لدرء خطر سرطان العظام: تعرفي على أنواعه وطرق علاجه.. وهكذا تحمين نفسكِ منه
يصاب شخصٌ واحد تقريبًا من كل 5 أشخاص بالسرطان خلال حياته، ويُودي هذا المرض بحياة رجل واحد تقريباً من كل 9 رجال وامرأة واحدة من كل 12 امرأة.وتشير التقديرات إلى أن عام 2022 شهد وقوع نحو 20 مليون حالة سرطان جديدة و9,7 مليون وفاة. كما بلغ العدد التقديري للأشخاص الباقين على قيد الحياة في غضون 5 سنوات تلت تشخيص إصابتهم بالسرطان 53,5 مليون شخص.
أرقامٌ مخيفة ومحزنة لمشكلةٍ صحية تؤرق بال الملايين، وتُرهق الحكومات والأفراد على حد سواء؛ مع أن غالبية البلدان ما زالت لا تُوفر تمويلاً كافياً للخدمات ذات الأولوية بشأن مكافحة السرطان وتوفير الرعاية المُلطفة في إطار تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
هناك العديد من أنواع السرطان، التي يُسهم الكشف المبكر والخضوع للعلاجات المناسبة، في تسريع عملية الشفاء والتعافي منها بنسبةٍ عالية. ومنها سرطان العظام، الذي ينقسم بدوره إلى عدة أنواع، مثل سرطان العظام الثانوي الأكثر شيوعًا، وسرطان العظام الأولي وهو مرضٌ نادر الحدوث، إذ تشير الاحصاءات إلى إصابة ما يزيد عن 200 شخص به عام 2023. ويحدث عندما يزداد نمو أنسجة العظام بطريقةٍ غير منتظمة، وغير متحكم بها، كما أنها تُشخص خلال مرحلة الأربعينات.
يوجد أكثر من 30 نوعًا مختلفًا من سرطان العظام الأولي، ومنها: الساركوما العظمية، الساركوما العضروفية، سرطان يوينج، والخطايا سريعة التكاثر والتطور. كما يوجد أنواعٌ أخرى من السرطانات تؤثر على الأنسجة الرخوة بشكلٍ رئيسي.
لا شك في أن الفحص الطبي المستمر، وعدم إهمال أو إغفال أي عرضٍ يصيبنا وقد يكون مؤشرًا على الإصابة، كلها أمورٌ تساعد في الكشف عن سرطان العظام في مرحلةٍ مبكرة. كما أن معرفة كافة تفاصيل سرطان العظام بأنواعه، ضرورةٌ كبيرة، للتوعية والوقاية؛ وهو ما يطلعنا عليه الدكتور محمد عزام زيادة، استشاري الأورام وأمراض الدم في المستشفى الدولي الحديث دبي.
والبداية مع تعريف سرطان العظام..
هو مرضٌ يبدأ في العظام ويمكن أن يصيب أي عظمة في الجسم؛ ولكنه غالبًا ما يصيب العظام الطويلة في الذراعين والساقين. ورغم ندرته نسبيًا، إلا أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حياة المريض.
تشمل أنواع سرطان العظام عدة أنواع رئيسية، منها:
1. الساركوما العظمية (Osteosarcoma): تُعد الساركوما العظمية الأكثر شيوعًا بين الأطفال والشباب، وتحدث غالبًا في العظام الطويلة مثل عظم الفخذ أو الساق. كما تظهر أعراضها غالبًا على شكل ألم وتورم في المنطقة المصابة.
2. الساركوما الغضروفية (Chondrosarcoma): تُصيب هذه الساركوما بشكلٍ رئيسي البالغين، وتحدث في الغضاريف التي تغطي نهايات العظام. وتختلف شدة الأعراض حسب موقع الورم وحجمه.
3. الساركوما الليفية (Fibrosarcoma): تصيب الأنسجة الرخوة وتكون أكثر شيوعًا لدى البالغين، كما يمكن أن تنتشر إلى العظام المجاورة.
4. الورم الأرومي العصبي (Ewing Sarcoma): يُعدَ هذا النوع من السرطانات نادرًا ويصيب غالبًا الأطفال والمراهقين. ويمكن أن يظهر في العظام أو الأنسجة الرخوة المحيطة.
سرطان العظام: نسب الحدوث والبقاء
يُعتبر سرطان العظام نادرًا نسبيًا، يقول الدكتور زيادة؛ ولا تتوفر بياناتٌ دقيقة حول نسب حدوثه في الإمارات بشكلٍ محدد. إنما تعتمد نسبة الشفاء منه على عدة عوامل، منها نوع السرطان، مدى انتشاره، العلاج المتبع، وعمر المريض. وتُقدَر نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات بحوالي 60-80% للساركوما العظمية عند اكتشافها مبكرًا.
سرطان العظام: التشخيص والعلاج
يعمد الطبيب المختص لوصف العلاج المناسب، بعد تشخيص الإصابة بأيَ من أنواع سرطان العظام المذكورة أعلاه، والمدة التي يتطلبها هذا العلاج.
ويشير الدكتور زيادة إلى تلك العلاجات بالآتي:
- الجراحة: تهدف إلى إزالة الورم بالكامل، وتشمل أحيانًا استخدام تقنيات الجراحة الترميمية لاستبدال العظم المصاب، مما يساعد في استعادة الوظائف الطبيعية للعظام المصابة.
- العلاج الإشعاعي والكيميائي: يُستخدم الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية، فيما يستخدم العلاج الكيميائي الأدوية القوية للقضاء على هذه الخلايا. ويتطلب العلاج الكيميائي غالبًا متابعة دقيقة للتأكد من فعاليته وتقليل آثاره الجانبية.
- العلاج المُوجه والمناعي: يستهدف العلاج المُوجه بروتينات أو جينات معينة في الخلايا السرطانية، ما يساعد في تقليل الأضرار التي تلحق بالخلايا السليمة. بينما يُستخدم العلاج المناعي لتحفيز جهاز المناعة لمكافحة السرطان بفعالية أكبر.
- العلاج الفيزيائي والتأهيلي: يُعدَ العلاج الفيزيائي والتأهيلي مهمًا بعد الجراحة لاستعادة القوة والحركة وتحسين جودة الحياة. ويشمل هذا العلاج، تمارين مخصصة وبرامج تأهيلية تساعد المريض على العودة إلى نشاطاته اليومية.
أحدث تقنيات العلاج لسرطان العظام
إن التقدم في العلوم الطبية والتكنولوجيا، أتاح العديد من التقنيات الحديثة لعلاج سرطان العظام بشكلٍ أكثر فعالية وبتأثيرات جانبية أقل.
إليكِ نظرة على أحدث تلك التقنيات، كما أفادنا بها استشاري الأورام وأمراض الدم في المستشفى الدولي الحديث:
- العلاج بالبروتونات (Proton Therapy):يستخدم هذا العلاج حُزم بروتونات مشحونة لاستهداف الخلايا السرطانية بدقة عالية، مما يُقلَل من الضرر الذي يلحق بالخلايا السليمة المحيطة. ويُعدَ هذا النوع من العلاج خيارًافعالًا بشكل خاص في حالات الأورام التي تقع بالقرب من الأعضاء الحيوية أو الأعصاب.
- العلاج المناعي (Immunotherapy):يعمل العلاج المناعي على تحفيز جهاز المناعة في الجسم للتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها. وقد أظهرت تقنياتٌ مثل استخدام مُثبطات نقاط التفتيش المناعية (Checkpoint inhibitors) نتائج واعدة في علاج بعض أنواع سرطان العظام.
- العلاج الموجه (Targeted Therapy): ويعتمد على استهداف بروتينات أو جينات محددة داخل الخلايا السرطانية. على سبيل المثال، يمكن استخدام أدوية مثل "إيماتينيب" (Imatinib) لاستهداف مسارات إشاراتٍ معينة تلعب دورًا في نمو السرطان.
- العلاج بالخلايا الجذعية:يُستخدم في بعض الحالات الخاصة، حيث يتم زرع خلايا جذعية جديدة بعد إجراء علاجٍ كيميائي أو إشعاعي مكثف. هذا النوع من العلاج يمكن أن يساعد في استعادة قدرة نخاع العظام على إنتاج خلايا دم جديدة.
- الجراحة الروبوتية:تُوفَر دقةً عالية أثناء استئصال الأورام، خاصةً في المناطق التي يصعب الوصول إليها. هذه التقنية تُقلَل من التداخل الجراحي وتُقصَر فترة التعافي، كما تتيح استئصال الأورام بصورةٍ أكثر دقة.
- العلاج بالنانوتكنولوجيا:يستخدم هذا النوع من العلاج، جسيماتٍ نانوية لإيصال الدواء مباشرةً إلى الخلايا السرطانية، مما يزيد من فعالية العلاج ويُقلَل من الآثار الجانبية. هذه الجسيمات يمكن أن تُصمم لتستهدف خلايا معينة أو تُطلق الدواء، بناءً على إشاراتٍ محددة من البيئة المحيطة بالورم.
- العلاج الجيني (Gene Therapy):يعمل العلاج الجيني على تعديل الجينات داخل الخلايا السرطانية أو تقوية الجهاز المناعي لمحاربة السرطان بشكلٍ أكثر فعالية. لا يزال هذا العلاج في مراحله التجريبية، ولكن تظهر عليه إمكانياتٌ واعدة.
- العلاج الفيروسي (Oncolytic Virus Therapy):يعتمد هذا العلاج على استخدام فيروساتٍ مُعدلة جينياً لاستهداف وقتل الخلايا السرطانية. وقد تمَ تصميم الفيروسات لقتل الخلايا السرطانية دون التأثير على الخلايا السليمة، بالإضافة إلى تحفيز استجابةٍ مناعية قوية ضد السرطان.
سرطان العظام: الوقاية والتوعية
يؤكد الدكتور زيادة أن سُبل الوقاية من سرطان العظام عديدة ومهمة؛ أولها الكشف المبكر، النظام الغذائي الصحي، والنشاط البدني، مع ضرورة تجنب العوامل الضارة مثل التدخين والتعرض للإشعاعات الضارة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم الدعم النفسي للمصابين والتعاون مع المنظمات الصحية لتنفيذ برامج التوعية والوقاية.
في الخلاصة؛ يُعتبر سرطان العظام من السرطانات النادرة، ولكن التشخيص المبكر والعلاج الفعال يمكن أن يؤديا إلى نتائج إيجابية. ومع التقدم في التقنيات العلاجية الحديثة، تزداد فرص الشفاء وتحسين جودة الحياة للمرضى. لذا يجب التشاور مع أطباء متخصصين للحصول على تقييمٍ دقيق وخطة علاج مناسبة لكل حالةٍ فردية، حيث أن كل حالة تتطلب نهجًا علاجيًا خاصًا بها.
فلا تترددي عزيزتي في زيارة الطبيب المختص بصحة العظام، للقيام بالفحوصات الطبية اللازمة والاطمئنان على صحة عظامكِ من أية مشاكل صحية قد تعصف بها، وقد يكون سرطان العظام أخطرها وأكثرها حدةً.