نظام IDip لفقدان الوزن.. بين القبول والرفض
تتأرجح خيارات الناس كل يوم، بين قبول أو رفض الحميات الشائعة التي تخرج من رحم العلم أو من دونه؛ وفيما قد يضطر البعض لتجربة بعضٍ من هذه الحميات، على الرغم من عدم قبوله بها في الأساس، فإن كثيرًا ينقادون وبقوة نحو كل ما هو جديد في عالم "إنقاص الوزن" بسرعة.
لكن السرعة في إنقاص الوزن، لا يقابلها استدامةٌ في المحافظة على الوزن المفقود حال اتباع ما بات يُعرف ب Fad Diets. حتى الحميات التي قد يعمل عليها الباحثون وتُثبت نوعًا من النجاح مع قلةٍ من المشاركين، لا تخلص إلى أي نتيجةٍ ملموسة فيما يخص "تثبيت الوزن" بعد خسارة الوزن الزائد.
ظهر خلال السنوات الماضية، نظام تخسيسٍ جديد يعتمد على عنصريين غذائيين فقط؛ قام باحثون بإجراء دراسة عليه وأثبت قدرته على التخلص من أوزان بعض المشاركين بنسبةٍ لا بأس بها. فما هي تفاصيل هذا النظام؟ هذا ما سوف نتعرف عليه في موضوعنا اليوم.
نظام iDip لإنقاص الوزن
هو النظام الذي يعتمد على عنصري الألياف والبروتين، وهو اختصارٌ لتسمية "برنامج تحسين النظام الغذائي الفردي"؛ والذي تمكن من مساعدة ما يقرب من نصف المشاركين في دراسةٍ علمية على خسارة 13% من وزن أجسامهم، أو ما يقرب من 12 كيلوجرام.
ليس هذا الخبر الجيد الوحيد فيما يتعلق بهذا النظام؛ بل أن هؤلاء المشاركين نجحوا في الحفاظ على فقدان الوزن هذا لمدة عام بعد التجربة، بحسب ما أشار إليه موقع "العربية.نت" نقلًا عن "ديلي ميل" البريطانية ودورية Obesity Science and Practice.
ووفقًا للباحثين في الدراسة من جامة ألينوي الأمريكية، فإن خفض السعرات الحرارية فقط لا يحقق الهدف المرجو من خسارة الوزن؛ بل على العكس، قد يترك الشخص محرومًا من العناصر الغذائية الرئيسية، ما يجعله أكثر عرضةً للإفراط في تناول الطعام واستعادة الوزن من جديد.
وتعتمد كمية البروتين والألياف التي يتناولها كل شخص، على وزن جسمه وأهدافه؛ لكن المشاركين في هذه الدراسة، تناولوا المزيد من الخضراوات الطازجة والشوفان واللحوم الخالية من الدهون مثل الأسماك والديك الرومي. ويعلم الجميع أن البروتينات هي المُغذَيات الأساسية والكبرى التي تُبقي الشخص ممتلئًا لأطول فترة، بالمقارنة مع الدهون والكربوهيدرات؛ وكلما زادت فترة الشعور بالشبع بعد تناول الوجبة، كلما قلَ تناول الإنسان للطعام بصورةٍ عامة.
العنصر الثاني الموجود في هذا النظام هو الألياف، والذي يُعد ضروريًا للغاية لإضافة الحجم إلى النظام الغذائي دون إضافة سعرات حراريةٍ زائدة. ونحصل على الألياف بشكلٍ كبير في الفواكه والخضروات، التي تعمل على تزويد الجسم بالفيتامينات الأساسية للصحة. ولا ننسى ارتباط الألياف بتحسين الهضم وتعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول، تمامًا كما يفعل البروتين.
إدارة الوزن المستدام .. المعيار الأهم
ليست خسارة الوزن الزائد هي المفصل المهم في حياة كل منا، بل المحافظة على هذه الخسارة وتثبيت الوزن تبقى الشغل الشاغل للجميع. وهو ما أكدت عليه ميندي إتش لي، أخصائية التغذية في جامعة إلينوي ومشاركة في الدراسة بقولها: "نحن لا نستبعد مجموعات الطعام كما تفعل خطط الكربوهيدرات المنخفضة أو الدهون المنخفضة. إن الهدف الأساسي هو تمكين مُتبَعي الحمية من اتخاذ خياراتٍ مستنيرة، حتى يتمكنوا من إنشاء برنامج إدارة الوزن المستدام الخاص بهم."
الإختبار الأول لنظام iDip الذي أُجري في عام 2017، ساعد نصف المشاركين في الوصول إلى أهداف إنقاص الوزن والحفاظ عليها. في حين شملت التجربة الثانية، التي نُشرت في دورية Obesity Science and Practice، 22 شخصًا يعانون من زيادة الوزن، طُلب منهم حضور 19 ورشة عمل مختلفة، والقيام بالواجبات المنزلية، وأخذ قياسات الجسم أسبوعيًا، مع حضور جلساتٍ إرشادية فردية لمدة عامٍكامل. فيما بقي الباحثون على اتصالٍ بالمشاركين لمدة عام بعد التجارب الأولية، لمعرفة ما إذا كانوا قد حافظوا على فقدان الوزن.
مخطط نظام iDip الغني بالبروتين والألياف
حسب تفاصيل هذا النظام؛ فإن iDip يشتمل على الأطعمة الغنية بالألياف والسعرات الحرارية المنخفضة التي ينصح بها الباحثون، مثل الشوفان والتفاح والبنجر والبروكلي. إضافةً إلى ضرورة التركيز على الأطعمة الغنية بالبروتين والسعرات الحرارية المنخفضة مثل الديك الرومي والدجاج والأسماك والفاصوليا.
وخلال الدراسة، أُعطي المشاركون ما أطلق عليه الباحثون تسمية "مخطط البروتين والألياف"؛ وهي أداةٌ سمحت لهم باختيار الأطعمة التي تحقق أهدافهم من الألياف والبروتين. وبحسب مانابو ناكامورا، أستاذ التغذية والباحث الرئيسيفي الدراسة؛ فإن وضع هذا المخطط مرده إلى اعتقادهمأن التركيز فقط على تقليل تناول السعرات الحرارية دون زيادة البروتين والألياف، لن يخلق تغييرًا مستدامًا لخسارة الوزن.
في نهاية التجربة، حقق 41% من المشاركين خسارةً كبيرة في الوزن؛ إذ سجلوا فقدان 12.9% من كتلة أجسامهم الأولية في المتوسط. مثلًا، تمكن مشاركٌ في الدراسة، يزن 90 كيلوجرام، من خسارة 12 كيلوجرام والحفاظ على هذا الوزن بعد عامٍمن التجربة الأولية. في حين خسر باقي المشاركين، الذين بلغ عددهم حوالي 13 شخصًا، 2% فقط في المتوسط من الوزن. وكان المشاركون الذين شهدوا نتائج مُثمرة في الأشهر الثلاثة الأولى من الدراسة، أكثر عرضةً لفقدان الوزن بشكلٍدائممع نهاية فترة التجربة.
وخلصت الدراسة إلى أن مدى نجاح فقدان الوزن، أظهر أن الباحثين ما زالوا بحاجة إلى بعض التعديلات لجعله قابلاً للتطبيق على الجميع. كما كانت الدراسة صغيرة نوعًا ما، لذا فهم بحاجة إلى تكرارها مع المزيد من الأشخاص، لتحديد ما إذا كانت ستنجح على نطاقٍ أوسع.
تشابه iDip مع اتجاهاتٍ غذائية أخرى
عند النظر مليًا في مكونات هذا النظام، يبدو iDip شبيهًا إلى حدٍ بعيد بجملةٍ من اتجاهات الأنظمة الغذائية الأخرى؛ مثل النظام الغذائي المتوسطي الذي يشجع مستخدميه على تناول المزيد من الأطعمة الطازجة واللحوم الخالية من الدهون، من دون حظر أي نوعٍ من الطعام تحديدًا. كما يجمع هذا النظام بين الجوانب المرنة ونظام وزنٍ وتعليم صارم، بحيث لا يزال بإمكان مستخدميه الحصول على فكرة ملموسة عن وضعهم مع فقدان الوزن.
وأشار البروفيسور ناكامورا إلى إن "المشكلة في برامج ومنتجات إنقاص الوزن التجارية المتاحة حاليًا، هي أن حجم فقدان الوزن لدى مُتبَعي الحمية ليس كبيرًا"؛ مضيفًا أن "المشكلة الأكثر خطورة هي عدم القدرة على الحفاظ على هذه الخسارة." وشدَد على أن "المرونة والتخصيص هما المفتاح في إنشاء برامج تعمل على تحسين نجاح مُتبَعي الحمية في فقدان الوزن والحفاظ عليه."
رأي خبيرة التغذية
لتفنيد مسألة نظام iDip ما إذا كان حلًا مناسبً للجميع أو مستدامًا، تحدثنا إلى الدكتورة دانا الحموي؛ أخصائية تغذية وطبيبة بشرية في دبي، فأفادتنا بالآتي:
نظام iDip يمكن اعتباره ضمن أنواع Fad Diets ويفتقر للعناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها كل جسم، للنمو والعمل. وشدَدت الدكتورة دانا على أن النمط الصحي الذي يشمل تغذيةً سليمة ومتوازنة تحوي كافة عناصر الغذاء (بروتين / ألياف / كربوهيدرات / دهون صحية)؛ ممارسة الرياضة والتخلص من الوزن الزائد، هو السبيل الأفضل والأكثر استدامة لخسارة الوزن والحفاظ على النتائج الإيجابية على الدوام.
وحذّرت اختصاصية التغذية من مغبة اتباع كل رجيم أو نظام جديد يُروَج لإنقاص الوزن، خصوصًا دون استشارة الطبيب المختص؛ وذلك لتجنب حدوث عوزِ شديد في مستوى الفيتامينات والمعادن الموجودة في الجسم.
خلاصة القول؛ أن نظام iDip المعتمد كليًا على البروتين والألياف فقط، ساهم بمساعدة المشاركين في إحدى الدراسات على خسارة نحو 13% من أوزانهم والمحافظة على هذه الخسارة بعد عامٍ من التجربة. لكن ما زالت هذه الدراسة بحاجة لتعديلاتٍ كبيرة، خاصةً أنها لم تشتمل على عددٍ كبير من المشاركين.
بدورها؛ أخصائية التغذية الدكتورة دانا الحموي أن السبيل الأفضل لتحقيق خسارة الوزن الصحية والمستدامة، يكمن في نمط حياتي وغذائي صحي، وبإشراف الطبيب المختص. ونضم صوتنا إلى الدكتورة دانا، وندعوكِ عزيزتي لاستشارة طبيبكِ الخاص حول النظام الأنسب لكِ ولحالتكِ الصحية.