لا ترموا بأنفسكم إلى التهلكة: تحذيراتٌ ونصائح للشباب للإقلاع عن التدخين
وفقًا لإحصائيات وتقارير منظمة الصحة العالمية؛ بلغ تعداد المدخنين حول العالم 1.3 مليار شخص العام الماضي، 80% منهم يعيشون في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. فيما تعاطى 22.3% من سكان العالم التبع في العام 2020، 36.7% منهم من الرجال و7.8% من النساء؛ وقد شهدت أرقام المدخنين من الشباب والمراهقين ارتفاعًا خلال السنوات الماضية.
وتفيد تقارير منظمة الصحة العالمية أيضًا، بأن تدخين التبغ مسؤولٌ عن نحو 7.2 مليون وفاة سنوياً. كما تشير المنظمة إلى أن التدخين يُعتبر عامل خطرٍ رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض التنفسية، فضلًا عن أكثر من 20 نوعًا رئيسيًا وفرعيًا من السرطان، إلى جانب العديد من الحالات الصحية الأخرى التي تُهدد الحياة. وتمتد الآثار السلبية للتدخين أيضًا إلى الأفراد الذي يتعرضون للتدخين السلبي، مثل الأطفال؛ والذين قد يستنشقون أكثر من 250 مادة سامة ومُركب كيميائي مُسرطن، ما يؤكد على الحاجة الماسة لتبنَي برامج فعالة للإقلاع عن التدخين.
وهو ما تسعى إليه المنظمات والمؤسسات الصحية في مختلف دول العالم؛ ومنهاM42، الشركة الرائدة في مجال الصحة في الإمارات والتي تسعى لإعادة صياغة مستقبل الصحة باستخدام أحدث التقنيات، الضوء على جهودها في مكافحة التدخين عبر شبكتها الواسعة من عيادات وبرامج الإقلاع عن التدخين. ويهدف اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين، الذي تقيمه منظمة الصحة العالمية كل عام يوم 31 مايو، لنشر الوعي حول المخاطر الصحية لاستخدام التبغ والتشجيع على تبنَي سياسات فعالة للحد من هذه العادة الضارة حول العالم.
بدوره أشار أخصائي من كليفلاند كلينك أبوظبي، إلى عدم وجود أي استخدامٍ آمن لمنتجات التبغ، وأن الشباب هم أكثر عرضةً للإدمان القوي على النيكوتين.وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الأطفال يستخدمون أدوات التدخين الإلكتروني (Vaping) بمعدلاتٍأعلى من الراشدين في جميع المناطق؛ ولذلك فإن المنظمة تهدف خلال فعالية العام الجاري إلى توفير منصةٍ للشباب حول العالم "لدعوة الحكومات إلى حمايتهم من أساليب تسويق التبغ التصيدية". كما تُسلط تقديرات المنظمة الضوء على أرقامٍ مُثيرة للقلق، تتمثل بوجود 37 مليون شخص حول العالم ممن تتراوح أعمارهم بين 13-15 عامًا، يستخدمون منتجات التبغ.
في مقالة اليوم، نستعرض وإياكِ عزيزتي لمخاطر تدخين التبغ على اختلاف أنواعه على الشباب، والعواقب الصحية الناجمة عنه على المديين القصير والطويل؛ مع شرح الخطوات الاستباقية الواجب اتباعها للإقلاع عن التدخين والنجاح في ذلك.
فإن كنتِ عزيزتي من المدخنين الواقعين في براثن هذه الآفة، وتبحثين عن طوق نجاة يُنقذكِ منها؛ أو لديكِ من الأحبة والأصدقاء من يدخنون بكثرة، خاصةً الشباب، وترغبين بمساعدتهم في التخلص من هذه الآفة، تابعي القراءة معنا...
مخاطر التدخين على صحة وحياة الشباب
بدايةً، لا بدَ من التذكير بأن جميع أنواع تدخين التبغ هي ضارة وغير صحية؛ وذلك للردَ على من يحاولون اليوم التحايل على مسألة "خطورة السجائر العادية" بالقول أن الفايب مثلًا أو الشيشة هما أقل ضررًا. فكل هذه الأنواع من التدخين تُوصل لنهاية سيئة واحدة: المرض ثم الوفاة خصوصًا بين جيل الشباب الذي يُسرَعون من شيخوختهم ومماتهم.
وقال الدكتور هومبرتو تشوي، أخصائي أمراض الرئة في مستشفى كليفلاند كلينك: "إن الشباب مُعرَضين لمواجهة المخاطر الأكبر الناتجة عن التدخين أو التدخين الإلكتروني، لأن البدء بالتدخين في سن الطفولة أو المراهقة قد يكون له آثارٌ مدى الحياة على نمو الدماغ."
مضيفًاأن جميع أشكال استخدام التبغ لها مخاطر صحية، سواءً تدخين السجائر الإلكترونية التي تحتوي على نيكوتين سائل، أو مضغ التبغ، أو تدخين السجائر والشيشة؛ وحتى ولو كان ذلك من حين لآخر أو بدون استنشاق الدخان. وأشار إلى أن أي شيءٍ يحتوي على نيكوتين يُسبَب الإدمان؛ بالإضافة إلى ذلك فإن جميع وسائل استهلاك التبغ تشتمل على مواد كيميائية خطيرة منها الأسيت ألدهيد (Acetaldehyde) والفورم ألدهيد (Formaldehyde) المعروفة بأنها مُسبَبة للسرطان، إلى جانب الأكرولين (Acrolein) وثنائي الأسيتيل (Diacetyl) وثنائي إثيلين غلايغول (Diethylene Glycol) المعروفة بتسبَبهابأمراض الرئة.
تحديات التدخين الالكتروني
وقال الدكتور تشوي: "يُعدَ التدخين الإلكتروني تحديًا أكبر بالنسبة لنا، لأننا ما زلنا لا نعرف تمامًا آثاره الكاملة على الصحة، على الرغم من تم ربطه بالفعل بالتهاب الرئة الحاد ومستويات إدمانٍ قوية ومشاكل الأسنان من جملة أمور أخرى. كما أننا على علم بارتباطه بالعديد من نفس آليات تدخين السجائر العادية التي تُسبَب مشاكل الرئة."
وأوضح أخصائي أمراض الرئة في مستشفى كليفلاند كلينك، أنه بالإضافة إلى الأذى الذي تتسبب به المواد الكيميائية والمواد المُضافة الموجودة في وسائل التدخين الإلكتروني؛فإن بعض السوائل المُستخدمة في التدخين الإلكتروني تحتوي على مستويات عالية جدًا من النيكوتين، ما يجعلها مُسبَبة للإدمان بشكلٍ كبير. كما تُسهم مستويات قبول وتحمَل وسائل التدخين الإلكتروني في الأماكن العامة، في زيادة الفرص أمام الأفراد للحصول على بضع نفثاتٍ سريعة من دخان السجائر الإلكترونية؛ ما يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك الفردي مقارنةً بما هو الحال مع السجائر العادية على سبيل المثال.
عواقب التدخين.. على المديين القصير والطويل
بيّن الدكتور تشوي بأن هناك مخاطر قصيرة وطويلة الأمد مرتبطةٌ باستهلاك التبغ. وقد تشمل المخاطر قصيرة الأمد، السعال المستمر ونوبات الربو والتهاب الرئة الحاد؛ في حين قد يؤدي الاستهلاك طويل الأمد لمنتجات التبغ إلى الإصابة بأمراضٍ خطيرة مثل أمراض القلب وانتفاخ الرئة.
وأشار إلى أن الأمر المُثير للقلق في واقع الأمر، هو إدمان النيكوتين في سنٍّ مبكرة، وقال: "يمكن لاستهلاك النيكوتين من قبل المراهقين أن يكون له آثارٌ طويلة المدى على تطوَر الدماغ، إذ تشير الدراسات إلى أن التدخين في سنٍ مبكرة يزيد من احتمالات إدمان التبغ لفتراتٍ طويلة، إلى جانب الإدمان على مواد أخرى مُسبَبة للمشاكل. بالإضافة إلى ذلك، قد تتداخل الرغبة في التدخين مع التركيز ومُجريات الحياة اليومية. كما توجد أيضًا مشكلةٌ أخرى تتمثل في أن الشباب قد يستخدمون التبغ كنوعٍ من العلاج الذاتي للقلق أو الاكتئاب ما يؤدي إلى إخفاء الأعراض بحيث تظل الحالة دون تشخيصٍ أو علاج."
وأوضح الدكتور تشوي أن الآثار الضارة للنيكوتين هي تراكمية، وغالبًا لا يدرك الأفراد مدى الضرر الذي يتسببون به لأنفسهم إلى حين إصابتهم بحالةٍ صحية مُزمنة.وأضاف: "بغض النظر عن نوع وسيلة استهلاك النيكوتين التي اعتاد عليها الأفراد أو مدى تكرار الاستخدام، فإنه يمكن للأفراد تحقيق فوائد كبيرة في أي وقتٍ بمجرد الإقلاع عن استهلاك منتجات التبغ؛ ولكن كلما كان ذلك في وقتٍ مبكر أكثر كانت النتائج أفضل. لقد أظهرت الأبحاث أنه لا يوجد أي مقدارٍ آمن للتدخين، وحتى الأفراد الذين لا يدخنون كثيرًا قد يُصابون بأمراضٍ رئوية مُميتة، كما يمكن للمُدخنين الجدد الإصابة بالتهاباتٍ وأضرارٍ كبيرة بالرئة".
ودعا الدكتور تشوي الأهالي إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحةً،كي يتمكنوا من التحدث بصراحةٍ مع أبنائهم حول مخاطر استهلاك التبغ، وتقديم الدعم إليهم للإقلاع عن استهلاك هذه المادة في حال الحاجة إلى ذلك.وأضاف: "قد يكون الإقلاع عن استهلاك النيكوتين صعبًا للغاية، وغالبًا ما يقوم الأفراد بعدة محاولاتٍ قبل أن ينجحوا في الإقلاع تمامًا". وتابع أنه لا يوجد "حلٌ واحدٌ مناسب للجميع"، وبالتالي يجب استشارة المختصين في مستشفى كليفلاند كلينك وغيرها من المراكز المتخصصة، للمساعدة في التخلص من آفة التدخين.
خطواتٌ استباقية للإقلاع عن التدخين
بدوره، قال عمر النقبي، الرئيس التنفيذي لمستشفى هيلث بوينت: "يمكن أن يساهم الإقلاع عن التدخين في تمكين الأشخاص من عيش حياةٍ أكثر صحة، وتقليل العديد من المخاطر الصحية التي قد تهدد حياتهم. إلا أننا نعرف أن عملية الإقلاع ليست بالأمر اليسير، لكن الاستعداد المناسب لها يزيد من فرص نجاحها."
ولتحقيق هذه الغاية، يقدم النقبي بعض النصائح الفعالة والاستباقية للإقلاع عن التدخين:
- البدء بتحديد تاريخ الإقلاع خلال أسبوعٍ أو اثنين، والأفضل أن يكون التاريخ مرتبطًا بمناسبة ما أو وقتٍ لا يكون فيه المدخن بمكان العمل.
- إخبار الأصدقاء وأفراد الأسرة والزملاء حول قرار الإقلاع عن التدخين، ليتمكنوا من تقديم الدعم وتفهَم التغيرات المتوقعة في مزاج الشخص.
- إزالة جميع منتجات التبغ والمرتبطة بالتدخين من المنزل والسيارة ومكان العمل، لتقليل الرغبة بالتدخين.
- الاستعداد جيدًا وبشكل مُسبق للتحديات، مثل زيادة التوتر أو أعراض الانسحاب، كالصداع والرغبة الشديدة بالتدخين، والتفكير مسبقًا في كيفية التعامل مع هذه اللحظات العابرة. واستشارة الطبيب حول الدعم الإضافي الممكن، بما يشمل النصائح أو الأدوية أو الإحالة إلى برامجٍ للإقلاع عن التدخين. فالمساعدة الخبيرة يمكن أن تُحسَن بشكلٍ كبير من فرص نجاح هذه الرحلة.
خلاصة القول، أن التدخين هو من أكثر الآفات التي عرفها الإنسان على مر مئات العقود الماضية، وهي للأسف آفةٌ صنعها الإنسان ويتحكم فيها إن لجهة تسويقها وترويجها خاصةً بين الشباب والمراهقين. وهؤلاء بحاجةٍ لماسة للتحصن من هذه العادة الضارة والخطيرة، كونها تُهدد حياتهم وصحتهم وتجعلهم في دائرة خطر المرض والموت حتى في عمرٍ مبكر.
فلا تترددوا في نبذ هذه الآفة وتجنَبها قدر الإمكان، وسارعوا للإقلاع عن التدخين بدعم المختصين ومساعدة الأهل والأصدقاء؛ كي تنعموا بجودة حياة ورفاه صحية على مر سنوات حياتكم.