بخطوات صغيرة.. تجعلين التحكم في سكر الدم أسهل وأكثر فعالية
قليلًا ما أحبُ التكلم عن هذا الأمر، لكن في الحقيقة أن إصابة والدتي بمرض السكري ووفاتها منذ عدة سنوات بسببه، جعلتني أمقتُ هذا المرض بشكلٍ كبير.
لكن مشاعري السلبية تجاه السكري ما لبثت أن تحولت إلى حالةٍ ملحَة من اليقظة والتنبَه، بعدما أصاب المرض بعضًا من أخوتي وأخواتي؛ ليصبح داء السكري مرضًا وراثيًا في عائلتنا لا محالة. وعليه، كان لا بد لي أن أراقب مستوى السكر في الدم لديَ على الدوام، وأن أتبَع نظامًا غذائيًا وحياتيًا صحيًا وصارمًا بعض الشيء (فيما يتعلق بتناول السكر ومشتقاته) كي أُجنَب نفسي الإصابة بهذا المرض.
يُعتبر التحكم بمستوى سكر الدم من الأمور الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الجسم وجودة الحياة، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من داء السكري أو المُعرَضين للإصابة به (كما هو الحال معي). التوازن في سكر الدم ليس مهمةً معقدة كما يبدو، بل يمكن تحقيقه بخطواتٍ بسيطة ومستدامة، نستعرضها سويًا في مقالة اليوم بناءً على توجيهات الدكتور أحمد حسون، استشاري غدد صماء من مستشفى فقيه الجامعي بدبي؛ إنما في البداية، دعينا نُلقي نظرةً سريعة ومختصرة على مرض السكري بأنواعه.
داء السكري: أسبابه وأنواعه
وفقًا لموقع "مايو كلينك" الطبي المختص، فإن داء السكري يشير إلى مجموعةٍ من الأمراض التي تؤثر على كيفية استهلاك الجسم لسكر الدم (الجلوكوز). والجلوكوز هو مصدرٌ مهم لإمداد الطاقة إلى الخلايا التي تتكون منها العضلات والأنسجة؛ كما أنه المصدر الرئيسي لإمداد الدماغ بالطاقة.
يختلف السبب الرئيسي للإصابة بداء السكري باختلاف نوعه؛ لكن وبغض النظر عن نوع داء السكري لديكِ، فإنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم. وبالتالي قد تؤدي الزيادة المفرطة في هذا المستوى إلى حدوث مشكلاتٍ صحية خطيرة، يُطلق عليها مضاعفات السكري، مثل العمى وبتر الأطراف والفشل الكلوي وأمراض القلب.
تشمل حالات داء السكري المُزمن النوعين الأول والثاني من داء السكري؛ فيما تتضمن حالات السكري القابلة للعلاج مُقدمات السكري وسكري الحمل. وتحدث مُقدمات السكري عند زيادة مستويات السكر في الدم عن المعدل الطبيعي، لكن هذه الزيادة لا تكون كبيرةًلدرجةٍ تجعلها تُشخَّص على أنها داء السكري. إنما يمكن أن تؤدي مُقدمات السكري للإصابة بداء السكري، في حال لم تُتَّبع الخطوات اللازمة للوقاية منه. أما السكري الحملي فإنه يحدث أثناء الحمل، لكنه يختفي بعد الولادة.
لا يُعرَف حتى الآن السبب الدقيق للإصابة بغالبية أنواع داء السكري،إنما يتراكم السكر في مجرى الدم في جميع الحالات؛ ويرجع ذلك إلى عدم إفراز البنكرياس كميةً كافية من الأنسولين. قد تحدث الإصابة بالنوعين الأول والثاني من داء السكري بسبب مجموعةٍ من العوامل الوراثية أو البيئية، لكن هذهالعوامل لم تتضح بعد.
كيف تجعلين التحكم بسكر الدم أمراً سهلاً بخطوات صغيرة لتحقيق نتائج كبيرة
بالعودة إلى إمكانية التحكم بسكر الدم باتباع بعض الخطوات البسيطة، يستعرض لنا الدكتور حسون هذه الخطوات لجعل التحكم في سكر الدم جزءًا طبيعيًا من حياتكِ اليومية:
- اختيار الأطعمة بذكاء: يُعتبر الطعام حجر الأساس في التحكم بسكر الدم. ومن خلال اختيار الأطعمة المناسبة، يمكنكِ الحفاظ على مستويات سكر الدم ضمن النطاق المثالي. اتبَعي هذه النصائح:
- التركيز على الكربوهيدرات المُعقدة بدلاً من الكربوهيدرات البسيطة، مثل السكر الأبيض والمُعجنات؛ اختاري الكربوهيدرات المُعقدة مثل الحبوب الكاملة، الأرز البني، والشوفان. هذه الأطعمة تُهضم ببطء وتساعد على استقرار مستويات السكر.
- زيادة الألياف الغذائية: تساعد الألياف في إبطاء امتصاص السكر بالدم؛ لذا أكثري من تناول الخضروات والفواكه الطازجة، الحبوب الكاملة، والبقوليات.
- البروتينات والدهون الصحية: إن إضافة البروتينات والدهون الصحية إلى وجباتكِ (مثل المكسرات، الأفوكادو، والسمك) يساعد في تقليل تأثير الكربوهيدرات على سكر الدم.
- تناول وجبات بكميات معقولة، ويمكن أن تكون وجبتين أو ثلاث يوميًا؛ وتعتمد على حاجة المريض للغذاء حسب حالته الصحية (يمكن أن تكون 3 وجبات أفضل من وجبتين حسب توجيهات الطبيب). هذا يساعد فيمنع الارتفاعات والانخفاضات المفاجئة للسكر، حيث أن الوجبات الصغيرة تساعد في الحفاظ على استقرار مستويات سكر الدم،كما تساعد في تنظيم الشهية؛ حيث أن الأكل المتكرر يمنع الشعور بالجوع الشديد الذي قد يدفعكِ لتناول كمياتٍ كبيرة من الطعام في وقتٍ واحد.
- ممارسة النشاط البدني بانتظام:الحركة اليومية ليست مجرد وسيلةٍ لتحسين اللياقة البدنية، بل هي أداةٌ قوية للتحكم في سكر الدم. يُحسَن النشاط البدني حساسية الأنسولين، مما يساعد الجسم على استخدام السكر بكفاءةٍ أكبر. ابدئي بتمارين بسيطة، لستِ بحاجة للذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ يمكنكِ البدء بالمشي اليومي لمدة 30 دقيقة، أو تجربة تمارين منزلية بسيطة مثل القفز بالحبل أو اليوغا.
- شرب كمياتٍ كافية من الماء: الجفاف يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، لذلك من المهم شرب كمياتٍ كافية من المياه طوال اليوم. شرب الماء بانتظام يساعد في تعزيز وظائف الكلى التي تساعد في التخلص من السكر الزائد.في المقابل، تجنَبي المشروبات المُحلاة، واستبدلي العصائر والمشروبات الغازية بالماء أو شاي الأعشاب غير المُحلى.
- إدارة التوتر؛ يمكنللتوتر النفسي أن يؤدي إلى زيادة سكر الدم، بسبب زيادة إنتاج هرمونات التوتر مثل الكورتيزول؛ لذلك، من المهم الاهتمام بالصحة النفسية. جربي تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق للحد من التوتر.الحصول على نومٍ كافٍ وجيد هو عاملٌ آخر أساسي لتحسين التحكم بسكر الدم.
- المتابعة الذاتية لمستوى السكر:من الضروري متابعة مستويات سكر الدم بانتظام لتعرفي كيف يتفاعل جسمكِ مع الأطعمة المختلفة والنشاطات اليومية. إن استخدام جهاز قياس السكريساعدكِ على متابعة مستواكِ بشكل يومي وتحديد الأنماط الغذائية التي تؤثر على سكر الدم.ينبغي المراجعة مع أخصائي إذا كنتِ بحاجةٍ إلى توجيهٍ إضافي، تواصلي مع أخصائي التغذية أو الطبيب لضبط استراتيجيتكِ.
خلاصة القول؛ يمكنكِ التحكم بسكر الدم بسهولة عبر اتباع خطواتٍ صغيرة ولكن فعّالة. ومن خلال اختيار الأطعمة الصحيحة، الحركة المنتظمة، شرب كمياتٍ كافية من الماء، وإدارة التوتر، يمكنكِ تحسين صحتكِ بشكل كبير. الأهم هو أن تجعلي هذه العادات جزءً من نمط حياتكِ اليومي، فالتغييرات البسيطة غالبًا ما تؤدي إلى نتائج مذهلة على المدى الطويل.