يصيب النساء خصوصًا: كيف تُخلصين نفسكِ من أعراض الفيبروميالجيا
من المؤكد أن المرض هو أصعب ما يمرَ بالإنسان في أي مرحلةٍ من مراحل حياته، مهما كان نوعه وشدته وطول مدته أو قصرها. المرض يأخذ من راحتنا الجسدية والنفسية، ويجعلنا هشَين وبشكلٍ قوي أمامه؛ فلا قدرة لنا على الحركة أو الأكل أو الكلام، وكثيرًا ما تضطرب الحالة النفسية للبعض جراء تعرَضهم للمرض.
بعض الأمراض تمرَ مرور الكرام، بعضها الآخر يمكن التعايش معه، فيما النذر القليل من هذه الأمراض يأتي بقوةٍ ويبقى كذلك لفترةٍ طويلة. الفيبروميالجيا من أحد هذه الأمراض، التي تصيب النساء خصوصًا، وهو حالةٌ تتسبب بالتعب وسوء النوم والوجع والتيبَس في منطقة كبيرة من الأنسجة الرخوية، فضلًا عن التشوش الذهني.
وبما أننا نتوق في قسم صحة على موقع "هي"، للإرتقاء بصحة المرأة ورفاهيتها صحيًا ونفسيًا؛ فإننا نبحث دومًا في أسباب الأمراض وطرق علاجها وكيفية الوقاية منه. ولهذه الغاية اليوم، توجهنا بالحديث إلى الدكتور خالد العواني؛ استشاري جراحة العظام في مستشفى فقية الجامعي بدبي، ليطلعنا على المزيد من المعلومات والتفاصيل حول هذا المرض.
الفيبروميالجيا.. مرضٌ جسدي يؤثر على الحالة الذهنية
هل تعانين من تصلَبٍ في الجسم، أو القلق؛ الحساسية تجاه الحرارة، ضبابية الذهن،آلامٌ في الرأس، مشاكل المزاج، الأرق وأحيانًا الاكتئاب؟
هل تشعرين بتنميل في اليد او الساق، تصيبكِ تشنجاتٌ مؤلمة وقت الدورة الشهرية وآلامٌ منتشرة في الجسم، تعانين من الإرهاق والإعياء العام؟إذا كنتِ تعانين من هذه الأعراض أو أكثر؛ ففي هذه الحالة يجب الذهاب إلى الدكتور المختص،فلربما أنتِمصابةٌ بمرضالفيبروميالجيا.
إن الألم العضلي الليفي أو ما يُسمى الفيبرومالجيا،هو اضطرابٌ منتشر بين الناس بشكل يفوق التصور؛ وهو حالةٌ تعاني منها النساء خصوصًا،وتتمثل بألمٍ منتشر في الجسم وأعراضٍ أخرى متعددة.وبينما لا نعلم على وجه التحديد ما هي أسباب هذا المرض، فإن الإحصائيات تشير إلى عددٍ يصل إلى 12,000,000 شخص حول العالم يعانون منه يوميًا.
لا يُعدَ التهاب العضلات الليفي شكلًا من أشكال التهاب المفاصل؛ فهو ليس مرتبطًا بالالتهابات، ولكن يندرج تحت مُسمى الأنسجة الرخوة، وهو مصطلحٌ يشمل مجموعةً من الاضطرابات التي تُسبَب الألم حول العضلات والعظام والمفاصل.
النساء اللاتي يعانينَ من الالتهاب العضلي الليفي،يشكينَ عادةً من آلامٍ وتصلَبٍ في مناطق حول الرقبة والفكين ومنطقة الورك وهو عرضٌ أساسي للفيبروميالجيا؛وقد تمتد هذه الأعراض لجميع أنحاء الجسم على الرغم من أنها قد تبدأ في منطقةٍ واحدة مثل الرقبة والكتفين، كما يمكن أن تنتشر على مدى فترةٍ زمنية معينة.
المصابون بالتهاب العضلي الليفي قد يعانون من أعراضٍ أخرى، مثل التعب؛ اضطرابات النوم؛ انخفاض القدرة على التحمل كنوعٍ من الإرهاق أو قلة النوم. كما أن هناك أعراضًا أخرى مترافقة مع هذا المرض، لها علاقة بالجهاز العصبي منها التغيَر في المزاج العام؛ إذ تتسبب الفيبروميالجيا باضطراباتٍ في الحالة الذهنية وزيادة مشاعر الحزن. ويُسجل أيضًا إصابة بعض المريضات بالاكتئاب والقلق، وهي من الأعراض الشائعة لهذا المرض.
كذلك الصداع وخصوصًا الصداع الناتج عن التوتر، والصداع النصفي من أعراض الفيبروميالجيا الشائعة؛ ومن الأعراض الأخرى، حدوث آلامٍ في البطن والإصابة بالانتفاخ والإمساك وصعوبة الهضم، وهي أعراضٌ خاصة بمتلازمة القولون العصبي.
تشخيص وعلاج الفيبروميالجيا
جديرٌبالذكر أن تشخيص الالتهاب العضلي الليفي من أصعب الأمور، يقول الدكتور العواني؛ إذيصعب تشخيص المرض من خلال الفحوص المخبرية أو نتائج الأشعة، ولكن يعتمد التشخيص على التاريخ الدقيق للمريض والفحص البدني. فإذا تبين للمختص أن هناك أكثر من 18 نقطة مؤلمة في جسم المريضة، مع عدم وجود مشاكل صحية أخرى يمكن أن تُسبب الأعراض سلبية النتائج المعملية، فإنه يمكن تشخيص المريضة على أنها مصابةبالتهاب العضلات الليفي.
أما عن مُسبَبات المرض، فليس هناك أسبابٌ محددة؛ ولكن هناك بعض المؤثرات الخارجية التي يمكن أن تُسبَب الأعراض، مثل وجود مرضٍ نفسي ناتج عن الصدمات الجسدية والعاطفية إضافةً إلى التغيرات الهرمونية.
أما عن كيفية علاج مريضة التهاب العضل الليفي، فلا بد من الإشارة إلى عدم وجود علاجٍ محدد أو دواء يعالج هذا المرض؛ ولكن يجب طمأنة المريضة إلى أن هذا المرض لا يُسبَب ضررًا كبيرًاللجسم.
وتشمل الخيارات المُتاحة لعلاج الفيبروميالجيا:
- مُسكنات وأدوية التقليل من الألم وتحسين الأعراض.
- برنامج أو برامج التمارين التي تُحسَن وتقوَي العضلات، وتقوم بتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
- استخدام تقنيات الإسترخاء لتخفيف توتر العضلات.
- البرامج التعليمية والتعلَم، لمساعدة المريضات على فهم إدارة الألم.
كذلك البعد عن المؤثرات الخارجية التي يمكن أن تزيد من الأعراض؛ مثلًا البعد عن التوترات العصبية أو العاطفية، تخفيف الضغوطات النفسية والإجهاد العضلي. كذلك يجب مراعاة التغيير في نمط الحياة والبدء بممارسة التمارين الرياضية وتحسين الدورة الدموية.
من طرق العلاج الأخرى للفيبروميالجيا، العلاج الطبيعي أو العلاج الفيزيائي لتحسين حالة العضلات وتقويتها، ومساعدة المريضة على ارتخاء العضلات وتخفيف الآلام والأعراض. ومن أحدث طرق علاج المرض، هو العلاج عن طريق كبسولة الأكسجين؛ حيث يتم علاج المريضة عن طريق إدخالها في كبسولةٍ تحت ضغطٍمعينة من غاز الأكسجين، ما يُحسَن من حالة العضلات وتخفيف حدة الألم و التشنجات العضلية.
تجربة مريضة مع علاج الفيبروميالجيا
يُحدَثنا الدكتور العواني عن تجربة إحدى المريضات التي قصدته لتشخيص وعلاج مرض الفيبروميالجيا، ويسرد قصتها كالآتي:
جاءتني سيدةٌ تبلغ من العمر 33 عامًا، تعاني من آلامٍ في الرقبة والفكين، كذلك آلامٌ وصعوبةٌ في الحركة عند منطقة آخر الظهر،ونوباتٌ من التشنجات العضلية في منطقة الفخذ والساق والذراعين. وبالكشف السريري على المريضة، تبيَن أنها لا تعاني من أي مشاكل في العضلات أو المفاصل، وإنما تشنجاتٍ وآلامٍ عضلية في أكثر من 15 عضلة في جسمها. وجاءت نتائج التحاليل سلبية، فتمَ تشخيص المريضة بالتهاب العضل الليفي؛ وعملنا على وضعخطة علاج لها شملت المُرخيات العضلية ومضادات الالتهاب والمُسكنات، بموازاة جلسات العلاج الطبيعي لتخفيف التشنجات العضلية وتقليل حدة الألم. كما تمَ تنبيه المريضة إلى ضرورة إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة، مثل البعد عن الضغط النفسي؛ ممارسة الرياضة ومنها تمارين الاطالة؛ اتباع نظامٍ غذائي صحي وتناول المكملات الغذائية. كذلك خضعت المريضة لبعض الجلسات تحت غاز الأكسجين عالي الضغط، وكانت النتائج جيدة جدًا بعد مرور ثلاثة أشهر من العلاج.
في الختام، يجدر بنا الذكر أن هذا المرض يتمَ تشخيصه عن طريق التاريخ المرضي للمريضة والفحص السريري؛ ولا يوجد فحصٌ معملي أو مخبري خاص لتشخيصه.أما العلاج، فيختلف من شخصٍ لآخر؛ ولا يوجد علاجٌ دوائي مُحدد للقضاء عليه، وإنما يتم وضع خطةٍ علاجية تناسب كل مريض على حدة، مع التنبيه وتوعية المريض بضرورة عمل بعض التغييرات في نمط حياته.
خلاصة القول، فالفيبروميالجيا هاجسٌ جديد بات يقضَ مضجع الكثيرات من النساء حول العالم؛ لكن لا داعي للهلع أو الخوف عزيزتي، فإجراء بعض التغييرات البسيطة في نظامكِ الحياتي والغذائي وتجنب مُسبَبات الضغط والتوتر النفسي المختلفة (والتي تنعكس سلبًا على الصحة ككل) كلها أمورٌ كفيلة بمساعدتكِ على تخطي هذا المرض وتخفيف أعراضه قدر الإمكان، كي تنعمي بحياةٍ صحية قدر الإمكان.