الصويا في دائرة الإتهام: هل تتسبب بمرض سرطان الثدي؟
حسب تقديرات الجمعية الأميركية لسرطان الثدي، فقد كان متوقعًا تشخيص أكثر من 297 ألف حالة جديدة من سرطان الثدي لدى النساء في الولايات المتحدة. هذا وانخفضت معدلات الوفيات بسرطان الثدي بشكل مُطرَد منذ العام 1989، بنسبة قُدَرت بـ 43% حتى 2020. ويُعتقد أن انخفاض معدلات الوفيات مرده بشكلٍ رئيسي لاكتشاف سرطان الثدي في وقتٍ مبكر من خلال الفحص الدوري والمتنظم وزيادة الوعي عند العديد من النساء، فضلًا عن تحسين العلاجات.
ومع ذلك، فقد تباطأ الانخفاض قليلًا في السنوات الأخيرة، خصوصًا خلال أزمة كوفيد-19 وتخوف النساء من الخروج والخضوع للفحص، فضلًا عن تركيز معظم قطاعات الرعاية الصحية على المصابين بفيروس كورونا المستجد أكثر من تركيزهم على حالاتٍ مرضية أخرى مثل سرطان الثدي.
ويشير موقع منظمة الصحة العالمية إلى أنه في العام 2022، شُخصت إصابة 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي وسُجلت 000 670 حالة وفاة بسببه حول العالم. ويحدث سرطان الثدي في كل بلدٍ من بلدان العالم بين النساء من كل الأعمار بعد سن البلوغ، ولكن بمعدلاتٍ متزايدة في مراحل متأخرة من الحياة.
وتكشف التقديرات العالمية عن أوجه تفاوت صارخ وقوي في عبء سرطان الثدي بحسب مؤشراتالتنمية البشرية. ففي البلدان التي لديها مؤشر تنمية بشرية مرتفع جدًا، تحصل امرأةٌ واحدة من أصل 12 امرأة، على تشخيص سرطان الثدي في حياتهنَ، فيما تموت امرأةٌ واحدة من كل 71 امرأة جراء الإصابة بهذا المرض.في المقابل، وفي البلدان التي لديها مؤشر تنمية بشرية منخفض، لا تحصل على تشخيص سرطان الثدي سوى امرأةٌ واحدة من بين كل 27 امرأة في حياتهنَ، وتموت امرأة واحدة من كل 48 امرأة بسببه.
هذه التقديرات والأرقام التي ما زالت تشغل بال الحكومات والأفراد على حدَ سواء، تترافق مع تصاعد الجدل من جديد حول بعض مُسبَبات الإصابة بسرطان الثدي، وعلى رأسها الصويا الذي يشعل جدًلا واسعًا بين أوساط الناس.
هل توجد علاقةٌ بين الصويا وسرطان الثدي؟ هذا ما تجيب عنه خبيرةٌ من "مايو كلينك" في موضوعنا اليوم؛ فإن كنتِ مهتمةً عزيزتي بمعرفة المزيد عن هذا الموضوع، تابعي القراءة هنا..
هل تزيد الصويا من خطر الإصابة بسرطان الثدي
يحتوي الصويا على الأيزوفلافونات، وهي إستروجين نباتي؛ وثمة صلة بين المستويات المرتفعة من الإستروجين والتعرض بشكلٍ أكبر لخطر الإصابة بسرطان الثدي. ولكن الدراسات أظهرت أن مُنتجات الصويا لا تحتوي على مستوياتٍ عالية من الإستروجين، بالقدر الذي يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بسرطان الثدي.
هذا ما أفادت به الدكتورة داون مسلّم، خبيرة طب نمط الحياة لدى "مايو كلينك"؛ مشيرةً إلى إن تناول مُنتجات الصويا باعتدال قد يكون مفيدًا.ويستمتع الكثيرون بتناول مُنتجات الصويا مثل التوفو والمُكسرات التي تحتوي على الصويا وفول الصويا (الإدمامي). ووفقًاللدكتورة مسلّم،فإن هذا البروتين نباتي الأصل لا يُزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
لماذا؟ لأن الصويا يحتوي على إستروجين نباتي الأساس، وهذا بدوره لا يُزيد من خطر تعرضكِ لمرض سرطان الثدي الذي يصيب النساء بصورةٍ عامة. وقالت الدكتورة مسلّم:"على مدار سنواتٍ عدة، كنتُ أحاول القضاء على خرافة علاقة الصويا بسرطان الثدي. ويبدو أن رسالتي لم تنتشر بعد؛ فكل يوم، كل المرضى الذين أراهم ينتابهم القلق بشأن تناول مُنتجات الصويا."
لماذا الصويا متهم بالإصابة بسرطان الثدي؟
يحتوي الصويا على الأيزوفلافونات وهي نوعٌ من الإستروجين النباتي (فايتو إستروجين)؛ وهو معروفٌبخصائصه النافعة، وله تركيبةٌ كيميائية مشابهة للإستروجين البشري. ولكن الصويا يرتبط بمُستقبلات الإستروجين على أنسجة الثدي بشكل مختلف، ومن المحتمل أنه يعمل كابتًا للأورام.
وتشرح الدكتورة مسلَم: "إن تناول الصويا بعد تشخيص الإصابة بسرطان الثدي لا يُعتبر طريقةً رائعة للحصول على بروتين نباتي الأساس فحسب، بل إنه أيضًا يحسن نتائج سرطان الثدي."
لكن، من المهم الابتعاد عن الأطعمة المُعالَجة بما فيها اللحوم المُعالَجة والحدَ من تناول اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان عاليةالدهون. كما يجب الإشارة إلى أن تناول تشكيلةٍ متنوعة من الفواكه والخضروات متعددة الألوان والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات والبذور، يساعد في الوقاية من سرطان الثدي وتعايش المصابين معه.
لمحة سريعة عن سرطان الثدي
سرطان الثدي مرضٌ تنمو فيه خلايا الثدي غير الطبيعية بشكلٍ خارج عن السيطرة، وتُشكَل بعض الأورام. ويمكن لتلك الأورام، إذا ما تُركت دون علاجٍ، أن تنتشر في جميع أنحاء الجسم وتصبح قاتلة.
تبدأ خلايا سرطان الثدي عادةً داخل قنوات الحليب و/أو الفصيصات المُنتجة للحليب في الثدي. الشكل الأولي لها لا يُهدد الحياة ويمكن الكشف عنه في مراحل مبكرة؛ لكن يمكن أن تنتشر الخلايا السرطانية إلى أنسجة الثدي القريبة (سرطان الثدي الغزوي)، ما يخلق أوراماً تُسبَب كتلًا أو سماكة.ويمكن أن تنتشر السرطانات الغازية إلى العُقد الليمفاوية القريبة أو أجهزة الجسم الأخرى (النقيلة)، كما يمكن أن تُشكَل النقيلة تهديدًا للحياة وأن تكون قاتلة.
النساء أكثر عرضةً للإصابة بمرض سرطان الثدي، لكن هذا لا يمنع إصابة بعض الرجال به (وتتراوح نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى الرجال بين 0.5 و1%). يحدث سرطان الثدي في كل بلدٍ في العالم، وقد كان سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعًا عند النساء في 157 بلدا في عام 2022؛ في حين أن نحو نصف جميع حالات سرطان الثدي لدى النساء، تحدث دون وجود عوامل خطر محددة غير الجنس والعمر.
المعروف أن سرطان الثدي هو مرضٌ وراثي في العموم، لكن نوعية الحياة والغذاء غير الصحيين، يمكن أن يلعبا دورًا في زيادة خطر تعرضكِ لهذا المرض الذي كلما كان الكشف عنه مبكرًا في مراحله الأولى، كلما زادت نسبة شفائكِ وتعافيكِ منه للأبد.
يعتمد علاج سرطان الثدي على الشخص ونوع السرطان وانتشاره، ويجمع بين الجراحة والعلاج الكيميائي الإشعاعي والأدوية، فضلًا عن العلاج الهرموني والعلاج المناعي الذي بات منتشرًا بكثرة في السنوات الأخيرة.
كل امرأة عرضة للإصابة بسرطان الثدي، هذه حقيقةٌ دامغة لا ريب فيها؛ وبالتالي، فإنكِ عزيزتي القارئة بحاجةٍ دومًا للعناية بصحتكِ وتجنب التعرض لهذا المرض من خلال القيام بالفحص اليدوي الدوري بعد انقضاء كل دورة، والخضوع للفحوصات الطبية (مثل الماموجرام) حسب توصيات طبيبتكِ الخاصة. ولا تنسي أن تناول الطعام الصحي، مزاولة الرياضة وتجنب التوتر، كلها عوامل تُعزَز من صحتكِ العامة وتحميكِ من مرض سرطان الثدي وغيره من الأمراض.