جيل الألفية مقابل الجيل زد أيهما أكثر صحة؟

جيل الألفية مقابل الجيل زد: أيهما أكثر صحة؟ الخبراء يجيبون على هذا السؤال

جمانة الصباغ

لكل جيل من الأجيال الماضية والحاضرة، وطبعًا المستقبلية، سماته الخاصة وطريقته المميزة في التعامل مع الأمور من حوله. ويعزو الخبراء هذا "التفرد" لكل جيل، بالمتغيرات والأجواء المحيطة به في المقام الأول، ثم نوعية التطور والدرجة التي وصل إليها في المقام الثاني. إذ لا ينكر أحدٌ، تأثير التكنولوجيا على حياة الأفراد وتفكيرهم وحتى توجهاتهم الحياتية والعلمية والصحية.

وفي عصرنا الحالي، حيث التكنولوجيا المتطورة في أوجها، مع الذكاء الاصطناعي والأدوات الذكية المختلفة التي نستخدمها في حياتنا اليومية؛ لا بدَ أن ينعكس ذلك كله على جيل زد وجيل ألفا وغيره من الأجيال التي ستتلي. وهو ما نراه بأم العين مع جيل زد Gen Z حاليًا، الذي يدخل في مقارنةٍ دائمة مع جيل الألفية Millennials كونه الأقرب له ويُمثَل امتدادًا له.

جيل الألفية مقابل الجيل زد أيهما أكثر صحة؟
جيل الألفية مقابل الجيل زد أيهما أكثر صحة؟

بلغ أكبر أفراد جيل زد سن السادسة والعشرين في عام 2023،ما يعني أن الوقت قد حان بالنسبة لهذا الجيل لكي يكبر: إذ سوف يُطلب منهم الحصول على تأمينٍ صحي خاص بهم لأول مرة.وهو ما يطرح السؤال: ما مدى الصحة لدى جيل زد؟ وكيف يُقارنون بكبار السن من جيل الألفية؟

يُعرَّف جيل زد من قبل مركز بيو للأبحاثPew Research Center،على أنه أي شخصٍ وُلد بعد عام 1997؛ في حين أن جيل الألفية هو أي شخصٍ وُلد بين عامي 1981 و1996. ما يعني أن أفراد جيل زد يمتدون عبر مجموعةٍ واسعة من مواقف الحياة، من الطلاب في المدرسة الإعدادية إلى العمال الذين يحصلون على تدريبهم الأول ووظائفهم بعد التخرج من الكلية.

بالنسبة لأفراد هذا الجيل، كانت الحياة دومًل تشمل الإنترنت أو الهاتف الذكي؛وهم يكبرون في وقتٍ حيث يوجد تطبيق لكل شيء - بما في ذلك زيارة الطبيب أو المُعالج. إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يشبه تنفس الهواء بالنسبة للجيل زد؛ حيث أصبح جيل الألفية كبيرًا بما يكفي لتذكَر وقتٍ لم يكن فيه آباؤهم على فيسبوك. وبالتالي، فإن للصحة أولويةٌ كبيرة عندهم، لكن في أية مجالات؟

نستعرض معًا في موضوعنا اليوم، للسؤال الذي يراود الكثيرين: جيل الألفية مقابل الجيل زد؛ أيهما أكثر صحة؟ ونجيب عليه من خلال معلوماتٍ منشورة للكاتبة إيمي باركزي،وهي صحفية سابقة متخصصة في العلامات التجارية، على موقع MI Blue Daily.

جيل الألفية وجيل زد: من دكتور غوغل إلى دكتور تيك توك

يتبَع جيل زد النصائح الطبية من وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من استشارة مختص
يتبَع جيل زد النصائح الطبية من وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من استشارة مختص

تنقل باركزي عن الدكتورة أنجيلا سيبرايت، طبيبة الطب العائلي في Blue Cross Blue Shield of Michigan، قولها إنها غالبًا ما تجد أن جيل الألفية وجيل زد يتشاركان بعض أوجه التشابه في نهجهما تجاه الرعاية الصحية.وتضيف: "إن جيل الألفية وجيل زد لديهما وجهة نظرٍ مختلفة فيما يتعلق بالرعاية الصحية؛ فهم يبحثون أكثر عن الراحة، باستخدام التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية.قد يكون للأجيال الأكبر سنًا علاقةٌ طويلة الأمد مع طبيبهم؛ فقد بنوا الثقة والولاء، لذلك سيذهبون إليهم أولًا."

ما يُميَز جيلي الألفية وزد هو استخدامهم الكثيف لوسائل التواصل الإجتماعي، حتى في مواضيع الصحة. وفي حين أن الأجيال الأصغر سنًا يبدون أكثر ميلًا للبحث عن معلومات الرعاية الصحية الخاصة بهم بشكلٍ عام، إلا أنهم يحصلون عليها من مصادر مختلفة.

وترى سيبرايت أن هذا هو التحول من ""دكتور غوغل"" مع جيل الألفية إلى "دكتور تيك توك" مع جيل زد، مضيفةً: "ستتجه الأجيال الأصغر سنًا إلى منصات التواصل الاجتماعي وتبحث عن علامة تصنيف، مثل #longcovid"، موضحةً أنهم أكثر ميلًا لتجربة مُكمَلٍ غير مُثبت طبيًا أو علاجٍ منزلي يسمعون عنه من أقرانهم، عوضًا عن الذهاب إلى متخصص.

جيل الألفية وجيل زد: هاجس الصحة العقلية

بعدما كان الصمت المُطبق هو سيد الموقف لدى الأجيال الأكبر سنًا فيما يخص صحتهم العقلية ومعاناتهم معها، يبدو أن الأجيال الأصغر سنًا لا تجد حرجًا في التطرق إلى هذا الموضوع "المُحرَم" Tabboo لدى الأكبر سنًا. وتقول الدكتورة سيبرايت أن الأجيال الأصغر سنًا تشعر براحةٍ أكبر في الحديث عن صحتهم العقلية وطلب المساعدة من الأجيال الأكبر سنًا.

لا يخجل جيل زد من الحديث عن صحتهم العقلية مقارنةً بجيل الألفية
لا يخجل جيل زد من الحديث عن صحتهم العقلية مقارنةً بجيل الألفية

ولكن، في حين أن جيل زد قد يكون أكثر وعيًا بصحته العقلية، إلا أنه يواجه أيضًا بعضًا من أكبر العقبات. فقد تسببت جائحة كوفيد في مقاطعة العديد من المعالم والتقاليد الحاسمة لأعضاء جيل زد - حيث ألغت العديد من المدارس الأحداث الاجتماعية، ودفعت الفصول الدراسية إلى التعلم عبر الإنترنت وأخرت حفلات التخرج؛وبدأ بعض الطلاب دروس الكلية عبر الإنترنت، بدلًا من الحضور شخصيًا. بالنسبة للجيل زد، فإن هذه الإجراءات قد عملت على إيقاف المستقبل مؤقتًا - وتشير الأبحاث المبكرة إلى أن ذلك أثرَ على توقعاتهم.

ووجد تقريرٌ حديث لمؤسسة جالوب ووالتون فاميليGallup and Walton Family Foundation أن أقل من نصف أفراد جيل زد (47٪) يعتبرون أنفسهم "مزدهرين" في حياتهم - أدنى المعدلات بين أي جيل في الولايات المتحدة، ومعدلٍ أقل من جيل الألفية في نفس العمر.بالإضافة إلى ذلك، يُصنَف جيل زد صحتهم العقلية أقل من أقرانهم الأكبر سنًا: 36٪ من هذا الجيل يعتبرون صحتهم العقلية "عادلة" أو "سيئة"، مقارنةً بـ 27٪ من جيل الألفية.

جيل الألفية وجيل زد: سلوكيات محفوفة بالمخاطر

بعد أن كان الخوف دومًا على أفراد أي جيل من الوقوع فريسة السلوكيات غير الصحية والتي تضر بصحتهم، خصوصًا الشباب الذين يجنحون دومًا نحو القيام بأعمالٍ غير مدروسة بغية التجربة؛ يمكن القول اليوم أن جيل زد شبه بعيد عن مثل هذه الأعمال.

جيل زد أقل ميلًا للتدخين الالكتروني من جيل الألفية في سن المراهقة
جيل زد أقل ميلًا للتدخين الالكتروني من جيل الألفية في سن المراهقة

يتَتبع مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، السلوكيات الصحية للمراهقين والشباب منذ عام 1991، في دراسةٍ استقصائية لنظام مراقبة سلوكيات الشباب المحفوفة بالمخاطر. ويُظهِر هذا التقرير انخفاضاتٍ كبيرة في بعض السلوكيات التي يعتبرها الخبراء محفوفة بالمخاطر عند مقارنة جيل الألفية بجيل زد.بشكلٍ عام، تتراجع السلوكيات المحفوفة بالمخاطر التي يمارسها المراهقون؛ مما يعني أن أفراد جيل زد يدخنون ويشربون أقل مما كان يفعله جيل الألفية عندما كانوا في ذات العمر.

على سبيل المثال؛ وجدت الدراسة الاستقصائية أن جيل زد ممن كانوا في المدرسة الثانوية في عام 2021، في ذات الوقت الذي كان فيه جيل الألفية في المدرسة الثانوية في عام 2001، بلغت نسبة تدخينهم للسجائر خلال شهرٍ كامل 3.8% مقارنةً بنسبة 28.5% لدى جيل الألفية للفترة ذاتها. ما يدل على تراجعٍ كبير، ومحمود حقيقةً، في سلوكيات جيل زد تجاه التدخين. Vaping - والذي لم يكن خيارًا مُتاحًا لأبناء جيل الألفية أثناء سنوات دراستهم الثانوية – يُشكَل اليوم مصدر قلقٍ لشباب جيل زد؛ حيث قال حوالي 18% من طلاب المدارس الثانوية إنهم استخدموا منتجات التدخين الإلكتروني بنشاط في عام 2021.

جيل الألفية وجيل زدوالنشاط البدني

هناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى أن جيل الألفية أكثر نشاطًا بدنيًا من أفراد جيل زد. منها تقريرٌ صادر عنMurphy Research أشار إلى أن معدلات التمرين بين جيل زد انخفضت من عام 2019 إلى عام 2022 - وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، مارس أقل من نصف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عامًا التمارين الرياضية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع.

جيل الألفية وجيل زد: السكري من النوع 2 والسُمنة

يعتقد الخبراء في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن عدد الشباب الذين تقلَ أعمارهم عن 20 عامًا والذين يعانون من مرض السكري من النوع 2، من المرجح أن يزداد بشكلٍ أسرع خلال العقود القادمة، للأسف. ويستند هذا الاتجاه المتوقع إلى كيفية زيادة معدلات الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بين الشباب في السنوات العشرين الماضية، بما في ذلك جيل زد والألفية.

يرتبط هذا الأمر ارتباطًا وثيقًا بمعدلات السُمنة وزيادة الوزن لدى الأطفال؛ إذ يعاني أكثر من نصف البالغين من جيل زد - حوالي 56٪ من الأمريكيين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عامًا - من زيادة الوزن أو السُمنة، والتي بدورها تزيد من خطر إصابة الأفراد بالعديد من الأمراض المُزمنة، بما في ذلك مرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وبعض أنواع السرطان.

فيما يعتبر البعض أن جيل الألفية هو أحد أكثر الأجيال بدانةً؛ففي المملكة المتحدة، وجد الباحثون أن سبعة على الأقل من بين 10 أشخاص ولدوا في جيل الألفية، سيعانون من زيادة الوزن أو السُمنة قبل بلوغهم منتصف العمر. فيما واجه جيل طفرة المواليد معدلات خمسة من كل 10.ومع ذلك، فإن جيل الألفية يشهد بالفعل تأثير السُمنة على صحته؛وقد وجدت الأبحاث التي موَلتها الجمعية الأمريكية للسرطان، أن خطر الإصابة بالسرطان يتزايد بين جيل الألفية - حيث تزداد بعض أنواع السرطان التي تظهر عادةً فقط لدى كبار السن، بين البالغين الأصغر سنًا.

يراقب الخبراء عن كثب كيف يتعامل جيل زد المعتمد بالكامل على التكنولوجيا الرقمية، مع الضغوطات والقلق الذي يُصاحب مرحلة الشباب بعد جائحة كوفيد العالمية. ومع تحوَلهم إلى الجيل التالي من مُستهلكي الرعاية الصحية، فسوف يقودون الابتكار والتغيير. وهو ما يُعوَل عليه، في ظل العديد من التراكمات الصحية السابقة التي عانى منها جيل الألفية، والتي ينبغي على جيل زد وسواه من الأجيال القادمة، السعي للتخلص منها.

وسيكون تحقيق ذلك ممكنًا، من خلال المتابعة في تثقيف وتشجيع هذا الجيل وسواه على التعامل الجدي مع أيَ مشكلاتٍ صحية تلمَ به، وطلب المشورة الطبية الناجعة وليس السعي فقط وراء العلاجات الافتراضية التي يظهر اليوم، أنها غير ناجعة ولا تستند على مرجعٍ طبي موثوق.