لتجنب مضاعفاتها وأثرها السلبي على حياتكِ: تعرفي معنا على متلازمة التعب المزمن
في خضم التحديات العديدة التي تواجهنا كل يوم، والصحية بشكلٍ خاص؛ بات من الضروري لكل واحدٍ منا ممارسة ما يُعرف ب "التثقيف الصحي". أولًا، من أجل معرفة ما ينبغي توقعه أو عمله في حال الإصابة بأحد الأمراض والمشاكل الصحية التي لم تكن معروفةً كثيرًا من قبل؛ وثانيًأ للقيام بكل ما أمكن لتعلَم "إدارة المرض" بالشكل الصحيح.
نعم، إدارة المرض هي المعيار الأساسي والمهم اليوم، للتعامل مع أي مرضٍ مزمن لا يمكن الشفاء منه، أو مرضٍ ذو مضاعفاتٍ صعبة قد تؤثر سلبًا على حياة المصاب وتُبط عزيمته، أثناء رحلة الشفاء التي قد تطول في بعض الأحيان.
للحديث عن موضوع اليوم، كان لا بدَ من البحث عن العديد من المتلازمات التي باتت شائعةً في الوقت الحاضر، فيما لم نكن نسمع عنها سابقًا؛ بل ولم نكن نتخيل أنها موجودةً أصلًا. متلازماتٌ تُرهق الجسم والعقل والروح، يترتب عليها أعباءٌ مادية جمة، ورحلةٌ طويلة وشاقة من العلاج لا تخلو من المطبات والإخفاقات. متلازماتٌ ينبغي على الجسم الطبي حاليًا، التوعية التامة والكبيرة تجاهها؛ كي يكون عامة الناس على درايةٍ كافيةٍ بها وقدرةٍ على التعامل معها في حال أصيبوا هم أو أحد أحبتهم بها.
وهذا ما يجعل الأيام العالمية التي خصصتها منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات ذات الشأن، للأمراض والمتاعب الصحية، مهمةً للغاية؛ فهي تُعرَفنا أكثر عليها، وتُسهم في تثقيفنا وتوعيتنا حولها بالشكل المطلوب. من هذه الأيام، اليوم العالمي لمتلازمة التعب المزمن CFS الذي يُصادف اليوم 12 مايو؛ والذي أطلعنا الدكتور يحيى حمدان، طبيب عام في عيادة أمان للعافية، على كافة تفاصيلها في مقالة اليوم.
ما هي متلازمة التعب المزمن CFS؟
وفقًا للدكتور حمدان، فإن متلازمة التعب المزمن، المعروفة أيضًا بالتهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، هي اضطرابٌ مُعقد يتميز بالتعب الشديد الذي يستمر لمدة لا تقل عن ستة أشهر. التعب لا يتحسن بالراحة للأسف، ويزداد سوءًا مع زيادة النشاط العقلي أو الجسدي؛ ويمكن أن يؤثر بشكلٍ كبير على قدرة الشخص على أداء المهام اليومية.
ويضيف: "لا تنجم هذه المتلازمة (CFS) عن أي حالةٍ طبية أساسية وأسبابها الدقيقة غير معروفة، على الرغم من وجود عدة عوامل يمكن أن تزيد من احتمالية حدوث الأعراض أو شدتها."
ما هي الأسباب وراء متلازمة التعب المزمن؟
السبب الدقيق لمرض التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات (CFS) لا يزال غير معروف، يؤكد الدكتور حمدان؛ ولكن يعزو بعض الخبراء تطوَر الاضطراب إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- الوراثة: فقد أظهرت الدراسات أن حدوث هذه المتلازمة أعلى لدى الأفراد والعائلات التي لديها تاريخٌ مرضي للحالة.
- العدوى: أُبلغ أن بعض الأشخاص الذين تعافوا من عدوى فيروسية أو بكتيرية، ظهرت عندهم أعراضٌ لهذا المرض.
- الصدمة الجسدية أو العاطفية: والقضايا المتعلقة بالطاقة والهرمونات.
كما يمكن لبعض عوامل الخطر أن تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة التعب المزمن CFS، وهي التالية كما حددها لنا الدكتور حمدان:
- الجنس: إذ أن النساء أكثر عرضةً للإصابة بهذا الاضطراب، ربما بسبب احتمالية أعلى للإبلاغ عن الأعراض للمهنيين الصحيين مقارنةً بالرجال.
- العمر: يمكن أن يحدث CFS في أي عمر، ولكنه يُلاحظ بشكل أكثر شيوعًا عند البالغين ومن هم في منتصف العمر.
- الأفراد الذين لديهم تاريخٌ صحي من بعض الحالات الطبية المعقدة، مثل الألم الليفي العضلي Fibromyalgia.
ما هي أعراض متلازمة التعب المزمن؟
بحسب الدكتور حمدان من عيادة أمان للعافية، تختلف أعراض CFS من شخصٍ لآخر، ويمكن أن تتقلب يوميًا. وتشمل الأعراض الجسدية الشائعة التعب، والإرهاق الشديد بعد الجهد البدني أو العقلي، والصداع، وآلام المفاصل والعضلات، واضطرابات النوم. كما يمكن أن تشمل الأعراض العقلية، مشاكل في الذاكرة والقدرات التفكيرية وصعوبة التركيز.
متى يجب استشارة الطبيب حول هذه المتلازمة؟
من المستحسن استشارة الطبيب في حالة تعرضكِ للتعب المستمر أو في حالة زيادة شدته، يؤكد الدكتور حمدان، مشيرًا إلى أنالتعب يمكن أن يكون عرضًا لأمراضٍ مختلفة، لذا من المهم استبعاد أسبابٍ أخرى محتملة.
ففي حال عدم التنبه لهذه الأعراض وإهمالها، فإن متلازمة التعب المزمن قد تحمل بعض التداعيات؛ وتشمل المضاعفات الأكثر شيوعًا التي يعاني منها مرضى متلازمة التعب المزمن، القيود المفروضة على أنشطتهم اليومية والعزلة الاجتماعية.
كيف يتم تشخيص متلازمة التعب المزمن؟
قد يكون تشخيص متلازمة التعب المزمن أمرًا صعبًا، إذ لا يوجد اختبارٌ محدد لتأكيد التشخيص. ويمكن أن تتداخل الأعراض مع مشاكل صحية أخرى، مثل مشكلات الصحة العقلية كالاكتئاب والقلق، أو اضطرابات النوم. كما يمكن أن تكون متلازمة التعب المزمن مصحوبةً بمشاكل صحية أخرى، مثل اضطرابات النوم أو متلازمة القولون العصبي.
لذا من الأفضل دومًا اتخاذ كافة التدابير الوقائية التي تحول دون ظهور هذه الحالة؛ وتتضمن بعض هذه التدابير التالي:
- إجراء تغييراتٍ معينة في نمط الحياة.
- تقليل أو تجنب تناول الكافيين قبل النوم.
- الامتناع عن استهلاك الكحول بشكلٍ تام.
- اتباع روتين يومي صحي، بما في ذلك الذهاب إلى السرير والاستيقاظ في أوقاتٍ محددة كل ليلة.
هل ثمة علاج لمتلازمة التعب المزمن؟
حاليًا، لا يوجد علاج لمتلازمة التعب المزمن. ومع ذلك، تهدف العلاجات الحالية إلى إدارة الحالة وتخفيف الأعراض وتحسين نوعية الحياة بشكل عام، يقول الدكتور حمدان. مشيرًا إلى أن خيارات العلاج قد تشمل أدويةً للتحكم في أعراضٍ معينة مثل الألم أو اضطرابات النوم، العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج بالتمارين التدريجية. ويمكن أيضًا النظر في العلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر والعلاج بالتدليك.
في الختام؛ متلازمة التعب المزمن هي اضطرابٌ مُعقد يتميز بالتعب الشديد الذي لا يتحسن مع الراحة. وفي حين أن تشخيص التهاب الدماغ والنخاع العضلي لا يزال يُمثل تحديًا، إلا أنه تمَ تطوير معايير معينة للمساعدة في تحديد الاضطراب. وعلى الرغم من عدم وجود علاجٍ محدد لمتلازمة التعب المزمن، إلا أن الخيارات المتاحة، بما في ذلك الأدوية، يمكن أن تساعد في إدارة الحالة وأعراضها لتحسين نوعية الحياة بشكل عام.
لذا من المهم دومًا استشارة أخصائي الرعاية الصحية، لاستبعاد الحالات الأخرى والحصول على العلاج المناسب، والتنعم برفاهية وجودة حياة تستحقينها.