفترة من العمر، وبعضهنَ قد يبدأنَ بالمرور بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث خلال فترة الأربعين.
هذا بالفعل ما شعرت به إحدى السيدات اللاتي توجهت بسؤالٍ إلى خبراء "مايو كلينك" حول مرحلة ما قبل انقطاع الطمث؛ حيث أكدَ لها الطبيب في قسم صحة المرأة، وهي تبلغ 41 سنة، أنها في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث. متساءلةً عما يعني ذلك بالضبط؛ فهي لم تعاني من أية أعراض لها علاقة بانقطاع الدورة الشهرية. وطلبت النُصح حول ما يجب عليها فعله للاستعداد لذلك. وهو ما أجابت عليه الدكتورة جوليانا (جيويل) كلين، من قسم صحة المرأة، مايو كلينك، فينكس.. فلنستفد سويًا من إجابات الطبيبة المختصة.
تغيرات ومخاوف في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث
بحسب الدكتورة كلين؛ فإن مرحلة ما قبل انقطاع الطمث تُشير إلى هذا الوقت من حياتكِ عندما يبدأ جسمكِ إحداث التحوَل الطبيعي إلى انقطاع الطمث، ما يعني نهاية سنوات الإنجاب. ومن الممكن أن تبدأ مرحلة ما قبل انقطاع الطمث بحلول فترة وسط الثلاثينيات من عمركِ؛ وفيما تمرّين بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، يتعرض إنتاج جسمكِ للإستروجين — الهرمون الأنثوي الأساسي — للارتفاع والانخفاض. هذه التذبذبات قد تؤدي إلى بعض الأعراض مثل عدم انتظام الحيض وهَبَّات الحرارة وجفاف المهبل.
وبمجرد ما يمر عليكِ 12 شهرًا متتالية بدون الدورة الشهرية، تكونين قد تحوّلتِ رسميًا من مرحلة ما قبل انقطاع الطمث إلى انقطاع الطمث. وقد يحدث انقطاع الطمث في الأربعينيات أو الخمسينيات من العمر، ولكن السن المتوسط هو 51 سنة.
وتضيف كلين: "مرحلة ما قبل انقطاع الطمثهي تغيّرٌ بيولوجي طبيعي. وبما أن الأعراض تظهر وتختفي، تشعر نساءٌ كثيرات كما لو أنهنَ في أرجوحة ملاهي تهز عواطفهنَ. ومع أن النساء لا يشعرن جميعًا بذات الأعراض كلها، فإن المشكلات الأكثر شيوعًا تشمل اعتلالًا عامًا قد لا تدرك النساء أنه يرتبط بانقطاع الطمث. من المهم أن تعرفي أن هذا كله أمرٌ طبيعي؛ إذ يساعد على فهم المزيد عن الأعراض التي قد تشعرين بها."
هبات الحرارة ومشكلات النوم
تتابع الدكتورة كلين كلين نصائحها للسائلة ولكافة النساء فيما يتعلق بأعراض مرحلة ما قبل انقطاع الطمث:
عندما تصيبكِ هبّةٌ ساخنة، قد تشعرين بإحساسٍ مفاجئ بالدفء أو الحرارة، وغالبًا ما يكون ذلك أعلى الجسم حول الوجه والرقبة. قد يجعل ذلك وجهك يحمرّ ويتورد، وقد يبدأ جسمك في التعرّق. ويمكن أن تصيبك هبات الحرارة أيضًا أثناء النوم؛ ونوبات "التعرّق الليلي" هذه قد تؤثر على النوم الجيد ليلًا.
التغيرات المزاجية
هي أمرٌ شائع في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث؛ وتشمل سهولة الاستثارة أو الإرهاق أو الحزن أو القلق. هذه التقلبات المزاجية قد تكون نتيجةً لانخفاض مستويات الإستروجين، ويُعدَ والاكتئاب أيضًا من الآثار الجانبية الشائعة لانقطاع الطمث. لذا من المهم أن تشاركي مشاعركِ وتقلباتك المزاجية مع اختصاصي الرعاية الصحية، تؤكد كلين.
النسيان
أثناء مرحلة ما قبل الطمث، ربما تبدئين أيضًا في ملاحظة أنه لديكِ صعوباتٍ مع الذاكرة والتركيز. فقد تجدين من الصعب عليكِ تذكّر أمورٍ بسيطة، مثل أين تركتِ مفاتيحك أو لماذا تمشين في الحجرة. يُسمّى ذلك أحيانًا "ضباب الدماغ" وهو شائعٌ إلى حد ما. "إني غالبًا ما أجد نساءً يُعربنَ عن قلقهنّ من أن يكون ذلك علامةً مبكرة على إصابتهن بالخَرَف، والأمر في الواقع ليس كذلك" تقول كلين.
لقد أظهرت الكثير من الدراسات أن ضباب الدماغ المرتبط بانقطاع الطمث مؤقت، ثم تعود الوظائف المعرفية إلى طبيعتها. وقد ينتج ضباب الدماغ أيضًا عن قلة النوم وقلة الراحة السليمة؛ وعندما يتحسن النوم، غالبًا ما نرى تحسنًا في الذاكرة كذلك الأمر.
زيادة الوزن
غالبًا ما تلاحظ النساء أنهنَ يأكلن الأكل ذاته ويمارسنَ التمارين نفسها، إلا أن وزنهنَ يزيد فجأةً. وتقول الدكتورة جوليانا في هذا الصدد، أنه من الشائع أن تلاحظ النساء زيادة الوزن أثناء مرحلة ما قبل انقطاع الطمثوالتحول إلى انقطاع الطمث، خاصةً حول منطقة الخصر. فغالبًا ما تتسبب التغيرات الأيضية وفقدان العضلات في هذه الحالة مع تقدم العمر؛ ومن الممكن أن تؤثر زيادة الوزن بشدّة على صحتكِ،لذا فقد حان الوقت كي تلتزمي بعادات نظام الحياة الصحية.
خطواتٌ فعالة لتخفيف أعراض مرحلة ما قبل انقطاع الطمث
مرةً أخرى، وبما أن جميع النساء لا يشعرنَ بالأعراض نفسها، أو لا يتساوينَ في شدة الشعور بها؛ فإن مرحلة ما قبل انقطاع الطمث هي الوقت المثالي لوضع خطةٍ لمواجهة التغيرات التي تتعرضين لها وستتعرضين لها في المستقبل، تؤكد كلين. مشيرة إلى وجود الكثير من الكتب والمُصادر المتاحة عبر الإنترنت والتي قد ترغبين في استعراضها واستخدامها للتواصل مع الآخرين.
أثناء انقطاع الطمث، تزداد خطورة إصابتكِ ببعض الأمراض والحالات الصحية، بما في ذلك مرض القلب، وهشاشة العظام، والتهابات الجهاز البولي. وتوجد الكثير من الأشياء التي بإمكانك فعلها لتخفيف الأعراض وحماية صحتكِ، تُطلعنا عليها الدكتورة جوليانا قائلةً:
تأكدي أنكِ تمارسين عادات نظام الحياة الصحي وهي:
- ممارسة الرياضة بانتظام، بما في ذلك التمارين القلبية الوعائية وتدريبات المقاومة. إذ يساعد ذلك في حمايتكِ من فقدان العضلات، وتحفيز الأيض، وتقوية العظام. وتشمل تدريبات المقاومة رفع الأثقال أو ممارسة التمارين بالاعتماد على ثقل جسمكِ.
- الأكل وفقًا لحميةٍ غذائية صحية متوازنة، مع ضرورة تجنّب الأطعمة المُعالَجة وفرط تناول السكر.
- الإقلاع عن تناول الكحوليات.
- الحفاظ على وزنٍ صحي.
- الإقلاع عن التدخين أو أي منتجات تبغ.
- الإقلال من الإجهاد والانتباه لصحتكِ النفسية.
مع أن العلاج الهرموني مصدرٌ للقلق أحيانًا، إلا أنه يساعد على تحسين أعراض انقطاع الطمث. ولا يزال العلاج المعتمد على الإستروجين هو العلاج الأكثر فعاليةً لعلاج هَبَّات الحرارة؛ ويساعد الإستروجين أيضًا على الوقاية من فقدان العظام. كما توجد أيضًا خياراتٌغير هرمونية، ومن المهم أن تناقشي مع فريق الرعاية الصحية مخاطر كل علاج وفوائده، وما الذي يناسبكِ وفقًا لكلين.
فتجربة كل سيدة أثناء مرحلة ما قبل انقطاع الطمث ومرحلة انقطاع الطمث تكون مختلفة؛ ولا تعتقدي أنه من غير الشائع أن تشعر النساء بعدم الأمان والعزلة مع حدوث هذه التغيرات. اعلمي أنك لستِ وحيدة،واطلبي الدعم من الأسرة والأصدقاء والمجموعات الأخرى التي بإمكانها أن توفر لكِ مكانًا آمنًا لتشاركي ما تعانين منه. وإن شعرتِ أنكِ غير قادرةٍ على تحمّل ما تعانينه، فمن المهم طلب المساعدة واستشارة فريق الرعاية الصحية.