
ضحكة فيها كهرباء: هكذا يتسبب العصب الخامس بألمٍ في الوجه.. وإليكِ طرق علاجه
عندما غنى الفنان الإماراتي أغنيته الجميلة "ضحكتك فيها كهربا"، أُعجب الناس بها كثيرًا ورددوها في حفلاتهم وجلساتهم الخاصة. قد تكون الأغنية تتحدث عن ضحكة الحبيب التي تسري في جسد حبيبه كأنها الكهرباء، لكن الحقيقة أن ثمة "ضحكة فيها كهربا" ناجمة عن حالة صحية معينة، مصحوبة بألمٍ شديد عند الابتسام.
هذه البسمة المصطنعة والضحكة غير المُبرَرة، تدفعنا للذهاب إلى الطبيب لنكتشف أن المشكلة ليست في الأسنان؛ وإنما في العصب الخامس في الوجه، وهي شكوى معروفة لكنها ليست مشهورة جدًا، إنا يمكن أن تؤدي إلى تاثيرٍ كبير على بعض المرضى لدرجة ان بعض المريضات يمكن أن ينتحرنَ من الألم.

ما حكاية العصب الخامس هذه، ولماذا قد يؤدي بالبعض للتفكير في إنهاء حياتهم؟ هذا ما نكتشفه سويًا مع الدكتور محمد فؤاد ابراهيم، استشاري جراحة الأعصاب ورئيس القسم في المستشفى السعودي الألماني.
ما هو العصب الخامس، وما وظيفته؟
العصب الخامس (Trigeminal Nerve) وبحسب تعريف موقع "ويب طب" المختص، هو العصب الثلاثي التوائم وواحد من 12 زوجًا من الأعصاب التي تنشأ من الجزء الأسفل للدماغ، ويحتوي على ثلاث فروعٍ رئيسة تنقسم إلى فروعٍ أصغر.
ويشير الدكتور ابراهيم إلى أن ألم العصب الخامس هو ألمٌ شديد في الوجه، خاصةً في المناطق حول الفم والأنف والجبين. ويحدث هذا الألم بسبب إزعاجٍ أو ضغطٍ على العصب، المسؤول عن نقل الإحساسات من الوجه إلى الدماغ. مضيفًا أن السبب الدقيق لألم العصب الخامس لا يزال غير معروف بالكامل، لكن يُعتقد أنه يرتبط بالضغط على العصب بواسطة وعاءٍ دموي أو هيكلٍ آخر.
وأفادت دراسةٌ في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن معدل الإصابة السنوي بالعصب الخامس، بلغ 5.9 لكل 100,000 شخص سنويًا لدى الإناث و3.4 لكل 100,000 شخص سنويًا لدى الذكور. ويزداد معدل الإصابة مع التقدم في السن، في حين كان معدل الإصابة لدى الإناث أعلى قليلاً في جميع الأعمار.
وينقسم ألم العصب الخامس إلى قسمين، وفقًا لموقع "ويب طب"، كالآتي:
1. ألم العصب الخامس الابتدائي: 95% من الحالات يحدث فيها ألم العصب الخامس بسبب الضغط الناشئ على مكان دخوله إلى جذع الدماغ، وهو الجزء السفلي من الدماغ حيث يندمج مع الحبل الشوكي؛ ومعظم الحالات يحدث فيها هذا الضغط نتيجة ضغط شريان أو وريد على العصب ثلاثي التوائم.
هذه الشرايين والأوردة هي أوعيةٌ دموية طبيعية تُلامس العصب؛ مع الإشارة إلى أن ليس كل من يعاني من هذا الضغط قد يعاني من نوبات من الألم، وليس معروفًا حتى الآن ما الذي قد يجعل نوبات الألم هذه تحدث لدى البعض دون غيرهم.
2. ألم العصب الخامس الثانوي: يحدث نتيجة حالة أو مشكلة طبية أخرى، ومنها الأورام؛ نشوء حُويصلات أو قنوات مملوءة بسوائل؛ وجود تشوَهٍ شرياني وريدي، أي وجود حالة تشابكٍ غير طبيعية بين الشرايين والأوردة؛ التصلَب اللويحي؛ حدوث إصابةٍ في الوجه؛ وأضرارٌ ناتجة عن الجراحة بما فيها جراحة الأسنان.

ما هي عوامل خطر ألم العصب الخامس؟
بعض الناس أكثر عرضة للإصابة بألم العصب الخامس من غيرهم، وتشمل أبرز عوامل الخطر ما يأتي:
- النساء أكثر عُرضةً للإصابة بألم العصب الخامس من الرجال.
- هذا المرض أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا.
- قد ينتشر هذا الاضطراب في العائلات، ربما بسبب كيفية تكوين الأوعية الدموية في الدماغ.
- هذا الاضطراب قد يكون مرتبطًا أيضًا بارتفاع ضغط الدم.
على الرغم من أن الألم يمكن أن يكون شديدًا إلا أن الحالة لا تُهدد الحياة؛ ومع ذلك يمكن أن يكون مرضًا تدريجيًا مما يعني أنه يزداد سوءًا بمرور الوقت.
ما علاقة العصب الخامس بالحالة النفسية؟
ألم العصب الخامس هو ألمٌ حاد في أعصاب الوجه، وغالبًا ما يكون في جزءٍ واحد من الوجه؛ ويرتبط ألم العصب والحالة النفسية للمريض بزيادة مخاطر القلق والاكتئاب.
ويمكن تفسير العلاقة بين العصب الخامس والحالة النّفسية كالآتي:
تشير بعض الأدلة إلى كون ألم العصب الخامس ينتج عن اختلالٍ وظيفي في شبكات الأعصاب التي ترتبط بالألم والعاطفة؛ ففي الفترة الأولى قد يحدث ألم العصب الخامس بشكلٍ عفوي أو نتيجة بعض المُنبَهات البسيطة، مثل تفريش الأسنان. كما من الممكن أن يُصاحب الألم حركاتٍ حسية غير ضارة، مع عدم وجود ألمٍ بين النوبات.
ومع تقدم الوقت وتطوَر الاضطراب، قد يصبح الألم متكررًا ودائمًا؛ هنا نعود لنُسلَط الضوء على علاقة ألم العصب الخامس والحالة النفسية، إذ يُقلَل هذا الألم المُزمن المتكرر والمستمر بشكلٍ كبير من مستوى جودة الحياة، مما يزيد من خطر التعرض لاضطرابات القلق والاكتئاب.
يرتبط الألم المُزمن، بما في ذلك الألم الناتج عن اضطراب العصب الخامس، بميلٍ متزايد للمرضى نحو الاكتئاب والقلق. وتحدثت بعض الأبحاث (منها المذكورة بداية مقالتنا) عن أن ألم العصب الخامس قد يتسبب بتغيَراتٍ في المادة الرمادية الموجودة في الدماغ، وهي عنصرٌ حاسم في النظام المرتبط بالألم.
ما يعني عدم إهمال أيَ من أعراضه هذه المشكلة ومراجعة الطبيب فورًا، في السطور التالية نستعرض لأبرز تلك الأعراض..
ما هي أعراض العصب الخامس؟
- الألم الشديد في الوجه، خاصةً في المناطق حول الفم والأنف والجبين.
- الألم يمكن أن يكون مُفاجئًا وشديدًا ويُشبه صدمةً كهربائية.
- الألم يمكن أن يُثار حتى بالتحفيز الخفيف للمنطقة المتأثرة، مثل اللمس أو الأكل أو التحدث وحتى مع غسيل الوجه أو استخدام فرش الاسنان.

كيف يتم تشخيص وعلاج العصب الخامس؟
وفقًا للدكتور ابراهيم، فإن التشخيص يتم عن طريق الفحص السريري والتاريخ الطبي والدراسات التصويرية؛ مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي وذلك لاستعادة وجود أي سببٍ عضوي آخر يضغط على العصب.
أما العلاج، فيعتمد على شدة الألم وتأثيره على حياة المريض. وفي الحالات الخفيفة والمتوسطة، يتم استخدام الأدوية لتخفيف الألم؛ كما يمكن استخدام التدخلات الجراحية تحت جهاز الاشعة مثل البالون أو التردد الحرارى لعلاج الالم. وفي الحالات الشديدة يمكن إجراء جراحةٍ ميكروسكوبية لرفع الضغط وتخفيفه عن العصب الخامس.
خيارات الجراحة لعلاج العصب الخامس قد تشمل الآتي:
• جراحة تخفيف ضغط الأوعية الدموية الدقيقة (Microvascular Decompression).
• جراحة قطع جذور الأعصاب عن طريق الجلد (Percutaneous Rhizotomy).
• الجراحة الإشعاعية التجسيمية (Stereotactic Radiosurgery).
ويؤكد الدكتور ابراهيم استشاري جراحة الأعصاب في المستشفى السعودي الألماني، أن يمكن التعديلات على نمط الحياة، مثل تجنب المُثيرات وإدارة التوتر والحفاظ على نظامٍ غذائي صحي، يمكن أن يساعد في تخفيف حدة ألم العصب الخامس.

ما الذي يمكن القيام به لتحسين الوضع؟
- تجنب المُثيرات التي يمكن أن تُثير الألم.
- إدارة التوتر والمواظبة على اتباع نظامٍ غذائي صحي.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
في الخلاصة؛ ألم العصب الخامس قد يتسبب بانزعاجٍ وضيق شديدين، وهذه الآلام قد تكون عائقًا في حياة المصابات به؛ ولكن مع التشخيص الدقيق والعلاج المناسب تتغير حياتها الى الأفضل.
لذا اعمدي عزيزتي لمواصلة الفحص الطبي لدى الطبيب المختص، وإعلامه بأية تغيَرات قد تطرأ على وجهكِ وكذلك آلام غير مفهومة؛ كي تتداركي المشكلة في بدايتها وتحصلي على العلاج المناسب الذي يُعيد الحيوية والرفاه لحياتكِ.