التطورات الجراحية الحديثة.. تساعد على تخصيص علاج سرطان الثدي وتحسين نوعية الحياة
يُعدّ سرطان الثدي نوعًا من أنواع السرطان الذي يبدأ على هيئة نموٍ غير طبيعي للخلايا في أنسجة الثدي، ويتشكل نتيجة حدوث خللٍ في نمو خلايا الثدي وزيادة انقسامها؛ وعلى الرغم من أن سرطان الثدي أكثر شيوعًا لدى النساء، إلا أنه يمكن أن يصيب الرجال وإنما بشكلٍ نادر. هذا ما صرَحت لنا به الدكتورة عايدة العوضي، استشاري رئيس قسم أمراض وأورام الدم في مدينة الشيخ شخبوط الطبية أبوظبي؛ مضيفةً أن سرطان الثدي يمكن أن يصيب عدة أجزاءٍ من الثدي، مثل القنوات أو الفُصيصات أو الأنسجة المحيطة به. كما يمكن أن يتشكل في الدهون والأنسجة الضامة.
وحسب الدكتورة العوضي، فإن الأسباب الدقيقة للإصابة بسرطان الثدي غير معروفة؛ لكن ثمة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة، مثل التغيرات الوراثية، والتقدم في السن، والتاريخ الوراثي للإصابة، والهرمونات الأنثوية (مثل الاستروجين)، وأسلوب الحياة غير الصحي مثل التدخين والسُمنة وشرب الكحول.
أكثر النساء عرضةً للإصابة هنَ اللاتي لديهنَ تاريخٌ عائلي للإصابة بسرطان الثدي لدى أفراد العائلة من الدرجة الأولى، أو وجود طفرة وراثية مُشخصة مثل BRCA1 و BRCA2، أو اللاتي تأخرنَ في الحمل أو لم ينجبنَ أو عدم الرضاعة.
كذلك فإن أخذ بعض الهرمونات مثل هرمونات منع الحمل التي تحتوي على الاستروجين والبروجسترون والسُمنة وعوامل أخرى، يمكن أن تُضاعف من خطر الإصابة بسرطان الثدي. وبشكلٍ عام، تزداد احتمالية الإصابة بسرطان الثدي مع تقدم العمر؛ مع ذلك، لا يقتصر سرطان الثدي على فئةٍ عمرية معينة، ويمكن أن يصيب النساء في أي سن.
يعتمد علاج سرطان الثدي على مجموعةٍ متنوعة من العوامل؛ منها حجم أنسجة الثدي، وحجم الكتلة، وموقع السرطان. وتشمل العلاجات الجراحة، العلاج الإشعاعي، العلاج الكيميائي، العلاج الهرموني، العلاج المُوجّه، العلاج المناعي، والرعاية الداعمة التلطيفية مع الإشارة إلى أنه يتم وصف العلاج بناءً على نوع السرطان، ومرحلته، وحالة المريضة الصحية.
بالتركيز على الخيار الجراحي لسرطان الثدي، ثمة العديد من التطورات التي طرأت على هذا الخيار والتي نستعرضها معكِ في مقالة اليوم؛ بناءً على معلومات حصلنا عليها من الدكتورة سارة ماكلولين، طبيبة جراحة الأورام ورئيسة قسم جراحة الأورام في مايو كلينك في جاكسونفيل، فلوريدا.
التطورات الجراحية في علاج سرطان الثدي
هناك خياران جراحيان لعلاج سرطان الثدي، هما: استئصال الورم واستئصال الثدي. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل المرأة تُفضَل أحد الخيارين على الآخر، كما تقول الدكتورة ماكلولين؛ موضحةً ذلك الأمر بالقول: "قد يكون بعض ذلك مرتبطًا بالسرطان، وقد يعود بعضه إلى التاريخ العائلي والعوامل الوراثية، وقد يكون البعض الآخر لتحقيق الراحة النفسية الشخصية."
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتمَ تشخيص أكثر من مليوني امرأة بسرطان الثدي كل عام. وتساهم التطورات في أساليب العلاج، بما فيها الابتكارات في مجال الجراحة، في مساعدة النساء وأطقمهنَ الطبية على تقديم رعايةٍ مُخصصة وتحسين نوعية الحياة.
يتضمن علاج سرطان الثدي إجراء عملية جراحية لإزالة السرطان من الثدي. وغالبًا ما يُستخدم هذا النمط مع علاجاتٍ أخرى، مثل العلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي، والعلاج الهرموني، والعلاج الموجه. كما قد تُستخدم الجراحة أيضًا للحدَ من خطر الإصابة بالسرطان مستقبلًا.
وتشمل الخيارات الجراحية وفق الدكتور ماكلولين:
- استئصال الأنسجة السرطانية والهامش المحيط من الأنسجة الثديية الطبيعية.
- استئصال الثدي: أو إزالة الثدي بالكامل.
- خزعة العقدة الخافرة: إزالة عددٍ قليل من العقد اللمفاوية للتحقق مما إذا كان السرطان قد انتشر إليها.
- تشريح العقد اللمفاوية الإبطية: إزالة المزيد من العقد اللمفاوية من تحت الذراع، إذا كان هناك العديد من العقد اللمفاوية الخافرة المصابة بالسرطان.
- الجراحة الترميمية: بعد عملية استئصال الثدي،لإعادة بناء الثدي.
وتتطور أساليب جميع هذه الخيارات بتطور المعرفة. على سبيل المثال، توضح الدكتورة ماكلولين أن الأبحاث أظهرت على مدار عقودٍ معدلات بقاء على المدى الطويل متشابهة لعمليات استئصال الورم الموضعي وعمليات استئصال الثدي الكامل.
وتقول الدكتورة ماكلولين في هذا الصدد: "إذا لم تكوني بحاجةٍ إلى عملية استئصالٍ كامل للثدي، فلن تتحسن حالتكِ أو تعيشي لفترةٍ أطول لمجرد أنكِ أجريتِ هذه العملية." وبعض المريضات لم يعدنَ بحاجةٍ إلى إزالة العقد اللمفاوية تحت الإبط.
تُركَز تقنيات استئصال الثدي الحديثة على إزالة كميةٍ أقل من الجلد والحفاظ على الحلمة والهالة قدر الإمكان. وفي جراحة الأورام التجميلية لاستئصال الورم،يقوم الجرَاحون بعمل شقوقٍ بعيدة عن موقع السرطان الفعلي؛ وبعد إزالة الأنسجة السرطانية، يعيدون ترتيب الأنسجة الثديية المتبقية للحفاظ على شكل ثدي مقبول من الناحية الجمالية، كما تقول الدكتورة ماكلولين.
تحسين نوعية الحياة لناجيات سرطان الثدي
يُركَز بحث الدكتورة ماكلولين على تحسين نوعية حياة الناجيات من سرطان الثدي. وهي تُساهم في إنشاء بنكٍ حيوي للأنسجة الثديية في مؤسسة مايو كلينك، باستخدام الأنسجة الثديية الزائدة من المتطوعين لتسريع البحث. وتُعلَق على الأمر بالقول: "تعيش المُصابات بسرطان الثدي لأعمارٍ طويلة، لذا فإن البقاء على قيد الحياة ازدات أهميته كثيرًا."
واحدةٌ من القضايا المهمة للناجيات من سرطان الثدي، اللاتي أُزيلت عقدة الليمفاوية لديهنَ، يمكن أن تكون وذمةً ليمفاوية؛ وهو تورَم الأنسجة الناجم عن تراكم السائل الذي يتم عادةً إزالته بواسطة عقد الليمفاوية. ويمكن أن تُسبَب الوذمة الليمفاوية أعراضًا تتراوح من خفيفة إلى شديدة، بما في ذلك الانزعاج، والانتفاخ، والشعور بالضيق أو الثقل، والحد من حركة الأطراف، والالتهابات المتكررة، وتصلَب الجلد.
يشمل عمل الدكتورة ماكلولين، دراساتٍ للتنبؤ بالوذمة الليمفاوية ومنعها وتحسين علاجها، بما في ذلك تحديد المؤشرات الحيوية وتطوير استراتيجياتٍ علاجية مُخصصة. وتوضح أن "ثمة تركيزٍ كبير حاليًا على التقنيات التي تُقلَل من خطر الإصابة بالوذمة الليمفاوية."
تشمل هذه التقنيات رسم خرائط العقدة الليمفاوية الإبطية العكسية، التي ترسم عقد الليمفاوية التي تصرَف الأطراف العلوية، وتفصلها عن تلك التي تصرَف الثدي؛ ما يسمح للجرَاح بإزالة تلك التي تصرف الثدي فقط. خيارٌ آخر هو إعادة بناء الجهاز الليمفاوي،في حال تمَ إزالة عقدة الليمفاوية على نطاقٍ واسع.
جدير بالذكر أن الوذمة الليمفاوية يمكن أن تكون سببًا للإعاقة، كماتُعدَ تذكيرًا دائمًا بضرورة علاج السرطان، كما تقول الدكتورة ماكلولين. وتضيف:"إن التركيز الشديد على الإدارة والعلاج المرتبط بها يصبح مضيعةً للوقت ومُكلفًا ومؤلمًا بالنسبة للمريضات لإدارته؛ونسعى لتقليل ذلك إلى أدنى حد ممكن."
ختام القول؛ من الضروري التشاور مع فريق الرعاية الصحية الخاص بكِ لتحديد الخطة العلاجية الأنسب لحالتكِ. والعوامل التي قد تؤخذ في الاعتبار تشمل مرحلة السرطان، وتفضيلاتكِ الشخصية، وحالتكِ الصحية العامة.وكما تقول الدكتورة ماكلولين" "هدفنا هو تقليل التدخلات إلى أدنى حدٍ ممكن، مع تحقيق أفضل النتائج، وهي البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل."