تكنولوجيا متطورة ساعدت بتخليص شابة من مرض بطانة الرحم المهاجرة

تكنولوجيا متطورة ساعدت بتخليص شابة من مرض بطانة الرحم المهاجرة

جمانة الصباغ

تؤثر بطانة الرحم المهاجرة (أو الانتباذ البطاني الرحمي) على سيدةٍ واحدة من بين كل 10 سيدات حول العالم؛ والمشكلة الأكبر أن تشخيص هذه الحالة يكون خاطئًا في الغالب، ما يزيد من معاناة المصابات. وتظهر هذه الحالة الصحية عند نمو نسيجٍ مشابه لبطانة الرحم في مناطق خارجه ضمن الجسم، مما يُسبَب آلامًا شديدة ويزيد من احتمال التعرض للعقم. ويمكن أن تستغرق عملية التشخيص الدقيقة لهذا المرض من 7 إلى 10 سنوات، ما يؤكد الحاجة على الماسة للمزيد من مراكز التميَز المتخصصة بالتعامل مع بطانة الرحم المهاجرة.

ويبدو أن دولة الإمارات العربية المتحدة، قد خطت خطوةً كبيرة نحو هذا التميَز؛ من خلال استقطاب الأطباء والمختصين البارعين في إيجاد حلولٍ وعلاجاتٍ للكثير من الأمراض والمشاكل الصحية، فضلًا عن تأمين العديد من الصُرح الطبية المتطورة كما هي الحال مع مجموعة M42 في العاصمة أبوظبي، والتي تضم عددًا من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة التي تستخدم تقنياتٍ حديثة لتحسين حياة المرضى.

وهذا بالضبط ما قدمه مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال، التابع لمجموعة M42، من خلال تخليص شابةٍ في مقتبل العمر من معاناتها الشديدة مع بطانة الرحم المهاجرة وتداعياتها الخطيرة على صحتها.

قبل التعرف أكثر على التقنية التي اتبَعها الدكتور زاهد خان في تخفيف معاناة الشابة البريطانية، فلنتوقف قليلًا عند المزيد من المعلومات المهمة الواجب معرفتها حول مرض بطانة الرحم المهاجرة، ومخاطرها على صحة النساء.

الدكتور زاهد رضا خان  خبير أمراض النساء والتوليد
الدكتور زاهد رضا خان  خبير أمراض النساء والتوليد

بطانة الرحم المهاجرة: الأعراض والأسباب

آلام الدورة الشهرية أو عسر الطمث، هي أكثر عرضٍ تعاني منها النساء المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة، وفقًا لما ذكره موقع "الطبي". وأضاف الموقع المتخصص إلى أن أعراض بطانة الرحم المهاجرة غالبًا ما تصبح أكثر سوءًا مع تقدم حالة المرض، بحيث تعتمد بصورةٍ خاصة على مكان وعمق انتشار غرس بطانة الرحم؛وبالرغم من ذلك، فإن بعض المصابات بانتباذ بطانة الرحم، مثل النساء المصابات بأكياس الشوكولاتة الموجودة على المبيضين، قد لا يعانين على الإطلاق من أي عرض من أعراض بطانة الرحم المهاجرة.

تصيب بطانة الرحم المهاجرة النساء العازبات والمتزوجات على حد سواء، وكلاهما يتعرضان للأعراض التالية:

  • آلام الدورة الشهرية (عسر الطمث)، وهي آلامٌ قد تبدأ قبل عدة أيام من نزول الدورة الشهرية وتستمر خلال كافة أيام الطمث. ويختلف هذا الألم عن ألم الدورة الشهرية العادية الذي لا يكون شديدًا ويبدأ فقط مع بداية النزيف.
  • عدم انتظام الدورة وإطالة مدتها عن المعتاد.
  • الشعور بألم أثناء أو بعد الجماع.
  • حدوث ألمٍ خلال أيام الإباضة.
  • الشعور بألمٍ في الساق والظهر وأسفل البطن.
  • غزارة الدورة أو النزيف، بحيث تتعرض السيدات لدوراتٍ شهرية ثقيلة مع أو بدون ظهور تجلطاتٍ تستمر لعدة أيام.
  • صعوبة وتأخر في الحمل والإصابة بالعقم، حيث 30 - 40% من مريضات الانتباذ البطاني الرحم يعانينَ للأسف من عدم القدرة على الإنجاب.
  • قد تظهر أعراض الجهاز البولي (خاصةً أثناء الدورة الشهرية)؛ مثل الألم عند التبول، أو ظهور الدم في البول، وذلك في حال ظهور غرسة بطانة الرحم في المثانة.
  • قد تظهر أعراض الجهاز الهضمي (خصوصًا أثناء الدورة الشهرية)؛ مثل الشعور بألمٍ عند التبرز، أو ظهور الدم في البراز، أو الإمساك، أو الإسهال، أو المغص، أو انسداد الأمعاء، وذلك في حال ظهور غرسة بطانة الرحم في الأمعاء أو المستقيم. كما قد تعاني المرأة من نزيف من المستقيم في وقت الحيض.
تتسبب بطانة الرحم المهاجرة بآلامٍ شديدة والعقم في حال عدم علاجها
تتسبب بطانة الرحم المهاجرة بآلامٍ شديدة والعقم في حال عدم علاجها

فيما يخص أسباب الإصابة بالانتباذ البطاني الرحمي، يشير موقع "الطبي" إلى عدم وجود سببٍ مُثبت لبطانة الرحم المهاجرة؛ لكن يمكن اعتبار الوراثة أحد أسبابها، بعدما سُجل تكرار هذه الحالة في العديد من العائلات. كما تقول إحدى النظريات أن الأنسجة البطانية تتحرك إلى الخلف باتجاه قناة فالوب بدلًا من أن تترك الجسم مع النزيف الحيضي، وهو ما يؤدي إلى بطانة الرحم المهاجرة.

الانتباذ البطاني الرحمي مشكلةٌ صحية شائعة بين النساء، وهو يصيب عادة النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15- 44 عامًا أي في سن الخصوبة.كما يُعدَ أحد الأسباب التي تؤدي إلى تأخر الحمل والإنجاب خلال هذه الفترة، أو حتى الإصابة بالعقم وهو أحد أبرز المشكلات التي تدل على خطورة بطانة الرحم المهاجرة،خاصةً في حال لم يتم تشخيص وعلاج هذه المشكلة في سنٍ مبكرة.

وبالإجمال، فإن إصابة إحدى أفراد العائلة، كالأم أو الأخت، ببطانة الرحم المهاجرة، يمكن اعتباره مؤشراً قويًا لتشخيص الإصابة لدى المرأة التي تعاني من أحد الأعراض التي تتبع أعراض هذا المرض. كما أنه وبشكلٍ شائع، يمكن أن يصيب النساء اللاتي يتعرضنَ لفترات حيضٍ تدوم أكثر من 7 أيام.

تكنولوجيا متطورة ساعدت بتخليص شابة من مرض بطانة الرحم المهاجرة

بالعودة إلى موضوع تخلَص شابةٍ من مرض بطانة الرحم المهاجرة؛ فقد نجح جراحٌ شهير في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال، جزء من مجموعة M42، بتقديم إجراءٍ علاجي متطور، ساعد على تحسين حياة مريضةٍمن خارج الدولة مصابة ببطانة الرحم المهاجرة، باستخدام تكنولوجيا المبضع بالموجات فوق الصوتية.واختارت الشابة البريطانية كلوي بريمنر البالغة من العمر 24 عامًا، هذا الطبيب نظير خبرته العالية في علاج مثل هذه الحالات وقدرته على تقديم الرعاية المتخصصة في فترةٍ زمنية قصيرة.

بدأتمعاناة كلوي مع مشكلة بطانة الرحم المهاجرة في سن ٍمبكرة خلال مرحلة المراهقة، وتفاقمت مشكلتها بعد خضوعها لأول عمليةٍ جراحية العام الماضي. ونظرًا لعدم قدرتها على تحمَل تكاليفالعلاج، لجأتكلوي إلى منصةٍ للتمويل الجماعي. ومن خلال ذلك، تعرّف الدكتور زاهد رضا خان على حالتها، وهو خبيرٌ مشهور عالميًا في أمراض النساء والتوليد والجراحات النسائية المتقدمة بأدنى حدود التدخل الجراحي، ليبادر إلى اقتراح دعمها. وقاد ذلك كلوي للتفكير مليًا في تلَقي العلاج الذي انتظرته بفارغ الصبر على أرض دولة الإمارات.

تكنولوجيا متطورة ساعدت بتخليص شابة من مرض بطانة الرحم المهاجرة-رئيسية واولى
تكنولوجيا متطورة ساعدت بتخليص شابة من مرض بطانة الرحم المهاجرة

تقنية تؤمَن راحة البال المطلقة

باعتبارها مريضة دولية في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال، عبّرت كلوي عن تقديرها الكبير للرعاية الاستثنائية والدعم اللامحدود الذي تلقته في المستشفى. وأكدت أن التوجيهات الدقيقة للدكتور خان والتعاطف الكبير الذي أبدته كوادر التمريض في المستشفى أشعرتها براحة كبيرة، وخففت من آلامها، ووضعت عافيتها في المقام الأول. كما أسهمت مرافق المستشفى المدعومة بأحدث التقنيات ومنهجيته الشاملة في رعاية المرضى،في منح كلوي راحة البال والطمأنينة اللازمة.

وقالت: "منحني مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال عنايةً استثنائية تتخطى الرعاية الطبية التقليدية. فقد حرصت كوادر الرعاية في المستشفى على فهمي ومراعاتي ودعم كإنسانة أولًا، وحظيتُ بخطة علاجية شخصية مهَدت طريقي نحو التعافي. فلاشك أن رحلتي مع بطانة الرحم المهاجرة كانت شاقة، إلا أن إيجاد هذا النوع من الرعاية وبشكلٍ يسير في مستشفى دانة الإمارات غيَر حياتي كليًا نحو الأفضل".

وسلَط الدكتور خان الضوء على التقنيات المُبكرة، مثل تكنولوجيا المبضع بالموجات فوق الصوتية، مؤكدًادقتها المتناهية وفاعليتها الكبيرة مقارنةً بالوسائل التقليدية. وتتيح هذه التقنية إجراء عملياتٍ بأدنى حدود التدخل الجراحي، وتتمكن من تنفيذ استئصالٍ في غاية الدقة؛ ما يُمهَد الطريق لتحسين المُخرجات العلاجية لبطانة الرحم المهاجرة على مستوى العالم.

فيما تُركَز الاهتمامات البحثية للدكتور خان على استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص بطانة الرحم المهاجرة في مرحلةٍ مبكرة، وتخطَي العقبات التشخيصية التقليدية. وقد تلقى نظير عمله التكريم الدولي، في حين يحمل حاليًا منحة البحوث المرموقة من المعهد الوطني لبحوث الصحة والرعاية في المملكة المتحدة. كما قاد خان أيضًا تطوير روبوت دردشة رائد بلغاتٍ عديدة يُدعى Anna،يُصغي للمرضى ويقارن معلوماتهم مع بياناتٍ مستقاة من آلاف المرضى للتنبؤ بنتيجة التشخيص. ويهدف هذا الابتكار إلى تقليل متوسط التأخير لمدة 10 سنوات في تشخيص بطانة الرحم المهاجرة.

وعبر منهجيةٍ متعددة التخصصات وبإشراف الدكتور خان، تلقت كلوي خطةً علاجية مبتكرة.وبفضل درايتهم الواسعة بتعقيدات علاج بطانة الرحم المهاجرة، نجح الدكتور خان وفريقه في علاج حالة كلوي، وتمكنوا من التوصل لتشخيصٍ مناسب وعلاجٍ فعال لحالتها. وخلال الإجراء، تمَ تبنَي منهجية رعايةٍ دقيقة لحماية الأعضاء الحيوية مثل الحالب، الذي يربط الكلى بالمثانة، ما ضمن سلامة كلوي طيلة العملية الجراحية. وخضعت المريضة أيضًا لفحوصاتٍ إضافية بما يشمل اختبارات تنظير المثانة والخزعات، للحصول على معلوماتٍ شاملة عن حالتها، وصياغة خطة الرعاية بعد الإجراء العلاجي لضمان تعافيها على المدى الطويل.

وأوضح الدكتور خان: "يستدعي مرض بطانة الرحم المهاجرة رعايةً متخصصة ومنهجياتٍ مُبتكرة للوصول إلى علاجٍ فعال وشخصي. لذلك نحرص في مستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال على استخدام أفضل الابتكارات المتقدمة في جراحة بطانة الرحم المهاجرة، بما يضمن أفضل المخرجات العلاجية وتحسين جودة حياة المريضات مثل كلوي."

كلوي بريمنر الشابة البريطانية التي عالجها الدكتور خان من بطانة الرحم المهاجرة
كلوي بريمنر الشابة البريطانية التي عالجها الدكتور خان من بطانة الرحم المهاجرة

خلاصة القول، أن بطانة الرحم المهاجرة تُعدَ مرضًا يتقدم تدريجيًا مع العمر ويقود لمضاعفاتٍ شديدة، إلا أن علاجه أمرٌ ممكن. وبعد إتمام الجراحة، تمَ وضع خطةٍ مُحكمة لدفع كلوي نحو التعافي التام، بما في ذلك المتابعات مع الأطباء شخصيًا وعن بعد، لمراقبة تقدم حالتها ومعالجة أي مخاوف ربما تراودها. وشدَد الدكتور خان على أهمية هذه المراجعات الدورية، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في ضمان المُخرجات المثلى بعد الجراحة والوقاية من عودة المرض مستقبلاً.

ومع تزايد الوعي ببطانة الرحم المهاجرة واستمرار المجال الطبي بالتطور، لا يسعنا عزيزتي سوى نصحكِ بوجوب عدم إهمال أي عرضٍ غريب قد يُصيبكِ ويكون مؤشرًا على الإصابة ببطانة الرحم المهاجرة. واحرصي كذلك على إيلاء العناية القصوى بصحتكِ بناتكِ والفتيات المراهقات في محيطكِ، واللجوء للطبيبة النسائية لعمل الفحوصات الشاملة التي تضمن خلوهنَ من هذا المرض وتجنب تأثيره السلبي عليهنَ مع التقدم بالسن. فالوقاية هي أفضل السُبل لتحقيق جودة ورفاه الحياة، وما علينا سوى الاعتناء بأنفسنا للوصول إلى هذه الغاية.