للاستمتاع بالسباحة في فصل الصيف: اتبَعي هذه النصائح الفعالة المقدمة من طبيبٍ مختص
نُقل عن عمر بن الخطاب قوله: "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"؛ وهي مهاراتٌ كانت ولا زالت، ضروريةٌ لبناء وتطوير جسم الإنسان وشخصيته.
ومع أن الرماية قد تكون تراجعت للوراء بعض الشيء عند الكثيرين، إلا أن معظم الناس ما زالوا يمارسون السباحة ويتعلمون ركوب الخيل. ويحرص الأهل على تعليم أولادهم السباحة منذ عمر صغير، لأن الأطفال لا يشعرون بالخوف الكبير من الماء في عمرٍ مبكر، ويمكن لهم تعلَم هذه المهارة بسرعة ويُسر.
يهوى الناس ممارسة السباحة في الكثير من الأحيان، إلا أن الصيف يبقى العنوان الرئيسي لهذه الرياضة أو النشاط البدني المُحبَب. ومع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، تصبح الأنشطة المائية، ومنها السباحة، وسيلةً مُفضلة للاستجمام وممارسة الرياضةفي منطقتنا. ومع ذلك، فإن هذه الأنشطة الترفيهية الممتعة تنطوي على مخاطر صحية مُحتملةينبغي الإشارة إليها لضمان السلامة.
إن فهم الأمراض الشائعة المتعلقة بالسباحة والوقاية منهاأمرٌ بالغ الأهمية؛ يؤكد الدكتور زيد مهدي محمد، ئيس قسم الطوارئ وأخصائي طب الأسرة في المستشفى الكندي التخصصي، والذي يقدم لقارئات "هي" في مقالة اليوم، لمحةً شاملة عن الأمراض الشائعة في المنطقة العربيةوالمتعلقة بالسباحة، أعراضها، واستراتيجيات الوقاية والعلاج الفعالة.
فإن كنتِ عزيزتي ممن يمارسون السباحة وتشجعين أولادكِ على ممارستها أيضًا، إنما تطمحين للاستفادة منها دون أي مُنغصات؛ ننصحكِ بمتابعة القراءة والإفادة من نصائح الدكتور زيد.
أذن السبَاح
مؤكد أنكِ سمعت عن هذه المشكلة الشائعة التي تُسبَبها السباحة، أليس كذلك؟
بحسب الدكتور زيد؛ فإن أذن السباح، والمعروفة طبيًا بالتهاب الأذن الخارجية، هي عدوى تصيب قناة الأذن الخارجية تُسبَبها عادةً البكتيريا أو الفطريات. وتنتشر هذه الحالة في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة، حيثيسبح الأفراد بشكلٍ متكرر للحصول على البرودة. وتحدث الإصابةبأذن السباح عندما يبقى الماء عالقًا فيقناة الأذن بعد السباحة، ما يخلق بيئةً مواتية لنمو الميكروبات.
تُخلَف أذن السبَاح مجموعةً من الأعراض مثل:
- حكة في قناة الأذن.
- احمرارٌ داخل الأذن.
- الشعور بالانزعاج أو الألم الذي يتفاقم عند لمس الأذن.
- خروج سائلٍ شفاف أو سائل يشبه الصديد.
- ضعف السمع.
للوقاية من هذه المشكلة، يؤكد الدكتور زيد على ضرورة الحفاظ على جفاف الأذنين خلال وبعد السباحة. ويمكن تحقيق ذلكعن طريق استخدام سدادات الأذن أثناء السباحة وتجفيف الأذنين جيدًا بعد ذلك؛وإمالةالرأس إلى كل جانب لتسهيل خروج الماء؛ فضلًا عن الامتناع عن إدخال أشياء قاسية في الأذن، مثلأعواد القطن، بغرض تنظيفها.
في حال أصبتِ بأذن السباح، وبدأت بعض أعراضه تظهر عليكِ؛ يُنصح باستشارة أخصائي الأنف والأذن والحنجرة للحصول على العلاج. ويتضمن العلاج عادةً إعطاء قطرات الأذن التي تحتوي على المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات، وتُصرف بوصفة طبية. كما يمكن أن تساعد مُسكنات الألم التي لا تستلزم وصفةً طبية، في السيطرة على الانزعاج؛إنما ضروريٌ إكمال دورة العلاج الكاملة حسب إرشادات الطبيب، للوقاية من المضاعفات.
أمراض مياه الاستجمام (RWIs)
تنجم أمراض مياه الاستجمام عن مُسببات الأمراض التي تنتشر في أحواض السباحة وأحواض الاستحمام الساخنة والحدائق المائيةوالبحيرات والمحيطات،وذلك عن طريق البلع أو استنشاق أو ملامسة المياه الملوثة. ويُسهّل المناخ الدافئ في منطقتنا، نمو مُسببات الأمراض هذه،ما يجعل أمراض مياه الاستجمام مصدر قلق كبير، يضيف الدكتور زيد.
ويستعرض أخصائي طب الأسرة في المستشفى الكندي التخصصي لهذه الأمراض؛ منها التهابات الجهاز الهضمي،والإسهال الناجم عن مُسببات الأمراض مثل الكريبتوسبوريديوم والجيارديا والشيغيلا والإشريكية القولونية من بين أكثر مُسببات العدوى المعوية شيوعًا ويمكن أن تدخل هذه العوامل المُمرضة إلى الماء،عن طريق البراز من السباحين المصابين.
أعراض التهابات الجهاز الهضمي يمكن تمييزها من خلال الآتي:
- تشنج المعدة.
- الإسهال.
- الغثيان والقيء.
وكما هو الحال مع أذن السباح وغيرها من المشاكل الصحية، يمكن لبعض التدابير الوقائية حمايتكِ وحماية أحبتكِ من التهابات الجهاز الهضمي؛ وتُعتبر ممارسات النظافة الشخصية الجيدة ضروريةً للوقاية من عدوىأمراض مياه الاستجمام. كذلك يُعدَ الاستحمام بالصابون قبل دخول الماء، وتجنب ابتلاع مياه حوض السباحة، والذهاب للحمام بشكلٍ منتظم،من الاستراتيجيات الوقائية الفعالة. تأكدي من ارتداء الأطفال لحفاضات السباحة وتغييرها بصورةمنتظمة، في مناطق مُحددة بعيدًا عن حمام السباحة،للتقليل من خطرالتلوث.
في حالة الاشتباه بوجود أعراض أمراض مياه الاستجمام؛ من المهم شرب المياه للحفاظ على الماء في الجسم وطلبالمشورة الطبية، خاصةً إذا كانت الأعراض شديدةً أو مستمرة. كما يجب تجنب السباحةحتى الشفاء التام، لمنع انتشار العدوى للآخرين.
حكة السبَاح
المعروفة أيضًا بالتهاب الجلد الزئبقي، هي طفحٌ جلدي ناتج عن رد فعلٍ تحسسي للطفيليات المجهرية التي تُطلقها القواقع المصابة في بحيرات وبرك المياه العذبة. وهذه الحالةشائعةٌ في المناطق ذات المسطحات المائية العذبة الدافئة.
يشعر المصاب عادة بحكة السباح ببعض الأعراض، منها وخزٌ أو حرقةٌ أو حكةٌ في الجلد؛ إضافةً إلى نتوءاتٍ أو بثورٍ حمراء صغيرة مائلة إلى الحمرة. ويمكن للكريمات أو المستحضرات المُضادة للحكة التي تُصرف دون وصفة طبية، مثل الهيدروكورتيزون، ومضادات الهستامين، في التخفيف من الحكة. كما يمكن أن يؤدي وضع كماداتٍ باردة إلى تهدئة الجلد المتهيج.
للوقاية من حكة السباح، ينصحكِ الدكتور زيد بتجنب السباحة في المناطق المعروفة بهذه الحالة،وغسل الجسم مباشرةً بعد السباحة في المياه العذبة. كما يمكن أن يساعد التجفيف الجيد للجلد بالمنشفة، في إزالة أي طفيليات قد تكون على الجلد.
مشاكل الجهاز التنفسي المرتبطة بالكلور
يُعدَ الكلور ضروريًا للحفاظ على نظافة مياه حمام السباحة والقضاء علىالبكتيريا الضارة. ومع ذلك، فإن التعرض المُطول للكلور ومنتجاته الثانوية، يمكن أن يُسبب مشاكل في الجهاز التنفسي،خاصةً في حمامات السباحة الداخلية ذات التهوية غير الكافية؛ وهذا وضعٌ شائع في منطقتنابسبب الاستخدام المتكرر لحمامات السباحة الداخلية المُكيفة.
تظهر أعراض مشاكل الجهاز التنفسي المرتبطة بالكلور على شكل سعال؛ صفير عند التنفس؛ ضيق النفس. وينبغي على الأفراد الذين يعانون من أعراضٍ تنفسية بعد السباحة طلب المشورة الطبية الفورية. قد يساعد ضبط مستويات الكلور في حمام السباحة وتحسين التهوية، في تقليل مخاطر الإصابة بمشاكل الجهاز التنفسي.
تعتبر السباحة في مناطق جيدة التهوية وأخذ فترات راحةٍ لاستنشاق الهواء النقي،من الطرق الفعالة لتقليل التعرض للمواد المُهيجة المرتبطة بالكلور. كما يجب الاستحمامبشكلٍجيدبعد السباحة لإزالة بقايا الكلور من الجلد والشعر.
تهيَج الجلد والالتهابات
هي المشكلة الصحية الأخيرة التي يتناولها الدكتور زيد في موضوع اليوم؛ ويُعدَ تهيج الجلد والالتهابات مسألةً شائعة بين السباحين، وغالبًا ما تنتج عنالتعرض للماء أو الكلور أو المُلوثات الموجودة في المسطحات المائية الطبيعية لفترةٍ طويلة.
بالإضافة إلى طفح الكلور؛وهو طفحٌ جلدي أحمر مُثير للحكة، ناتج عن التعرض الطويل للكلور. وطفح حوض الاستحمام الساخن؛ وهي عدوى تُسببها بكتيريا الزائفة الزنجارية الشائعة في أحواض الاستحمام الساخنة.
يمكن التنبؤ بالإصابة بتهيج الجلد والالتهابات من خلال بعض الأعراض الشائعة، كالاحمرار والحكة في الجلد؛ وظهور نتوءاتٍ حمراء صغيرة أو بثور على الجلد. وعند طلب المساعدة الطبية، يمكن للطبيب المختص وصف الكريمات المُرطبة التي تُسهم في الحفاظ على ترطيب البشرة. بالنسبة للعدوى البكتيرية، قد تكون الكريمات الموصوفة أو المضادات الحيوية ضرورية؛ كما يُنصح بتجنب أحواض الاستحمام الساخنة حتى يزول الطفح الجلدي.
في محاولةٍ للحد من هذه الالتهابات، يؤكد الدكتور زيد على أهمية الاستحمام قبل السباحة وبعدها، للتقليل قدر الإمكان من كمية الكلوروالملوثات على الجلد. ويُعتبر الحدَ من الوقت الذي تقضينه في المياه المُعالجة بالكلور، وكذلكالفحص المتكرر لحمامات السباحةوأحواض الاستحمام الساخنة وصيانتها وتعقيمها بشكلٍ صحيح، من الاستراتيجيات الوقائية المهمة أيضًا.
في الخلاصة؛ تقدم السباحة العديد من الفوائد بما في ذلك اللياقة البدنية والاسترخاء خاصةً خلالأشهر الصيف الحارة. ومع ذلك، من المهم أن تكوني على درايةٍ بالمخاطر الصحية المحتملة المرتبطة بالسباحةواتخاذ التدابير الوقائية لضمان السلامة. يُعتبر الحفاظ على جفاف الأذنين وممارسة النظافة الشخصية الجيدةومراعاة جودة المياه، وضمان التهوية المناسبة فيمناطق السباحة، خطواتٍ أساسية للوقاية. وفي حال ظهرت أعراض أي مرض متعلق بالسباحة،من الضروري طلب الرعاية الطبية على الفور.
من خلال الحذر والبقاء على اطلاع، يمكنكِ الاستمتاع بالمياه مع حماية صحتكِ في الوقت نفسه، وضمانموسم سباحةٍ آمن وممتع لكِ ولأحبائكِ. استمتعي بالصيف واستمتعي بكل فوائد السباحة دون القلق من المرض.