للحفاظ على صحة وسلامة عقلكِ: تجنبي هذه العادات السلبيةوالسيئة
يُعرَف العقل بأنّه مجموعةٌ من القدرات المتعلقة بالإدراك، والتقييم، والتذكّر، وأخذ القرارات؛ وهو ينعكس في بعض الحالات على الأحاسيس، والتصورات، والعواطف، والذاكرة، والتفكير، والرغبات، والدوافع، والخيارات، واللاوعي، بالإضافة إلى التعبير عن السمات الخاصة بالشخصية.
إذن؛ فللعقل أهميةٌ كبرى للإنسان. فهو يساعده على التعلم والتفكير واتخاذ القرارات المصيرية التي تُحدَد مسيره ومسيرته في الحياة. وبالطبع، العقل السليم والمتوازن هو مقصدنا في الحديث، وبالتالي فإن أيَ مشكلةٍ صحية ونفسية تلمَ بالعقل، يمكن أن تُفقده اتزانه وتجعل الإنسان غير قادرٍ على التعقل والتفكير في مجريات حياته.
هناك العديد من الأمور التي قد تؤثر سلبًا على عمل وسلامة العقل؛ يصفها بعض الخبراء ب "العادات السلبية" التي يمكن أن تُشكَل تحديًا كبيرًا للعقل وتُضعفه. فما هي تلك العادات، وما السبيل لتجنّبها؟ لمعرفة المزيد، تابعي قراءة السطور التالية..
لعقل قوي.. 9 عادات سلبية عليكِ التخلص منها
هذا ما حدَدته دراسةٌ جديدة تحدث عنها موقع Blog Herald ونقل تفاصيلها موقع "العربية.نت"؛ وتشير الدراسة أن ثمة عاداتٍ سلبية و"خبيثة" يمكن أن تُضعف صفاء الذهن وتركيزه، ويجب التخلص منها للحفاظ على سلامة العقل.
تتمثل هذه العادات في الأمور الآتية:
- استخدام التكنولوجيا بشكلٍ مفرط: قد يبدو من الصعب جدًا التخلي عن التكنولوجيا في وقتنا الحالي، فهي حاضرةٌ بشكل كبير في مجريات حياتنا. بدءًا من الهواتف الذكية التي لا تفارق أيدينا، مرورًا بالحواسيب ومختلف الأجهزة التي نستخدمها خلال النهار والليل للعمل وقصد الأماكن وغيرها؛ جميع هذه الأمور قد تُسهَل حياتنا بطريقةٍ أو بأخرى، لكنها في المقابل تُضعف قدرات عقولنا وتجعلها أكثر محدودية.
وتشير الأبحاث إلى أن الاعتماد المستمر على وسائل التكنولوجيا بمختلف أنواعها، يمكن أن يتسبب في إضعاف المهارات المعرفية مع الوقت، بما يشمل الذاكرة وحل المشكلات وقدرات التفكير المكاني.
مثالٌ بسيط، نحتاج لاستخدام أنظمة تحديد المواقع GPS على الدوام، حتى وإن كانت الرحلة تقتصر على مسافةٍ قريبة أو مكانٍ معروف. فإذا أردتِ تقوية عقلكِ عزيزتي وتجنب تبلَده وكسله، ما عليكِ سوى الاعتماد بين الحين والآخر على ذاكرتكِ وعلى اللوحات الإرشادية للوصول إلى المكان الذي تقصدين، وبالتالي تتخلصين من الاعتماد الدائم وغير الصحي على GPS.
- التقصير في ممارسة الرياضة: يخال للكثيرين أن التمارين الرياضية هي حاجةٌ ملحة فقط للتخلص من زيادة الوزن، لكن الحقيقة عكس ذلك. فالرياضة تساعد في تقوية الجسم ككل، ومنها العقل. وأثبتت دراساتٌ عدة أن الإنتظام في ممارسة التمارين الرياضية، يعمل على تحسين الوظائف الإدراكية والذاكرة، من خلال زيادة تدفق الدم إلى الدماغ وتحفيز نمو خلايا دماغية جديدة.
لذا في المرة القادمة التي تشعرين فيها بضبابية التفكير وعدم القدرة على تحكيم العقل في بعض الأمور، قومي بممارسة بعضٍ من التمارين البدنية التي تحبين، كالمشي والجري والرقص وغيرها، وستلحظين الفرق.
- تناول السكر بكثرة: كثيرٌ منا يلجأ للإكثار من تناول الأطعمة والحلويات المشبَعة بالسكر عند الشعور بالإحباط أو خلال الإحتفال بالأوقات السعيدة؛ لكن طعم السكر اللذيذ لا يخلو من بعض الأضرار، بعضها يصيب بالتأكيد العقل والصحة الإدراكية. فقد ربط الباحثون بين الإفراط في تناول السكر والتسبب بالعديد من المشكلات الصحية، بما فيها السُمنة وأمراض القلب.
كما وجدت بعض الدراسات علاقةً وثيقة بين الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر وضعف وظائف الدماغ، بما يشمل الذاكرة وعجز التعلم؛ حتى أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن استهلاك السكر بكميات كبيرة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطراباتٍ عصبية تنكسية مثل مرض الزهايمر. لذا حافظي على صحة وسلامة عقلكِ، وجسمكِ أيضًا، من تبعات تناول السكر بكثرة السلبية، من خلال الحرص على الاعتدال في تناول السكر واختيار الأنواع الصحية منه.
- قلة النوم: يُنسب إلى عمر الخيام قوله في رباعياته "فما أطال النومُ عمرًا.. ولا قصّر في الأعمار طول السهر"؛ لكن المعطيات الطبية الحديثة تؤكد عكس ذلك تماما، فقلة النوم لها مضاعفات صحيةٌ خطيرة على الجسم ككل، وعلى صحة العقل بشكلٍ خاص.
فقلة النوم مرتبطةٌ بصورةٍ وثيقة بمشاكل العقل مع التقدم بالسن؛ وخلال النوم، يقوم الدماغ بمعالجة الذكريات اليومية وتعزيزها، وهي مسألةٌ غاية في الأهمية لجهة التعلَم واسترجاع الذكريات. بالتالي، فإن عدم الحصول على نومٍ كافي كل ليلة، يمكن أن يجعل الدماغ غير قادرٍ على العمل جيدًا لأداء هذه الوظائف الحيوية.
لذا ينصحكِ الخبراء بوجوب ترتيب وتنسيق ساعات نومكِ كل ليلة، بحدٍ أدنى 7 ساعات، وتامين كافة الأجواء المناسبة لنومٍ جيد سواء لجهة السرير والمخدات المناسبة، تجنب مشروبات الكافيين والأطعمة الدسمة قبل النوم بقليل، والإضاءة الخافتة وحرارة الغرفة المناسبة. وإذا كنتِ تعانين باستمرار من جفاء النوم، ينبغي عليكِ مراجعة مختصي النوم لحل هذه المشكلة.
- العيش في الماضي: النوستالجيا، مصطلح الحنين إلى الماضي، أمرٌ قد يكون عاديًا إن حدث بين الحين والآخر؛ لكن ترك هذا الماضي يتحكم فينا وبحاضرنا، بل واستحضار بعضًا من أحداثه السلبية باستمرار، يمكن أن يؤثر سلبًا على صحة العقل. فالعيش في الماضي قد يتسبب بقدرٍ كبير من التوتر والقلق، ويحول دون انخراطنا في اللحظة الحالية والاستمتاع بها، ما يؤثر بطريقةٍ سلبية حادة على الصحة المعرفية.
لذا وعوضًا عن التفكير المُضني وغير المُجدي بالماضي، حاولي عزيزتي التركيز أكثر على الحاضر والانخراط في بعضالأنشطة التي تُحفَز العقل مثل قراءة كتاب أو حل الألغاز أو التواصل مع الأقارب والأصدقاء.
- العزلة الاجتماعية: إن أكثر ما يُضعف الجسم والعقل على حد سواء، هو الإنعزال عن الناس. فالعزلة الإجتماعية، وإن بدت ضروريةً بين الحين والآخر للراحة، إلا أن امتدادها لوقتٍ طويل يمكن أن تكون له تداعياتٌ خطيرة على صحة العقل.
فنحن عزيزتي، كائنات اجتماعية بالفطرة؛ ولا يزدهر عقلنا وينمو ويستمر في العمل إلا من خلال التواصل والتفاعل مع الآخرين. عندما ننعزل عن الناس، فإننا نحرم عقولنا من التحفيز الذي يحتاجه لشحذ قدراتها وبقائها حادةً وفعالة مع الوقت. ومع تقدمنا بالسن، تضعف قدراتنا العقلية والفكرية وتتقلص بنفس القدر الذي تتقلص فيه دائرتنا الاجتماعية.
ما العمل إذن؟ إحمي نفسكِ ومن تحبين من هذه التداعيات، بالحفاظ على الروابط الاجتماعية مع محيطكِ الصغير كالعائلة، والكبير كالأصدقاء والمعارف وزملاء العمل. ولا ضير أبدًا من تكوين علاقاتٍ اجتماعية جديدة من وقتٍ لآخر، تحمل معها تجارب وخبراتٍ تشحذ حدة عقلكِ وصوابية قراراته.
- تجنَب التجارب الجديدة: كما أن العزلة الاجتماعية مضرة بصحة العقل، كذلك فإن الإنكفاء عن خوض غمار الحياة وتجنَب تجارب جديدة يمكن أن يُلحق به الضرر ذاته.
يحب البعض منا الإرتكان إلى روتينه اليومي الذي يُشعره بالاستقرار والراحة، ولا يجد حاجةً لخوض تجارب جديدة خارج منطقة الأمان التي يحيا بداخلها. لكن الروتين ذاته كل يوم يمكن أن يؤثر سلبًا على العقل الذي يحتاج إلى التحفيز للبقاء سليمًا وحادًا خصوصًا مع التقدم في العمر.
لذا لا تخافي عزيزتي من خوض الخبرات والتجارب الجديدة والخروج من منطقة الراحة الخاصة بكِ؛ واظبي على تحفيز الدماغ والحفاظ على نشاطه، سواء من خلال تجربة طريقة طبخٍ جديدة أو تعلَم لغةٍ أجنبية، أو ببساطة اتخاذ طريقٍ مختلف في النزهة الصباحية. إذ تُحفَز هذه الخبرات الجديدة إنتاج خلايا دماغية جديدة وتُقوي الروابط بينها.
- تجاهل مشاكل الصحة العقلية: بات بمقدور الكثيرين اليوم، إدراك أهمية الصحة العقلية ووجوب الحفاظ عليها، بنفس القدر الذي نُوليه لصحتنا الجسدية. وتزداد هذه الأهمية مع التقدم بالسن، مع تراجع حدة القدرات الإدراكية والمعرفية بموازاة تزايد مشاكل عقلية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق؛ وهو ما قد تكون له عواقب وخيمة على الصحة الإدراكية والتأثير السلبي على التركيز والذاكرة وقدرات اتخاذ القرار.
تتوافر لدى مختصي الصحة العقلية اليوم، كافة الإمكانات والخبرات التي تتيح لهم مساعدة الأفراد الذين يعانون من مشاكل عقلية، لعلاجها وتخفيف حدتها. فلا تتواني عزيزتي عن اللجوء إليهم حتى لأبسط المشاكل العقلية التي قد تعانين منها كالتوتر والاكتئاب.
- إهمال التعلم مدى الحياة: سلّحي عقلكِ بالعلم خيرٌ من أن تزيّني جسدكِ بالجواهر.. مقولةٌ مشهورة تؤكد على أهمية "التزيَن" بالعلم والمعرفة عوضًا عن التباهي بالمجوهرات النفيسة. فالعلم جوهرةٌ لا مثيل لها، لا تُقدَر بثمن، ولا تتوقف عند عمرٍ معين.
ويُسهم الاستمرار في اكتساب العلوم والمعارف مع التقدم بالسن، في الحفاظ على صحة العقل وتحفيزه. قد يشتمل التعلم مدى الحياة على خياراتٍ عدة، مثل القراءة أو تعلَم هوايةٍ جديدة أو حضور دوراتٍ تدريبية في العديد من المجالات، المهم عدم التوقف عن طلب العلم حتى وإن شاخ الجسم، فالعقل لا يشيخ! التعلم مدى الحياة يُعزَز صحة الدماغ من خلال إنشاء اتصالاتٍ عصبية جديدة وتحسين المرونة العقلية؛ فضلًا عن إبطاء التدهور المعرفي وحتى تقليل خطر الإصابة بالخرف.
خلاصة القول؛ أن العقل السليم حاجةٌ ضرورية للحفاظ على قدراتنا الفكرية والإدراكية والوظيفية المهمة خاصةً مع التقدم بالسن. لكن بعض العادات السلبية، مثل التعلق بالماضي والعزلة الاجتماعية وقلة ممارسة النشاط البدني وغيرها، يمكن أن تؤثر على صحة العقل، بل وقد تدمره.
لذا من الأفضل عزيزتي التخلص من هذه العادات السلبية، كي يبقى عقلكِ سليمًا وشاحذًا وقويًا، ولتبقى قدراتكِ المعرفية في أوج صحتها وقوتها حتى وأنت تتقدمين في العمر.