يُعزَز خسارة الوزن والثبات الفكري: كل ما تحتاجين معرفته عن تحدي الـ 75 يومًا على تيك توك لإنقاص الوزن
New Year.. New Me
من منا لم تراوده هذه الفكرة مرةً أو أكثر في هذه الحياة؟ من منا لم يُخطَط مع بداية العام الجديد للعديد من الأمور المزمع تغييرها أو تحسينها أو خوضها مع قدوم العام الجديد؟
بالطبع ستكون الإجابة: جميعنا؛ خصوصًا فيما يتعلق بخسارة الوزن، الهدف الذي يسعى إليه تقريبًا جلَ سكان الكرة الأرضية من كبارٍ وصغار. وقد أصبحت بداية شهر يناير من العام الجديد، مرادفةً للتغييرات في نمط الحياة؛ حيث تتضمن العديد من قرارات العام الجديد؛ مثل تحسين اللياقة البدنية، فقدان الوزن، وتغيير العادات الغذائية.
يرجع ذلك إلى تأثير البداية الجديدة؛ إذ يعتقد معظم الناس أن اختيار نقطةٍ زمنية محددة، مثل بداية العام الجديد، يساعدهم في تحفيز أنفسهم لتحقيق هدف معين.ولكن الأبحاث تشير إلى عدم فعالية هذا الأمر دومًا، خصوصاً عندما يتعلق باللياقة البدنية.
فقد أجرى أستاذ علم النفس، الدكتور جون نوركروس، أبحاثاً حول قرارات العام الجديد لأكثر من 40 عامًا؛ وأفضت نتائجه إلى أن أكثر القرارات شيوعًا تتعلق بالصحة البدنية، حيث أفاد أكثر من ثُلث آلاف الأشخاص الذين شملتهم دراسته بأن هدفهم الرئيسي هو تحسينها. الفئة الثانية الأكثر شيوعًا هي فقدان الوزن، حيث أعرب 20% من المشاركين عن رغبتهم في خسارة الوزن، فيما أشار 13% إلى رغبتهم في تغيير عاداتهم الغذائية. ويرجع جزءٌ كبير من هذا الشعور إلى محاولة التعافي من "الإفراط في تناول الطعام والمشروبات" خلال فترة الأعياد، والتي تؤدي - مع قلة الحركة خلال الأيام الباردة - إلى شعور البعض بالخمول والحاجة إلى التغيير.
ولكن عندما تابع الدكتور نوركروس أولئك الذين اتخذوا هذه القرارات، وجد أن ثُلثهم قد تخلوا عنها بعد شهرٍ واحد؛ ومع مرور ستة أشهر، لم تلتزم الغالبية بذلك.
هل يعني هذا التوقف عن التخطيط لتحسين حياتنا مع بداية العام الجديد؟
قطعًا لا؛ فما العام الجديد الذي يحلَ علينا سوى فرصةٌ ذهبية لتعويض ما فاتنا في السنوات الماضية، والمضي قُدمًا في تحسين مجريات حياتنا على اختلافها، ومنها التمتع بوزنٍ صحي ومستدام. لهذا يعود بعضنا للتركيز على ما تحمله لنا منصات التواصل الاجتماعي من برامج مخصصة وتحدياتٍ معينة بهدف إنقاص الوزن؛ كونها باتت المرجع الرئيسي للعديد من المتابعين، خاصةً جيل زد.
التحدي الأخير الذي يتسابق عليه الناس منذ العام 2023 ومستمر مع بداية عام 2025، هو تحدي 75 يومًا 75 Hard Challenge الذي يعتمد على قاعدة أساسية هي: "الالتزام بنظام غذائي صحي بدون وجبات سريعة أو كحول". قام بتأسيسه رائد الأعمال الأميركي آندي فريزيلا - الذي أسسَ العديد من الشركات والمؤلف الأكثر مبيعًا- بعد أن قضى سنوات شعر فيها وكأنه "لا شيء"؛ وخصوصًا بعد أن خسر المال في محاولاتٍ فاشلة للالتزام ببرامج من تلك التي يروج لها الخبراء، والتي كان يعود بعدها إلى نقطة الصفر في كل مرة، قبل أن يدرك أن السبب الحقيقي لمشاكله هو "الافتقار إلى الصلابة الذهنية والانضباط"، ويقرر أن يتولى زمام أمره بنفسه، ويعكف على تطوير المهارات اللازمة للسيطرة الكاملة على حياته ليكون ناجحًا "من خلال الثقة بالنفس، وقوة التحمل، والثبات، والمثابرة، والرغبة في الفوز".
ويضع كل هذا في برنامج أطلق عليه إسم "تحدي الـ75 الصعب" (#75Hard Challenge)، واعتبره "الوحيد الذي يمكنه تغيير الحياة بشكل دائم"؛ من طريقة التفكير إلى مستوى الصلابة والانضباط الذي يجب توافره في كل شيء.
يتضمن برنامج اللياقة البدنية هذا، ممارسة تمرينين رياضييْن لمدة 45 دقيقة، أحدهما في مكان مفتوح، وشرب أكثر من ثلاثة لترات من الماء، وقراءة 10 صفحات من كتاب غير روائي في كل يوم من الأيام الـ 75.
سنخوض في تفاصيل هذا التحدي في مقالتنا اليومية، بناءً على معلومات جمعناها من عدة مصادر طبية وصحفية؛ إضافةً إلى رأي خبيرة في اللياقة البدنية. فإذا كنتِ مهتمةً عزيزتي بمعرفة المزيد عن تحدي 75 يومًا، تابعي القراءة..
تحدي ال 75 يومًا لإنقاص الوزن على تيك توك
بدأ تحدي ال 75 يومًا في عام 2019 بواسطة آندي فريسيلا، مُقدم برامج صوتية ورائد أعمال والرئيس التنفيذي لشركة المكملات الغذائية 1stPhorm. يتكون هذا التحدي من برنامج لياقة بدنية وبرنامج غذائي، ويدور حول فكرة "القوة العقلية": يجب عليكِ تجاوز منطقة الراحة الخاصة بكِ وتحدي نفسكِ إلى أقصى حد، في محاولةٍ لإحداث تحسنٍ دائم طويل الأمد في عقلكِ وجسدكِ ونظرتكِ العامة للحياة.
وكما ذكرنا في الفقرة السابقة؛ يعتمد تحدي ال 75 يومًا على الالتزام بنظامٍ غذائي صحي من دون وجبات إضافية أو كحوليات لمدة 75 يومًا. كما ينبغي عليكِ، في كل يوم من الأيام الـ75، القيام بتمرينين لمدة 45 دقيقة، أحدهما في الخارج؛ وشرب أكثر من 3 لترات من الماء، وقراءة 10 صفحات من كتابٍ غير خيالي.
قد يبدو التحدي سهلًا للوهلة الأولى، لكن هذا لا ينفي صرامته وتشديده على أمورٍ معينة ينبغي الالتزام بها؛ ألا وهي الأكل الصحي وممارسة الرياضة كل يوم وبصورةٍ معينة ومحددة. بعض الأفراد نجحوا في خوض التحدي وإكماله حتى النهاية، إنما من الضروري التأكيد بأن أنظمةً صارمة بهذا الشكل، قد لا تكون مناسبةً للجميع؛ كما أن البعض قد يُقصَر في واحدةٍ أو أكثر من قواعده الأساسية، طوعًا أو إجبارًا، بحيث لا تكتمل عناصره كما يجب. لهذا ينصح الخبراء بوجوب أخذ هذا التحدي بطريقةٍ أكثر استرخاءً.
يؤكد موقع "كليفلاند كلينك" أن اتباع خمسة قواعد أساسية يوميًا، لمدة 75 يومًا، قد لا يكون مستدامًا. لا بد من تدريباتٍ متينة لتحقيق هذه القواعد، حتى فيما يخص موضوع القراءة (بعضنا لا يمكنه تخصيص وقتٍ للقراءة كل يوم، بل وقد لا يشعر بالرغبة بذلك؛ فما بالكِ بالتمرين الرياضي كل يوم؟)
يسعى تحدي 75 يومًا لإلهام الناس وتحفيزهم على المشاركة في برنامجٍ صارم لأسلوب الحياة لمدة 75 يومًا. وخلال هذه المدة، يجب على المشاركين إكمال خمس مهامٍ يومية حاسمة تُضاعف من ممارسة الرياضة مرتين في اليوم، والالتزام بخطة تغذية صارمة وتعزيز القوة العقلية - كل ذلك بدون راحة أو أيام غش أو بدائل. في حال تمَ تجاهل مهمةٍ واحدة أو تركها مكتملة جزئيًا، يتم إعادة تشغيل الساعة، وتضطرين لبدء برنامج 75 يومًا مرة أخرى بدءًا من اليوم الأول.
هل يمكن لبرنامج صارم مثل هذا أن يكون صحيًا؟ أم أنه قد يُسبَب المزيد من الضرر على المدى الطويل؟ هل يمكن اعتباره بالمطلق غير صحي أو لامنطقي؟
تجيبنا على هذه التساؤلات ناتالي جابريان، رئيسة قسم التغذية في Enhance Fitness ومدربة ما بعد التأهيل؛ مشيرةً إلى أن تحدي ال 75 يومًا على تيك توك بشكلٍ عام لا يمكن اعتباره غير منطقي أو لا يمكن تحقيقه، وهو هدف يومي شامل، إذا أردتِ اتباعه.بالطبع، نعلم جميعًا عن الخطوات اليومية الواجب تحقيقها (من 6 إلى 10 آلاف)؛ خمسة تمارين في الأسبوع، نعلم أيضًا أنه يجب علينا القيام بها، لمدة 100 دقيقة على الأقل في الأسبوع. هذا في حال كان الشخص مبتدئًا، ويمكنه البدء بأي تمرين.
ما لا أوافقُ عليه، تضيف ناتالي؛ أنه يقتصر على تمارين القلب والبيلاتس فقط. حتى أن البعض مارس رياضة البيلاتس فقط لأنه يستمتع به. لا يعني هذا أن على الجميع ممارسة البيلاتس فقط، كما تعلمين؟ تمارين القلب، نعم، هي جيدة لأنها جزءٌ من التمرين. البيلاتس، نوعًا ما، يمكن أن يُعزَز تدريب القوة، خاصةً إذا كنتِ مبتدئةً في الرياضة. وحتى لو كانت فئة مناسبة مسبقًا، يمكن أن تساعد الآخرين أيضًا. ولكن لا أريدُ أن يقتصر الأمر على ذلك فقط.
هذه هي نقطة الخلاف الوحيدة بالنسبة لي؛ لماذا البيلاتس وتمارين القلب والأوعية الدموية؟ يمكن أن يكون أي نوعٌ من التمارين التي تشمل تدريب القوة وتمارين القلب والأوعية الدموية.
لا مشكلة أيضًا مع تناول الطعام الصحي، وأعتقدُ كذلك أن شرب 3 لترات من الماء يوميًا أمرٌ جيد.ولكن هنا، لا بدَ من توضيح سبب تحديد ثلاثة لترات. يحدد التحدي بين 2 إلى 3 لترات من الماء كوسيلةٍ مثالية؛ ولكن الطريقة الأفضل هي أن يأخذ الشخص وزنه ويقسمه على 30 ويشرب لترات الماء الناتجة عن هذه العملية الحسابية. وإذا كنتِ تمارسين الرياضة، يجب عليكِ إضافة نصف زجاجة على الأقل لمدة ساعة تقريبًا من التمرين.
إذا كنتِ في بلدٍ حار ويشهد رطوبةً في المناخ كما هي الحال هنا في الإمارات، فقد تحتاجين للمزيد من الماء؛ وينبغي عليكِ توزيعه على مدار اليوم. يجب التطرق إلى هذا على وجه التحديد، لأن شرب الكثير من الماء خلال فترةٍ زمنية قصيرة جدًا، يمكن أن يُعطَل عمل المعادن التي تُوازن الماء داخل الجسم. بكلمات أخرى، قد يصبح شرب الماء سامًا إذا كانت كميته كبيرة ضمن فتراتٍ زمنية قصيرة.
فصلٌ من كتاب خمس مرات في الأسبوع، لما لا؟
النوم ثماني ساعات أو أكثر..لا أُوصي بالنوم أكثر من ذلك؛ أُوصي بالنوم من سبع إلى ثماني ساعات، إذ لكل شخص جسدٌ مختلف.
قد تسألين: لماذا لا يكون أكثر من ثماني ساعات؟ لأنه قد يكون ذو تأثيرٍ معاكس في بعض الأحيان. كثرة النوم يمكن أن تؤثر على الشهية على سبيل المثال؛ لكن النوم من سبع إلى ثماني ساعات هو المثالي. ولكن من ناحية أخرى، فإن الجسد ليس نفسه كل يوم. لذا إن كنتِ تتألمين، أو تبدأين روتينًا جديدًا، أو كنتِ نشطة خلال النهار؛ فقد تحتاجين إلى المزيد من النوم .ربما يجعلكِ التوتر في يومٍ ما، تنامين أقل؛ لذا من المثالي أن تنامي من سبع إلى ثماني ساعات.
عدم استخدام الشاشات؛ من الجيد إدخال هذه القاعدة ضمن تحدي ال 75 يومًا، كونه يؤثر على نمط الحياة وجودة النوم، وله تأثيرٌ مباشر على تحسين الصحة العقلية من خلال تقليل التوتر.
تناول الطعام الصحي، وبدون كحول. بالطبع، لكنه يعتمد أحيانًا بناءً على المناسبات. سيكون أمرًا رائعًا بالإجمال اتباع نظامٍ صحي، والتركيز بشكلٍ خاص على تناوله في المنزل قدر الإمكان. فقط تأكدي من إدارة ما لديكِ من مكونات في الطعام؛ الطبخ في المنزل رائع لأنك تعلمين جيدًا ماذا تأكلين.
التحكم في الحصص أمرٌ رائع بناءً على التفضيلات، وكذلك الثقافات. لا أرى أي شيءٍ سلبي في هذه النقطة، لأكون صادقة.
أخيرًا، هذا النمط الواحد ليس سيئًا للغاية؛ ولكن وضعه كقواعد متوسطة لمدة 75 يومًا كتحدٍ، فهنا لا يمكن اعتباره تحديًا. لأن 100 جرام من البروتين أمرٌ جيد.، وهو الحد الأدنى المتوقع للجميع. إنما يجب القيام بذلك بناءً على الوزن ونوع نشاط الشخص وهدفه وكثافة التمرين.
اعتمادًا على جميع المعايير التي ذكرتها، قد ينجح هذا الأمر مع شخصٍ مبتدئ أو فردٍ تمكنَ من إدارة بعض الأمور فيما يتعلق بجودة طعامه وممارسة النشاط البدني. قد ترين نتائج مُثمرة بعد مرور ال75 يومًا؛ ولكن على المدى الطويل، قد يتوقف هذا الإنجاز. هو بالطبع تحدٍ، ولكنه إذا أردتِ، أكثر منطقية ووعيًا عندما يتعلق ببدء شيءٍ جديد مع العام أو تبنَي عاداتٍ جديدة. ولكن مرةً أخرى، لا يتعلق الأمر بأهداف الأشخاص فقط.
تجربةٌ شخصية لتحدي ال 75 يومًا
عندما سألتُ ابنتي المراهقة (تبلغ من العمر 16 عامًا) عن تحدي ال75 يومًا، قالت بأنها قامت بتجربته السنة الماضية؛ لكنها لم تستطع إكماله بسبب ضغوطات الدراسة وصعوبته بعض الشيء.
ووفقًا لابنتي: "كان من الصعب جدًا إيجاد الوقت للقيام بكل شيء كل يوم، ولكنني وجدتُ بعض التقدم في صحتي العقلية والجسدية بعد فترة. أدركتُ أنه بمجرد أن تتمكني من ضبط نفسكِ بشكلٍ أفضل ودمج القواعد في عاداتكِ اليومية، يصبح القيام بذلك أسهل."
في الختام؛ فإن تحدي ال 75 يومًا هو تحدي يقوم في مجمله على قواعد صحية لجهة الأكل والنوم والرياضة والراحة الفكرية من خلال القراءة. لكنه تحدي لا يناسب الجميع، ومدته الطويلة قد لا تتيح للكثيرين الاستمرار فيه حتى النهاية؛ لكن هذا لا يعني فشلهم في إنجاز هذا التحدي، بل يعني أن صرامته قد تعصى على مجريات حياتنا اليومية التي تحكمها متغيراتٌ كثيرة.
وما يمكننا استخلاصه من كل ما تقدم، أن اتباع منهاجٍ صحي ومتوازن في الأكل والنوم والنشاط البدني وتعزيز الصحة العقلية، بشكلٍ مرن ويتناسب مع متطلبات وقدرات كلَ منا؛ هو السبيل الأفضل لتحقيق غايتنا في التمتع بوزنٍ مثالي وجسمٍ وعقلٍ سليمين على الدوام.