فضلًا عن التطعيم: إليكِ أفضل التوجيهات للوقاية من سرطان عنق الرحم
عندما يتعلق الأمر بصحتنا، ينبغي أن يكون الاهتمام مضاعفًا وأكثر تركيزًا..
لماذا؟ لأن الصحة هي أثمن ما نملك طوال حياتنا؛ وفي حال لم تكن الصحة جيدة، فلا المال ولا الممتلكات ولا غيرها من المقتنيات المادية يمكن أن يُعوَض ذرةً واحدة من جسمٍ سليم وعقل متزن.
والعناية بالصحة لا تبدأ في عمر متأخر، كما يعتقد الكثيرون، ممن يبدأون بالذهاب للطبيب وتناول الأدوية الواقية فور بلوغهم سن الخمسين أو الستين، أو عند البدء بالشعور بالمرض والمعاناة من المشاكل الصحية. هذه العناية يجب أن تبدأ من عمر مبكر، وتحديدًا في سن المراهقة وهي مرحلةٌ من مراحل الحياة تقع بين الطفولة والبلوغ، بين سن 10 إلى 19 عامًا. وهي مرحلةٌ فريدة من نوعها في مراحل نمو الإنسان وفترةً حاسمة لبناء أسس الصحة الجيدة. يجتاز المراهقون خلالها، فترة نمو بدني ومعرفي ونفسي اجتماعي سريع، يؤثر على مشاعرهم وطرق تفكيرهم واتخاذ القرارات والتعامل مع العالم من حولهم. كما أن تشكيل بنيةٍ جسدية ونفسية مستقرة وصحية خلال سنوات المراهقة، يضمن شبابًا وشيخوخة أقل تعرضًا للأمراض خاصةً تلك المعدية أو الوراثية.
مثل مرض سرطان عنق الرحم، الذي ووفقًا لدورية الأمراض المعدية؛ فإن 9,930 فردًا من أصل 19,500 سيدة تمَ تشخيص إصابتهنَ بسرطان عنق الرحم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استسلمنَ للمرض خلال فترة 12 شهرًا، وهو ما يُمثَل معدل وفياتٍ مرتفع يصل إلى 50% بين المرضى. وعلى الصعيد العالمي، يحتل سرطان عنق الرحم المرتبة الرابعة بين أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، حيث يتم الإبلاغ عن 604 آلاف حالة جديدة و342 ألف حالة وفاة مرتبطة بالمرض سنويًا. ومع ذلك، فإن هناك بصيصٌ من الأمل يبقى لملايين النساء حول العالم، بفضل إمكانية الوقاية من ما يصل إلى 93% من حالات سرطان عنق الرحم من خلال التدابير والتدخلات المناسبة، وفقًا لما تؤكده مراكز السيطرة والوقاية من الأمراض.
التطعيم ضد سرطان عنق الرحم
أشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية،إلى أن سرطان عنق الرحم هو رابع أكثر السرطانات شيوعًا بين النساء في جميع أنحاء العالم؛ ويكمن السبب الرئيسي له في العدوى المستمرة بالأنواع عالية الخطورة من فيروس الورم الحليمي البشري.وبحسب الدكتور أوين هيث، استشاري جراحة الأورام النسائية،والحاصل على بكالوريوس الطب وبكالوريوس الجراحة والعضو في الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد في مستشفى كليفلاند كلينك؛فإن توافر التطعيم لجميع الإناث ضد فيروس الورم الحليمي البشري،والقدرة على استئصال الخلايا غير الطبيعية قبل تطور الآفاتالسرطانية، قد يجعلان سرطان عنق الرحم يصبح مرضًا من الماضي بالنسبة لأجيال المستقبل.
بدورها، قدمت الدكتورة دانا كوهن؛ خريجة كلية الطب بجامعة سانت جورج في غرينادا، بعض التوجيهات المفيدة حول الوقاية من سرطان عنق الرحم للحد من مخاطر هذا المرض الفتاك من خلال الممارسات اليومية للتعافي.
هل ترغبين بمعرفة هذه التوجيهات عزيزتي؟ إذن، تابعي القراءة معنا.. لكن بدايةً، دعينا نتعرف سويًا على أسباب وعوامل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم كما حددتها الدكتورة كوهن.
أسباب سرطان عنق الرحم وعوامل الخطر
تقول كوهن: "قبل أن نغطي التدابير الوقائية المهمة التي يمكن للنساء اتخاذها لتقليل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، من المفيد التعرف على الأسباب وعوامل الخطر التي تساهم في الإصابة بالمرض."
مضيفةً أنالسبب الأبرز لسرطان عنق الرحم هو الإصابة المستمرة بأنواعٍ عالية الخطورة من فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)؛ وهي عدوى فيروسية تُسبَب نمو الجلد أو الغشاء المخاطي (الجلد الرقيق الذي يغطي السطح الداخلي لبعض الأجزاء من الجسم). وعلى الرغم من انتشار فيروس الورم الحليمي البشري، فإن معظم حالات العدوى بهذا الفيروس تُشفى بشكلٍ طبيعي دون التسبب في ضررٍ كبير.
ولكن الفيروس يستمر في بعض الحالات، ويمكن أن يؤدي إلى تغيرات في خلايا عنق الرحم، وهو الجزء السفلي من الرحم. ويبدأ سرطان عنق الرحم عندما تشهد الخلايا السليمة في عنق الرحم تغيراتٍ في الحمض النووي الخاص بها، لتُشكَل في النهاية كتلةً من الخلايا السرطانية تُسمى الورم. ويمكن لهذه الخلايا الخبيثة أن تغزو وتدمر أنسجة الجسم السليمة، كما قد تنفصل وتنتشر إلى أجزاءٍ أخرى من الجسم مع مرور الوقت.
وعلى الرغم من أن فيروس الورم الحليمي البشري هو السبب الرئيسي لسرطان عنق الرحم، إلا أن هناك عناصر أخرى يمكن أن تؤثر على مدى خطر الإصابة؛مثل التدخين، وضعف جهاز المناعة، والاستعداد الوراثي وإهمال الفحص - ما قد يؤدي إلى تغيراتٍ غير مُكتشفة في مرحلة ما قبل الورم.
معرفة هذه العوامل وكيفية الوقاية منها، هي أفضل السبل لتجنب الإصابة بسرطان عنق الرحم؛ وهذه توجيهات الدكتورة كوهن في تلك المسألة..
توجيهاتٌ مفيدة للوقاية من سرطان عنق الرحم
يُعدَ اللقاح ضد فيروس الورم الحليمي البشري من أبرز الإجراءات الوقائية ضد سرطان عنق الرحم. وكما تشير قائمة عوامل الخطر، فقد يكون من المفيد أيضًا الإقلاع عن التدخين وإجراء الزيارات المنتظمة لمُقدَمي الرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع نهجٍ استباقي بالتوازي مع خيارات نمط الحياة المتكاملة، يمكن أن يؤثر بشكلٍ ملموس على تحسين صحة عنق الرحم. ويمكن للطرق الثلاث التالية أن تساعد المرضى على دعم أجهزتهم المناعية لمحاربة فيروس الورم الحليمي البشري وتقليل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم.
-
تعزيز جهاز المناعة بالتغذية التي تدعم وظيفته
إن الجهاز المناعي الصحي هو أفضل خط دفاعٍ للجسم ضد العدوى عالية الخطورة، ويمكن أن تساعد هذه العناصر الغذائية الثلاثة في تعزيز مناعة الجسم:
• الفطر الطبي: يحتوي الفطر المتكيف مثل الشاجا، والشيتاكي، وعرف الأسد على مُركَباتٍ نشطة بيولوجيًا يمكن لها أن تُعزَز وظيفة المناعة. وتحتوي تلك الأنواع أيضًا على خصائص مفيدة ومضادة للالتهابات.
• فيتامين ج: يوجد في الحمضيات والفراولة والفلفل (وغيرها من الفواكه والخضروات)؛ويُعتبر فيتامين ج أحد أقوى مضادات الأكسدة التي تُعزَز الاستجابة المناعية للجسم.
• حمض الفوليك: تجدينه في العدس والبيض والسبانخ والموز، وهو أحد فيتامينات ب الضرورية لتركيب الحمض النووي وانقسام الخلايا. وترتبط مستويات حمض الفوليك المنخفضة لدى النساء بارتفاع معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم بسبب فيروس الورم الحليمي البشري.
-
الحفاظ على ترطيب الجسم
للماء دورٌ بالغ الأهمية في دعم جهاز المناعة؛ حيث يساعد الترطيب المناسب في الحفاظ على حجم الدم والدورة الدموية، ما يضمن قدرة الخلايا المناعية على الانتقال بكفاءةٍ عبر الجسم. وتتطلب خلايا الدم البيضاء بيئةً داخلية متوازنة، لتعمل على النحو الأمثل.
يمكن أن يساعد الحفاظ على رطوبة الجسم أيضًا في تقليل الأعباء على جهاز المناعة لدى الفرد، من خلال العمل على إزالة السموم والفضلات من الجسم. ما يُعزَز استجابتكِ المناعية بمزيدٍ من القوة للتركيز على الدفاع ضد العدوى.
-
خفض التوتر
يمكن أن يسهم الحدَ من التوتر في دعم وظيفة جهاز المناعة بشكلٍ كبير؛ حيث تشير الدراسات إلى أن الإجهاد المُزمن يُضعف جهاز المناعة، ما يجعل الجسم أقل فعاليةً في درء العدوى.
وتتضمن بعض الأنشطة التي يمكن أن تساعد المرضى على التحكم في مستويات التوتر لديهم ما يلي:
- ممارسة تقنيات اليقظة الذهنية والتأمل للمساعدة في تعزيز الاسترخاء وتقليل القلق.
- الالتزام بممارسة النشاط البدني بانتظام، فهو بمثابة مُخفَفٍ طبيعي للتوتر من خلال إطلاق هرمون الإندورفين.
- تجربة الطرق المختلفة للعلاج الشامل مثل العلاج العطري، والوخز بالإبر، والتدليك لتعزيز الاسترخاء، وتوازن الطاقة، وتخفيف التوتر.
في الختام، تؤكد الدكتورة كوهن أن هناك تدابير يمكن للأفراد اتخاذها للتخفيف من قابليتهم للإصابة بهذا المرض الفتَاك؛ فالجمع بين التغذية السليمة والترطيب ووسائل تقليل التوتر في روتينكِ اليومي يمكن أن يُقوَي جهاز المناعة لديكِ ويساعد في تقليل خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم - خاصةً عندما يقترن بتلقي اللقاح المناسب.