دراسةٌ تؤكد: تمارين المراهقين تُحسَن حالتهم الذهنية عند التقدم بالعمر
المراهقة في اللغة العربية هي من كلمة "راهق"، وتعني الاقتراب من شيءٍ ما؛ أما في علم النفس فهي تشير إلى اقتراب الفرد من النضوج الجسماني والعقلي والاجتماعي والنفسي. ولا بدَ من الإشارة هنا إلى أن مرحلة المراهقة لا تُعدَ مرحلة نضوجٍ تام، ولكنها مجرد مرحلةٍ تؤدي تبعاتها وأحداثها إلى النضوج.
يمرَ المراهقون خلال هذه الفترة من حياتهم، بالكثير من المتغيرات التي يبقى أثرها ظاهرًأ على شبابهم ونضجهم في السنوات اللاحقة؛ وكل ما يفعله المراهقون من تصرفاتٍ أو تعلَم أو اكتساب خبرات أو حتى المرور بأزمات، يحفر عميقًا في حياتهم ووجدانهم وينعكس عليهم فيما بعد. حتى الرياضة قد يكون لها تأثيرٌ على حالتهم الذهنية مع بلوغهم سن الرشد، بحسب ما أظهرت دراسةٌ قام بها باحثون من شركة "أسيكس" (وهي شركة يابانية متخصصة في تصميم وتصنيع وبيع الأحذية والملابس الرياضية والإكسسوارات للرياضين من أعلى المستويات)؛ مشيرةً إلى وجود علاقةٍ مباشرة بين تمارين المراهقين وتحسَن الحالة الذهنية للبالغين.
فلنتعرف سويًا على تفاصيل هذه الدراسة المهمة في الأسطر التالية...
التمارين الرياضية تحسن الحالة الذهنية للمراهقين
تتوقف الأجيال الشابة، وخاصة الجيل Z، عن ممارسة الرياضة في وقتٍ مبكر وبأعدادٍ أكبر؛ مما قد يؤثر على حالتهم الذهنية في المستقبل. وترتبطُكل سنةٍ إضافية يستمر فيها المراهق في ممارسة التمارين، بتحسِن درجات الحالة الذهنية في مرحلة البلوغ، ولا سيما بعد تحديد الأعمار من 15 إلى 17 عامًا على أنها السنوات الأكثر أهميةً للبقاء نشطًا.
في الإمارات العربية المتحدة، كان 80 ٪ من مواليد فترة طفرة المواليد (الذين تتراوح أعمارهم بين 59 و 77 عامًا) يمارسون الرياضة يوميًا في مرحلة الطفولة المبكرة، مقارنة بـ 23 ٪ من أطفال الجيل Z ؛ بينما في المملكة العربية السعودية كان 50 ٪ من مواليد فترة طفرة المواليد يمارسون الرياضة يوميًا مقارنة بـ 36 ٪ من مواليد الجيل Z.
وتكشف أبحاث "أسيكس" أن الأمر لا يستغرق سوى 15 دقيقة و 9 ثوانٍ، للبدء في تحقيق ارتقاءٍذهني من خلالالتمارين الرياضية؛ وذلك ضمن نتائج دراستها العالمية الثانية عن الحالة الذهنية، والتي تؤكد من جديد وجود علاقةٍ إيجابية بين ممارسة الرياضة البدنية والصحة الذهنية.كما تكشف عن وجود علاقةٍ بين النشاط البدني في سنوات المراهقة والصحة الذهنية الإيجابية في مرحلة البلوغ.
كشفت الدراسة التي شملت أكثر من 26000 مشارك في 22 دولة بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، أنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين يمارسون الرياضة، ارتفعت درجاتهم في الحالة الذهنية. في جميع أنحاء العالم، بلغ متوسط الحالة الذهنية للمستجيبين الذين يحافظون على نشاطهم بانتظام 67/100، بينما كان متوسط الحالة الذهنية للأشخاص غير النشيطين أقل بكثير محققًا 54/100 فقط. ومع ذلك، كانت الفجوة بين هاتين الفئتينفي المملكة العربية السعودية أكبر؛ حيث بلغ متوسط الحالة الذهنية للأشخاص النشطين 74/100، بينما سجل الأشخاص غير النشطين متوسط حالة ذهنية 60/100.
علاوةً على ذلك، كشفت الدراسة أن النشاط البدني في سنوات المراهقة، يؤثر بشكلٍ مباشر على العقل في وقتٍ لاحق من الحياة. وتشير التقارير إلى أن الأفراد الذين شاركوا في الأنشطة الرياضية طوال فترة المراهقة، حققوا مستويات نشاطٍ ودرجات حالةٍ ذهنية أعلى بعد بلوغهم. كما تشير النتائج إلى أن المحافظة على النشاط في سن المراهقة، هو المفتاح لتأسيس عاداتٍ رياضية جيدة تستمر حتى مرحلة البلوغ، وتؤثر بشكلٍ إيجابي على الصحة الذهنية للبالغين.
أكثر السنوات التي تحتاج للنشاط البدني
في الواقع، تمكنت الدراسة من تحديد الأعمار من 15 إلى 17 عامًا على أنها السنوات الأكثر أهميةً التي يجب الحفاظ على النشاط خلالها؛ وفي حالة التوقف عن ممارسة هذا النشاط، يؤثر ذلك التوقف بشكلٍ كبير على حالتكِالذهنية لسنواتٍ قادمة. وخلصت الدراسة إلى أن الذين مارسوا الرياضة بانتظام في سن 15-17 سنة، كانت فرصهم أكبر في الحفاظ على نشاطهمفي وقتٍ لاحق من الحياة، وحققوا درجاتٍ أعلى في الحالة الذهنية كبالغين (64/100 مقابل 61/100) من أولئك الذين لم يكونوا نشطين خلال هذه السنوات.
وبالمقارنة، أظهر المستجيبون الذين توقفوا عن ممارسة الرياضة قبل سن 15 أدنى مستويات النشاط وأدنى درجات الحالة الذهنية في مرحلة البلوغ.وفي الإمارات العربية المتحدة، وُجد أن البالغين غير النشطينكانو أقل تركيزًا بنسبة 7 ٪، وأقل يقظةً بنسبة 6 ٪، وأقل إيجابيةً بنسبة 6٪، مقارنةً بأولئك الذين كانوا قادرين على ممارسة الرياضة طوال فترة المراهقة.
في الواقع، يرتبط كل عام يحافظ المراهق على ممارسة التمارين الرياضية خلاله بانتظام ارتباطًا وثيقًا بتحسن درجات الحالة الذهنية في مرحلة البلوغ. ويُظهر أولئك الذين توقفوا عن ممارسة الرياضة قبل سن 15 عامًا متوسط درجة حالة ذهنية أقل بنسبة 15 ٪ من المتوسط العالمي، في حين أن انخفاض النشاط البدني في سن 16-17 خفّض متوسط درجات الحالة الذهنية بنسبة 13%؛ بينما انخفض متوسط درجات الذين توقفوا عن ممارسة الرياضة قبل سن 22 عامًا بنسبة 6%.
فجوةٌ بين الأجيال فيما يتعلق بالرياضة
كشفت الدراسة أيضًا عن فجوةٍ في ممارسة التمارين الرياضية بين الأجيال، حيث أصبحت الأجيال الشابة أقل نشاطًا بشكلٍ متزايد. ففي الإمارات العربية المتحدة مثلًا، قال 80 ٪ من جيل طفرة المواليد (الذين تتراوح أعمارهم بين 59 و 77 عامًا) إنهم كانوا نشطين يوميًا في طفولتهم مقارنة بـ 23 ٪ فقط من الجيل Z (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 27 عامًا)؛ ما يدل على اتجاهٍ مقلق للأجيال الشابة التي تركت النشاط البدني في وقتٍ مبكر وبأعدادٍ أكبر من الأجيال التي سبقتهم.
وقال البروفيسور بريندون ستابس، الباحث الرائد في مجال التمارين الرياضية والصحة العقلية بكلية كينجز كوليدج لندن حول هذه النتائج: "من المثير للقلق أن نرى هذا الانخفاض في مستويات النشاط والحركة من المستجيبين الأصغر سناً في مثل هذا العمر الحرج، خاصةً وأن الدراسة كشفت عن ارتباط ذلك بانخفاض الرفاهية في مرحلة البلوغ. ويُظهر الجيل Z في جميع أنحاء العالم بالفعل، أدنى درجاتٍ للحالة الذهنية (62/100) مقارنةً بالجيل الصامت (70/100)؛ لذلك يمكن أن يكون لهذا تأثيرٌ كبير على الصحة الذهية في المستقبل في جميع أنحاء العالم."
بدورها علَقت آنا سيكساس، رئيسة التسويق في أسيكس الشرق الأوسط قائلةً: "في عالم اليوم سريع الخطى والذي تهيمن عليه الشاشات، تؤكد دراسة أسيكس للحالة الذهنية على حقيقةٍ حاسمة – الارتباط الوثيق بين الحفاظ على نشاط وحركة الجسم والصحة الذهنية. الحركة ليست مهمةً لصحتكِ الجسدية فحسب، بل هي أيضًا شريان حياة لصحتكِ الذهنية في المستقبل."
خلاصة القول، تُظهر أبحاث أسيكس أن الأمر لا يستغرق سوى 15 دقيقة و 9 ثوانٍ للبدء في تحقيق تحسنٍ ذهني من التمارين. ونظرًا للصلة بين ممارسة الرياضة في مرحلة المراهقة والصحة الذهنية الإيجابية في مرحلة البلوغ، ندعوكِ عزيزتي وجميع جيل Z وغيرهم من الأجيال للالتزام الرياضة مدى الحياة.