كيف تشجعين أولادكِ المراهقين على تناول الأكل الصحي في رمضان
العلم في الصغر كالنقش في الحجر؛ مقولةٌ نسمعها كثيرًا وتتمحور بشكل أساسي حول أهمية التعليم في حياة الصغار، الذي لا يندثر كما الحفر في الصخر. لكن بالإمكان استخدامه أيضًا لأغراضٍ أخرى غير التعليم، منها التغذية الصحيحة مثلًا والتي تُسهم في تكوين أجساد الصغار وعقولهم بشكلٍ سليم بحيث يكبر هؤلاء وهم يتمتعون بصحةٍ جيدة وجودة حياة مثالية.
والحقيقة أن تغذية الصغار هاجسٌ يرافق الأهل منذ اللحظة الأولى لقدوم أطفالهم إلى هذه الحياة، حتى يكبرون ويصبحون قادرين على الاعتناء بأنفسهم. وخلال السنوات العديدة التي يمرَ بها الأطفال بين الرضاعة وبدء تناول الطعام قبل العام الأول من عمرهم، مرورًا بسنوات المراهقة التي يتخبط فيها المراهقون عادةً في عادات الأكل السيئة، ووصولًأ إلى مرحلة الشباب والإتزان حيث يبحث الأولاد عن الأطعمة الصحية والنُظم الغذائية السليمة بغية الحفاظ على صحتهم وتدعيم رشاقتهم ولياقتهم البدنية التي تحتل حيزًا كبيرًا من اهتمامهم في هذه الفترة.
وبالعودة لغذاء المراهقين والصغار، فإنه مسألةٌ مهمة من حيث النوعية والكمية؛ ليس فقط لضمان نمو أجسام هؤلاء الصغار وتنميتها، وإنما أيضًا لحمايتها من أية أمراضٍ أو مشاكل صحية مرتبطة بسوء التغذية ونوعيته مثل السُمنة والسكري وغيرها. يحب المراهقون عادةً تناول الأطعمة الجاهزة والغنية بالدسم والسكريات وغيرها من الأمور غير الصحية التي تؤثر سلبًا على صحتهم وحياتهم في مراحل مقبلة. حتى خلال شهر رمضان، وإلحاح الأهل على أولادهم للإفطار في المنزل وتناول ما تعدَه العائلة من أطعمة صحية في البيت، نجد هؤلاء المراهقين يتوقون للعودة لتلك الأطعمة غير الصحية.
فما هو لسبيل لتشجيع أولادنا على الالتزام بتناول طعامٍ صحي خلال شهر رمضان، وتعويدهم عليه خلال باقي أيام السنة؟ والسؤال الأهم، كيف نجعل من أكل البيت مُغريًا بنفس قدر الطعام الجاهز الذي يقدم لهم سرعة التحضير والمذاق الغني بفضل الدهون والسكريات المستخدمة فيه؟
قد نجد الإجابة عند المختصين في موقع "ويب طب"؛ الذين يقدمون بعض النصائح الغذائية لصيام المراهقين في رمضان وضمان أن تكون التغذية صحيةً.
نصائح هامة لتشجيع المراهقين لتناول طعام صحي خلال شهر رمضان
بدايةً، لا بدَ من التذكير بوجوب معرفة احتياجات أولادكِ من المراهقين وذائقتهم للأكل والأطعمة التي يحبون كثيرًا ، كي تستطيعي إدارة تغذيتهم السليمة بسلاسة.
وبالعودة لصيام المراهقين والطعام الواجب عليهم تناوله في وجبتي الإفطار والسحور، فإن الخبراء ينصحون بوجوب وضع بعض القواعد الغذائية الصحية في رمضان لهذه الشريحة العمرية والتي تتمثل في النقاط التالية:
-
التقليل من الوجبات الجاهزة والسريعة
فلنكن واضحين وصريحين مع أنفسنا: لن نستطيع بتاتًا منع أولادنا من تناول الأكل الجاهز في رمضان، بعدما اعتادوا على تناوله في أوقات السنة الأخرى. لكن وفي المقابل، يمكننا تقليل استهلاكهم لهذه الأطعمة، بحيث تكون مرةً واحدة في الأسبوع. ويمكن تحضير هذه الأطعمة لهم في المنزل، بحيث يكون البرغر والبيتزا والبطاطس المقلية مع الجبن وغيرها، معدًا بطريقةٍ شبه صحية في المنزل مع إمكانية الشوي بدل القلي لتقليل الدهون، وعدم استخدام الملح والسكر بشكلٍ مفرط في تلك الأطعمة.
كما يمكنكِ إضافة بعض الخضروات لتلك الوجبات، واستخدام بدائل صحية مثل الخبز بالحبوب الكاملة بدل الخبز العادي والبطاطا الحلوة عوضًا عن البطاطس العادية. هناك الكثير من الخيارات الصحية التي قد يجدها المراهقون مغريةً للأكل، كل ما عليكِ فعله هو البحث وتعلَم طرقٍ جديدة للطبخ لتشجعيهم على تناول طعامكِ عوضًا عن طلبه جاهزًا.
-
تجنب المشروبات الغازية والعصائر الجاهزة ومشروبات الطاقة
الآفة الثانية التي يعاني منها معظم مراهقونا للأسف بجانب الأكل الجاهز، هي الإسراف في تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والعصائر المعلبة، والتي لا تخلو من يعض المضار الصحية أيضًا. فالمشروبات الغازية مثلًا، تؤثر على صحة عظام المراهقين بسبب احتوائها على الفوسفور بكميةٍ كبيرة، وهو ما يؤثر على امتصاص الكالسيوم في الجسم.كما أن هذه المشروبات تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لاحتوائها على نسبةٍ عالية من السكر.
يود الكثير من المراهقين تناول العصائر الجاهزة عند الإفطار في رمضان لإرواء عطشهم، وهي عادةٌ سيئة تعود عليهم بالضرر. فهذه العصائر تأتي غنيةً بسكر الفركتوز الذي يزيد الوزن، في حين أنها شبه خاليةً من الألياف الغذائية التي تُعزَز الصحة بشكلٍ فعال.
وبالنسبة لمشروبات الطاقة، حدث ولا حرج؛ فهي منتشرةٌ بصورةٍ مخيفة بين المراهقين خصوصًا أثناء الامتحانات لظنهم أنها تشحذ ذاكرتهم وتُنشط أجسامهم وتركيزهم على الدرس؛ في حين أن مشروبات الطاقة متهمةٌ بما لا يقبل الشك، بالإضرار بصحة العظام وزيادة الوزن عند المراهقين.
لذا شجعي أولادكِ على التقليل أو تجنب هذه المشروبات قدر الإمكان في رمضان، وأقنعيهم بوجوب تناول الماء بكثرة كأفضل وسيلةٍ لترطيب الجسم ومحاربة العطش خلال الشهر الفضيل. وإن أصر أولادكِ على تناول هذه المشروبات، يمكنكِ على الأقل تحضير العصائر الطازجة لهم في المنزل، بحيث يتناولون ما يحبون وتكوني أنتِ مرتاحةً لتغذيتهم السليمة.
-
تجنب تناول الطعام أمام الحاسوب وشاشات التلفاز
كلنا يخطئ في هذه الناحية، لكن المراهقين تحديدًا يرتبكون جريمةً بحق أنفسهم وصحتهم في هذا الخصوص. فهم لا ينفكون يتناولون الطعام وهم متسمرين أمام شاشات الحاسوب أو الهاتف الذكي، أو شاشات التلفاز العملاقة التي تشد انتباههم بصورةٍ مخفية وتجعلهم يُكثرون من الأكل ودون مضغٍ جيد. وتلك العادة متملثةٌ بشكلٍ أساسي في الإسراف بتناول المراهقين للوجبات السريعة أثناء مشاهدتهم التلفاز أو مطالعة منصات التواصل الإجتماعي، ما يجعل الضرر مضاعفًا على صحتهم.
لذا احرصي عزيزتي خلال شهر رمضان، على ترتيب طاولة الطعام ودعوة أولادكِ المراهقين للجلوس حولها والتسامر معكِ ومع باقي أفراد الأسرة، لضمان تناولهم الطعام الصحي دون إسراف وبشكلٍ محدد وواعي.
-
تشجيع المراهقين على تناول وجبة السحور
يحب المراهقون النوم كثيرًا، بجانب حبهم للطعام الجاهز وتصفح مواقع التواصل الإجتماعي والألعاب الإلكترونية؛ هذه حقيقةٌ دامغة لا ريب فيها. وهو ما قد يجعل من الصعب على الوالدين، إيقاظ أولادهم لتناول وجبة السحور في منتصف الليل.
لكنها وجبةٌ مهمةٌ وأساسية في تغذية المراهقين، خصوصًا لضمان صيامٍ سليم وآمن طيلة اليوم ودون أي منغصات. لذا شجعي أولادكِ المراهقين على الانتظام في تناول وجبة السحور كل ليلة في رمضان، لضمان حصولهم على العناصر الغذائية المهمة التي يحتاجونها للدرس والتركيز والقيام بكافة النشاطات البدنية في المدرسة.
ومن الضروري تحضير وجباتٍ غذائية صحية للمراهقين تحتوي بشكلٍ أساسي على نوعٍ واحد من البروتين، مثل الأجبان التي تحتوي على 5% دسم، أو بيضة مسلوقة مع الخبز المصنوع من طحين قمح كامل. بالإضافة لبعض الدهون الصحية الموجودة في الأفوكادو والطحينة وزيت الزيتون أو الزيتون. ولا تنسي الخضروات بشكلٍ كبير. كما بإمكانكِ تشجيع أولادكِ على تناول الحليب مع الشوفان أو حبوب الفطور مع الفواكه، وهي وجباتٌ خفيفة على المعدة ولا تتطلب الكثير من الوقت للإعداد.
-
تنويع مصادر الغذاء
تعشق ابنتي تناول الباستا مع الدجاج أو البيتزا، وتُفضَل نوعًا واحدًا من الشوربة ألا وهو شوربة العدس الأصفر.
هذا التفضيل يضعني وغيري من الأمهات أمام تحدٍ كبير، فنحن بحاجةٍ لتنويع مصادر الغذاء لأولادنا على مدار العام وبشكلٍ أكبر خلال شهر رمضان.
لذا ينصح الخبراء بوجوب التنويع في تغذية المراهقين في رمضان، على أن تشمل كافة المجموعات الغذائية. بحيث تكون وجبتي الإفطار والسحور زاخرةً بأطعمة تحتوي على مجموعة الخضروات مثل شوربة الخضار، أو كوب من سلطة الخضار مع القليل من الزيت، أو الخضروات المطبوخة أو المشوية.
بالإضافة إلى مجموعة النشويات الصحية، مثل الأرز البني والفريكة والبرغل والبطاطا الحلوة. ولا ننسى مجموعة البروتين الضرورية لبناء الكتلة العضلية عند المراهقين، والتي تتضمن الدجاج والحبش والسمك والبقوليات.
في الختام، ننصحكِ عزيزتي باختيار ما يحبه أولادكِ المراهقين وتحويله نحو خياراتٍ صحية مُعدة في المنزل قدر الإمكان. مع تشجعيهم على تناول كافة مصادر الغذاء الضرورية لبناء أجسامهم وقواهم الفكرية والبدنية بحيث يكبرون وهم يتنعمون بالصحة والسلامة واللياقة العالية. وشهر رمضان هو خير مثالٍ على تعويد أولادنا على هذه العادات الصحية والالتزام بهم طوال حياتهم.