قبل اليوم العالمي لهشاشة العظام: تعرفي على أفضل النصائح لتعزيز صحة عظامكِ
تعطي العظام الشكل والدعم الهيكلي للجسم، وهي بمثابة"الدعامات" التي تُمسك الجسم ببعضه. تختلف العظام في أشكالها، وأحجامها، ووظائفها؛ ولعل من أهم وظائفها، دعمها للجسم من الناحية الهيكلية، وحمايتها للأعضاء الحيوية الداخلية،وأيضًا مساعدتها للجسم على الحركة. كما تُعدالعظام كمنطقة تخزينٍ للمعادن وخاصة الكالسيوم، فضلًا عن توفيرها بيئةً مناسبة لنمو نخاع العظام، حيث يتم تصنيع خلايا الدم هناك.
يبلغ عدد عظامنا عند الولادة 270 عظمة، وتتصل بعض هذه العظام مع بعضها البعض؛ مثل عظام الجمجمة، ليصل عددها إلى 206 عظمة عند البلوغ. وتتكون العظام غالباً من الكولاجين البروتيني الذي يُشكّل إطاراً ناعماً للعظم، حيث أن معدن فوسفات الكالسيوم هو الذي يُقوي هذا الإطار، وللعلم يتم تخزين أكثر من 99% من الكالسيوم في العظام، بحسب ما أورد موقع "الطبي" المختص.
أما بالنسبة لكثافة العظام، فهي كمية النسيج العظمي في حجمٍ معيّن من العظم، ويُعتبر اختبار الكثافة المعدنية للعظم BMD أحد أهم الاختبارات للكثافة العظمية؛ مُعبراً عنها بالكتلة المعدنية لكل وحدة حجم من العظم، ويتم إجراؤه عادة عن طريق المسح الإشعاعي للعمود الفقري السفلي أو للورك. وغالبًا ما تُستخدم قياسات كثافة العظم لتشخيص الإصابة بمرض هشاشة العظام وأمراض العظام الأخرى.
اليوم العالمي لهشاشة العظام
يُحتفى باليوم العالمي لهشاشة العظام في 20 أكتوبر من كل عام، وهو مناسبةٌ لزيادة الوعي حول أهمية صحة العظام، خاصةً بين النساء اللاتي يُعتبرن أكثر عرضةً للإصابة بهشاشة العظام؛وهو مرضٌ صامت يتسبب في ضعف العظام وجعلها هشة وقابلة للكسر بسهولة.
غالباً ما يكون الكشف عن مرض هشاشة العظام بعد حدوث كسر. ومع تقدم العمر، تصبح صحة العظام أكثر أهميةً خصوصًا للنساء؛لأنهنَ يُعانينَ من تراجع كثافة العظام بعد انقطاع الطمث، بسبب انخفاض مستويات هرمون الاستروجين الذي يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على قوة العظام.
نستعرض مع الدكتور طارق جواد؛ استشاري جراحة العظام من مستشفى فقيه الجامعي بدبي، لطرق الوقاية والحفاظ على صحة عظامكِ للحد من هشاشتها وضعفها. إنما بدايةً، لا بد من تسليط الضوء على ماهية مرض هشاشة العظام وأسبابه..
تعريف هشاشة العظام
هي حالةٌ تقلَ فيها كثافة العظام وتصبح أضعف وأكثر عرضةً للكسر. وتحدث هذه الحالة عندما تفوق سرعة فقدان العظام سرعة تكوينها، مما يؤدي إلى عظامٍ هشة ورقيقة. يصيب هذا المرض النساء بنسبٍ أعلى بكثير من الرجال، حيث تشير الدراسات إلى أن امرأةً واحدة من بين كل ثلاث نساء فوق سن الخمسين، ستتعرض لكسرٍ مرتبط بهشاشة العظام.
الأسباب والعوامل المساهمة لمرض هشاشة العظام
هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام لدى النساء. بعضها لا يمكن التحكم به مثل العمر، والجنس، والتاريخ العائلي، والعرق. ومع ذلك، فإن العديد من العوامل القابلة للتعديل، يمكن أن تؤثر بشكلٍ كبير على صحة العظام، منها:
- النظام الغذائي الفقير: نقص الكالسيوم وفيتامين د في النظام الغذائي يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام. ويُعدَ الكالسيوم ضروريًا لتكوين العظام، بينما يساعد فيتامين د الجسم على امتصاص الكالسيوم من مصادر الطعام.
- قلة النشاط البدني: تتكيَف العظام مع الحمل البدني، ما يعني أن التمرين المنتظم يُعزَز تكوين العظام. ولذلك تساهم قلة النشاط البدني في فقدان كثافة العظام.
- التدخين والكحول: التدخين والإفراط في شرب الكحول يمكن أن يُضعف العظام ويزيد من خطر الإصابة بالهشاشة.
- الهرمونات: كما ذكرنا سابقًا، يلعب انخفاض مستويات هرمون الاستروجين بعد انقطاع الطمث دورًا رئيسيًا في ضعف العظام.
نصائح للحفاظ على صحة عظامكِ
إن تحسين صحة العظام يتطلب اتخاذ خطواتٍ مستدامة على مدى الحياة، خاصةً للنساء الأكثر عرضةً لهشاشة العظام. وفيما يلي بعض الطرق الفعالة لتعزيز صحة العظام والوقاية من هشاشة العظام كما أفادنا بها الدكتور جواد:
-
اتباع نظامٍ غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د
الكالسيوم هو عنصرٌ أساسي لصحة العظام،ويُنصح بأن تحصل النساء على حوالي 1000 إلى 1300 ملليجرام من الكالسيوم يوميًا. يمكن الحصول على الكالسيوم من منتجات الألبان مثل الحليب والجبن والزبادي، بالإضافة إلى مصادر أخرى مثل السردين، السبانخ، واللوز. أما فيتامين د فهو يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم بفعالية أكبر؛ويمكن الحصول عليه من التعرض المعتدل لأشعة الشمس، أو من خلال المكملات الغذائية.
-
ممارسة التمارين البدنية بانتظام
تُعتبر التمارين البدنية، خاصةً تلك التي تتضمن حمل الأوزان مثل المشي والركض والتمارين المقاومة، من أفضل الطرق لتعزيز صحة العظام. إذ تعمل هذه التمارين على تحفيز الجسم لتكوين عظامٍ جديدة وتحسين قوتها،ويُنصح بممارسة التمارين لمدة 30 دقيقة يوميًا على الأقل لتحسين كثافة العظام والحد من فقدانها.
-
الحفاظ على وزنٍ صحي
زيادة الوزن أو نقصانه بشكلٍ مفرط، يمكن أن تؤثر سلبًا على صحة العظام. والأشخاص الذين يعانون من نقص الوزن مُعرَضون لفقدان العظام بشكلٍ أسرع؛ بينما يزيد الوزن الزائد من الضغط على العظام والمفاصل، ما يُعرَضها لخطر الكسور. لذا فإن الحفاظ على وزنٍ صحي من خلال اتباع نظامٍ غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام، يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة العظام.
-
تجنَب العادات الضارة
بمقابل التشجيع على العادات الصحية، ينصح الدكتور جواد بتجنب بعض العادات الحياتية الضارة التي يقوم بها معظمنا. على رأسها، التدخين والإفراط في استهلاك الكحول، اللذان يُعدان من العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام. ويؤثر التدخين سلبًا على امتصاص الكالسيوم كما يُقلَل من إنتاج العظام، في حين أن استهلاك الكحول بشكلٍ مفرط يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام وزيادة خطر الكسور.
-
الفحص الدوري
يجب على النساء، خاصةً بعد سن الخمسين، إجراء فحوصاتٍ دورية لتقييم كثافة العظام. ويقيس الفحص باستخدام تقنية "DEXA"كثافة العظام، كما يمكنه الكشف عن فقدان العظام في مراحله المبكرة. يساعد الفحص الدوري أيضًا في اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية في الوقت المناسب لتجنب الكسور.
هشاشة العظام والعلاجات المتاحة
هناك العديد من العلاجات المُتاحة لهشاشة العظام. بعض العلاجات تهدف إلى تعزيز تكوين العظام، في حين أن البعض الآخر يساعد على تقليل معدل فقدان العظام. يمكن للعلاج الهرموني البديل أن يساعد بعض النساء بعد انقطاع الطمث في الحفاظ على كثافة العظام. ومع ذلك، فإن كل علاج يجب أن يتم تحت إشرافٍ طبي دقيق، لتجنب الآثار الجانبية المحتملة.
دور المجتمع في تعزيز صحة العظام
إن تعزيز صحة العظام يتطلب جهودًا مشتركة من الأفراد والمجتمع على حد سواء. ويمكن للمجتمع الطبي تنظيم حملاتٍ توعوية دورية لتسليط الضوء على أهمية صحة العظام، وكيفية الوقاية من هشاشة العظام. كما يمكن للمؤسسات الصحية تنظيم فحوصاتٍ مجانية أو بأسعارٍ مُخفضة لتشجيع النساء على إجراء الفحوصات اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمدارس والجامعات تضمين برامج توعوية حول التغذية السليمة وأهمية النشاط البدني للحفاظ على صحة العظام، ما يساعد في بناء جيل أكثر وعيًا بصحته العظمية.
في الختام؛ وقبل اليوم العالمي لهشاشة العظام، يجب على النساء تذكَر أن صحة العظام ليست مسألةً ترفيهية، بل ضرورة للحفاظ على جودة الحياة مع التقدم في العمر. ومن خلال اتباع نظامٍ غذائي صحي، وممارسة التمارين البدنية بانتظام، وتجنب العادات الضارة، يمكن للنساء تحسين صحة عظامهنَ والوقاية من هشاشة العظام. كما أن الفحص الدوري والتدخل العلاجي المبكر يمكن أن يُسهم في تقليل خطر الكسور وتحسين نوعية الحياة ورفاهها.