تحتاج لإدارة مستمرة ونمط حياتي صحي: أخصائية جلدية تُخبرنا الكثير عن مرض الصدفية
ملابس سهرة فخمة، شعر وماكياج متقنين لا غلطة فيهما، مجوهرات وإكسسوارات تُزين إطلالات النجمات في المهرجانات وعروض الأزياء وغيرها.. الصورة المثالية التي دأب الإعلام على تقديمها لنا لأشهر نجوم الفن، وحاليًا نجوم المجتمع الذين تغطي منصات التواصل الإجتماعي أخبارهم كيفما تحركوا وإينما تواجدوا.
لكن هذه "الصورة البَراقة" لهؤلاء النجوم، ليست برَاقةً على الدوام؛ كما إنها قد تخفي الكثير من معاناة المشاهير، الذي هم في الأساس بشرٌ مثلنا، وعرضةٌ للمشاكل والأمراض والمطبات الصحية كما يحصل معنا تمامًا. الفرق الوحيد بيننا وبينهم، أن ثمة وسائل تواصل إجتماعي (سوشيال ميديا) تخدمهم للحديث عن هذه المتاعب وكسب المزيد من المتابعين لهم.
هذا بالتحديد ما لجأت إليك كيم كارداشيان، نجمة الواقع المشهورة جدًا، أوائل العام الحالي حينما أطلعت كافة متابعينها على مشكلتها مع الصدفية. حيث تطرقت النجمة الأمريكية لتفاقم معاناتها من الصدفية التي تُثير لديها الحكة الشديدة والإزعاج، وأملت فيأن يتوصلالمختصون قريبًا لعلاجٍ له، كي ترتاح من معاناتها.ومن خلال 3 مقاطع فيديو نشرتها نجمة تلفزيون الواقع ضمن خاصية "الستوري" على منصة إنستغرام؛ تحدثت كيم عن معاناتها الشديدة مع مرض الصدفية، مشيرةً إلى أنها تعاني في ذلك الوقت من نوبةٍ "مؤلمة" من المرض الجلدي، الذي يتسبب بطفحٍ جلدي مع بقعٍ متقشّرة وحكّة. وعمدت كارداشيان لتقريب الصورة على بقعةٍ حمراء ظهرت على ساقها، معربةً عن صدمتها مما يحدث لها؛ فهي لم تُغيَر من نظامها الغذائي، والذي كان قد تسبب لها في العام 2022 بالإصابة بالعديد من البثور الكبيرة.
أسئلة كثيرة تراود مرضى الصدفية، وأنا منهم، حول طبيعة هذا المرض وكيفية الوقاية منه؛ والسؤال الأهم: هل يمكن الشفاء من هذا المرض؟ حملناها إلى الدكتورة رنا أبو طراب، أخصائية الأمراض الجلدية في مستشفى فقيه الجامعي بدبي، التي أفاتنا مشكورةً بالآتي..
ما هو تعريف الصدفية؟
الصدفية مرضٌ جلدي مُزمن وشائع، يُعاني منه ملايين الأشخاص حول العالم. ولا يُعتبر مرضًا جلديًا فقط، بل هو نتيجة اضطرابٍ في الجهاز المناعي، يؤدي إلى تسارع نمو خلايا الجلد، ما يُسبَب ظهور بقعٍ حمراء متقشرة على سطح الجلد. وعلى الرغم من أن الصدفية ليست مُعدية، إلا أن تأثيرها على حياة المصابين بها يمكن أن يكون كبيرًا، ليس فقط من الناحية الجسدية، بل من الناحية النفسية أيضًا.
كما أسلفنا، الصدفية هي اضطرابٌ مناعي ذاتي، وهو مرضٌ متعدد الأجهزة؛ أي يصيب الجلد والأظافر وفروة الرأس والمفاصل أيضًا.
ما هي أبرز الأسباب وراء الإصابة بمرض الصدفية؟
أسباب الصدفية تشمل العوامل الوراثية في المقام الأول؛ حيث أن الأشخاص الذين لديهم تاريخٌ عائلي للمرض، يكونون أكثر عرضةً للإصابة به. وإضافةً إلى ذلك، هناك عوامل بيئية تؤثر على تطور المرض مثل التوتر، العدوى، التدخين، البدانة والإصابات الجلدية قد تحرض من انتشار المرض عن طريق الرضَ الجلدي المتكرر.
كيف تختلف الصدفية عن الأكزيما؟
على الرغم من أن الصدفية والأكزيما تتشابهان في كونهما مرضين يصيبان الجلد، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما.
فالأكزيما غالبًا تظهر على شكل حساسية جلدية والتهاب أو تهيج، وتظهر عادةً في المراحل المبكرة في المناطق الطرية من الجلد، مثل ثنايا الذراعين أو خلف الركبتين؛ وقد تنتشر لاحقا لباقي المناطق في الجسم. أما الصدفية، فتتسم بوجود بقعٍ سميكة على المناطق الأخشن بشكلٍ أكثر شيوعًا مثل فروة الرأس والمرفقين والركبتين، وتكون مغطاة بقشورٍ فضية. مع الإشارة إلى أن طريقة العلاج، تختلف أيضًا بين هذين المرضين.
ما هي أعراض الصدفية، وكيف نتعرف عليها؟
تشمل أعراض الصدفية الأكثر شيوعًا:
- ظهور بقع حمراء سميكة مغطاة بقشور فضية.
- قد تترافق هذه الأعراض مع جفاف وتشقق الجلد، الحكة، أو حتى ألم في بعض الحالات.
- قد يظهر الطفح في أي منطقة من الجسم في بعض الحالات.
- كما قد تؤثر الصدفية على الأظافر أو المفاصل.
هل الصدفية معدية؟
كلا، ذكرنا في بداية المقالة أن الصدفية ليست مُعدية على الإطلاق،ولا يمكن أن تنتقل من شخصٍ لآخر عن طريق اللمس أو الاتصال المباشر؛ مما يعني أن المصابين يمكنهم ممارسة حياتهم الاجتماعية دون خوفٍ من نقل المرض للآخرين.
وهنا يأتي الدور التوعوي لهذا المرض للحد من التأثيرات النفسية والاجتماعيةعلى مرضى الصدفية من قبل الآخرين، وتعاملهم مع الشخص المصاب، لما له من تأثيرٍ كبير على الصحة النفسية.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالصدفية؟
يأتي الأشخاص الذين لديهم تاريخٌ عائلي للإصابة بالصدفية، والذين يعانون من التوتر الشديد، والمدخنون، وأولئك الذين يتعرضون لإصاباتٍ متكررة في الجلد، في مقدم الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض.
كما أن وجود بعض الأمراض المناعية الأخرى لدى المصاب، يمكن أن تزيد من خطر الإصابة.
هل يمكن علاج الصدفية بشكلٍ نهائي، وكيف يتم تشخيص الإصابة بالمرض؟
رغم أنه لا يوجد علاجٌ نهائي للصدفية حتى الآن، إلا أن العلاجات المتاحة تساعد في السيطرة على الأعراض وتحسين جودة حياة المرضى.
ويتم تشخيص الصدفية عادةً من خلال الفحص السريري أو أخذ خزعةٍ من الجلد، للتأكد من طبيعة الإصابة. فيما تشمل العلاجات التقليدية استخدام الكريمات الموضعية، العلاج الضوئي، والأدوية المُثبطة للجهاز المناعي.
أطلعينا إذا أمكن على التطورات الحديثة في علاج الصدفية
خلال السنوات الأخيرة، ظهرت علاجاتٌ بيولوجية حديثة، تستهدف الجهاز المناعي بشكل أكثر دقة. هذه العلاجات، مثل مُثبطات الإنترلوكين، أثبتت فعاليتها في تقليل الالتهاب والحد من الأعراض سواء الجلديةأو المفصلية، بتأثيراتٍ جانبيه أقل من أدوية مُثبطات المناعة السابقة؛ وهذه الأدوية تمنح المرضى أملاً جديدًا في تحسين حالتهم والتمتع بحياةٍ أكثر راحة.
هل بالإمكان الوقاية من الصدفية، أو التقليل من أعراضها ومضاعفاتها؟
بالرغم من أن الوقاية الكاملة من الصدفية غير ممكنة، إلا أنه بالإمكان تقليل الأعراض من خلال تجنب العوامل المُهيَجة؛ مثل التدخين والتوتر وتخفيف الرضَ المتكرر على الجلد. كما أن استخدام المرطبات بانتظام والعناية الجيدة بالبشرة، يمكن أن يساهما في تخفيف أعراض الصدفية.
ما الدور الذي يلعبه النظام الغذائي في تحسين حالة الصدفية؟
لا توجد دراساتٌ علمية مُثبتة، تُحددَ نوعية الأطعمة التي قد تلعب دورًا في تخفيف حدة المرض؛ ولكن بشكلٍ عام، فإن نوعية الأطعمة المضادة للالتهاب والنظام الغذائي الصحي منخفض السكريات والزيوت قد يساعدان في تقليل الالتهابات. كما أن إنقاص الوزن وتنشيط الجهاز المناعي، قد يكون له الأثر الكبير في تحسين جودة الحياة لدى مرضى الصدفية.
خلاصة القول؛ الصدفية هي مرضٌ مزمن يحتاج إلى إدارةٍ مستمرة، ولكن بفضل التطورات الحديثة في العلاج وزيادة الوعي حول المرض، يمكن للمصابين به أن يعيشوا حياةً صحية ومُنتجة. كما أن التثقيف حول الصدفية وتجنَب العوامل التي تزيد من حدتها هما المفتاح لتحسين نوعية حياة المرضى.