ارتقي بصحتكِ النفسية لأعلى الحدود.. من خلال ممارسة الرياضة والالتزام بها
قال الدالاي لاما: أعظم ثروةٍ هي الصحة العقلية.. أما سونيا باركر فأكدت للجميع أن "صحتك العقلية هي أولوية. سعادتك هي أولوية. الرعاية الذاتية الخاصة بك هي أولوية. وجودك هو أولوية. تذكر ذلك." بدورها ديمي لوفاتو التي عانت من مشاكل في صحتها العقلية اضطرتها للخضوع للعلاج، أقرت بضرورة العناية بالصحة العقلية قائلةً: "الصحة العقلية ليست مزحة. إنه ليس شيئًا تخجل منه. وهذا ليس شيئًا يجب عليك إخفاءه. إنه جزءٌ من هويتك ، ولا حرج في العناية بصحتك العقلية."
ماذا تعني كل هذه الأقوال؟ تعني أن الصحة النفسية أو العقلية هي تعريفاتٌ للرفاهية النفسية أو عدم وجود مرضٍ عقلي؛ والأخير هو تعريفٌللحالة النفسية المضطربة التي يعاني منها الشخص الذي يفتقد الصحة النفسية.
الصحة النفسية لا تعني فقط غياب الأمراض العقلية بل تعنى أيضًا جودة الانخراط في المجتمع، وجودة التعامل مع التوتر النفسي والمواقف المُختلفة التي تواجه الإنسان، كما تعني الصحة النفسية التعامل مع الأفكار السلبية وانعكاساتها على صحة الجسم ككل. والصحة النفسية هي جانب حاسم من رفاهيتنا ، وهي شيء يؤثر علينا جميعا؛ويمكن أن تؤثر مشكلات الصحة العقلية على أي شخص، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الخلفية. لذا من المهم الاعتراف بأهمية الصحة العقلية وإعطاء الأولوية للرعاية الذاتية، كما نصحت لوفاتو وباركر.
تلعب عوامل عدة، دورًا بارزًا وحيويًا في تحسين وتعزيز الصحة النفسية؛ منها الرياضة، التي أثبتت الدلائل العلمية أنها مُحفزٌ جيد لاعتدال المزاج وجودة النوم وتحسين التركيز والتفكير، فضلًا عن التخلص من الشحنات السلبية التي يُخزنها الجسم والتي يمكن أن تنعكس عليه أمراضًا ومشاكل صحية.
ويشهد شهر مايو الاحتفال بشهر التوعية بالصحة النفسية؛ وفي هذه المناسبة، نتطرق في موضوعنا اليوم إلى نقطتين مهمتين حول الرياضة وعلاقتها بالصحة النفسية. النقطة الأولى هي لإلقاء الضوء على العلاقة الحيوية بين اللياقة البدنية والصحة النفسية، وفق نصائح أفداتنا بها رئيسة قسم اللياقة البدنية في "فيتنس فيرست"؛ والنقطة الثانية تتمحور حول كيفية التحفيز لبدء ممارسة التمارين من أحد المختصين في "مايو كلينك".
دارت عجلة الصحة النفسية ومعها انطلقنا نحو صحةٍ أفضل وذات جودةٍ عالية، هل أنتِ معنا؟
علاقةٌ حيوية تجمع بين الرياضة والصحة النفسية
تسلط "فيتنس فيرست" الضوء على العلاقة الحيوية بين اللياقة البدنية والصحة النفسية؛ حيث تتحدث إيفانا سارجيك، رئيس قسم اللياقة البدنية في "فيتنس فيرست" وخبيرة الصحة والعافية عن هذا الموضوع الهام. وتقول: "لا تقل الصحة النفسية أهميةً عن اللياقة البدنية. ونحن نؤمن بثلاثة ركائز أساسية لتحقيق الصحة الشمولية لجميع أعضائنا، هي الحركة والراحة والأكل الصحي. وتعمل تلك الركائز كمُعزَزاتٍ طبيعية للمزاج، وهي مهمةٌ جدًا للصحة النفسية والبدنية. للحصول على أفضل النتائج، فإننا نشجع على دمج جميع تلك العناصر في روتينكِ اليومي."
لفهم تلك الركائز بصورةٍ أوضح وأشمل، إليكِ ما أفادتنا به سارجيك:
-
الحركة
تُعتبر ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وسيلةً فعالة للغاية لتقليل التوتر وتحسين الحالة المزاجية وجودة النوم؛إذ تؤدي ممارسة النشاط البدني إلى إطلاق هرمون السيروتونين والدوبامين، المرتبطين مباشرةً بتحسَن المزاج ومشاعر السعادة. كما إنها فرصةٌ ممتازة للتواصل مع الآخرين وتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع.
-
الراحة
بعد الحركة لا بد من الراحة والاسترخاء، وهنا يأتي دور النوم. فالنوم الجيد ضروريٌ للصحة النفسية والجسدية، إذ إن الراحة الكافية تدعم تنظيم المزاج والوظيفة الإدراكية. وتؤكد سارجيك على أهمية النوم الصحيمن خلال اتباع بعضالإرشادات حول تحسين أنماط النوم عبر ممارسة النشاط البدني بانتظام.
-
تناول الغذاء الصحي
التغذية الجيدة عاملٌ ثالث وحاسم للرفاه والصحة بشكلٍ عام، حيث يُعتبر تناول الأطعمة الغنية بالمُغذيات داعمًا أساسيًا للجسم والذهن وتعزيز الصحة النفسية. وتنصح سارجيك من"فيتنس فيرست" بضرورة تثقيف الذات حول عادات الغذاء الصحية لتعزيز الصحة.
فوائد ممارسة الرياضة على الصحة النفسية
بالإضافة إلى ما تقدم، لا يمكننا إغفال الحديث عن أهمية الرياضة على الصحة النفسية، وإن كان بشكلٍ موجز فالرياضة تساعد في تحقيق التالي بحسب سارجيك:
- الحد من التوتر.
- تحسين المزاج.
- زيادة تقدير واحترام الذات.
- تعزيز الوظيفة الإدراكية وصحة الدماغ.
- تحسين الطاقة الكلية وجودة النوم.
- التفاعلات الاجتماعية والدعم العاطفي
كيفية التحفيز لبدء ممارسة التمارين
يتعهد العديد من الأشخاص بممارسة المزيد من التمارين الرياضية مع بداية كل عامٍ جديد؛ ولكن البدء في روتين التمارين قد يكون أمرًا صعبًا إذا كنتِ ملازمةً للأريكة لفترة طويلة، كما قد يُمثَل مهمةً شاقة وشبه مستحيلة للبعض. إلا أنه لا يمكننا الاستسلام لهذه الفكرة، والسعي لتغييرها ما أمكن.
ويقول ناثان لوبراسور، حاصل على الدكتوراه وماجستير العلوم، ومدير مركز روبرت وآرلين كوجود للشيخوخة في ولاية مينيسوتا، أنه لم يفت الأوان مطلقًا لبدء الحركة، حتى لو كنتِ بالغةًأو متقدمةً في العمر. مشيرًا إلى أن بدء برنامج تمارين أو الحفاظ على النشاط البدني يتطلب تحفيزًا والتزامًا، ويكمن السر في أن تبدأي بالتدريج وتمارسينشاطًا بدنيًا تستمتعين به.
ويضيف الدكتور ناثان لوبراسور: "إذا كنتِ مثلًا تكرهين السباحة، فلا تحاولي أن تصبحي سباحة. ولكن (إذا) كنتِ تستمتعين بالرقص أو الأنشطة الأخرى (مثل) البستنة، فهذه من أشكال الأنشطة التي بمجرد الانخراط فيها، فإنكِ تزيدين من الانتظام والالتزام اللذين سيكون لهما أكبر قدر من الفوائد الصحية عليكِ."
يمكن أن يساهم البقاء نشيطًا في بناء قوة العضلات وتحسين الصحة الإدراكية والصحة القلبية الوعائية. ويشرح الدكتور لوبراسور هذه الفكرة قائلًأ: "إن قضاء 3% أو 30 دقيقة يوميًا من ساعات يقظتنا في ممارسة الأنشطة البدنية، سيكون له فوائد كبيرة إذا التزمنا بها."
بالنسبة للأفراد الذين يتمتعون بشباب القلب، توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بممارسة 150 دقيقة من التمارين المعتدلة في الأسبوع.ويضيف لوبراسور: "مع تقدمنا في السن، فإن تخصيص الوقت، وقتًا مفيدًا، للحصول على شكلٍ من أشكال التمارين الهوائية أو تمارين التحمل، مثل المشي أو ركوب الدراجات أو السباحة، وأيضًا الحصول على شكلٍ من أشكال تمارين القوة يُعد أمرًا بالغ الأهمية."
نصائح للبدء والالتزام بخطة التمرين
بعد شرح الدكتور لوبراسور المفصل حول أهمية الرياضة على صحتنا النفسية، ها هو الآن يشجعنا على إيجاد الحافز للبدء بالتمرين والمواظبة عليه.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع الإرشادات والنصائح الآتية:
- ابحثي عن برامج التمارين المختلفة.
- خططي لقضاء فترات مشي خلال يوم عملكِ.
- ابحثي عن شخصٍ يشارككِ التمارين، إن كنتِ لا تحبين التمرين لوحدكِ أو تشعرين بالملل بسرعة.
- ابقي منتظَمةً في ممارسة التمرين.
في الختام، فإن الرياضة ولأهميتها الصحية والنفسية، لا بد أن تكون من ركائز الحياة الأساسية. فكما نهتم بنوعية أكلنا ونومنا وراحتنا، ينبغي لنا الاهتمام بالتمرين أو النشاط البدني المنتظم، الذي يُتيح لنا ليس فقط التمتع بالصحة والرشاقة على الدوام، وإنما أيضًا يُحسَن حالتنا المزاجية ويُعزَز من رفاهية وجودة الحياة في أيَ سن. فلا تترددي عزيزتي في تخصيص وقتٍ منتظم ودائم للتمرين والحركة كل يوم، كي تزدادي جمالًا وإشراقًا وحيوية وصحة.