هل فتحت أسترازينيكا أبواب الجحيم على نفسها؟ دعاوى قضائية لأشخاص عانوا من مضاعفات لقاحها
بين المُحذَرين من "مؤامرة للتخلص من البشر" وراء اللقاحات التي ظهرت بعد تفشي فيروس كورونا المستجد أواخر العام 2019، وبين آخرين لم يشكوا يومًا بالعلم وسعوا لأخذ اللقاح فور طرحه في الأسواق؛ عاد الجدال ليحتدم من جديد بعد مضي ما يقرب من 5 أعوام وبحدةٍ أكبر هذه الأيام، بعد إقرار شركة "أسترازينيكا" البريطانية السويدية للقاحات، بمضاعفاتٍ خطيرة ونادر للقاحها. خاصةً بعد رفع العديد من "المتضررين" على حد قولهم، من تداعيات اللقاح؛ دعاوى قضائية على الشركة، بسبب تعرَض بعضهم لمضاعفاتٍ صحية أضرت بحياتهم وأعمالهم، فيما أودت للأسف بحياة البعض الآخر.
وكانت "أسترازينيكا" اعترفت للمرة الأولى الإثنين الماضي، بأن لقاحها ضد فيروس كورونا يمكن أن يتسبب في آثارٍ جانبية نادرة، في تحوَلٍ واضح قد يفتح الباب أمام الكثيرين للمطالبةبتعويضٍ قانوني بملايين الجنيهات الإسترلينية، حسبما نقل موقع "العربية.نت" عن صحيفة "الغارديان" البريطانية.وتُلاحق شركة الأدوية قضائيًا في دعوى جماعية بسبب مزاعم بأن لقاحها، الذي تمَ تطويره مع جامعة أكسفورد، تسبَب في الوفاة وإصابة خطيرة لدى عشرات الحالات.
ليس ذلك فحسب؛ بل أن العديد من القصص المفجعة والحزينة، بدأت تظهر إلى العلن أو ربما كانت موجودةً من قبل لكن الناس لم تُعرها الاهتمام المطلوب. أما اليوم، فبات الجميع دون استثناء، يبحث عن "ضحايا لقاح أسترازينيكا" لمعرفة مآسيهم ومعاناتهم التي دفعت ببعضهم للتوجه نحو المحاكم للحصول على تعويضاتٍ مالية ومعنوية لخسارتهم الكبيرة، سواء الجسدية أو الروحية.
وفي وثيقةٍ قانونية قدمتها الشركة إلى المحكمة العليا في فبراير الماضي، أقرت أسترازينيكا بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا "يمكن، في حالاتٍ نادرة جدًا، أن يُسبب TTS". ويمكن لTTS، الذي يرمز إلى تجلَط الدم مع متلازمة نقص الصفيحات، أن يؤدي لإصابة الأفراد بجلطاتٍ دموية مصحوبًأبانخفاض عدد الصفائح الدموية.
قصصٌ مُحزنة لضحايا لقاح أسترازينيكا
جيمي سكوت هو الإسم الأول والأبرز للمتضررين من هذا اللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19، والذي قام برفع دعوى قضائية ضد أسترازينيكا العام الماضي؛ فما قصته؟
جيمي سكوت، بريطاني وأبُ لطفلين؛ تعرَض بعد أخذه لقاح أسترازينيكا وبتشجيع من الدولة كما قال، لإصابةٍ دائمة في الدماغ بعد تعرَضه لجلطةٍ دموية ونزيفٍ في الدماغ منعه من العمل بعد حصوله على اللقاح في 23 أبريل 2021.
وكان المستشفى وقتها الذي استقبل جيمي، اتصل بزوجة جيمي 3 مرات، لإخبارها بأن زوجها سيموت لا محالة. إلا أن الرجل الأربعيني قاوم ورفض الاستسلام، وأفاق من الغيبوبة التي دخلها أسابيع ونجا من نزيفٍ "كارثي" في دماغه. لم تكتمل فرحة العائلة بعودة جيمي للحياة من جديد؛ فقد انقلبت حياته رأسًا على عقب بعدها، بسبب معاناته من أعراضٍ عديدة مثل ضعف البصر وعدم القدرة على إجراء محادثاتٍ معقدة، ما جعله يفقد وظيفته ومصدر رزقه. كما لم يتمكن جيمي من تذكر أيَ تفصيلٍ عن الأسابيع الأربعة والأيام الخمسة التي أمضاها في غيبوبةٍ تامة بالعناية المركزة.
يتحدث سكوت بأسى عن تجربته، قائلًا أنه فعل ما طلبته الحكومة منه فقط (وكانت الحكومة البريطانية طلبت من مواطنيها أخذ اللقاح لحمايتهم من فيروس كورونا؛ لكنه لم يتوقع أن يتسبب هذا اللقاح في تغيير حياته بهذا الشكل المأساوي، ويجعله غير قادرٍ على القيام بأبسط الأمور وهو الذي كان يتمتع سابقًا بصحةٍ جيدة ويمارس الركض بشكلٍ يومي. حتى أن الحظ العاثر لهذا الأب أبى إلا أن يضعه في هذه التجربة المريرة؛ فقد طلب الحصول على لقاح فايزر، لكنه لم يكن متوفرًا وقتها؛ ما اضطره للرضوخ وأخذ لقاح أسترازينيكا والمعاناة من بعده بهذا الشكل القاسي.
تفاصيل معاناة جيمي سكوت مع لقاح أسترازينيكا
ممتنةً أنه ما زال على قيد الحياة على الرغم من معاناته، تروي كيت زوجة سكوت ما حصل معه بعد أخذ اللقاح قائلةً: "لعلنا أكثر حظاً من غيرنا.. فأنا ممتنة لأنني أستطيعُ أن أراه كل يوم إلى جانبي.بعد 10 أيام من الجرعة الأولى، كان جيمي بخير؛ إذ عاد إلى منزله وواصل حياته الطبيعية.لكن في صباح الثالث من مايو/أيار 2021، انقلبت حياته وحياة أسرته رأسًا على عقب؛ فقد بدأ يعاني من التعب وأخذ يتقيأ، وبدا ضعيفًا جدًا، لا يقوى على الكلام. حتى أنني ظننتَ أنه يتعرض لسكتةٍ دماغية.لم يكن يقوى على الكلام، ولم يعرف حتى أين هو ولم يتعرف إلي!".
حينها سارعت كيت بطلب الإسعاف لأخذه للمستشفى القريب من منزلهم، حيث اشتبه الأطباء بمعاناته من نقصٍ في الصُفيحات المناعية والتخثر الناجم عن اللقاح (VITT). ثم نقلته سيارة إسعاف أخرى إلى مستشفى كوفنتري، وهناك استمرت حالته الصحية في التدهور؛ ما استدعى نقله بواسطة طوافةٍ مروحية إلى برمنغهام من أجل إجراء عمليةٍ طارئة له في المستشفى الوحيد بالمنطقة الذي يتمتع بالخبرة اللازمة لمثل هذه العمليات. وتدخل الحظ العاثر في حياة جيمي من جديد، بسبب العاصفة الجوية التي حالت دون قدرة المروحية على نقله؛ ما اضطر الإسعاف لنقله إلى مستشفى الملكة إليزابيث في برمنغهام عن طريق البر، حيث تمكن الأطباء هناك من إنقاذ حياته، بعد خضوعه لعمليةٍ جراحية استمرت مدة ثلاث ساعات لإيقاف النزيف الذي أصاب دماغه.
بعد الجراحة، خضع جيمي لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي لتبيان الضرر الذي أصاب دماغه جراء النزيف؛ وهنا كانت الصدمة له وللعائلة، حيث تبيَن من الفحص أن الضرر لحق بمساحة 97 ممل من الدماغ، ما يعادل حجم بطاقة ائتمان.
تابعت كيت الحديث عن تجربة زوجها المريرة مع مضاعفات لقاح أسترازينيكا؛ مشيرةً إلى أن هذا اللقاح تسبب في إحداث جلطةٍ كبيرة عند مدخل الدماغ إضافةً إلى نزيفٍ داخله. ما اُضطر زوجها للخضوع لعملية فتح القحف، وإزالة جزءٍ من جمجمته لتقليل التورم. وقد بقي جيمي على مدار الأسابيع الأربعة والخمسة أيام التالية للجراحة في غيبوبةٍ تامة، موضوعًا على جهاز التنفس الصناعي؛ كما أُصيب بالعمى.
الزوجة الغاضبة من أسترازينيكا بسبب ما عاناه زوجها، خضعت بدورها للعلاج النفسي من أجل استيعاب ما حصل والتمكن من الحديث عنه. وهي ما زالت غاضبةً حتى اليوم، كما غيرها من العائلة، من آثار هذا اللقاح الذي كاد أن يُودي بحياة زوجها لكنه تسبَب له بإعاقةٍ دائمة. مؤكدةً اضطرارها للتصدي لخطة الحكومة الهزيلة في التعويض على الضحايا، بمبلغ قدر بـ 120 ألف جنيه إسترليني، والذي لا يعادل بأي شكلٍ من الأشكال الضرر الذي لحق بهم حسب قولها. وهي اليوم تطالب من خلال الدعوى القضائية التي أقامتها ضد أسترازينيكا، بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها وبعائلتها؛ وفي حال فوزها بالدعوى، فإن المئات من المطالبين والمتضررين قد يحذون حذوها للمطالبة بعشرات أو ملايين الجنيهات للتعويض.
مأساة ستيفن رايت.. بسبب لقاح إسترازينيكا
جيمي كان محظوظًا بالبقاء على قيد الحياة؛ لكن هذا الحظ لم يحالف ستيفن رايت الذي كان يبلغ 32 عامًا عند وفاته جراء لقاح أسترازينيكا في يناير 2021. تستذكر آني بيليه فاجعة خسارة إبنها، الأب لطفلين صغيرين، والذي كان يتمتع بصحةٍ جيدة بكل أسى. وتقول: "إبني كان يعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) وفعل ما طلب منه وحصل على اللقاح لكنه فقد حياته". لافتةًفي تغريدةٍ قديمة نشرتها قبل عامين إلى عدم وجود داعم لعائلته؛ وقد توفي ابنها، وهو طبيب، بعد رد فعلٍ نادر على لقاح أسترازينيكا لفيروس كورونا، حسبما كشف الطبيب الشرعي، وفق ما نقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير نهاية الشهر الماضي.
وبصفته طبيبًا نفسيًا في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وعاملًا صحيًا في الخطوط الأمامية، كان رايت من بين المجموعات الأولى للأفراد الذين حصلوا على اللقاح أثناء الوباء، إلا أنه توفي بعد 10 أيام فقط من حصوله على اللقاح. وقد عانى رايت ومعه
مجموعةٌ صغيرة من الأشخاص، من رد فعلٍ شديد تجاه اللقاح، تمثَل في احتشاء جذع الدماغ ونزيفٍ في الدماغ، وتجلط الدم الناجم عن اللقاح؛ وقد ساءت حالته بسرعة، ولكن طبيعة النزيف أفضت إلى أنه غير لائق لإجراء عمليةٍ جراحية، ومات بعد مضي 10 أيام فقط.
وتدرس شارلوت، أرملة رايت، حاليًا اتخاذ إجراءٍ قانوني ضد أسترازينيكا؛ مشيرةً إلى أن التحقيق أثبت أن زوجها ستيفن كان يتمتع بصحة جيدة، وأن وفاته حدثت جراء تطعيم أسترازينيكا.
أعراض مضاعفات لقاح أسترازينيكا الخطيرة
اعترفت الشركة البريطانية السويدية، التي قامت بتطوير لقاحها مع جامعة أكسفورد، أن لقاحها يمكن أن يتسبب، في حالاتٍ نادرة جدًأ، بالتسبب في آثارٍ جانبية مُميتة تؤدي للإصابة باضطراب "متلازمة نقص الصفيحات الدموية (TTS)". فماذا نعرف عن أعراض الإصابة بهذا الاضطراب؟
متلازمة نقص الصفيحات الدموية (TTS)، هي اضطرابٌ نادرٌ في الدم يُهدد الحياة؛ إذ يمكن أن يتسبب بحدوث جلطاتٍ في الأوعية الدموية الصغيرة في جميع أنحاء الجسم. ويمكن لهذه الجلطات أن تحدَ أو تمنع تدفق الدم إلى أعضاء الجسم، مثل الدماغ والكلى والقلب، بحسب ما جاء على موقع "العربية.نت" نقلًا عن موقع "ميديكال نيوز توداي" الصحي؛ كذلك قد تتسبب زيادة الجلطات في انخفاض عدد الصفائح الدموية.
لا تتوقف تداعيات هذه المتلازمة عند هذا الحد؛ إذ قد تؤدي أيضًا إلى تفكَك خلايا الدم الحمراء بشكلٍ سريع، وهو مايتسبب بظهور شكلٍ نادر من فقر الدم يُدعى"فقر الدم الانحلالي".كما يمكن أن تؤدي هذه المتلازمة إلى الوفاة في بعض الحالات؛ ومن دون علاجٍ، يمكن أن تُسبب متلازمة TTSبمشاكل طويلة الأمد، مثل تلف الدماغ أو السكتة الدماغية.وتُعد الأدوية المضادة للتخثر من أكثر الطرق شيوعًا لعلاج هذه المشكلة.
فيما يخص الأعراض، فهي على الشكل التالي:
- ألمٌ في الصدر.
- صعوباتٌ في التنفس.
- الصداع وعدم وضوح الرؤية.
- التعب الشديد والنعاس.
- تسارع ضربات القلب أو ضيق التنفس.
- ظهور بقع دموية صغيرة تحت الجلد.
- آلامٌ مستمرة في البطن.
- التقيؤ والإسهال.
- تورم الساق.