أخصائية تجيب: متى يجب طلب الرعاية الصحية في حالات الحروق الشمسية؟
إن ترك الحروق الشديدة دون علاج، قد يؤدي إلى التجفاف والأمراض المتعلقة بالحرارة.
هذا التحذير الذي أطلقته الدكتورة آمي قصوف، أخصائية الأمراض الجلدية من مستشفى كليفلاند كلينك، ليس الوحيد فيما يتعلق بحروق الشمس المختلفة التي يتعرض لها معظمنا خلال فصل الصيف.
وبالتزامن مع استمتاع المصطافين في نصف الكرة الشمالي بأوقاتهم في الأجواء المشمسة، حثتالأخصائية في كليفلاند كلينك، عامة الناس على ضرورة التعرف على علامات الحروق الشمسية الشديدة، ومعرفة متى يتوجب عليهم طلب الرعاية الصحية.
وللعلم، فإن لفح الشمس أو السفعة أو حروق الشمس كما هو متعارف، هو شكلٌ من أشكال الإشعاع الذي تبثه أشعة الشمس، ويصيب الأنسجة الحية للإنسان، مثل الجلد،بحروقٍ نتيجة للتعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية؛ مايُسبَب التهاب واحمرار بالجلد. وهذا الالتهاب هو رد فعل من جهاز المناعة تجاه خلايا الجلد التالفة، وفي بعض الحالات، الأوعية الدموية التالفة.
قد يُصاب المرء منا بحرقٍ شمسي في أي وقتٍ من أوقات النهار وفي أي فصل من الفصول، على الرغم من أن الشمس تكون في أقصى شدتها ظهرًا وخلال فصل الصيف. وقد لا تفعل السحب الكثير لاحتجاز الأشعة فوق البنفسجية، حتى الظلال لا تضمن الحماية من الأشعة فوق البنفسجية.فالماء والرمال والجليد والأماكن ذات الألوان الفاتحة، تعكس هذه الأشعة، وهي ضارةٌ بنفس قدر أشعة الشمس المباشرة تقريبًا. وبالرغم من أن أشعة شمسالشتاء تكون أضعف، إلا أنها قد تُسبَب حرقًا بالجلد الذي لا يتمتع بالحماية، خاصةً إذا ما انعكست من الجليد أو الماء.
من هنا، تأتي ضرورة الوقاية من التعرض لأشعة الشمس وما يمكن أن تُخلَفه من حروقٍ متفاوتة. كما أنه من الضروري معرفة متى يجب طلب الرعاية الصحية لهذه الحروق، كونه تُشكَل خطرًا على صحة الفرد. وهو ما سوف نتعرف عليه سويًا مع الدكتور قصوف من كليفلاند كلينك في مقالة اليوم؛ حيث تقدم جملةً من النصائح لا بدَ من اتباعها، لحمايتكِ وحمايةِ أحبائكِ من مضار الشمس خلال فصل الصيف الحالي.
هل الحروق الشمسية تستدعي القلق
وفقًا للدكتورة قصوف، فإننا غالبًا "ما نشعر بالقلق إزاء الآثار طويلة المدى لحروق الشمس، مثل تطوَر سرطان الجلد؛ وهو خلايا قاعدية وخلايا حرشفية ناتجة عن التعرض التراكمي للأشعة فوق البنفسجية أ (UVA)، والورم الميلانيني الناتج عن الحروق الحادة/التعرض للأشعة فوق البنفسجية ب (UVB).لكن على الرغم من ذلك،فإن هناك عواقب صحية قد تحدث مباشرةًبعد الإصابة بحروق الشمس الحادة."
وأضافت: "لا يتوجب علينا زيارة الطبيب عند كل حرقٍ شمسي قد نتعرض له، إذ أن بقعةٍ صغيرة لحرقٍ من الدرجة الأولى -الدرجة الأقل للحروق- لا تُعتبر عادةً حالة صحية خطيرة. إلا أنه ومع مواصلة الجلد التفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية، فقد تتطور لدى المصاب أعراضٌ مثيرة للقلق. ويمكن أن يساعد الحصول على الرعاية الصحية عند الحاجة،في الوقاية من تطوَر بعض الأمراض الخطيرة."
وأشارت الدكتورة قصوف إلى أن الحروق الشمسية شبيهةٌ بالحروق الحرارية الناتجة عن لمس الأسطح أو السوائل الساخنة، أو البخار أو اللهب. وعلى الرغم من أن الحروق الشمسية لا تكون بعمق الحروق الحرارية، إلا أنها تُسبَب أضرارًا أكبر في الحمضالريبي النووي منزوع الأكسجين (DNA) لدى المصابين.
متى يجب طلب الرعاية الصحية في حالات الحروق الشمسية
أوصت الدكتورة قصوف بضرورة استشارة مُزود الرعاية الصحية، في الحالات التي تشمل التعرض لحرقٍ من الدرجة الأولى في جميع أنحاء الجسد، والذي قد يزيد من مخاطر تطوَر أمراض ٍحرارية؛ أو وجود مساحةٍ كبيرة من الجلد المتقرح الذي يزيد من مخاطر الالتهابات؛ أو وجود أعراضٍ مرضية؛ أو أعراض تجفاف مثل الحمى أو القشعريرة أو الإغماء.
وأضافت أخصائية الأمراض الجلدية: "إن الجلد المتقرح يعني وجود ضررٍ أكبر في الطبقات العميقة من الجلد، ويكون المصاب حينها أكثر عرضةً للتجفاف والإصابة بالحمى والالتهاب، وذلك هو الوقت الذي يتوجب على الشخص طلب الرعاية الصحية فيه."
وتابعت الدكتورة قصوف أن الحرق من الدرجة الثانية قد يُسبَب مشاكل صحية تتضمن التجفاف، التسمم الشمسي، الإجهاد الحراري، ضربة الشمس، والعدوى.
ويصبح الجلد المحروق بشكلٍ كبير، غير قادر على الاحتفاظ بالرطوبة في الجسم، الأمر الذي قد يؤدي إلى الإصابة بالتجفاف. وتتضمن العلامات التي تشير إلى إصابة الشخص بتجفافٍ شديد كلاً من الأعراض الآتية:
- جفاف الفم أو العطش.
- عدم القدرة على التبول أو البول الغامق.
- الإمساك.
- الارتباك والتشوش.
- الدوار خاصةً عند النهوض للوقوف.
- الإعياء.
- الصداع وعدم التركيز.
ما هو التسمم الشمسي
أوضحت الدكتورة قصوف أن التسمم الشمسي هو أشبه بتفاعلٍ تحسسي تجاه الحروق الشمسية. ويُسبَب التعرض الطويل للأشعة فوق البنفسجية إلى التهاب الجلد، وإن الفرق الرئيسي بين التسمم الشمسي والحرق الشمسي التقليدي هو في الأعراض الإضافية التي قد يشعر بها المصاب بالتسمم الشمسي، وتشمل الشعور بالحرقة؛ أو القشعريرة؛ أو العطش الشديد؛ أو الحكة؛ أو الغثيان؛ أو الطفح الجلدي.
ما هو الإجهاد الحراري
أشارت الدكتورة قصوف إلى أنه ليس من الضروري أن يتعرض الإنسانإلى حرارةٍ شديدة حتى يُصاب بالإنهاك الحراري.إذ تُسبَب حروق الشمس الشديدة فقدان سوائل الجسم، ما قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم وكمية الدم. وعادة ما يكون الشعور بالتعب أول هذه الأعراض، ومن ثم قد يعاني المصاب من الدوار؛ أو العطش الشديد؛ أو الشعور بالإغماء؛ أو الحمى؛ أو الصداع؛ أو التعرق الشديد.
ما هي ضربة الشمس
أوضحت الدكتورة قصوف أن ضربة الشمس تحدث عند عدم قدرة الجسم على التحكم بدرجة حرارته، محذرةً من أن هذه الحالة قد تُسبَب الإعاقة الدائمة أو حتى الوفاة، في حال عدم معالجتها بسرعة. وعادةً ما تبدأ أعراض ضربة الشمس بالإجهاد الحراري، وتتدهور الأعراض بسرعةٍ،وقد تشمل التعرق الشديد أو الجلد الساخن والجاف (في حال التجفاف)؛ أو فقدان الوعي؛ أو الإعاقات العقلية مثل الارتباك والكلام غير الواضح؛ أو النوبات؛ أو حرارة الجسم المرتفعة جدًا (أكثر من 40 درجة مئوية).
ما هي العدوى
قالت الدكتورة قصوف: "إن خطر الإصابة بعدوى هو أكبر بعد عدة أيامٍمن الإصابة بالحرق، وذلك مع انفجار تقرحات الجلد ووجود طبقات دنيا من الجلد المعرضة للهواء". موضحةً أن العلامات الواضحة للعدوى تشمل زيادةً في الاحمرار والألم والتورم؛ أو الحمى الشديدة؛ أو غطاءً من القيح أو القشرة في الموضع المفتوح.
لماذا من المهم طلب الرعاية الصحية في حالة الحروق الشمسية
حثت الدكتور قصوف جميع الأفراد، على عدم تجاهل العلامات المُبكرة للحروق الشمسية الخطيرة، وقالت: "عليكم مراجعة مزود الرعاية الصحية الخاص بكم في حال كانت لديكم أي علاماتٍ للتجفاف أو التسمم الشمسي أو الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس. وتذهب أعراض هذه الحالات الصحية إلى ما هو أبعد من مجرد الانزعاج الذي تتسبب به الحروق الشمسية، وقد تستمر لفتراتٍ أطول، كما أنها قد تؤدي إلى ضررٍ دائم."
وأكدت: "عندما يكون الحرق الشمسي خطيرًا، فإن الجلد لا يعود حاجزًا منيعًا قادرًا على حماية الجسم. وعلى الرغم من إمكانية ظهور أعراض الصدمة الناتجة عن الحرارة مثل الجفاف وانخفاض ضغط الدم والصدمة، إلا أن الأمر كله يبدأ بحرقٍ شمسي؛ ولا يُعتبر الظل وحده كافيًا لمنع التعرض المفرط لأشعة الشمس. ولذلك، يجب التأكد من اتخاذ خطوات وقائية أكبر مثل ارتداء الملابس الواقية من الشمس والقبعات والواقي الشمسي."
كيف أحمي نفسي وعائلتي من الحروق الشمسية
يشير موقع وزارة الصحة السعودية إلى وجوب اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية التي تتضمن بعضًا مما ذكرته الدكتورة قصوف في نهاية الفقرة السابقة.
وتشمل تلك الطرق الآتي:
- تجنب إمضاء وقتٍ طويل تحت أشعة الشمس في الفترات شديدة الحرارة.
- استخدام مستحضرات الوقاية من الشمس.
- ارتداء الثياب التي تغطي أكبر قدر ٍممكن من الجلد، لاسيما عند شدة أشعة الشمس والحر.
- استخدام أدوات الحماية الشخصية في أماكن العمل المُعرَضة لأشعة الشمس (الخوذة والنظارة والقفاز).
- توفير المظلات في الأماكن العامة وأماكن العمل.
وفي حال التعرض لأشعة الشمس للحصول على فيتامين د، ينبغي الاكتفاء بتمضية 10 إلى 15 دقيقة في أوقات لاتكون فيها الأشعة ودرجة الحرارة شديدة. مع ضرورة اتباع كافة طرق علاج الحروق الشمسية حسبما تقتضي، والتي تتضمن الإسعافات الأولية على النحو التالي:
- شرب السوائل.
- استخدام مُسكن للألم وخافض للحرارة.
- استخدام الكمادات الباردة أو الاستحمام بالماء معتدل البرودة (لاتكون البرودة شديدة).
- استخدام الكريمات المُرطبة.
- تغطية التقرحات بالضماد.
- تجنب إزالة التقرحات قبل جفافها وبداية تقشر الجلد.
- عدم التعرض للأشعة حتى الشفاء.
كما يُفضَل زيارة الطبيب في حال كانت مساحة الحروق كبيرة أو متعددة؛استمرار الألم لأكثر من 48 ساعة؛ الجفاف الشديد وارتفاع درجة الحرارة الشديد.
في الختام؛ يمكن الاستمتاع بفصل الصيف بصورةٍ عامة ودون منغصات، في حال كنتِ على درايةٍ ووعيٍ كاملين حول مخاطر الحروق الشمسية وكيفية الوقاية منها. ولا تنسي تجهيز تعلَم الإسعافات الأولية لعلاج أية عدوى وإجهاد حراري يمكن أن يصيبكم جراء الحروق الشمسية، التي تستدعي طلب الرعاية الصحية في حال اشتدادها.