خبيرٌ يشرح عبر "هي"..العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري HPV وسرطان عنق الرحم
فيروس الورم الحليمي البشري (Human Papilloma Virus) هو عبارةٌ صغيرة، لكنها تحمل وزنًا كبيرًا في مناقشات الصحة العامة.
هذا الفيروس الشائع غالبًا ما يتم تجاهله، لكنه يلعب دورًا رئيسيًا في تطوَر سرطان عنق الرحم، ما يؤثر على حياة آلاف النساء حول العالم كل عام. إن فهم العلاقة بين هذا الفيروس وسرطان عنق الرحم أمرٌ حيوي للوقاية والوعي، ما يُبرز الحاجة إلى التطعيم وإجراء الفحوصات الدورية اللازمة.
بحسب موقع منظمة الصحة العالمية، فإن سرطان عنق الرحم Cervix Cancer يأتي في المرتبة الرابعة بين السرطانات الأكثر شيوعًا بين النساء عالميًا؛ حيث قُدِّر عدد الحالات الجديدة بنحو 604000 حالة وعدد الوفيات بنحو 342000 وفاة في عام 2020. وتتركز أعلى معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم والوفيات الناجمة عنه في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، ما يعكس أوجه عدم المساواة الكبيرة الناجمة عن عدم إتاحة التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري، وخدمات فحص عنق الرحم، والعلاج على المستوى الوطني، إلى جانب المُحددات الاجتماعية والاقتصادية.
يحدث سرطان عنق الرحم بسبب العدوى المتواصلة بفيروس الورم الحليمي البشري. والنساء المصابات بفيروس العوز المناعي البشري أكثر عرضةً 6 مرات للإصابة بسرطان عنق الرحم مقارنةً بالنساء غير المصابات بالفيروس. يُعدَ التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري وفرز الإصابات السابقة للتسرطن وعلاجها، وسائل فعالة للوقاية من سرطان عنق الرحم، وهي وسائل فعالة للغاية لقاء التكاليف.
الخبر الجيد هو أنه يمكن الشفاء من سرطان عنق الرحم إذا ما شُخّص في مرحلةٍ مبكرة وعُولِجَ على الفور. وتعمل البلدان في جميع أنحاء العالم على تسريع عملية القضاء على سرطان عنق الرحم خلال العقود المقبلة، في ظل مجموعةٍ مُتفق عليها من ثلاث غايات يتعين تحقيقها بحلول عام 2030.
للتعرف أكثر على العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وسرطان عنق الرحم، كيفية الوقاية وأهمية التطعيم؛ تحدثنا إلى الدكتور مجاهد حمامي، استشاري أمراض النساء والتوليد والمدير الطبي لعيادة أمان للعافية في دبي، الذي أفادنا مشكورًا بالمعلومات القيَمة التالية.
ما هي العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وسرطان عنق الرحم؟
العلاقة بين فيروس HPV وسرطان عنق الرحم معروفة جيدًا؛ففيروس HPV هو مجموعةٌ من أكثر من 150 فيروسًا مرتبطًا، وبعضها يمكن أن يؤدي إلى السرطان؛ بينما البعض الاخر يؤدي الى أمراض أخرى أقل خطورةً كالثآليل التناسلية مثلًا.
وعلى وجه الخصوص، فإن أنواع فيروس HPV 16 و18 مسؤولةٌ عن حوالي 70% من حالات سرطان عنق الرحم. وتواجه النساء المصابات بهذه السلالات عالية الخطورة من الفيروس، خطرًا أكبر في تطوير سرطان عنق الرحم مع مرور الوقت.
حققت دولٌ كثيرة كأستراليا على سبيل المثال،تقدمًا كبيرًا في تقليل معدلات سرطان عنق الرحم، من خلال التوعية حول فيروس HPV والتأكيد على أهميةالقيامبالفحوصات الدورية. وتُظهر هذه المبادرات أن الوعي والعمل يمكن أن يؤدي إلى نتائج صحية إيجابية.
هل فيروس HPVوراثي أم مكتسب؟
العديد من النساء يطرحنَ هذا السؤال، والإجابة عليه كالتالي: فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) فيروس مكتسب، يتم انتقاله بشكلٍ أساسي من خلال الاتصال الجنسي. إذن هو ليس فيروسًا وراثيًا، بل ينتقل بصورةٍ رئيسية من شخصٍ لآخر عبر الممارسات الجنسية، بما في ذلك الاتصال الجلدي.
هل لفيروس HPV علاقةٌ بمشكلات صحية معينة؟
يُعتبر هذا الفيروس المكتسب، عامل خطرٍ رئيسي لسرطان عنق الرحم. كما يمكن أن يُسبَب أنواعًا أخرى من السرطانات، مثل سرطان الشرج والبلعوم. بعض أنواع الفيروس قد تؤدي أيضًا إلى ظهور الثآليل التناسلية كما ذكرنا آنفًا.
هل يمكن للمرأة المصابة بفيروس HPV القيام بالعلاقة الجنسية مع الشريك؟
بالنسبة للعلاقة الجنسية، يمكن للسيدة المصابة ممارسة الجنس؛ ولكن من الضروري استخدام وسائل الحماية مثل الواقي الذكري، لتقليل خطر نقل الفيروس للشريك. كما يجب على الطرف الآخر أن يكون على علمٍ بالحالة الصحية لشريكته.
هل يمكن أن يتحول فيروس HPV إلى سرطان، وفي أي حالة؟
يمكن أن يتحول الفيروس إلى سرطان، ولكن معظم حالات العدوى بفيروس HPV لا تؤدي إلى السرطان. غالبًا ما يتمكن الجهاز المناعي من التخلص من الفيروس في غضون عامين؛ ومع ذلك، في بعض الحالات، قد تستمر العدوى لفترة طويلة، ما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
كيف يتم تشخيص وعلاج فيروس HPV؟
في حال تشخيص الإصابة بالفيروس، يُنصح بإجراء فحوصاتٍ دورية مثل اختبارات مسحة عنق الرحم Pap-smear أو اختبارات فيروس HPV. تساعد هذه الفحوصات في اكتشاف أي تغييراتٍ في خلايا عنق الرحم مبكرًا.
لا توجد علاجاتٌ محددة للقضاء على الفيروس نفسه، ولكن بالإمكان معالجة الأعراض الناتجة عنه، مثل الثآليل.
هل يمكن الشفاء من فيروس HPV؟
بالنسبة للشفاء من الفيروس؛ في الغالب، يمكن للجهاز المناعي القضاء على فيروس HPV. لكن في بعض الحالات، قد يعود الفيروس بعد التخلص منه، خاصةً إذا كان الجهاز المناعي ضعيفًا أو في حال تعرَض الشخص للفيروس مرةً أخرى.
كيف يمكننا الوقاية من الإصابة بفيروس HPV؟
يمكن الوقاية من فيروس HPV من خلال التطعيم، حيث يتوفر لقاحٌ فعال ضد الأنواع الأكثر شيوعًا التي تُسبَب السرطان والثآليل. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بممارسة الجنس الآمن والقيام بالفحوصات الدورية للكشف المبكر عن أي مشكلاتٍ صحية.
التطعيم ضد فيروس HPV أداةٌ قوية في مكافحة سرطان عنق الرحم
لقد أثبتَ لقاح فيروس HPV فعاليته في الوقاية من أخطر سلالات الفيروس. وفي العديد من المناطق، أدت برامج التطعيم إلى انخفاضٍ كبير في نسبة الأمراض المرتبطة بفيروس HPV. على سبيل المثال، كشفت دراسةٌ من الولايات المتحدة، أن إدخال لقاح فيروس HPV أدى إلى انخفاض بنسبة 60% في العدوى بفيروس HPV بين الفتيات المراهقات.
مع تطعيم المزيد من الناس، ستنخفض مخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، ما يُبرز دور اللقاح في الصحة العامة. كما تُعدَ الفحوصات الدورية لعنق الرحم، مثل اختبارات مسحة عنق الرحم (Pap-smear)، ضروريةً أيضًا للاكتشاف المبكر لأي تغيراتٍ في صحة عنق الرحم. إذ يمكن أن تحدد هذه الفحوصات الخلايا غيرالنموذجية أو ما قبل السرطانيةprecancerous قبل أن تتطور إلى سرطان، ما يُوفر فرصةً مثالية للتدخل في الوقت المناسب.
شهدت الدول التي لديها برامج فحص روتينية، انخفاضًا دراماتيكيًا في معدلات سرطان عنق الرحم. ويُبرز هذا النهج الاستباقي، أهمية الفحوصات الصحية الدورية في اكتشاف المشكلات المحتملة مبكرًا وإنقاذ الأرواح.
في الختام، لا يمكن تجاهل العلاقة بين فيروس HPV وسرطان عنق الرحم.إن التطعيم والفحوصات الدورية هما استراتيجيتان حيويتان يمكن أن تُقلَلا بشكلٍ كبير من خطر تطوير هذا المرض.
من خلال زيادة الوعي وتشجيع التدابير الوقائية، يمكن للمجتمعات حماية صحة النساء وتقليل تأثير سرطان عنق الرحم. وبالتالي، فإن اتخاذ إجراءاتٍ اليوم يمكن أن يؤدي إلى غدٍ صحي، ما يضمن أن يعاني عددٌ أقل من النساء من هذا المرض المُهدد للحياة والقابل للتجنب.