لحماية رؤيتك نصائح للوقاية من الجلوكوما

إحمِ نفسكِ من الجلوكوما.. اللص الصامت الذي يهدد الملايين عالميًا باتباع هذه النصائح

جمانة الصباغ

إذا كان للإنسان أن يُقدَر قيمة النِعم التي يتمتع بها، ويدرك حقًا القدر الكبير الذي ننعم فيه من خيرات الله ونِعمه علينا؛ كل ما عليه فعله هو إغماض عينية لبعض الوقت، ويتخيَل كيف ستكون الحياة من بعد فقدانه لنعمة البصر.

الحقيقة أنني جربتُ هذا الأمر إحدى المرات، عندما كنتُ أشاهدُ فيلمًا يتطرق لامرأةٍ تبدأ بتعلَم كيفية تدبرَ أمورها اليومية بعد أن أُصيبت بالعمى. لم يكن الأمر سهلًا، كما صورَت لنا تلك البطلة معاناتها، ولا سهلًا عليَ حتى لبضع دقائق.

نِعمة البصر، كما السمع والتذوق واللمس وغيرها، لا يدرك قيمتها إلا من فقدها أو عانى من فقدانها منذ الولادة. وهناك الكثير من الممارسات الحياتية الخاطئة، وكذلك الأمراض، التي يمكن أن تودي بنا نحو العمى وفقدان البصر؛ منها على سبيل المثال الجلوكوما.

80 مليون شخص في خطر بسبب الجلوكوما.. السبب الثاني للعمى عالميًا

يُعدَ مرض الجلوكوما ثاني أكثر الأسباب المؤدية للعمى بعد المياه البيضاء، حيث يؤثر على حوالي 2% من البالغين في جميع أنحاء العالم. وتكمن خطورته في كونه مرضًا صامتًا، إذ لا تظهر أعراضه في المراحل المبكرة، مما يؤدي إلى اكتشافه للأسف في مراحل متأخرة، وقد يلعب العامل الوراثي دورًا كبيرًا في الإصابة به. كما أن ارتفاع ضغط العين هو أحد العوامل الرئيسية التي تُسبَب تلف العصب البصري، مما يؤدي إلى فقدان البصر التدريجي.

الدكتور محسن سمعان استشاري طب وجراحة العيون والمدير الطبي لمستشفى باراكير للعيون
الدكتور محسن سمعان استشاري طب وجراحة العيون والمدير الطبي لمستشفى باراكير للعيون

بمناسبة الأسبوع العالمي للتوعية من الجلوكوما، تحدثنا إلى الدكتور محسن سمعان؛ استشاري طب وجراحة العيون والمدير الطبي لمستشفى باراكير للعيون في دبي، حول ماهية الجلوكوما، أنواعها وطرق الوقاية منها. وقد وافانا بالكثير من المعلومات القيَمة التي نشارككِ فيها اليوم على أمل أن تستفيدي منها.

ما هو الجلوكوما؟

الجلوكوما هو مجموعةٌ من أمراض العيون التي تُسبَب تلفًا تدريجيًا للعصب البصري، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل نقل الإشارات بين العين والدماغ. وإذا لم يُكتشف المرض ويُعالج في الوقت المناسب، فقد يتسبب في فقدانٍ دائم للبصر.

مع العلم أن هناك أربعة أنواع رئيسية من الجلوكوما:

  1.  الجلوكوما مفتوحة الزاوية (الأكثر شيوعًا بنسبة 80%)
  2.  الجلوكوما مغلقة الزاوية (تُمثَل 20% من إجمالي الإصابات)
  3.  الجلوكوما الخُلقية (وتظهر منذ الولادة)
  4.  الجلوكوما الثانوية (وتنجم عن أمراضٍ أخرى أو أدويةٍ معينة).

ما هو تأثير وانتشار الجلوكوما حول العالم؟

ليس الهدف هنا إخافة الناس، بل توعيتهم؛ فهذه الأرقام تُعدَ قليلةً مقارنةً بأعداد الناس حول العالم، لكن معرفتها ضروريةٌ للحذر واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية التي نتطرق إليها في محورٍ لاحق.

فيما يخص تأثير وانتشار الجلوكوما حول العالم، هناك 45 مليون شخص في العالم حاليًا يعانون من الجلوكوما مفتوحة الزاوية  (OAG)؛ 8.4 مليون شخص فقدوا بصرهم بسبب الجلوكوما حول العالم.

العامل الوراثي أحد أسباب الإصابة بالجلوكوما
العامل الوراثي أحد أسباب الإصابة بالجلوكوما

الجلوكوما هو السبب الرئيسي للعمى غير القابل للعلاج عالميًا، والثاني في قائمة أسباب العمى في الولايات المتحدة. ويزداد معدل انتشار الجلوكوما تدريجيًا مع التقدم في العمر، حيث تبلغ نسبة المصابين عالميًا 3.54% بين الفئة العمرية 40-80 سنة. كما يُتوقع أن يرتفع عدد المصابين بالجلوكوما عالميًا من 64.3 مليون في 2013 إلى 111.8 مليون بحلول 2040.

كيف تبدأ أعراض الجلوكوما؟

في المراحل الأولى، لا يشعر المريض بأية أعراضٍ واضحة؛ لكن مع تقدم المرض، يبدأ مجال الرؤية في التضاؤل تدريجيًا من الأطراف. وإذا لم يتم علاجه، يمكن أن يؤدي إلى فقدانٍ كامل للبصر بمرور الوقت.

ما هي عوامل الخطر التي تزيد من خطر الجلوكوما؟

سؤالٌ مهم؛ هناك العديد من العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بالجلوكوما، من بينها:

  • ارتفاع ضغط العين الداخلي  IOP(العامل الوحيد القابل للعلاج).
  •  التقدم في العمر.
  • التاريخ العائلي للإصابة بالجلوكوما (أحفاد المرضى هم الأكثر عرضةً للإصابة).
  • العرق الأفريقي أو الأصل اللاتيني/الهسباني.
  • ترقَق القرنية المركزية.
  • انخفاض ضغط التروية العيني.
  • داء السكري من النوع الثاني.
  • قصر النظر (الميوبيا).
  • انخفاض ضغط الدم الانقباضي والانبساطي.
  • حدوث نزيف في القرص البصري.
  • زيادة نسبة التجويف إلى القرص البصري.
  • ارتفاع الانحراف المعياري للنمط في اختبار المجال البصري.

كيف يتم تشخيص مرض الجلوكوما، وما هي طرق علاجه؟

يوصي الأطباء عادةً بالفحص الدوري للعين، خاصةً بعد سن الأربعين؛ حيث يساعد التشخيص المُبكر في السيطرة على المرض وتقليل مخاطره.

الجلوكوما مرض يمكن الوقاية منه باتباع ارشادات الطبيب
الجلوكوما مرض يمكن الوقاية منه باتباع ارشادات الطبيب

ويتطلب تشخيص الجلوكوما عدة فحوصات، منها قياس ضغط العين؛ قياس سماكة القرنية؛ تصوير العصب البصري بتقنية  OCT، واختبار المجال البصري.

فيما يخص علاجات الجلوكوما، فإن الهدف الأساسي من العلاج هو الحفاظ على الرؤية وتمكين المريض من عيش حياةٍ طبيعية. ويتم تحقيق ذلك عبر تقليل الضرر على العصب البصري، ويبدأ العلاج فور التشخيص عبر:

  1. استخدام قطرات العين لتقليل ضغط العين، والتي يجب استخدامها بانتظام.
  2. تناول بعض الأدوية في الحالات المتقدمة، والتي يصفها الطبيب.
  3. العلاج بالليزر، حيث يمكن إحداث ثقبٍ صغير في القزحية (إجراءٌ يسمى بضع القزحية) لتخفيف الضغط.

بالإضافة إلى خيار الجراحة، وتشمل ما يلي:

  • جراحة الترَشح، حيث يتم تصريف السوائل من العين.
  • زرع أنبوب تصريفٍ داخل العين في الحالات الأكثر تعقيدًا.
  • تقنيات  MIGS، وهي أجهزةٌ صغيرة تساعد في خفض ضغط العين.
لحماية رؤيتك نصائح للوقاية من الجلوكوما-رئيسية واولى
لحماية رؤيتك نصائح للوقاية من الجلوكوما

في الختام؛ يؤكد الدكتور سمعان أن نجاح العلاج يعتمد بشكلٍ كبير على العلاقة الوطيدة بين المريض والطبيب، على التزام المريض باستخدام القطرات والأدوية بانتظام. إذ أن الجلوكوما مرضٌ مزمن مدى الحياة، ويجب نشر الوعي حول خطورته وضرورة الفحص الدوري للكشف المبكر عنه.

3.5% من الأشخاص فوق سن الأربعين يعانون من الجلوكوما دون أن يعلموا بذلك. لذا فإن الوقاية والتشخيص المبكر هما مفتاح الحفاظ على البصر.

لا تدعِ اللص الصامت يسرق بصركِ.. وافحص عينيكِ بانتظام لضمان سلامة نظركِ ورفاه حياتكِ.