الوقاية من الأمراض المزمنة.. نهج شامل نحو حياة أفضل

وصفة طبية لهزيمة الأمراض المزمنة.. يقدمها لنا خبير الطب الصيني الدكتور أمير فيروزجاي

جمانة الصباغ

استيقظي مع شروق الشمس، تناولي الطعام عند غروب الشمس، نامي بعمق، وتناولي الأطعمة الكاملة.

قد يبدو هذا الروتين صعبًا بعض الشيء، خاصةً لمن لديهم برنامجٌ يومي مزدحم بالعمل والمسؤوليات التي لا تنتهي؛ لكن بالإجمال، فإن هذه القواعد البسيطة، وفي حال تطبيقها كما هي، يمكن لها أن تُعزَز الصحة وتحمينا مما يُعرف بالأمراض المزمنة Chronic Diseases.

الدكتور أمير فيروزجاي طبيب عام وممارس للطب الصيني من ويلث
الدكتور أمير فيروزجاي طبيب عام وممارس للطب الصيني من ويلث

ماذا نعرف عن المرض المزمن؟

هو حالةٌ مرضية أو مرضٌ دائم أو طويل الأمد في آثاره، أو مرضٌ يأتي مع الوقت ويتقدم بشكلٍ بطيء؛ ويستمر هذا المرض غالباً لمدة ثلاثة أشهرأو أكثر. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأمراض المزمنة لا تنتقل من شخصٍ لآخر.

يُعتبر المرض المزمن مسؤولًا عن 60 ٪ من جميع الوفيات في جميع أنحاء العالم، وتحدث 80٪ من وفيات الأمراض المزمنة في البلدان المنخفضة ومتوسطة الدخل. كما تحصل حوالي نصف وفيات الأمراض المزمنة لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 70 عامًا. وتصيب الأمراض المزمنة الرجال والنساء بالتساوي تقريباً على مستوى العالم.

في محاولة لدرء مخاطر الأمراض المزمنة وعكسها أو هزيمتها، يستعرض لنا الدكتور أمير فيروزجاي، طبيب عام وممارس للطب الصيني، من ويلث؛ لوصفته الساحرة التي تساعدنا في التغلب على تلك الأمراض أو التقليل منها قدر الإمكان.. إليكِ التفاصيل.

الوقاية من الأمراض المزمنة: نهجٌ شامل نحو حياةٍ أفضل

استنادًا إلى الطب الصيني، هناك طاقتان متعارضتان تُدعيان الين واليانغ؛ وجميع الظواهر مبنية على الين واليانغ وتحوَلهما إلى بعضهما البعض. من الأمثلة على ذلك دورة الليل والنهار، وهما جانبا الطاقة يانغ والين في آنٍ واحد.

يعتقد الطب الصيني أن أجسامنا تتكون من إثني عشر عضوًا رئيسيًا مختلفًا؛ ستة منها ين وستة يانغ. كل فترة 24 ساعة، بما في ذلك الليل والنهار، تُقدم جوانب الطاقة ين واليانغ وتحولاتها وتركيبها؛ وكل ساعتين، يكون أحد أعضائنا في أقصى نشاطٍ له، وتذهب معظم طاقة الجسم إلى ذلك العضو. للحفاظ على صحة أجسامنا وحمايتها من الأمراض خاصةً المزمنة، من الأفضل تنظيم نمط حياتنا بناءً على ساعتنا البيولوجية.

وصفة طبية لهزيمة الأمراض المزمنة

1.     استيقظي مع شروق الشمس ومارسي التأمل

استيقظي مع شروق الشمس ومارسي التأمل لهزم الأمراض المزمنة
استيقظي مع شروق الشمس ومارسي التأمل لهزم الأمراض المزمنة

تشرق الشمس، وهي يانغ، بين الساعة الخامسة والسابعة صباحًا. يانغ يعني النشاط، وشروق الشمس يدل على بداية الجزء النشط من دورة الـ 24 ساعة؛ لذلك، من الأفضل الاستيقاظ وبدء النشاط مع الطبيعة والكون في الصباح الباكر. خلال هذا الوقت، تكون الأمعاء الغليظة، مصدر إزالة السموم في أجسامنا، في أقصى نشاطٍ لها؛ لذلك تبدأ بإزالة السموم وإخراجها من الجسم، متلقيةً الطاقة من المصدر الرئيسي لليانغ في الكون، ألا وهو الشمس.

من المهم جدًا الاستيقاظ مع شروق الشمس وممارسة بعض الأنشطة الخفيفة والإتصال بالمصدر الرئيسي للطاقة في الكون، مثل الصلاة والتأمل، للحصول على أقصى قدر من طاقة اليانغ وتخزينها في الجسم.

2.     تناولي وجبة الإفطار في الصباح الباكر

تناولي وجبة الفطور في الصباح الباكر
تناولي وجبة الفطور في الصباح الباكر

أهم وجبة خلال فترة 24 ساعة هي وجبة الإفطار، وأفضل وقتٍ لتناول الطعام هو من الساعة 7:00 إلى 9:00 صباحًا.

والسبب الرئيسي في هذا التوقيت هو أن المعدة تكون في أقصى نشاطٍ لها، ودوران الطاقة يكون أعلى في هذا الوقت، وبالتالي فإنها تكون في أفضل وضعٍ لاستقبال وهضم الطعام للجسم.

3.     تناولي وجبة عشاء خفيفة وأثناء غروب الشمس

غروب الشمس يعني اليانغ، أي النشاط، والانخفاض، وشروق الين (الليل). في هذا الوقت، يحتاج جسمنا إلى بدء الراحة والأنشطة الداعمة لتغذيته، في مقابل النشاط العالي. وهذا ينطبق على الجسم كله؛ وهكذا، تدخل المعدة والطحال والأعضاء المشاركة في عملية الهضم مرحلة الين، وهي مرحلة الراحة والدعم والتغذية. إذا تناولنا أطعمةً دسمة، خاصةً في الليل أو بعد غروب الشمس، فإننا نتسبب باضطراب دورة الطاقة في أجسامنا، مما قد يُسبَب أعراضًا وأمراضًا مع مرور الوقت.

4.     اذهبي إلى الفراش في الوقت المناسب وتمتعي بنوم عميق

من الساعة 11:00 مساءً إلى 7:00 صباحًا، تكون أربعة أعضاء مختلفة بالجسم في أقصى دورةٍ لها من الطاقة والنشاط؛ وجميعها مسؤولة عن إزالة السموم والتعافي وبناء الخلايا والنوم.

إذ تُفرز المرارة، من الساعة 11:00 مساءً إلى 1:00 صباحًا، العصارة الصفراوية، وتبدأ في بناء وتخزين خلايا الدم، وتؤثر على إصلاح الخلايا. تكون هذه الأنشطة أكثر فعاليةً إذا كان جسمنا نائمًا. من الساعة 1:00 صباحًا إلى 3:00 صباحًا، يكون الكبد في أقصى دورةٍ له، مما يجعله أعمق جزءٍ من وقت نومنا، ويقوم بأنشطةٍ مثل التخلص من السموم وإزالة سموم الدم. من الساعة 3:00 إلى 5:00 صباحًا هو وقت نشاط الرئة، وهو الجزء العميق أو مرحلة حركة العين السريعة من النوم. تحدث الأحلام أثناء نشاط الرئة؛ كما تُطلق الرئتان سمومًا أخرى من الجسم وتُعزز عملية التعافي خلال هذه الفترة. ومن الساعة 5:00 إلى 7:00 صباحًا يُعدَ أفضل وقتٍ للاستيقاظ.

أي اضطرابٍ في هذه الدورة الدموية قد يُعطل أنشطة أجسامنا الطبيعية، مثل عدم القدرة على النوم العميق والسليم، وطرح جميع السموم، واحتباس بعضها داخل الجسم؛ مما قد يُسبَب بعض الأمراض على المدى الطويل.

اللياقة البدنية أفضل لطول العمر من النحافة

اللياقة البدنية أفضل لطول العمر ومكافحة الشيخوخة
اللياقة البدنية أفضل لطول العمر ومكافحة الشيخوخة

يُعد الحفاظ على توازن الجسم أهم عنصٍر في الصحة. فعندما يكون الجسم متوازنًا، يجب أن يتناسب الوزن مع حالة الشخص الصحية، مثل الطول والعمر والتاريخ الطبي السابق، كالحمل والولادة للنساء، وما إلى ذلك.

ويُعدّ مؤشر كتلة الجسم (BMI) أحد المؤشرات لتقييم ما إذا كان الشخص يعاني من زيادة الوزن أو السمنة أو النحافة أو الوزن المثالي. يُعتبر مؤشر كتلة الجسم الذي يتراوح بين 18 و24.9 مثاليًا؛ أما مؤشر كتلة الجسم الذي يقل عن 18 فقد يُسبَب مشاكل صحية ويُعدَ غير صحي. تشمل بعض الآثار الجانبية لانخفاض مؤشر كتلة الجسم أو النحافة؛ انقطاع الطمث، وعسر الطمث، والأرق، واضطرابات الجهاز الهضمي، وهزال العضلات، والانفعالية، وغيرها.

باختصار، يعتمد شكل الجسم على عوامل عديدة، وأن يكون مؤشر كتلة الجسم ضمن النطاق الأمثل كافٍ للصحة ومفيدٍ للوقاية من الأمراض المستقبلية. أما النحافة المفرطة، فقد تُسبب مشاكل صحية وأمراضًا مستقبلية.

مكافحة الشيخوخة

الوقاية من الأمراض المزمنة.. نهج شامل نحو حياة أفضل-رئيسية واولى
الوقاية من الأمراض المزمنة.. نهج شامل نحو حياة أفضل

الشيخوخة عملية طبيعية في دورة حياة الإنسان، وهي الحل الجديد لمكافحة الشيخوخة. كيف يمكنك تقبّل الشيخوخة والتقدم في العمر برشاقة؟

وفقًا للطب الصيني، تُعدّ الدورة الدموية وجودة وكمية الطاقة داخل الجسم عوامل أساسية للصحة؛ وتشهد الطاقة تغيراتٍ دورية تختلف باختلاف العمر. تحدث هذه الدورات لدى الإناث كل سبع سنوات، ولدى الذكور كل ثماني سنوات. ما يعني أن العديد من عوامل الطاقة تتغير خلال كل دورة، مثل الجودة والكمية ونمط الموجات وسرعة الدورة.

تعتمد جميع التغيرات الجسدية - الشكل، والتشريح، والقوة، والمزاج، والرغبات، والقدرات، والنمو - على دورات الطاقة هذه. على سبيل المثال، تختلف قدرات وتفكير وإمكانيات ورغبات فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا عن شاب في 21 أو 28 أو 70 عامًا؛ وينطبق الأمر نفسه على الذكور، ولكن في دوراتٍ مدتها ثماني سنوات.

لذلك، فإن الوعي بهذه التغيرات الطبيعية في الطاقة (الدورات) مع التقدم بالسن، يسمح بتوقع التغيرات الجسدية والنفسية بشكل أفضل، مما يجعل عملية الشيخوخة أكثر قابليةً للفهم والقبول.

في الخلاصة؛ فإن الأمراض المزمنة حالةٌ لا مناص منها للأشخاص الذين يهملون صحتهم كثيرًا، ولا يلتزمون بنمط حياةٍ صحي يعتمد على النوم والاستيقاظ في أوقاتٍ محددة، وكذلك تناول الوجبات الثلاث ضمن مواعيد ثابتة. وتلك الأمراض هي التي تجعل من عملية الشيخوخة أصعب وأشد وطأةً.

لذا نقترح عليكِ عزيزتي محاولة الإلتزام بوصفة هزيمة أو عكس الأمراض المزمنة التي قدمها لنا الدكتور أمير، بعد التشاور مع طبيبكِ بالطبع، علها تساعد في تحسين جودة حياتكِ خلال السنوات المقبلة.