
الحمية المضادة للالتهابات: درعكِ الطبيعي ضد الأمراض وسرّ العمر الصحي
جمال يعبر حدود الزمن.. شيخوخة صحية خالية من الأمراض.. حياةٌ صحية لا تعكَرها الأمراض ولا المشاكل الصحية.
هل تبدو لكِ هذه العناوين غريبة أم مألوفة؟ هل يمكن تحقيقها أم قد تجدين صعوبةً في الوصول إليها؟ هل تتواءم هذه المفردات مع أحلامكِ وطموحاتك، بعد عدة سنواتٍ قادمة، لتستمتعي بالحياة فيما تتمتعين بجسمٍ صحي وشاب؟
لقد خطرت في بالنا هذه الأفكار والتساؤلات جميعًا، ونحن نُعدَ للفكرة الرئيسية أو الموضوع الرئيسي لشهر أبريل على كل من موقع ومجلة "هي"؛ كان هدفنا الأول، ولوج عالم الصحة الجميل الذي ترغب فيه كل امرأة، من الداخل والخارج، خاصةً مع تزايد اهتماماتهنَ بمبدأي Wellness وWellbeing (الصحة والرفاهية).
لا تقتصر الصحة على غياب المرض أو العلل، بل هي مزيجٌ معقدٌ من عوامل الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية للإنسان؛وترتبط الصحة ارتباطًا وثيقًا بالسعادة والرضا عن الحياة. باختصار، يمكن وصف الصحة بأنها شعوركِ تجاه نفسكِ وحياتكِ؛
وكل جانب من جوانب حياتكِ يؤثر على صحتك النفسية ورفاهكِ. يعتقد البعض أن الثروة طريقٌ سريع للسعادة؛ ومع ذلك، أظهرت دراساتٌ دولية مختلفة أن جودة علاقاتنا الشخصية، وليس حجم أرصدتنا المصرفية، هي التي تؤثر بشكلٍ كبير على رفاهنا الصحي والنفسي.
وجد باحثون في مجال السعادة أن العوامل التالية تُعزز صحة الشخص:علاقة حميمة وسعيدة مع الشريك؛ شبكة من الأصدقاء المقربين؛ مسار مهني ممتع ومُرضٍ؛ دخلٌ كافٍ؛ ممارسة الرياضة بانتظام؛ نظام غذائي صحي؛ نومٌ كافٍ؛ اتباع معتقدات روحية أو دينية؛ هوايات ممتعة وأنشطة ترفيهية؛ تقدير ذاتي صحي؛ نظرة متفائلة؛ أهداف واقعية وقابلة للتحقيق؛ شعور بالهدف والمعنى والانتماء؛ القدرة على التكيَف مع التغيير، والعيش في مجتمعٍ عادل.
الرفاهية أمرٌ مهم، ولكن يبدو من الصعب الحصول عليها للبعض. إذ وجدت دراسةٌ أمريكية حول الصحة النفسية أنه بينما كان واحد من كل أربعة مشاركين مكتئبًا، كان واحد فقط من كل خمسة سعداء - أما البقية فكانوا في وضعٍ ما بين السعادة والاكتئاب. وأظهرت دراسة أسترالية حول الرفاهية أن:
- 58% يتمنون لو قضوا وقتًا أطول في تحسين صحتهم ورفاهيتهم.
- 79% من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال تقل أعمارهم عن 18 عامًا، يتمنون لو قضوا وقتًا أطول في تحسين صحتهم ورفاهيتهم.
- 83% مستعدون لدفع المزيد من المال مقابل منتجات أو خدمات تُعزز شعورهم بالرفاهية.
بالتركيز على مسألة الصحة ومرتكزاتها، فإن أول ما يخطر في أذهاننا عند الحديث عن "شيخوخة صحية" هو الالتهابات في الجسم، والتي تتسبب بالعديد من الأمراض خصوصًا المزمنة والطريقة الأفضل لمجابهة هذه الالتهابات، هو باتباع حميةٍ مخصصة نستعرضها سويًا في مقالة اليوم مع تسنيم حمامي؛ أخصائية التغذية العلاجية في المستشفى الدولي الحديث.
إنما أولًا، دعينا نتعلم أكثر عن الالتهابات وماهيتها..

الالتهابات: لماذا يجب أن نقلق منها؟
بحسب حمامي، فإن الالتهاب هو رد فعلٍ طبيعي من الجسم لمقاومة العدوى أو الشدَ العصبي أو الجروح. لكنه عندما يصبح مُزمنًا، يبدأ في مهاجمة الجسم نفسه، ويؤدي إلى أمراضٍ خطيرة مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، السرطان، وأمراض المفاصل والدماغ.
ومن هنا تأتي أهمية الحمية المضادة للالتهابات، التي تهدف لتقليل هذا الالتهاب المزمن وتحسين الصحة العامة من الداخل إلى الخارج.
مكونات الحمية المضادة للالتهابات: الغذاء كدواء
ترى حمامي أن الحمية المضادة للالتهابات هي السبيل الأمثل لاستخدام "الغذاء كدواء"، في سعينا للتخلص من تلك الالتهابات التي تُعرَض صحتنا وحياتنا للخطر.
وتتكون هذه الحمية من العناصر الآتية:
1. الفواكه والخضروات: كونها غنية بمضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة؛ مثل التوت الأزرق، الكرز، العنب الأحمر، البروكلي، السبانخ، الكرنب، والطماطم.
2. الأسماك الدهنية: لا شك في أنكِ تعلمين الآن، أن هذه الأسماك هي مصدرٌ رائع لأحماض أوميغا-3، التي تُقلَل من الالتهاب في الدماغ والمفاصل. أفضل خياراتكِ من الأسماك الدهنية هي السلمون، السردين، التونة، والماكريل.
3. الحبوب الكاملة: تمنح هذه الحبوب الجسم طاقةً ثابتة وتساعد في توازن سكر الدم؛ وتجدين الحبوب الكاملة في الشوفان، الكينوا، الأرز البني، والشعير.
4. الدهون الصحية: مثل زيت الزيتون البكر، الذي يحارب الالتهاب ويُعزَز صحة القلب.
5. البقوليات: مصدرٌ نباتي للبروتين والألياف التي تُخفَض الالتهاب، مثل العدس والفاصوليا.
6. التوابل الطبيعية: ومنها الكركم الذي يحتوي على مُركب الكركمين الذي يُعدَ من أقوى مضادات الالتهاب؛ بالإضافة إلى الزنجبيل، الثوم، القرفة، وهي توابل تُعزَز المناعة وتُحسَن الهضم.
فوائد الحمية المضادة للالتهابات على المدى الطويل
قد يُخيَل للبعض أن اتباع هذه الحمية لمدة محددة، يُسهم في التخلص من الالتهابات ودرء خطر الأمراض. لكن حمامي تُشدَد على فعالية الحمية المضادة للالتهابات في حال اتباعها لمدةٍ طويلة؛ كونها تُوفر الفوائد التالية:

• قلبٌ أكثر صحة: تقليل خطر الجلطات والنوبات القلبية.
• مفاصل أقوى: تخفيف آلام الرُكب والظهر وتحسين الحركة.
• مناعة أقوى: تقليل الإصابة المتكررة بالزكام والفيروسات.
• بشرة أكثر نضارة: تأخير التجاعيد وظهور البثور.
• دماغٌ أكثر صفاءً: تقوية الذاكرة والتركيز وتقليل خطر الزهايمر.
الحمية المضادة للالتهابات حسب الفئة العمرية والجنس والوزن
للاستفادة من مزايا هذه الحمية في كل مرحلة عمرية، وحسب الجنس والوزن الحالية؛ تقدم حمامي المعلومات الآتية:
1. للنساء في الأربعينات والخمسينات:
• تدعم التوازن الهرموني بعد انقطاع الطمث.
• تُقوَي العظام وتُقلَل خطر هشاشتها.
• تحمي من أمراض القلب والسكري.
2. للرجال في منتصف العمر:
• ترفع طاقة الجسم وتُحسَن أداء العضلات.
• تُقلَل الدهون في منطقة البطن.
• تُخفَض من التوتر والضغط النفسي.
3. لمن يعاني من زيادة الوزن: هذه الحمية تُقلَل الشهية بشكلٍ طبيعي؛ كونها تحتوي على أطعمة مُشبعة وغنية بالألياف؛ وبالتالي تُوازن الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع.
4. لمن تجاوز الستين:
• تحمي من الضعف العام، فقدان العضلات، والنسيان.
• تُعزَز الحيوية والنشاط وتُقلَل من الالتهابات المرتبطة بالعمر.
5. للأطفال والمراهقين:
• تساعد في نموٍ صحي وسليم.
• تُحسَن التركيز والتحصيل الدراسي.
• تُخفَض من خطر السُمنة المبكرة.
نصائح عملية يمكن أن تكون مفيدة.. عند اتباع الحمية المضادة للالتهابات

"ابدأي بتغييراتٍ بسيطة إنما مستمرة" تقول حمامي؛ وتتضمن تلك التغييرات ما يلي:
1. عوضًا عن الخبز الأبيض، تناولي خبز الحبوب الكاملة.
2. تناول حفنةٍ من الجوز أو اللوز يوميًا تُعزَز مناعة القلب.
3. أضيفي الكركم والزنجبيل لمأكولاتكِ.
4. اشربي كوب ماءٍ دافئ مع عصير الليمون كل صباح.
5. قلَلي السكر الصناعي واستبدليه بالفواكه الطازجة.
6. تناولي وجبة سمك مرة أو مرتين أسبوعيًا.
في المقابل؛ حاولي تجنب أو الحد من تناول هذه الأطعمة قدر الإمكان:
1. الكربوهيدرات المُكررة، مثل الخبز الأبيض والمعجنات.
2. البطاطس المقلية والأطعمة المقلية الأخرى.
3. المشروبات الغازية والمشروبات المحلاة بالسكر.
4. اللحوم الحمراء (البرغر، شرائح اللحم) واللحوم المُصنعة (الهوت دوغ، السجق).
5. السمن النباتي، والسمن النباتي، والشحوم.
خاتمة القول؛ غذاؤكِ اليوم هو دواؤكِ غدًا. وعندما نختار أن نتناول طعامًا صحيًا وطبيعيًا، فإننا لا نمنع فقط الأمراض، بل نمنح أجسامنا فرصةً للشفاء، والتجدد، والعيش بكرامة وحيوية، خاصةً في سن الشيخوخة.
الحمية المضادة للالتهابات ليست نظامًا قاسيًا، بل هي أسلوب حياة مرن وشهي؛ يحترم جسدكِ، ويمنحكِ طاقة وشبابًا من الداخل إلى الخارج.