دماغكِ بحاجة للراحة: إليكِ أفضل النصائح التي تساعد في ذلك
الدماغ من أعضاء الجسم القليلة التي لا تعرف الراحة أو الهدوء؛ وهو كالقلب، في حركةٍ دائمة وانشغالٍ بكافة أمور الحياة، حتى البسيطة والتافهة برأينا.
يمكن تشبيه الدماغ بوحدة المعالجة المركزية في الكمبيوتر؛ إذ يعمل على استقبال المعلومات من العينين، والأذنين، والأنف، وغيرها من الأعضاء الحسية. ثم يقوم يقوم بمعالجتها، وتوليد الأفكار، وإرسال الرسائل إلى الجسم.على سبيل المثال، يُخبرُ الدماغ العضلات بكيفية الحركة، بحيث يُمكن للشخص المشي أو التحدث أوالقيام بكافة الأشياء التي يريد من جسمه القيام بها.كذلك يتحكَم الدماغبالكثير مما يفعله الجسم دون أن يفكر الشخص بذلك؛ مثلًا، يقوم الدماغ تلقائيًا بضبط التنفس، ومعدل ضربات القلب، وضغط الدم.
إذن؛ يحتاج المرء مناللدماغ لكي يكون قادرًا على الحركة، والتحدث، والتذوق، والشم، والسمع، والرؤية. بالمقابل، يحتاج الدماغ للكثير من الدَم والأكسجين حتى يعمل، كما أنه بحاجةٍ ماسة للراحة بين الفينة والأخرى كي يتمكن من الاستمرار في عمله الحيوي هذا.
في وقتنا الحالي، وفي خضم التكنولوجيا المتقدمة التي باتت تحاصرنا من كل جانب، ومع تزايد المهام اليومية المهنية والاجتماعية وغيرها، بموازاة الأزمات العديدة التي يمر بها العالم كل يوم؛ نجد أدمغتنا في حالة عملٍ وترقبٍ وقلقٍ وتحليلٍ شديدة، ما يضغط على هذا العضو المهم ويُصيبه بالتعب والإرهاق وعدم القدرة على العمل بشكل فعال كما هو مطلوبٌ منه.
راحة الدماغ حاجةٌ لا بدَ منها
هنا، تبرز أهمية "راحة الدماغ" التي يُشدَد عليها الكثير من خبراء الصحة الجسدية والنفسية؛ لأن كثرة الضغط على الدماغ يمكن أن تتسبب في مشاكل عديدة، مثل الاكتئاب والتوتر فضلًا عن زيادة مخاطر الإصابة بمشاكل الدماغ مثل الخرف والزهايمر وغيرها.
عندما تفكرين بإراحة دماغكِ، ما هي أول الأنشطة التي تخطر على بالكِ؟
بالنسبة لي، سيكون النوم لبعض الوقت، أو الاسترخاء على الأريكة لبعض الوقت أثناء مشاهدة التلفاز، أو المشي أو الرياضة هي الخيارات التي تُبعدني قليلًا عن التفكير أو العمل على الحاسوب أو مطالعة وسائل التواصل الاجتماعي الذي وصل بنا إلى حد الإدمان.
لكن تارا باركر بوب، محرَرة The Well Being في صحيفة "واشنطن بوست" لها رأيٌ مغاير. فهي تقول أنه في حين أن لحظات الراحة هذه لها مكانتها المهمة في الحياة اليومية، إلا أنه من الخطأ النظر إلى الراحة باعتبارها تجربةً سلبية تمامًا. وتضيف: "يقول الخبراء إن الراحة الحقيقية لا تتعلق فقط بالبقاء مستقرًا أو في وضعية الاستلقاء، بل تتعلق أيضًا بإعطاء عقلكِ فترات الراحة التصالحية التي يحتاجها ليعمل على المستوى الأمثل. وفي حين أن النوم الكافي ضروريٌ لصحة الدماغ ، فإن العديد من أشكال الراحة تنطوي على النشاط، وليس النوم."
وتنقل بوب عن أليكس سوجونج كيم بانج، مؤلف كتاب "الراحة: لماذا تنجز المزيد من العمل عندما تعمل أقل" رأيًا مماثلًا في هذا الصدد، حيث يقول: "إن أكثر أنواع الراحة تجديدًا - وهي الأشياء التي تُعيد شحن بطارياتنا العقلية والجسدية بشكلٍ أكثر فعالية - هي الأشياء النشطة وليست السلبية. إن المشي لمسافاتٍ طويلة أو ممارسة التمارين الرياضية، يمكن أن يمنحنا طاقةً أكثر وليس أقل، ويتركنا نشعر بالمزيد من النشاط العقلي."
9 نصائح فعالة لراحة الدماغ
إذن، كيف يمكننا إراحة الدماغ من خلال النشاط وليس الراحة؟!
تقدَم بوب من خلال مقالتها Your brain needs more rest than you’re giving it. These 9 tips can help. المنشورة على موقع The Washington Post، 9 نصائح فعالة لبناء عادات الراحة الخاصة بالدماغ ، نقلًا عن العديد من الخبراء والمختصين، والتي نستعرضها معًا.
- التركيز على الراحة النشطة: والتي تعني الانفصال عن مُهمةٍ مُركَزة، عادةً ما تكون العمل؛ والمشي أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية. وحتى لو كانت التمارين الرياضية تتعبكِ، فهي لا تزال تُعتبر بمثابة راحةٍ لعقلك. ويقولبانج: "إن المشي لمسافاتٍ طويلة أثناء الاستماع للموسيقى أو حلقات البودكاست، قد يُوفَر لكِ قدرًا أكبر من إعادة الشحن وضبط النفس، أكثر من مجرد الجلوس على الأريكة ومشاهدة أحد أفلامكِ المُفضَلة.
- البدء بممارسة هواية: إن تحويل انتباهكِ إلى هوايةٍ ما - كالرسم، والسيراميك، ومراقبة الطيور - هو أيضًا شكلٌ من أشكال الراحة؛ يقتر بانج مضيفًا: "قد يكون من المفيد حقًا أن يكون لديكِ هواياتٍ جادة تشغل وقتكِ واهتمامكِ أيضًا."
- أخذ المزيد من فترات الراحة خلال اليوم: مهما كنتِ مشغولةً أو لديكِ من المهام المهمة التي ينبغي القيام بها؛ فإنه وأثناء فترات الراحة، يعيد عقلكِ ضبط نفسه، واحتضان الأفكار، لتكوني بعدها أكثر نشاطًا وإبداعًا. في إحدى الدراسات، طُلب من مجموعاتٍ من الطلاب، تخيَل أكبر عددٍ ممكن من الاستخدامات لقطعةٍ واحدة من الورق. ركَزت إحدى المجموعات على المهمة، بينما أخذت مجموعةٌ أخرى استراحةً لمدة خمس دقائق أثناء التمرين؛ وانتهت مجموعة الاستراحة بمزيدٍ من الأفكار الإبداعية. لكِ أن تتخيلي عزيزتي تأثير هذه الفترة القصيرة من الراحة على إبداعكِ الخاص.
- قومي بإعداد قائمة "اليوم": يقول روبرت بوينتون، مؤلف كتاب "Do Pause: You Are Not a To Do List"؛ إن قوائم المهام غالبًا ما تكون مليئةً بمهامٍ لا نهاية لها، ومجرد النظر إليها يمكن أن يكون مُرهقًا ومُحبطًا. بالمقابل، يقترحوضع قائمة "اليوم"، تتضمن فقط المهام الأساسية التي يمكنكٍ إكمالها بشكل معقول خلال يومٍ واحد. وعند الانتهاء، لا تقومي بإضافة مهامٍ جديدة إلى القائمة، ويقول بوينتون في هذا الشأن: "قومي بتقديرٍ معقول لما يمكنكِ تحقيقه. وبمجرد الانتهاء من قائمة اليوم، يمكنك تخصيص بعض الوقت لنفسكِ."
- إعادة التفكير في أيام العمل الطويلة: تشير الأبحاث إلى أننا نصبح أقل إنتاجيةٍ وإبداعًا عندما نعمل لساعات طويلة؛ وقد وجدت أبحاثٌ من أيسلندا، أن العمال الذين عملوا ما بين 35 إلى 36 ساعة أسبوعيًا، كانوا متساوين أو أكثر إنتاجيةٍ وتحسنت حالتهم الصحية مقارنةً بالعمل أكثر من 40 ساعة أسبوعيًا. لهذا نجد أن العديد من الشركات والمؤسسات، وبعد انتهاء جائحة كوفيد-19، لجأوا إلى تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى 4 ونصف أو 4 أيام فقط عوضًا عن 5، لتعزيز إنتاجية موظفيهم بشكل أكبر.
- التدرب على فترات الاستراحة "الجزئية": ثبت أن فترات الاستراحة الصغيرة تزيد من النشاط وتُقلَل من التعب. في حال كان لديكِ اجتماعٌ مهم على منصة Zoom، خذي ثلاثة أنفاس عميقة قبل بدء الاجتماع؛ قومي بتمرين التنفس عند إشارات التوقف، كما يمكنكأخذ استراحةٍ لتناول القهوة وتذوقها. يقول بوينتون: "يُدهشني دائمًا مدى ضآلة ما يتطلبه الأمر لإحداث فرقٍ كبير. إن قضاء 90 ثانية في الخروج واستنشاق الهواء والنظر إلى الجبال، يضعني في حالةٍ ذهنية مختلفة تمامًا لمكالمة Zoom التالية."
- أخذ فترات راحةٍمن التكنولوجيا: لا تخافي، لن يتوقف الزمن لبضع دقائق.. قومي بإيقاف تشغيل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف لتمنحي نفسكٍ"استراحةً تقنية". تُعبَر سيليستهيدلي، مؤلفة كتاب “Do Nothing: How to Break Away From Overworking, Overdoing, and Underliving” عن هذا الموقف بالقول: "عليك أن تفهمي الطريقة التي يعمل بها دماغكِ. إن إبقاء صندوق بريدكِ الإلكتروني مفتوحًا في الخلفية على جهاز الكمبيوتر الخاص بكِ، يُعدَ بمثابة انقطاعٍ لعقلك. سوف ينفق الدماغ قدرًا مدهشًا من الطاقة في التفكير والاستعداد لوصول البريد الإلكتروني التالي."
- تتَبع أين يذهب الوقت: تؤكد هيدلي أن الكثير من الناس، لا يعلمون حقًا أين يذهب وقتهم؛لذا تنصح بتدوين الملاحظات كل نصف ساعة لتسجيل ما كنتِ تفعلين، وبعد أسبوعٍ أو أسبوعين، سوف تظهر لديكِ أنماطٌ واضحة. وتقول: "هذه واحدةٌ من أقوى التمارين؛ لأنه عندما يدرك الناس أين يمضي وقتهم حقًا، يمكن لهم أن يُغيَروا أولوياتهم تمامًا". وبمجرد تحديد عدد الساعات المجانية التي يمكنكِ الحصول عليها يوميًا، قومي بوضع خطةٍ محددة لكيفية استخدام هذا الوقت الخالي من الالتزامات.
- أخذ إجازاتٍ منتظمة: من منا لا يحب الإجازات؟ لكن الخبراء يؤكدون أن الإجازات الطويلة ليست أفضل؛ إذ تشير بعض الأبحاث لفوائد أخذ إجازةٍ من الذروةفي اليوم الثامن من الإجازة. في الواقع، فإن الكثير من فوائد الإجازة على الصحة العقلية تأتي من الأيام التي تسبقها؛ويقترح بانج في هذا الصدد، أخذ إجازةٍ لمدة أسبوعٍ تقريبًا كل ثلاثة أشهر، إذا استطعتِ. وينصحكِ" "لا تدعي أيام إجازتكِ تتراكم أو تختفي بشكل أسوأ. لقد وجدت إحدى الدراسات التي أُجريت على 12338 رجلًا في منتصف العمر، مُعرَضين لخطر الإصابة بأمراض القلب؛ أن عدم أخذ إجازاتٍ سنوية كان مرتبطًا بزيادة خطر الوفاة خلال فترة متابعة مدتها 9 سنوات مقارنةً بأولئك الذين كانوا يقضون إجازات أكثر."
خلاصة القول، أن راحة الدماغ لا تعني بالضرورة إيقاف تشغيله بصورة نهائية؛ بل يمكن أن يتضمن إشغاله بأمورٍ خلَاقة وإبداعية أكثر ولفتراتٍ قليلة، تسمح للدماغ بالتنشيط وزيادة التركيز. لذا ننصحكِ باتباع النصائح المذكورة أعلاه، بعضها أو كلها حسب قدرتكِ؛ لمنح دماغكِ الفرصة للعمل بشكل أفضل وأكثر إنتاجية.