لوجود علاقة بينهما: تعرفي على سبل الوقاية من سرطانات النساء وسرطان العظام
تُعدَ سرطانات النساء (والتي تصيب النساء بصورةٍ خاصة أو تصيب الجهاز التناسلي للمرأة)، خصوصًا سرطان الثدي والمبيض، من بين أكثر أنواع السرطان شيوعًا التي تصيب النساء في جميع أنحاء العالم. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، يُمثَل سرطان الثدي وحده ما يقرب من 25% من جميع حالات السرطان بين النساء على مستوى العالم.
من ناحيةٍ أخرى، فإن سرطان العظامSarcoma؛ والذي يشمل سرطانات العظام الأولية مثل الساركوما العظمية وسرطانات العظام النقيلية، نادرٌ نسبيًا بين النساء. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن العديد من أنواع السرطان الشائعة لدى النساء، مثل سرطان الثدي، غالبًا ما يمكن أن تنتشر إلى العظام، مما يؤدي إلى سرطان العظام الثانوي. ويُعدَ سرطان العظام النقيلي أكثر انتشارًا بكثير من سرطان العظام الأولي.
بمناسبة شهر التوعية من سرطان العظام في يوليو من كل عام، نتعرف وإياكِ عزيزتي على أسباب إصابة النساء بسرطان العظام؛ طرق التشخيص والعلاج والأهم، الوقاية مع الدكتور خالد العواني، استشاري جراحة العظام في مستشفى فقيه الجامعي دبي.
ما هي أسباب سرطان العظام عند النساء؟
وفقًا للدكتور العواني، فإن أسباب سرطان النساء وسرطان العظام تختلف بشكلٍ كبير. إذ تتأثر سرطانات الثدي والمبيض بالعوامل الوراثية والهرمونية ونمط الحياة، وتزيد الطفرات الجينية، مثل BRCA1 وBRCA2، بصورةٍ كبيرة من خطر الإصابة بهذه السرطانات. كما تلعب العوامل الهرمونية، بما في ذلك التعرض لفتراتٍ طويلة لهرمون الاستروجين، دورًا حاسمًا أيضًا في زيادة هذا الخطر. ويمكن لعوامل نمط الحياة، مثل النظام الغذائي واستهلاك الكحول والنشاط البدني، أن تؤثر على المخاطر أيضًا.
أسباب سرطان العظام أقل فهمًا، وخاصة سرطانات العظام الأولية. ومع ذلك، فإن العوامل الوراثية والتعرض السابق للإشعاع هي عوامل خطرٍ معروفة. وتنشأ سرطانات العظام الثانوية، يقول الدكتور العواني، عندما تنتشر الخلايا السرطانية عبر أجزاءٍ أخرى من الجسم، مثل الثدي أو المبيضين، إلى العظام. ويتم تسهيل هذا الانتشار، أو النقيلة، عن طريق مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي.
وتتضمن مُسببات سرطانات النساء تفاعلاتٍ معقدة بين الاستعداد الوراثي والعوامل البيئية. فعلى سبيل المثال، تؤدي الطفرات في جينات BRCA إلى إضعاف آليات إصلاح الحمض النووي، مما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان. كما يمكن للإختلالات الهرمونية، وخاصةً التي تشمل هرموني الإستروجين والبروجستيرون، أن تُحفز أيضًا تطوَر السرطان في أنسجة الثدي والمبيض.
بالنسبة لسرطان العظام، تكون المُسببات أقل وضوحًا، يضيف استشاري جراحة العظام في مستشفى فقيه الجامعي دبي. وغالبًا ما يرتبط الساركوما العظمية، وهو سرطان العظام الأولي الأكثر شيوعًا، بنمو العظام السريع؛ وهو ما يُفسَر ارتفاع معدل الإصابة به لدى المراهقين. مشيرًا إلى أن سرطانات العظام الثانوية هي نتيجةٌ مباشرة لورمٍ خبيث من المواقع الأولية مثل الثدي أو المبيض؛ حيث تنفصل الخلايا السرطانية عن الورم الرئيسي، وتنتقل عبر الجسم، لتؤسس أورامًا جديدة في العظام.
العوامل المرتبطة بالعمر وعلاقتها بالسرطان
يلعب العمر دورًا مهمًا في الإصابة بسرطانات النساء وسرطان العظام. ويزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي مع التقدم بالعمر، خاصةً بعد سن الخمسين، بسبب الطفرات الجينية التراكمية والتغيرات الهرمونية المرتبطة بالشيخوخة. كما يؤثر سرطان المبيض في الغالب على النساء الأكبر سنًا، مع أعلى خطرٍ لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق.
في المقابل، تُعدَ سرطانات العظام الأولية مثل الساركوما العظمية، أكثر شيوعًا عند المراهقين والشباب، وعادةً ما تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عامًا. وتُعتبر سرطانات العظام الثانوية أكثر شيوعًا عند كبار السن، مما يعكس التوزيع العمري للسرطانات الأولية التي تنتشر إلى العظام.
طرق التشخيص والعلاج
بعد أن تعرفنا مع الدكتور العواني على الأسباب السائدة وراء الإصابة بسرطانات النساء أو سرطان العظام؛ لا بدَ من معرفة طرق التشخيص والعلاج التي يتبَعها الأطباء المختصون، لتخفيف حدة المرض ومساعدة المريضات على الشفاء والتعافي.
وبحسب الدكتور العواني، فغالبًا ما يتضمن تشخيص سرطانات النساء مزيجًا من تقنيات التصوير والخزعات والاختبارات الجزيئية؛وتُستخدم صور الثدي بالأشعة السينية والموجات فوق الصوتية والتصوير بالرنين المغناطيسي بشكلٍ شائع للكشف عن سرطان الثدي. تؤكد الخزعات التشخيص، بينما تُحدد الاختبارات الجزيئية طفراتٍ جينية مُحددة.
أما تشخيص سرطان العظام، فيبدأ عادةً بدراسات التصوير مثل الأشعة السينية، ومسح العظام، والأشعة المقطعية، والتصوير بالرنين المغناطيسي؛والخزعات ضروريةٌ لتأكيد التشخيص وتحديد نوع السرطان. في حالات سرطان العظام النقيلي، يُعدَ تحديد موقع السرطان الأساسي أمرًا بالغ الأهمية، وغالبًا ما يتطلب مزيجًا من تقنيات التصوير والتقنيات الجزيئية.
فيما يخص العلاج؛ فإن خيارات علاج سرطانات النساء تشمل الجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي والعلاج الهرموني والعلاج المُوجَه. وغالبًا ما يتضمن علاج سرطان الثدي مزيجًا من هذه الطرق، المُصممة خصيصًا لمرحلة السرطان والخصائص الجزيئية. فيما يتضمن علاج سرطان المبيض عادةً الجراحة والعلاج الكيميائي.
ويختلف علاج سرطان العظام بناءً على ما إذا كان أوليًا أم ثانويًا؛ إذ يمكن علاج سرطانات العظام الأولية بالجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي، فيما يُركَز علاج سرطان العظام النقيلي في السيطرة على السرطان الأولي وتخفيف آلام العظام وكسورها. وغالبًا ما يُستخدم الإشعاع والجراحة والأدوية مثل البايفوسفونيت والدينوسوماب، يضيف الدكتور العواني في سرد سُبل علاج سرطانات النساء وسرطان العظام.
كيفية الوقاية من السرطان
جئنا للنقطة الأهم، والتي ينبغي التركيز عليها من قبل الجميع؛ ليس فقط للحماية من سرطانات النساء وسرطان العظام، وإنما للوقاية من كافة أنواع السرطان والأمراض الأخرى التي يمكن أن تُحدق بنا.
وتشمل التدابير الوقائية لسرطانات النساء النقاط الأساسية الآتية:
- تعديل نمط الحياة.
- إجراء الفحوصات المنتظمة.
- القيام بالاختبارات الجينية إن دعت الحاجة.
ويؤكد الدكتور العواني إن الحفاظ على وزنٍ صحي، والحد من تناول الكحول، والبقاء نشيطات بدنيًا، والخضوع لتصوير الثدي بالأشعة السينية بانتظام؛ يمكن أن يُقلَل بشكلٍ كبير من خطر الإصابة بسرطان الثدي. وبالنسبة للنساء اللاتي لديهنَ تاريخٌ عائلي للإصابة بالسرطان، يُوصى بالاستشارة الوراثية واختبار طفرات BRCA.
فيما تُمثَل الوقاية من سرطان العظام الأولي تحديًا بسبب مُسبباته غير الواضحة، يوضح الدكتور العواني. ومع ذلك، فإن تقليل التعرض للإشعاع ومعالجة المخاطر الجينية قد يساعد في عملية الحماية. وتتضمن الوقاية من سرطان العظام الثانوي، الإدارة الفعالة للسرطانات الأولية والمراقبة المنتظمة لأي ورمٍ خبيث في العظام.
في الختام؛ يتضمن فهم العلاقة بين سرطانات النساء وسرطان العظام التعرف على العوامل المتميزة والمتداخلة التي تؤثر على حدوثها وأسبابها ومُسبباتها وعلاجها. وفي حين أن سرطانات العظام الأولية نادرة، فإن سرطانات العظام الثانوية الناشئة عن سرطانات النساء الشائعة مثل سرطان الثدي والمبيض، تُسلَط الضوء على الطبيعة المترابطة لأمراض السرطان. ويستمر التقدم في تقنيات التشخيص والعلاجات المُستهدفة في تحسين النتائج وتوفير الأمل في استراتيجياتٍ أفضل للوقاية والإدارة في المستقبل.