
بالرغم من فوائده العديدة.. يطرح البعض السؤال: هل الكركم مضر بالكلى؟
من بين مختلف أنواع التوابل المعروفة والمنتشرة بكثرة حول العالم، يتصدر الكركم Turmeric سُدة الصدارة.
كيف لا؟ وهو من أكثر التوابل فعاليةً وقدرة على تحسين الصحة بصورةٍ عامة. فالكركم غني بمادة الكركمين Curcumin المعروفة بخصائصها المضادة للالتهابات والأكسدة، ويعمل على تعزيز المناعة وصحة القلب والدماغ (ربطت دراساتٌ عدة بين الكركمين وقدرته على محاربة ألزهايمر)؛ فضلًا عن مكافحة السرطان، قليل آلام المفاصل، محاربة الاكتئاب والشيخوخة والأمراض المزمنة، وتحسين الذاكرة والقدرات المعرفية، والقائمة تطول.
يشتهر الكركم بشكلٍ خاص في بلاد الهند؛ ويدخل تقريبًا في كافة أطباقهم ومشروباتهم. ولعل الحليب الذهبي Gold Milk الذي يتم صنعه من الحليب وبودرة الكركم، من أكثر المشروبات الصحية التي يدين لها الخبراء. فهذا المشروب ذو خصائص صحية عالية، لجهة مكافحة الأكسدة وتحسين الذاكرة ووظائف الدماغ؛ كما يحمي القلب من الأمراض ويُحسَن المزاج العام ويعمل على خفض مستوى السكر وتحسين الهضم من ضمن العديد من الفوائد الأخرى.
قد يدفعكِ الكلام الحسن الذي نتحدث فيه عن مزايا الكركم، للإسراع وتناوله بكثرة؛ لكن مهلًا عزيزتي، فهذا المكون الساحر وعلى الرغم من فوائده القيَمة، قد يُشكَل خطرًا على صحة الكلى. لذا يشعر بعض الناس بالقلق حيال استهلاكه، والاستغراب كيف يمكن لهذا المكون الطبيعي والمفيد جدًا أن يُلحق الضرر بالكليتين؟
يجيب الدكتور كريس مايكل، خبير الصحة واللياقة البدنية، على هذا السؤال؛ مُفنَدًا لمختلف أوجه هذا التأثير السلبي وكيفية حدوثه. داعيًا إلى ضرورة استشارة الطبيب المختص أو مُقدم الرعاية الصحية، لاستبيان فوائد ومضار الكركم على صحة كل فرد قبل اللجوء لإدخاله ضمن النظام الغذائي.
فهم كيفية تأثير الكركم على الكلى

تعمل الكليتين على مدار الساعة، لتصفية السموم وتنظيم السوائل والحفاظ على توازن جسمكِ. وكل ما تأكلين أو تشربين خلال اليوم الواحد، يمر في النهاية عبر هذا الجهاز الحيوي، بما في ذلك الكركم.
يُعرف المُركب النشط في الكركم، الكركمين، بخصائصه القوية المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة. ولكن ومثل أي مادة، من المهم أن نفهم كيف يعالجها جسمنا - خاصةً إذا كانت لديكِ مشاكل في الكلى.
المخاطر المحتملة للكركم على صحة الكلى
فهم المخاطر التي يمكن أن يُسبَبها الكركم على الكليتين، لا يعني بتاتًا التخلي عن هذا التابل الخارق؛ بل يؤسس لفهمٍ أوضح وأصح لكيفية توظيف الكركم في نظامنا الغذائي اليومي.
ويشرح الدكتور مايكل للمخاطر المحتملة للكركم على صحة الكلى بما يلي:

- الكركم يحتوي على الأكسالات: وهي مُركبات طبيعية موجودة في العديد من الأطعمة النباتية؛ ومشكلتها تحصل عندما تتحد الأكسالات مع الكالسيوم في الجسم، بحيث يمكن أن تُشكل حصوات الكلى.
يحتوي الكركم على نسبةٍ عالية إلى حدٍ ما من الأكسالات، مما يعني أن الاستهلاك المفرط - وخاصة في شكل مُكملات - يمكن أن يساهم في تكوين حصوات الكلى، وخاصةً للأفراد الذين هم بالفعل عرضة لها.
من يجب أن يكون حذرًا تجاه هذه المشكلة؟ الأشخاص الذين لديهم تاريخٌ سابق من حصوات الكلى، والأفراد الذين يعانون من أمراض الكلى الحالية. إن كنتِ عزيزتي ضمن هاتين الفئتين، من الأفضل استشارة طبيبكِ الخاص حول استخدام الكركم والكميات المسموح بها حسب وضعكِ.
- الجرعات العالية قد تُجهد الكلى: في حين أن الكميات الصغيرة من الكركم في الطعام تُعدَ آمنةً بشكل عام، إلا أن الجرعات العالية من مُكملات الكركم يمكن أن تضع ضغطًا إضافيًا على الكلى. وتشير بعض الأبحاث إلى أن الكميات الكبيرة من الكركمين، الموجود في الكركم؛ قد تُسبَب خللًا في وظائف الكلى لدى الأفراد الذين يعانون من حالاتٍ مرضية موجودة مسبقًا.
وذلك لأن الكلى يجب أن تعمل بجهدٍ أكبر لتصفية المُركبات الزائدة؛ وفي بعض الحالات، قد يؤدي هذا إلى السمية.
3. التفاعلات مع الأدوية: إذا كنتِ تتناولين أدويةً لعلاج أمراض الكلى أو السكري أو تخثَر الدم، فقد يتداخل الكركم مع تأثيراتها.
على سبيل المثال:
• أدوية تسييل الدم: يتمتع الكركم بخصائص طبيعية لتسييل الدم، مما قد يؤدي إلى تضخيم تأثيرات الأدوية مثل الوارفارين.
• أدوية السكري: قد يُخفَض مستويات السكر في الدم، مما قد يؤدي إلى نقص سكر الدم إذا تم تناوله بكمياتٍ كبيرة مع أدوية السكري.
تناول الكركم بطريقة صحية

نظرًا لخصائص الكركم المفيدة للصحة، فليس من السيئ تناوله يوميًا. وفي حال التزمتِ بـ 12 جرامًا أو أقل من الكركم كل يوم في أطباقك ومشروباتك، فمن غير المرجح أن تعاني من بعض الآثار الجانبية كالإسهال أو الإمساك أو التقيؤ.
يطرح البعض فعالية الكركم، خصوصًا على شكل مُكملات، في إنقاص الوزن وحرق دهون البطن. هناك بحثٌ يشير إلى أن الكركمين، المكون الرئيسي للكركم، قد يساعد في تقليل دهون البطن؛ لكن من الأفضل لكِ استشارة خبيرة التغذية حول هذه المسألة قبل الاعتماد عليه في حمية إنقاص الوزن.
ينبغي على النساء الحوامل أو المُرضعات، والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المرارة أو الكلى، والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف أو مرض السكري أو نقص الحديد، الحد من تناول الكركم. فإذا كنتِ تعانين من أيٍ من هذه الحالات، يُنصح بالتحدث مع طبيبكِ قبل تناول الكركم؛ كما لا تنسي سؤاله عما إذا كان الكركم يتفاعل مع أي أدوية أخرى تتناولينها.
خلاصة القول؛ فإن الكركم غذاءٌ خارق، وله مفاعيل صحية وإيجابية كبيرة على الصحة الجسدية والنفسية والعقلية. لكن بعض المحاذير فيما يتعلق بصحة الكلى، قد تجعل منه مادةٍ مُسبَبة للضرر؛ خاصة للأشخاص الذين يعانون من مشكلات في الكلى، أو عانوا سابقًا من تشكَل حصوات الكلى.
هذه المحاذير تنطبق بشكلٍ أساسي، على الإستخدام المفرط للكركمي في الأكل والشراب. كما يمكن لبعض الأدوية التفاع بصورةٍ سلبية معه. لذلك يستحسن دومًا استشارة الطبيب المعالج لتبيان مدى مساعدة الكركم في تحسين صحتنا ورفاهنا.