سؤال يطرحه الكثيرون: هل تنشأ السعرات الحرارية كلها بشكلٍ متساو؟
من بين الأمور الكثيرة التي يبحث فيها خبراء التغذية عند الحاجة لتقديم خطةٍ معينة لإنقاص الوزن لأحد الأفراد، تأتي السعرات الحرارية في مطلعها؛ حيث إنه من الضروري حساب السعرات الحرارية التي يحتاجها كل فردٍ حسب جسمه ووزنه، لخسارة الوزن الزائد الذي يعاني منه.
والسُّعرة (جمعها: سُعرات) أو الحُرَيرة (جمع: حريرات) أو السعرة الحرارية أو calorie؛ هي مُسمَياتٌ عدة وحدة قياس الطاقة الحرارية التي يحتاجها ويُكوَنها الجسم، كي يقوم بعمله بشكلٍ عادي، وذلك عن طريق إحراق المواد الغذائية التي يتناولها سواء في الأكل أو الشرب. فالإنسان يحتاج للطاقة للقيام بوظائفه الأساسية للحياة، وهذه الطاقة مصدرها الأول هو الغذاء والأكسجين الذي نستنشقه. وتختلف الأغذية في مقدار الطاقة التي تنتجها على ما تحتويه من العناصر الثلاثة الأساسية في الغذاء، ألا وهي الكربوهيدرات والبروتينات والدهون.
لا بدّ عزيزتي أنكِسمعتِ مقولة "السُعرة الواحدة ما هي إلا سُعرة واحدة" فيما يتعلق بإنقاص الوزن، ولكن هل هذا صحيح فعلًا؟ وفي ظل انتشار العديد من الحميات الغذائية مثل (الكيتو والصيام المتقطع وحمية البحر الأبيض المتوسط)، قد يكون هناك تحدٍ كبير في هذا المجال.
ويبدو أن الجواب لهذا السؤال يتأرجح بين "نعم" و"لا" بحسب ما أفادت إحدى الخبيرات لدى "مايو كلينك"، فلنتعرف سويًا على إيضاحاتها في هذا الصدد.
هل تنشأ السعرات الحرارية كلها بشكلٍ متساو
تقول الدكتورة تارا شميت، اختصاصية النُّظم الغذائية المسجّلة لدى مايو كلينك في مدينة روتشستر، مينيسوتا، إن الإجابة عن هذا السؤال هي "نعم" و"لا"في الوقت ذاته.ووفقًالقول الدكتورة شميت، في حين تكون السُعرة الواحدة ما هي إلا سُعرة واحدة في المعادلة الرياضية لإنقاص الوزن، فإن الأمر لا يقتصر على ذلك. فالسُعرات وحدةٌ من وحدات الطاقة، ويعتمد إجمالي عدد السُعرات الذي يوفره أيَ طعامٍ أو شراب، على عدد الجرامات التي يحتوي عليها من الكربوهيدرات والبروتين والدهون. ومع ذلك، فعدد السُعرات ليس دليلًا على كيف سنشعر في النهاية.
وتابعت الدكتورة شميت قائلةً: "على سبيل المثال، الوجبة الخفيفة ذات الـ 200 سُعرة التي تتكون من تفاحة مع زبدة الفستق ستساعدكِ على الشعور بالشبع والراحة أكثر من الوجبة الخفيفة من رقائق البطاطس ذات الـ 200 سُعرة. ولا يكمن الفارق في تكوين الطعام فحسب بل في حجمه أيضًا. فوجبة التفاحة مع زبدة الفستق ستُوفر لكِ الألياف والدهون والماء وبعض البروتين،بينما تفتقر رقائق البطاطس لغالبية هذه العناصر."
وبالنظر إلى الحجم أيضًا، فوجبة التفاحة ستعمل على زيادة تمدَد المعدة بسبب حجمها الكبير، ما يساعد على إرسال إشارة الشبع إلى الدماغ. ولكن الـ 200 سُعرة من رقائق البطاطس ستُهضَم بسرعة وتغادر المعدة أسرع من التفاحة، لأنها لا تحتاج إلى قدرٍ كبير من عمليات التفكيك.
وتضيف الدكتورة شميت: "لا يمكننا أن نتحدث عن هذا الموضوع بدون الإشارة إلى نتائجه الصحية. فمن المعروف أن تكوين الحمية الغذائية أو النمط الغذائي له أهميةٌ كبيرة. فالحمية ذات أساسٍ نباتي التي تحتوي على الحبوب الكاملة والفاكهة والخضروات والدهون غير المُشبّعة والبروتين خفيف الدهن، تُوفر للجسم التغذية المتوازنة التي من شأنها أن تُقلَل من خطر الأمراض المزمنة."
كيفية اختيار النظام الصحي بالسعرات الحرارية المناسبة
وتشير الدكتورة شميت إلى أنه توجد طرق صحية متعددة للقيام بذلك. فأنماط الحمية الغذائية مثل النظام الغذائي المتوسطيوحمية داشوحمية مايو كلينك، أمثلةٌ على الأنماط الغذائية التي تُركَز على المُغذَيات عالية الكثافة والتي ثبُت أنها تُعزَز النتائج الصحية الإيجابية؛ ويمكن أيضًا تحقيق ذلك من خلال حميةٍ نباتية مُخططة جيدًا. إنما من المهم أيضًا، وبحسب المختصة من مايو كلينك، أن تُراعي كلًا من تفضيلاتكِ الغذائية والأهداف أو المشكلات الصحية لديكِ عند تحديد النظام الأنسب لكِ.
ولكن ماذا عن إنقاص الوزن؟ تقول الدكتورة شميت: "هنا تكون السُعرات أمرًا حاسمًا. على سبيل المثال، حتى النظام الغذائي المتوسطي لا يضمن إنقاص الوزن إن لم يكن يتضمن إنقاص عدد السُعرات. فزيت الزيتون والمُكسرات مصادر ممتازةٌ للدهون الصحية، ولكن عند تناولها دون مراعاة الحصة الإجمالية للسُعرات، فإنها في الواقع قد تؤدي إلى زيادة الوزن. لذا، مع الاعتماد على نمط الغذاء الذي تُفضّلينه، يجب أن تُراعي العمل على إنقاص ما بين 250 و750 من السُعرات الحرارية التي تستهلكين في اليوم الواحد. وقد يعني ذلك الاستعاضة عن وجبة نصف اليوم بثمرة فاكهة أو التخلّي عن قهوتك المُحلاة المُعتادة.
وفي هذا السياق، تقول الدكتورة شميت إن الجسم يجب أن يحرق أكثر مما يتناوله من أجل تحقيق إنقاص الوزن. ومع أنه عادةً ما يُوصى بممارسة الرياضة، فمن المهم أن تتذكري أن الرياضة وحدها، من غير المرجّح أن تؤدي لوصول معظم الأشخاص إلى إنقاص 500 سُعرة. فيما أغلب الناس،يحققون نجاحًا باهرًا في إنقاص الوزن عن طريق تعديل النظام الغذائي.
تشير الدكتورة شميت أيضًاإلى أنن معظم الحميات تنجح لأن تكييف عادات غذائكِ الأساسية لتناسب بروتوكول حمية معيّنة، من المرجّح أن يجعلكِ تُقلَلين ما تتناولينه من السُعرات. إنه خبرٌ سار، أليس كذلك؟ ربما.. ما زال علينا الإشارة إلى أن ذلك لن يُفيد إلا من يُواظب على الحمية المُحددة لمدةٍ طويلة. والحميات التي تعتمد على أو تتطلب تغييراتٍ هائلة وغير واقعية (مثل حمية شوربة الكرنب) غير مستديمة؛ وعندما تكون الحمية غير مستديمة، فإن إنقاص الوزن لن يكون مستديمًا أيضًا.
إذن بماذا تنصحين قارئات موقع "هي"؟
تقول الدكتورة شميت: ابدأي من هنا:
- اختاري حميةً صحية تتناسب مع تفضيلاتكِ الغذائية والصحية.
- اعملي على إنقاص السُعرات تدريجياً، الوضع المثالي هو التقليل من الفائض (ما يزيد عن احتياجكِ) والتخلص من السُعرات التي لا تُوفر قيمةً غذائية.
- تذكّري أن المنهجية البطيئة والثابتة والمستديمة، من المرجّح أن تكون الأفضل لمساعدتكِ على تحقيق الوزن المثالي.
خلاصة القول، أن إنقاص السعرات الحرارية الفائضة والتي لا توفر قيمةً غذائية لكِ في مطلق الأحوال، هي أفضل الطرق التي تساعدِ في تحقيق النجاح بالتخلص من الوزن الزائد. ولا تنسي أن مشاورة الطبيب المختص أو أخصائية التغذية لديكِ، يتيحان لكِ التعرف أكثر على تفاصيل السعرات الحرارية التي تستهلكين وتلك التي تحتاجين لتقليلها بغية إنقاص الوزن.